الاثنين، 21 مايو 2012

المادح الشريف زين العابدين عبدالله حاج البدري

ولد في العام 1339ه _ 1919م بقرية التُمانيات الخلوه شمال الخرطوم و (جنوب مدينة الجيلي .
*والده هو الشيخ عبدالله البدري من السقاي البتلاب الجموعيه ، ووالدته هي الحاجه صفيه بنت الشريف مصطفي من السقاي السروراب .
*له من الاخوان الشيخ حسن عبدالله البدري ، ومن الاخوات حليمه وعائشه والبتول والنعمه .
*تزوج بالحاجه فاطمه محمد احمد ، ووالدتها خالته الحاجه نفيسه بنت الشريف مصطفي وانجب من الابناء : مصطفي ، الفاضل ، عبدالله ، البدري ، وسيداحمد ، عبدالوهاب التازي ، المامون ، عبدالعزيز ، وتاج الاصفياء ، عبدالحليم ، وله من البنات : شامه وسميه حفظهم الله جميعاً .
*انتقل الشريف الي الرفيق الاعلي ليلة الاثنين 18 ذو الحجه 1427ه موافقه 7 يناير 2007 ويقوم علي خلافته وادارة شئون المسيد والخلوه ابنه الشيخ عبدالله زين العابدين .
التعليم والعمل
*درس القرآن الكريم علي يد والده الشيخ عبدالله البدري الذي كان يحفظ القرآن الكريم ويقوم علي امر خلوة والده الشيخ البدري .
*زاول مهنة الزراعه بالمنطقه في مشروع الجميل أسوة بابناء المنطقه .
*تفرغ للعمل الدعوي ممثلاً في رعاية خلوه جده حاج البدري ، ومدح المصطفي صلي الله عليه وسلم .
*ينتمي الشريف زين العابدين الي الطريقه الاحمديه الادريسيه وشيخه فيها هو الشيخ الحاج حسن السني بمنطقة قري الغار .
عاصر خلفاءه الشيخ علي ، الخليفه الصادق ، الخليفه سيداحمد ، الخليفه محمد الحين رضي الله عنهم .
*ظل يشارك باسرته الذكري السنويه للخليفه الحاج حين السني بقري .
خلوة الشيخ حاج البدري
*اسس هذه الخلوه منذ العام 1850م ولا تزال نار القرآن فيها متقده حتي الان .
*كانت في منطقة التمانيات غرب (حلة الخلوه) وانتقلت بعد فيضان 1946م الي موقعها الحالي .
*ظلت تخرج المئات من الطلاب سنوياً في احتفالات المولد النبوي الشريف .
قام الشريف زين العابدين بتاهيلها في العام 1979م حيث اعيد بناء المسجد ، وبنيت بها داخليات وعنابر للطلبه .
*يدرس فيها القرآن الكريم بروايتي الدوري وحفص .
*شارك حفظتها وخريجيها في مهرجانات القرآن الكريم داخل السودان وخارجه في ابران وقطر ونالوا العديد من الجوائز .
يدرس بها اليوم الحالي حوالي مائة طالب ، ويقوم علي الاشرف عليها منذ حياة الشريف ابنه وخليفته الشيخ عبدالله زين العابدين وفقه الله .
رحلته مع مديح المصطفي صلي الله عليه وسلم
*ولد الشريف زين العابدين في بيئه عامره بالقرآن الكريم وعلومه ، والتصوف والادب ، فهو حفيد الحاج البدري راوي المديح الشهير .
*كان والده الشيخ عبدالله من حفظة القرآن الكريم وراوياً ومادحاً وشيخاً لخلوة والده الشيخ الحلج البدري .
*كان عمه الشيخ عبدالمتعال راوياً ومادحاً ، وعمته الحاجه فاطمه كانت ملازمه لوالدها وتروي مدائحه .
* التحق الشريف بالمديح مع جده حاج البدري ورافق والده وعمه واظهر اجاده وبرعه واضحه .
* يقزل في عشقه لمديح المصطفي صلي الله عليه وسلم :
( تعلقت بالمديح منذ طفولتي وكانوا حينما يرسلونني لاحضار شئ اضرب علي الآنيه التي احملها مشبهً لها بالطار ).
*تنقل مع جده ووالده وغيرهم من المداح وزاروه رواة المديح في كافة انحاء السودان ممن عاصروهم او سبقوهم .
*من المخضرمين في المديح حيث رافقه المشايخ ابضرس وحاج القمر وود الكدير وبشير الشيخ سعد حاج الفضيل واحمد عبدالله عبدالجبار وعوض الجيد عبدالله واوالد ابوكساوي وعبدالاه ود كابو وبشي الحضري ومحمد احمد الجميل (ابن عمته) والعاقب عبدالمتعال (ابن عمه ) وعلي ود كيقا ، والحاج احمد محمد ( ود وقيه ) وعبدالقادر ود رملي وعبدالله صالح والامين القرشي وعلي بخيت الشاعر وعبدالله حبيب الله وفرح والمريود ويوسف قبوجه وعبدالله الحبر واسماعيل محمد علي والفاضل الحبر وعوض الله الفادني .
*كانوا يزورنه دائماً اولاد حاج الماحي الاوائل واوصوا ابناءهم واحفادهم بضرورة اتصال الزياره ولايزالون يدامون عليها .
* ظل الشريف علي صله دائمه بالشيخ البرعي وابناءه وزار الزريبه في العام 1981م ولم تنقطع هذه الصله حتي الان مع خليفته الشيخ الفاتح .
* ورث ابناءه منه المديح ونهم عبدالعزيز و عبدالله والمامون وعبدالحليم ولم يقف الامر علي ابناءه فقط فابنته سميه زين العابدين راويه ومادحه وساميه عثمان (ابنة اخته ) مادحه ايضاً ،وفقهم الله جميعاً .
مواهب وميزات
*امتاز الشريف زين العابدين بتواضعه الجم وحبه للناس وحبهم له من غير تكلف ورياء.
*كان سريع البديهه ذا طرف حاضره وثقت للعديد من المواقف الطريقه مع المداح والمحبين .
* كان هادئاً في طبعه ودوداً مع ابناءه وبناته واحفاده وغيرهم ، لم يثر في وجه احد منهم يوماً بل كان قدوه امامهم في كل شئ .
*له صوت مميز هادئ محبوب يجيد رواية المديح وتمثيل المعاني والضرب علي الطار بمهاره تخلب الالباب وظل صوته ندياً رطباً لم يتبدل ، مدح به المصطفي صلي الله عليه وسلم اكثر من خمسه وسبعين عاماً في عطاء متصل وكان حضوراً حافلاً في خيمات المولد بالاضافه لمشاركاته حوليات المشايخ المختلفه .
* كان حاد الذكاء في الحفظ ، يقول علي موهبته في الحفظ ابنه وخليفته عبدالله : ( كان يطلب مني ان اقراء له القصيده فيصلح ما بها من اخطاء اثناء قراءتي لها ويحفظها من مره واحده ) .
* من عجائبه انه كان يمدح المصطفي صلي الله عليه وسلم نائماً ويؤدي المدحه كامله ويوقع الطار بفمه اثناء نومه.
* كان منفقاً محباً للخير يقول عنه شيخ الحيران بالخلو الشيخ ادم محمد حسن : ( وهب لي الشريف قطعة ارض ومنزلاً كاملاً لاتزوج فيه ).
* حفظ لرواة المديح المتقدمين وكان يمدح الليله الكامله من راوٍ واحد .
محطات من حياة الشريف 
* نصب بالاجماع شيخاً لمداح السودان تؤخذ عنه الروايه الصحيحه والالفاظ وطرق استعمال الطار .
تعلق قلبه بالحجاز وشارك في العديد من المناسبات الدينيه داخل السودان وخارجه منها مهرجان بابل بالعراق ، وله رابطه احباب ومريدين بالحجاز .

المادح الشيخ علي المبارك

 

بسم الله الرحمن الرحيم
حفيد الشيخ احمد ود سليمان
الاسم: علي المبارك محمد عبد السيد 
الميلاد : من مواليد مدينة أبو سعد الموافق غرة الاستغلال1/1/1956 
تربي علي حجر جدته زينب ولقب بود (الطرشة ) كناية عليها 
كما لقبة الشيخ البرعى (بشيخ المداحين)ولقب بالدرويش لطولة شعره المضفر
درس بخلوة مسيد جده الشيخ احمد ود سليمان علي يد معلمه الشيخ الفكي يحيي موسي
بدأ المديح وعمره سبعة عشر سنة في عهد الخليفة ود بدر حيث بارك له هذا الطريق.
تعلم المديح على يد المداح(الخليفة حسن ودبدر. سليمان عبد الصادق. المهل ود علي .مصطفى ود الحاج)
حيث شاركه في المديح زمالة(عوض بدر.سليمان إبراهيم.حمد النيل ودبدر.سعد بابكر.عبد الله صابرين)
المهنة: امتهن مهنة الجزارة وتربية المواشي .كان كريما واسع الصدر سفيرا نشطا في مسيد جده الشيخ احمد ود سليمان .وكان بارعا في مدح المصطفى صلى الله عليه وسلم .كما مثل المسيد في كثير من المحافل والكرنفالأت حيث انتشر مديح جده الشيخ أحمد ود سليمان على صوته الجذاب على مستوى تلبية الدعوات العامة واستضافته في وسائل الأعلام المرئية والمسموعة.
كرمته الدولة في شخص رئيس الجمهورية المشير عمر البشير في مهرجان المديح الثاني . كما كرمه الرئيس الأسبق المشير جعفر محمد نميرى 
هو و رفاقه من المداح.
كان يقيم ليلة مديح كل عام بالأراضي المقدسة.
متزوج من حفيدة الشيخ احمد وسليمان وله ستة أبناء (مهند وعلى)
يحذو ابنه الأكبر (مهند) في طريق أبيه مادحاً لمديح جده الشيخ احمد ود سليمان
رثاءه الشيخ البرعى رحمه الله حيث قال فيه
يأ من تعالى وتبــــارك ندعوك بصورة تبــــارك
جود واغفر ل (على) المبارك وتجعل نسله الكل مبــارك
كما رثاءه صديقة المادح محمد زين ود الجريف فقال فيه
ارحم يا كريم مداحنا والإنشادي ناس على المبارك وكافة القصادي
اكفيهم شرور العين والحسادى يرتعوا في الجنان الفوز والاسعادى
انتقل إلى جوار ربه الأعلى يوم 29 رمضان الموافق23/3/1993م
واصبح يقام له احتفال تأبينا لذكراه في يوم 27 رمضان من كل عام.

ألا رحم الله المادح الجليل على المبارك وأسكنه فسيح جناته مع الشهداء والصديقين وحسن أؤلئك رفيقه

المادح الشيخ الأمين القرشي

 
على رقائق الأوراق وتلقيات الأذواق شب عن الطوق بالذوق 



على والده تتلمذ وعلى الشيخ السماني تربى
مدح أمام الأزهري والمهدي والترابي والبشير وطه والزبير
على سباق السير بالأرواح للأبدان شاقه السرى مادحاً ومرشداً وشاعراً 
شيخ مداح مديح الفكرة والأصالة الأستاذ المرشد في هذا المجال وبه الشيخ الجليل الأمين أحمد القرشي رجل مستوقف لكل منصف في هذا المجال وبين أشواط ميادين هذا السجال فهو مستوقف بقدر ما أعطى من أيادٍ بيضاء في تجرد ونكران للذات وبرسالية في أداء دوره المتوارث المتواتر فكان معلماً لا يشق له غبار في الإلمام الواسع والكعب الراسخ والتوافر على أصول المديح من مظان مرجعيات عُمَدٍ في أصالته مع إتقان لفنونه وأستاذية في إيقاعاته وألحانه ظل شيخها على وفاته ولعل حالة من اليتم نحسها ستلازم هذا المجال بعد أن غيبه الموت إن لم يتم شد الأحزمة من قبل أهل الوجعة والالتزام بالمحافظة على هذه الأصول ولاسيما في ظل الهجمة الجاهلة والمجهلة والمتعمدة والمتاجهلة لهذا الأصل ولتلك الأصول ذلك وفق ما نرى وما نسمع لاسيما من الذين هم في عجلة من أمرهم وبخاصة من الذين اقتحموا هذا المجال وهم يمتطون هوج خيل مجنونة وعمياء أجل فلنتخذ من فاجعة هذا الرحيل المر لمرشد المادحين مناسبة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من هذا الطمس ومن هذا التجني السافر الذي يكون باطن الأرض خير من ظاهرها لرجل مجبول مفطور على أصالة المديح كالأمين القرشي ونعني واللبيب بالإشارة يفهم مديح الفكرة وليس مديح النقرة المستجدي للتجاوب (الاندروسي الفوار) كيفا ما كان وكيف ما أتفق فمن باب الوفاء الصادق المصدوق بالعمل أحسب أن هذا هو أقل ما يمكن أن يقدم للشيخ الأمين أحمد القرشي الذي فقدت بلادنا بفقده نهراً من العطاء المستجيش عذوبة ومحبة لعله قد قبسها من حرارة أنفاس وجيشان دوزنتها على خاطره ومنذ نعومة أظفاره زفزفات النيل الأزرق الغضوب في هيجانه والحالم في سريانه وعلى حال قال عنها الشاعر الكبير إبراهيم العبادي وهو يطل على مرابع خضر على الضفاف شب على رؤيتها ومرائيها المادح الفنان الأمين أحمد القرشي ذلك حين كان سايق الفيات وفق رأى ورؤى العبادي وهو يخاطبه بتلك الديار وعلى مقربة من قرية وضفاف النيل الأزرق بحاج عبدالله وشريقيها قرية أبو ريش التي شهدت في العام 1931 مولد المادح الكبير الأمين أحمد القرشي الذي رقد على مقربة من تلك الضفاف عقب رحيله في أكتوبر 2010م عن تلك المشاهد التي دوزنتها الطبيعة بفعل أيادي القدرة الإلهية على طبع مادحنا الكبير قال العباد يشوف النهر مار بخشوع يقول هجسان زي مر المنام بي مقلة النعسان جلت قدرتو وما أكفر الإنسان كم ينسى الجميل كم يجحد الإحسان ومن فضل الله وسعة رحمته وجزيل إكرامه أن جعل عبده الشيخ الأمين أحمد القرشي أصيلاً ووارثاً لشكران نعمة الله على عباده في كل تناولاته في المديح النبوي والقصيد الصوفي مادحاً ومنشداً وشاعراً وراوية.
حيث يجد كل من رقت حواشيه وكل من دقة معانيه في القراءة والاستقراء وبوضوح ما اتسمت به تجربة هذا الشيخ مادحاً ومنشداً ومرشداً خلعت عليه الشؤون الدينية صفة المرشد بما يحمل من زميلة الشيخ علي بخيت الشاعر من موجهات إرشادية سريعة الولوج إلى القلوب والوصول إلى الأرواح والمفاهيم حيث صقلتهما حلق العلم بالمعهد العلمي بأمدرمان إلى جانب استماع العلماء والأخيار والأدباء إليهما حيث لا يفوتنا أن نشير وفي لمح خفيف مؤداه إلى أن بين مقررات علوم الأوراق وبين رقائق الأذواق كان قد شب ذلك الفتى المسكون بأصالة وهي الأنغام وأنفاس السيرة المشرفة وهي تهب عليه من كل اتجاه.
فتأبى تلك المؤثرات إلا أن تجذبه إليها وهو بعد في ميعة الصبا الباكر متتلمذاً في مدرسة الذوق والشوق المرتبط بالسيرة النبوية على يد والده المادح الكبير أحمد ود قرشي وهو تلميذ الشيخ مصطفى الفادني بصلة رحم الروح الماسة وبصلة القربى الفادنية المفيدة أما وجد القوم الصادح بتلك المآثر وبهاتيك الآثار المفضية بالأسوة الحسنة إلى أحوال من اقتفاء أثر القدم المحمدي في سير إلى الله تعالى قال عنه أحد أشياخه الطيبية السمانية الشيخ الجليل عبد المحمود نور الدائم.
السير بالأرواح لا الأبدان
يا سالكاً لطريقة العرفان
فكانت صلته الواشجة وصلة أشياخه به بطابت الشيخ السماني بن الشيخ البشير بن الشيخ نور الدائم بن الأستاذ القطب أحمد الطيب بن البشير عليه وعليهم رحمة الله ورضوانه فهو بالروح والشوق والذوق منتم إلى تلك العترة التي قال عنها ابت سرحتها الذي عني بها الشيخ محمد سعيد العباسي بن الأستاذ محمد شريف نور الدائم وخليفته وهو يؤكد رعاية عهود وفائه لهم ومؤكداً كذلك لمنتمي إليهم بالحس والمعنى حيث قال:
ولي آباء صدق من الغر الميامين
النازلين على حم العلا أبداً 
من زينو الكون منهم أي تزيين
فعلى مقابسة من ذلك المعنى وبأصالة الدور وبوارثة كان الشيخ المادح المتميز الأمين أحمد القرشي من بيت عميق الجذور في مدح رسول الله من بين والد وأجداد فكان في ذلك وبتواضع العارفين نجده في احتفاء خفي وتواضع جم لكأنما كان يحمل من باب التكليف لا التشريف قول جدنا الشيخ الجليل محمد وصالح البادرابي العوضي حين قال عن حفاوته وعن تأكيده لاستمراريته في خدمة الجناب المحمدي راو ومادح للشمائل النبوية على ما كان عليه أسلافه رواد المديح النبوي من لدن الشيوخ العارفين الشيخ سلمان ود العوضية والشيخ أبا صالح بن الشيخ بدر بن سليمان العوضي والشيخ الحاج العاقب والشيخ صالح الأمين والد شاعرنا الشيخ محمد ود صالح الذي قال:
ماسك في الجناب كاسب ومتكسب 
مادح وأبن مادح ست جدود أحسب
على هذا النسق كان دأب شيخنا الأمين أحمد القرشي الذي نراه قد كان ترجماناً بالأصالة والمعاصرة لقول أحد رواد مدرسة البادراب الرائدة الأولى في مجال المديح النبوي الشعبي السوداني ذلك هو شيخنا ريحانة شعراء وشيوخ المديح النبوي لدينا وسلطان العاشقين وبرعي السودان الصغير بقياس البرعي اليمني الشيخ عبدالرحيم بن أحمد كما وصفه رائد الباحثين في هذا المجال أستاذنا الجليل قرشي محمد حسن عليه الرحمة ودكشنري المادحين كما أسماه الشيخ العالم إبراهيم الخليفة محمد الشيخ مصطفى الفادني فنجد الشيخ الأمين القرشي وهو أحدق من تناولوا أمداح مدرسة البادراب الرائدة من لدن حاج النقر أبا صالح وحتى ود صالح فنجد الشيخ القرشي في حله وترحاله مادحاً ومنشداً ومرشداً بأدب الشمائل وبأخلاق الكمال التي تضمنتها هذه الأمداح فهو واضح الاستجابة وشديدها لترجمة عملية لقول حاج العاقب في مدحته كدور الجمال يا أخي لري رسول الله السخي وبيت القصيد المقصود هنا قوله وهو بمثابة وصية للمداح في كل العصور فجاء قوله في هذا الصدد:
نفسي لا تتمسخي 
وتتبعي اللعين توسخي 
شدي حيلك لا تترخي 
أنظمي المديح وأرسخي 
أمدحي الرسول السخي 
تبقى في مقام شامخي 
تأكل الهنى وتمتحي 
يبقى كل عزيز لك أخي 
على هذا السياق واتساقاً مع روحه كان الشيخ الأمين القرشي تأريخاً أميز المادحين والمنشدين من حيث سعة الصلات الموسومة بطابع منهج الود تحت ظلال الحب الكبير والشوق المقيم لرسول الله صلى الله عليه وسلم ومن رفعوا رايات رعاية عهوده ودعوته بالإيمان والإحسان فهو أي الأمين القرشي هو الذي مدح وأنشد مع أستاذ المادحين والمنشدين الرائد بشير الحضري ومع شيخ مداح السودان الشريف زين العابدين ومع رفيق دربه الشيخ علي الشاعر ومع أبنائه بالفكرة والنسل وبرحم الروح والقربى ومن هؤلاء نجد الشيخ إسماعيل محمد علي وعبدالله محمد عثمان والجيلي الشيخ وأولاد محمد البشير ومنهم رفيق رحلته إلى دار القرار المادح الشاب السماني محمد البشير ومدح القرشي لزعماء وعلماء السودان وأعلامه من لدن الأزهري والصادق المهدي والنميري والترابي والبشير وعلى عثمان محمد طه وما أكثر مديحه في حضرة جمعية أخوان الصفا مثل الشيخ الفاتح قريب الله والكتب وعوض عمر وحسن الفاتح قريب ووالده إلى جانب مديحه بلندن وبالجامعات والمعاهد ومنابر الدعوة ولياليها بكل مدن السودان يرحمه الله ويحسن إليه.

المادح الشيخ احمد ود سعد

الشيخ احمد ود سعد رضي الله عنه

شهدت مدينة شندي عاصمة الجعليين خلال الحكم التركي المصري مأساة دامية وذلك عقب أحداث الـمك نمر ملك الجعليين السعداب.. فقد قتل ابن الباشا فـي كمين وهز مقتله القصر الخديوي فكان جزاء القتلة ليس النفس بالنفس والسن بالسن وإنما كان القصاص قاسيا دفع ثمنه الجعليون قتلا ونهبا وسلبا جماعيا فقد اشتعلت النيران فـي شندي فالتهمت بيوت الأهالي بيتا بيتا وأمام هذا الجزاء الصارم أصاب الهلع نفوس الأهالي الأبرياء فخرجوا من مدينتهم أفواجا يلتمسون النجاة
.
هجرة أسـرة ود سـعد


وخلال هذه المأساة هاجر الشيخ محمد ود سعد السعدابي والد الشيخ أحمد ضمن من هاجروا إلى قرى النيل الأزرق يلتمسون الرزق ويلتمسون النجاة فأسسوا قرية فـي أرض الجزيرة أطلقوا عليها (السعداب) وفـي تلك القرية شب الصبي أحمد بن محمد بن سعد السعدابي وانفتحت عيناه على الريف السوداني يستنشق نسمات الخريف.فـي الخلـوةوكغيره من أبناء القرى التحق تلميذا ضمن حيران الخلوة ليتعلم القراءة والكتابة ويحفظ القرآن فأسلم زمامه إلى (فكي الخلوة) وانخرط الصبي فـي سلك التلاميذ فتعلم القراءة والكتابة وحفظ القرآن وكان خلال دراسته قد ظهرت عليه بوادر الذكاء فأحبه شيخه وتوسم له شأناً عظيماً.


مع العلماء

وعندما نضج عقله وتوسعت مداركه تعشق العلم وكان يختلف إلى مجالس العلم فأخذ من كل فن بطرف ومن حسن حظه فإن عصره زخر بكوكبة من العلماء الأجلاء الذين تلقوا ثقافتهم الدينية فـي الأزهر الشريف كما أن الأثر الأدبي الذي خلفه علماء دولة سنار ما زالت مناراته عالية ولقد كان لوجود هذه التيارات الأدبية أثر فـي نفس الشاعر فحببت إليه العلم فعكف على الاطلاع فـي أمهات كتب الأدب وأدب السنة المحمدية وأدب السيرة فازدوجت ثقافته القرآنية بثقافة أدب اللغة العربية وأدب السنة وأدب التصوف الإسلامي وكونت منه شاعرا مقتدرا.

عصر المدائح
وعصر الشاعر أحمد ود سعد هو العصر التركي وهو بحق عصر الانفتاح على المدائح الشعبية نبوية وصوفية فقد لمعت فيه أسماء فحول من شعراء المدائح الشعبية منهم الشعراء النقر ود الشاعر وقدورة وأحمد ود تميم وأحمد الدقوني ومحمد أبو كساوي وأحمد أبو كساوي وحاج العاقب وصالح الأمين وحاج الماحي أولئك هم بناة المدرسة الفكرية للمدائح وقد شرب أحمد ود سعد من ينابيعهم الثرة وتأثر بهم وقلدهم وجاراهم فـي كثير من مدائحهم خاصة مدائحه فـي العصر التركي.

تصوف الشاعر
وفـي عصر الشاعر أحمد ود سعد كانت الصوفية فـي إبان صولجانها ونفحاتها، انتشرت الطرق على امتداد رقعة السودان تبشر بمذهب التصوف الإسلامي ولمعت فـي سماء السودان أسماء شخصيات دينية لـهـا وزنها فاشتهرت بالصلاح والتقوى من تلك الشخصيات الشيخ حمد النيل الطريفي قطب أبو حراز معقل العركيين فقد طار صيته كمرشد ديني وعلى يديه أخذ الشاعر الطريقة فانخرط فـي سلك المريدين وخلال وجوده مع الشيخ حمد النيل شمر عن ساعد الجد فكان تلميذا مخلصا فأعجب به شيخه وضاعف له الرعاية وبشره بخير عميم وبمستقبل عظيم فـي دنيا الشعر النبوي.

شعره النبوي
واشتهر أحمد ود سعد كواحد من شعراء المدائح النبوية الشعبية فـي السودان وتربع على كرسي القريض الشعبي منذ العصر التركي إلى عصر المهدية وإلى عصر ما بعد المهدية وينقسم شعره النبوي إلى ثلاثة عصور عصر الحكم التركي وهو بداية تجربته الأولى وعصر المهدية وهو بداية مدائحه المهدوية الوطنية وعصر الحكم الثنائي وهو العصر الذي تطورت فيه مدائحه واكتسبت أسلوبا وتعبيرا عربيا جديدا.

شاعرية ود سعد

والباحث فـي نصوص ود سعد النبوية والمهدوية وحتى الاجتماعية لا بد أن يضع هذا الشاعر الشعبي النادر فـي مكان الصدارة والفحولة بين لداته بل إنه يكاد يأتي بما لم تستطعه الأوائل فقد امتلك ناصية البيان وطوع القوافـي قوالب لصناعته اللفظية العربية أحيانا والشعبية لحما ودما ففي تجربته الأولى أي مدائحه فـي العصر التركي لم تكن ديباجته قوية بالصورة التي نراها فـي شعره خلال عصر المهدية وما بعد المهدية حيث كان مبدعا ومجددا فـي أسلوب المدائح الشعبية ولا غرابة فـي ذلك فإن الإنسان خلال تجاربه يتدرج من مرحلة التجربة إلى مرحلة النضوج حيث تتسع مداركه ويكتمل عقله فينتقل من مرحلة التقليد إلى مرحلة التجديد والتجريد.

أثر الثقافة فـي شعره

والثقافة القرآنية هي رصيد شعراء المدائح الشعبية فـي السودان، ونجد أثر الثقافة القرآنية واضحا فـي جل مدائح شاعرنا ود سعد تضمينا واستخداما للمفردات كما نجد أثر الثقافة العربية من أدب السنة المحمدية إلى أدب السيرة واضحاً فـي جل مدائح الشاعر ومما يسترعي الانتباه أن ود سعد يضع كل كلمة مفيدة فـي وظيفتها مما يدل على فهمه وتذوقه للمعاني.

الازدواجيـة فـي شعره

ومع أنه شاعر شعبي يلتزم العامية المطلقة إلا أننا نرى فـي كثير من مدائحه تعبيرات عربية فصحى بل إنه يستخدم الغريب فـي اللغة العربية.
والازدواجية فـي شعر أحمد ود سعد محببة لا تكلف ولا تصنع فيها بل إنها نتيجة ثقافته واطلاعه الواسع.

تجديده فـي فنون الشعر
وكان أحمد ود سعد شاعرا مجددا فقد ابتكر فن "المسدس" فـي نظم القصائد النبوية فكتب قصيدتين من قصائد التهليل بلحن واحد مع اختلاف المعاني كما كتب قصائد أخرى فـي فن المسدس وكان هذا اللون من ألوان المدائح حفز الكثيرين لمجاراته فجاراه الشاعر المعاصر له أحمد أبو شريعة فأبدع فـي المجاراة وله قصائد فـي فن المخمس والمقطوع.

شـعره المهـدوي

وعند ظهور الإمام المهدي عام 1881م هاجر الشاعر إلى الإمام المهدي والتقى به فـي مدينة الأبيض وأخذ البيعة على يديه وظل ود سعد أنصاريا مخلصا وفيا طيلة عصر المهدية وجند قلمه فـي تمجيد الإمام المهدي والثورة المهدية والثوار أصحاب المهدي كما مجد الخليفة عبد الله الذي تولى الحكم بعد وفاة الإمام المهدي ولقد كان شعره المهدوي السياسي الوطني آية من آيات الشعر الشعبي السوداني الذي عانق تاريخنا الثوري الكبير.
ودالت دولة المهدية وظل شاعرنا قابضا على عقيدته بالنواجذ ورغم أن كثيراً من شعراء المدائح الذين مدحوا المهدي قد تنكر بعضهم وأعدم شعره المهدوي خوفا من حكومة الانجليز فإن ود سعد ظل محتفظا بكل تراثه المهدوي بل حاول تدوينه إلى جانب مدائحه النبوية المخطوطة.

وفــاة الشـــاعـر
وقد عاش أحمد ود سعد عمرا طويلا وبلغ عمره المائة سنة وتوفـي حوالي عام 1926م بقريته الولي بالنيل الأزرق منطقة الحلاويين وقبره مشهور يزار.
* * * *
كان من هموم لجنة التراث الإسلامي(2) ـ المنبثقة عن اللجنة العليا لمهرجان الإبداع الثقافـي الذي أقيـم بمدني عام 1985م انتزاع التراث الديني والإسلام الذي تركه لنا بعض العلماء والفقهاء الصالحين ولما كان هذا التراث لم يظهر معظمه لكثير من الناس لوجوده فـي حوزة أفراد أو جماعات لم تستطع إيصاله للناس لقلة ذات اليد أو صعوبة النشر وما إلى ذلك...
انطلاقا من كل هذا كان لنا هذا اللقاء بقرية الولي مع الشيخ عبد الرحمن الشيخ الفاضل ود سعد.
وإذا كان الله سبحانه وتعالى يمجد لنا أولياءه ويأمرنا بتكريمهم وتعظيـمهم فـي قوله {ألا أن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون الذين آمنوا وكانوا يتقون لـهـم البشرى فـي الحياة الدنيا وفـي الآخرة...}
فما أحوجنا إلى الوقوف عند الشـيخ أحمد ود سعد فعـن نسبه يقول الشيخ عبد الرحمن إن معرفة نسب الشـيخ أحمد ود سعد لا يحتـاج إلى كبير عنـاء ذلك لأنه أي الشيخ أحمد ود سعد أخبرنا به فـي غير مكان 

من قصائده ومن ذلك قوله:

بدي أعرفكم يا أهل ودي
تعـــريفا لا لشــرف.. عــنديســعدابي وآبائـيمن ملوك شندي
فمن هنا يتضح للباحث عن نسبه أنه سـعدابي القبيلة ومن ناحية والدته سـتنا بنت مصطفى ود الأمين التي تربطها صـلة قـرابة بالشيخ محمد يونس والشيخ خوجلي أبو الجاز...
وقد ولد الشيخ أحمد ود سعد بقرية الـهـبجي بالشمالية سنة 1816م فـنزح والده إلى الجزيرة وأقام بقرية أبو حـراز حيث أدركته الـمنـيـة ليترك الابن فـي رعاية خاله وكان عمره لا يتجاوز العاشرة.
وبعد ذلك اتصل الشيخ أحمد ود سعد بالشيخ حمد النيل فدرس عليه كل تعاليمه الدينية وتصوف إلى أن صار فقيـها متقشـفا ثم ساح بعد ذلك واغـترب إلى مكان يقـال له الرهيواب حيث يقيـم أخواله فأقام معهم فازداد عبادة والتف حوله بعض (الفقـراء) والـمـدّاح ومن ثم هاجـر إلى أبي حـراز...
وعن زوجات الشيخ أحمد ود سعد يقول الشيخ عبد الرحمن:
تزوج الشيخ أحمد ود سـعد بزوجات كثيـرات لا يقـل عددهن عن أربع حرائر واثنتين سراري فولد من الأوائل أبنـاء ولكنهم سلفوا وقد ذكر فـي بعض قصائده زوجته زينب التي أصرت عليه أن يتـزوج جـدتنا والدة الشيخ الفاضل فتزوج بها فـي آخر العمـر وأنجب عمتنا ستنا وأنجب والدنا الشيخ الفاضل وقد أنجبت ستنا ولدا فـي البشــيراب بالخوالـدة وبنتا هي نفيسة وقد توفيت وذكرها الشيخ فـي قوله:
أغفر لوالدتي..
وزينب زوجتي
ولي نفيسة بنتي
كنفيسة السيدة
 
أما عن الإنشاد فـي عهد ود سعد فيقول الشيخ عبد الرحمن الشيخ إن أحمد ود سعد من شعراء المهدية الأوائل وكان قد سبقه الشيخ ود التويم ومن زملائه الشيخ أبو شريعة والشيخ أبو كسـاوي والشيخ ود حياتي وكلهم من الجعليين...
والـمعـروف أن المديح قد بدأ كلمات وكانت الـمدائح تؤدى جلوسا..
وأذكر أن أول مادح مدح للشيخ أحمد ود سعد بالرِّق هو المرحوم عبد الله ود حمد ثم أخوه محمد نور الدايم...
وعن قصائد الشيخ أحمد ود سعد فـي المهدية يقول حفيده الشيخ عبد الرحمن:
بعد انتقال والدنا الشيخ الفاضل أخذ معه بعض المدائح وضاع منه ما ضاع وفـي الخمسينيات نشرت بعض القصائد التي نظمها الشيخ فـي مدح الإمام المهدي وخلفاء المهدية...
وكانت أكثر من سبعين قصيدة وكان الشيخ أحمد ود سعد الشاعر الوحيد الذي وجـد عنده تراث الـمهـدية كشـعر...
أما عن وفاته فيقول الشيخ عبد الرحمن كانت وفاته بقرية الولي سنة 1926 وكان مريضا فحضـر الشيخ الفاضل لأخذه معه إلى حنتوب فلم يمانع فـي ذلك إلا أن أحـد الفقـراء وهو الفكي محمد على جاء وقال للشيخ أحمد ود سعد هل أمرك الرسول بمغادرتنا...؟
وعندها رفض الذهاب مع الشيخ الفاضل فتوفـي عن 110 سنة بقريته الولي التي اختـارها مسكنا له وقال فيـها:


اخـــــرت الله اخــــــــــــتر لـــي خـــــــــــير مكـــــــــــان 
بســــــــــــــكـون الولــــــــي الـمشــــــحـون بالقـــــــــــــرآن

المادح الحاج محمد الحاج العاقب

الحاج محمد الحاج العاقب :




الحاج محمد العاقب بن أحمد بن سعد من الجعليين ولد فـي أوائل النصف الثانى من القرن الثانى عشر الـهجرى وتوفـي فـي (قوز بدر) ضواحى مركز شندى بعد عمر ناهز السبعين عاما، يتصل نسبه من أمه بالشاعر صالح الأمين.. تعلم بخلاوى القرآن فى منطقته، وأجاد الشعر النبوي حتى لقب (بالبرعي الصغير) تيمنا بالشيخ عبد الرحيم البرعي اليمني ومن أشعاره:

الدنيا زايلــــة والله العظيـــــــــم 
ياأخـــــوانـــــى مايلـــــــة 
نفس العاقب يا إخـــــــوانى قايلة 
فى اللهو واللعــب مسكينه جايلة 
تصبح لك عروس ريقه مواقــع 
وتسقيك من حلوها الصافى نافع 
وتمسى كل عجوز تنبح تصاقع 
تشــرط فى مكان ماكنت راقـــع

ومن قصائده:




شوقى للشفيع فى الملا كاشف الكرب والبـــلاابتــــدا العبيد فصــــلا جاب قصيدتو موصلابعــــدها قال 
الصــــلا والسلام على المرسلا


ومن قصائده:


عيب شبابي الما عنا والله لي سيد منــــى
وبنفس المطلع:
عيب شبابي الما رحل والله لي ذلك المحل
.............................
المرجعية الأولى لـهذا التوثيق مؤلفات الأستاذ قرشي محمد الحسن




وكذلك
:


عيب شبابي الما هرب والله لي خير العرب
وعيب شبابي الما رجع والله لي شافـي الوجع

المادح الشيخ حياتى ابن الحاج حمد

هو محمد حياتي حاج حمد العربي، ولد بقرية أم ضواً بان، ريفي الخرطوم عام 1290هـ. والده حاج حمد العربي تلميذ الشيخ محمد ود بدر. 

وجده لأمه الشيخ محمد ود بدر. ويتصل نسب الشيخ حياتي بالشيخ العبيد ود بدر من ناحية أمه آمنة بنت فاطمة (أم بركة) شقيقة الخليفة أحمد بلاع الابن الأكبر للشيخ محمد ود بدر. 

أما من جهة حسبه فهو مسلمي بكري ينتسب إلى جده أبي بكر الصديق رضي الله عنه.

نشأ الشيخ محمد حياتي في بيت علم ودين وجهاد حيث كان والده (حاج حمد بن العربي) تلميذاً للشيخ محمد ود بدر الذي ناصر المهدية وشارك مع أبناء الشيخ ود بدر في عدة معارك كان آخرها معركة حلينقو عام 1301هـ بالحلفايا حيث سقط الحاج حمد شهيداً
بالجردة وقبر بشمبات.

فكفل الشيخ محمد ود بدر هذه الأسرة، والتي تضم أحفاده الشيخ محمد حياتي وأخويه الشيخ محمد المبارك والشيخ محمد المختار، إلى أن وافته المنية عام 1302هـ 

وبعدها كفله خاله لوالدته الخليفة أحمد بلاع. 

والمعروف أن جدته فاطمة أم بركة كانت تقوم على نفقة مسيد والدها في قرية النخيرة وقد كان مشهوداً لها بأعمال الخير فكانت تجهز أكثر من 12 قدحاً في كل ليلة لإطعام الضيوف وطلاب مسيد القرآن وكانت تقوم الليل حتى يطلع الفجر فتنبه المؤذن للصلاة، لذلك سميت أم بركة.

بعد سقوط المهدية رجع الشيخ محمد حياتي
وأخواه (محمد المبارك ومحمد المختار) إلى مقر والدهما في منطقة الحضور وود النور وعد الشيخ جماع بشرق الجزيرة جوار مدينة الهلالية. 

وقد كان يواصل أهله بمنطقة العيدج جوار مدينة ود راوه حيث أهل والده من هناك، كما تربطه صلة رحم بالشيخ إبراهيم ود نفيسة

مسيرته التعليمية:- 
حفظ شيخنا وشاعرنا محمد حياتي القرآن الكريم بأم ضواً بان بمسجد الشيخ محمد ود بدر، علي يد حاج الطيب ود بدر 
ثم على يد الفكي عبد الرحمن المهلاوي شيخ خلوة أم ضواً بان. 

ثم درس العشماوية والعزية والرسالة على يد الفكي الأمين حاج حامد بأم ضواً بان.

ثم تتلمذ أيضاً على يد شيخ العلماء محمد البدوي بأم درمان. 

ثم واصل مسيرته التعليمية بمطالعاته واجتهاداته الشخصية لكتب الصحاح وكتب الإمام أبو حامد الغزالي خاصة أحياء علوم الدين، 
ويبين ذلك شعره في مدحته: 
«بعد الليل ما جن ناس ليلي جني»
ومدحته «وعلى الرسول يا قوم مادام بقاكم»

وكما اطلع على العديد من الكتب كالشمائل والشفاء والبردة للبصيري وغيرها من الكتب التي نجد فيها من الإشارات التي تضمنها شعره.

زوجاته وأولاده:كانت أولى زوجاته بقرية أم دقرسي بالجزيرة، حيث تربطه صلة روحية بأخيه وزميله في الخلوة الشيخ محمد يونس.

ثم أعقبها بزواجه الثاني من بنت عمه فاطمة دياب بالحضور. ولم ينجب منهن ذرية، الأمر الذي دفعه بالزواج للمرة الثالثة من : 

آمنة علي جلي بقرية الصقيعة ريفي رفاعة عام 1317 هـ والتي أنجب منها كُبرى بناته فاطمة الحاجة ثم محمد نور الهدى أكبر أولاده الذي توفى بأم ضواً بأن ودفن بالحصايا ثم أنجب بعده دار الخلود.

ثم تزوج بآمنة محمد حسن بأم دقرسي عام 1334هـ وهي التي أنجبت له من بعد ثالث أبنائه أحمد الطيب 1338هـ ثم أحمد المصطفى 1344هـ. 

وكانت آخر زيجاته من فاطمة محمد سعيد البرقي بقرية الصقيعة عام 1336هـ والتي رزق منها ابنه محمد تاج الأصفياء في نهاية العام ثم أنجب منها قمر الكمال عام 1341هـ وبعده شقيقته خادم الله عام 1345هـ شمس الفلاح الكبير عام 1929م والذي توفى صغيراً ثم أنجبت من بعده شقيقته أم بركة ثم تلاها شمس الفلاح الصغير عام 1934م وكانت صغرى بناته دار الخلود عام 1938م هي آخر ذريته.

شعره:-
بدأ الشيخ حياتي قرض الشعر ولم يتجاوز عمره 19 عاماً وتحديداً في العام 1909هـ 

اتسمت أشعاره بروح الإسلام ومحبة الرسول صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام. 

أما شعر المديح فمجهول البداية، لأنه بدأه منذ الصغر ،و له قصة مع عمه الشيخ الأمين صقر البرزن حيث سأله الشيخ الأمين يوماً أن كان بدأ يقرض الشعر فيجيب الشيخ حياتي بلا فيرد عليه الشيخ الأمين بالقول (سوف تكون مادحاً لرسول الله حتى يعدم فمك السن)، والعجيب أنه عند وفاة الشيخ حياتي لم تكن بفكيه سناً واحداً، وقد عبر عن ذلك في إحدى قصائده بقوله:

تراه عياي الرمي أسناني صلاة محبوبي النبي العدناني 

وبالإَضافة إلى مدائحه فقد كانت له:
* قصائد عصماء في الصحابة تسمى الحربية
* وقصائد أخرى يمدح فيها آبائه وأجداده وشيوخه بأم ضواً بان
* وأناشيد أخرى كثيرة يقوم فيها بدور الناصح الواعظ والعبد الراجي. 

ويلاحظ أن أشعار الشيخ حياتي تتسم بجودة الرصف والسبك وانتقاء المفردات والجناس وفنون البلاغة، مع الالتزام بثلاثة أحرف في
القافية طيلة القصيدة والتي قد تحوي على أكثر من ستين بيتاً (أنظر المبشرات بالديوان من شعره الحربي في الصحابة).

ومن عيون شعره مدائحه التي تبدأ بـ(الشوق علينا ازداد) 

ومدائح القسم التي تبدأ بـ(عيب شبابي) و(طب زماني)

و(على الرسول يا قوم) فله من هذا المنوال قرابة الثلاثين مدحة.
أوقات تأليفه للمديح:لم يكن للشيخ حياتي وقتاً محدداً للتأليف، فقد يرد عليه في كل الأوقات ولكن غالبه يكون بعد صلاة العشاء حيث يختلي بنفسه قبالة النيل
الأزرق ثم يعود ليدون ما فتح الله عليه به من المدائح والقصائد. وقد ذكر عنه أنه ألف تسعة من المدائح في ليلة زفاف إحدى زوجاته إليه.

وأورد تلميذه على ود حسن أن الشيخ حياتي قال له: لقد ألهمني الله بتأليف عدد من المدحات ليلة البارحة بعد انصرافكم عني وقبل مجيء
إحداهن «صلاة الله رحماني على سيد هود ولقمان». وقد سأل فيها الله أن يرزقه ابنين صالحين تقيين ووجيهين. وهذا يدل على أن الشيخ
حياتي كان يتمتع بملكة هائلة وخصبة في التأليف والقريض كما يدل أيضاً على حبه للرسول صلى الله عليه وسلم فهو في يوم زفافه
ينشغل بمدح المصطفى دون الانشغال بليلة عرسه واستقبال عروسته.
مدوناته ومدائحه:للشيخ حياتي ديوان شعر دونه بخط يده وقد ساعده في تدوينه أبناه شيخ تاج الأصفياء والفكي الصديق نجل أخيه الشيخ المبارك، 

فاق منتوج الشيخ حياتي الشعري أكثر من ألف مدحة لم يحفظ منها إلا حوالي أربعمائة مدحة. تم جمعها وتدوينها بخط اليد بواسطة ابنه وخليفته الأول أحمد الطيب، وقد تمكن حفيده الدكتور الطيب الخليفة أحمد المصطفى بمساعدة الدكتور محمد المهدي بجامعة الخرطوم من توثيق ذلك بتحقيق ديوان يحوي قرابة 250 مدحة في طبعة أولى صدرت عام 1993 قرظ له البروفيسور عون الشريف قاسم.

وما زال البحث جارياً مع أتباعه ومريديه لجمع ما تبقى لإصدار المزيد من إنتاجه وتوثيقه ويحفظ هذا التراث الذي يعتبر ثروة أدبية
لجميع أهل السودان.
خدمته للقرآن الكريم:كرس الشيخ حياتي جهده في خدمة القرآن الكريم وأهله حيث أوقد تقابة القرآن بقرية الصقيعة في العام 1318هـ بعد زواجه الأول بها. 

ثم تحول إلى مقر إقامته بنفس القرية بجوار صهره محمد سعيد البرقي حيث أسس مسجداً عام 1326هـ وأنشأ مكاناً للضيافة ومنازل لطلاب العلم والقرآن الذين وفر لهم نفقات الإعاشة والسكن على حسابه الخاص. ولا يزال بنيانه الذي أسسه علي نور القرآن يزدان ويزخر بحفظة كتاب الله وتلاوته تحت رعاية خليفته الأول أحمد الطيب ومن جاء بعده. وتقام به الآن شعائر الصلوات الخمس وحلق الذكر كما يقصده الناس في المواسم والأعياد. وقد تلقى فيه العديد من أبنائه وأبناء المنطقة القرآن وعلومه منهم على سبيل المثال الفكي بشرى الفكي حسب الله وللفكي بشرى بدوره خلوة لتعليم القرآن بمسجد الشيخ يونس بأم دقرسي، والجدير بالذكر أن الشيخ
حياتي اتخذ الصقيعة مقراً له لارتباطه الوثيق بأهلها فهم أبناء عمومته وقد وجد فيهم التربة الخصبة الصالحة لنشر علمه فلم يبخل عليهم بما
وهبه الله من علم
.
تفاعله مع بيئته:-كان الشيخ حياتي متفاعلاً مع بيئته التي عاش فيها يظهر ذلك في:
* الدور القيادي البارز في تعليم القرآن في المنطقة.
× الدور البارز في تعليم الفقه والشعائر في المنطقة.
* الدور القيادي والبارز في المناسبات الدينية كإمامة الصلاة وعقود الزواج والإصلاح بين الناس في المنطقة.
* شعره ومفردات قصائده التي عكس من خلالها ما يهم إنسان المنطقة ومن ذلك ما ورد في مدائحه: 

(ألطف بنا من لم تزول من الوباء الما خلي زول) و(أدركنا أدركنا) و(يا عاشق الماحي قوم)

ومرد ذلك تأثره بما يجري حوله من نهضة اقتصادية وحراك اجتماعي وإنساني وأوبئة تأثرت بها المنطقة.

* كما أنه قام بحفر الآبار للسقي والشرب مما ساعد في حل مشاكل المياه وتوفرها للناس ومواشيهم.
* كما أنه أنشأ مقبرة للقرية والقرى المجاورة بدأها بابنه

حياته اليومية:-
كان الشيخ حياتي يرتب وقته ترتيباً دقيقاً فبعد أن يصلي الصبح في مسجده يمكث في محرابه يتلو القرآن الكريم والأذكار والصلاة على
الرسول والأوراد الجزولية إلى أن تشرق الشمس.

ثم يخرج الساعة الثامنة صباحاً للضيوف ومقابلة أهل الحوائج يتناول معهم الإفطار 

ثم يخلد إلى القيلولة. 

ويعود بعدها ليصلي بالجماعة الظهر ويبقى مع الناس حتى صلاة العصر. 

بعدها ينصرف لأذكار المساء حتى يؤذن المغرب فيخرج للصلاة ثم يعاود أذكاره حتى صلاة العشاء التي كان يؤخرها حتى يقابل ضيوف المساء وأصحاب الحوائج من طلابه ومريديه. 

كما أنه يشارك في معالجة قضايا وحوائج الناس والاستماع لمشاكلهم بإسداء النصح والمشورة لهم. 

ويلاحظ أن الشيخ حياتي كان يسخر معظم وقته للعبادة وتلاوة القرآن ومطالعة دلائل الخيرات (الجزولية ) والإشراف على طلابه. 

وكان يلبي دعوات مريديه لإحياء الليالي بالقرى المجاورة ومشاركتهم في مناسباتهم المختلفة مما اكسبه محبة إتباع طلابه وطاعتهم له واحترامه
.
معاصروه من شعراء المديح:
كان للشيخ حياتي لقاءات تسودها المحبة والاحترام بين معاصريه من شعراء المديح ومنهم ود سعد وأبو شريعة وود عبد الملك وود البقو
وكانوا يجارون بعضهم البعض في مدائحهم. ويدل ذلك على تقارب وائتلاف مقاصدهم في محبة المصطفى صلى الله عليه وسلم. 

وكانت له مساجلات ومحبة وود مع الشريف يوسف الهندي عبر عنها في مدحته: 

«مرمي الغرام يا الهندي» 

ويحكى أن بعض الشعراء في عصره أحسوا بخطورته عليهم فعابوا عليه صغر السن فرد عليهم
(يا مداح سمح الكحل، حاس بالصغر حاس بالجهل، لسع على تحمل الرحل، لكن أظن بابوري حل، رقي بالسلالم فاق زحل)
مداحه وتلاميذه:ينتقي الشيخ حياتي لمديحه أعذب الأصوات بالإضافة إلى صحة المخارج وجودة اللفظ وحفظ المفردة وكان إذا أعجبه صوت عرض على صاحبه أن يكون من مداحه فيوافق على الفور لما فيه من شرف كبير. والمقربين من تلاميذه ذكرهم في قصيدته: 
(يا عشاق هيا قومو بنا في النايرة نزور محبوبنا) 

فمنهم محمد سعيد البرقي صهره ووالد زوجته فاطمة 
وحاج بابكر حسن 
وعبدالقادر التاي ببانت. 

ومن كبار مداحه: 
علي حسن من المقاريت كترانج الشرق،
ومحمد الفكي عبد القادر من ود الفضل،
وسعيد جاد المولى 
وأحمد الريفي 
وعلي صغيرون من الجريف، 
وعلي القلع من سرحان، 
وعباس أحمد الخضر من الحصاحيصا،
والرئيس من بانت، 
وعلي حسن السوداني من الهجليج، 

وآخرين من القرى والمدن المجاورة، فهؤلاء كانوا حسب المواصفات التي يريدها الشيخ حياتي لأنه كان حريصاً على إنتاجه حتى
يضمن سلامة المعني وأمانة النقل خوفاً من التحريف والخطأ
.
أتباعه ومريديه:
يمثل الدباسيون غالبية أتباعه وهم من قبائل الشكرية الذين يتمركزون بالحصاحيصا وقرية الضالة وكانوا يحضرون الموسم ويتفانون في
خدمة المسيد والضيوف وقد ذكرهم الشيخ حياتي في مدائحه ودعا لهم بالخير والبركة. 
وكذلك فقد التف حوله أهالي القرى المجاورة لقرية الصقيعة بمختلف مشاربهم ينهلون من علمه ويطلبون حكمته وإرشاده ويقتدون بنهجه وصلاحه وقد تتلمذ على يديه الكثير من أبنائهم فحفظوا القرآن وتعلموا الكتابة

وفاته:-
توفي الشيخ حياتي في يوم 29 مايو 1943م جمادي الأول عام 1362هـ عن عمر يناهز 72 عاماً وقد ذكر بعض أتباعه أنه جمعهم ذات يوم قبيل وفاته فقال لهم : 

«يا فقراء تجمعنا الطاعة وتفرقنا المعصية عما قريب تفقدوني تجدوني مافي» 

هكذا كانت نصائحه لأتباعه ومريديه يأمرهم بالخير ويحثهم عليه وينهاهم عن الشر ويحذرهم منه.

والحمد لله ما زال المسجد عامراً بإقامة الصلوات وتلاوة القرآن وحلقات الذكر
وهناك مكتبة إلكترونية ثقافية لتعليم القرآن الكريم برعاية حفيده بروفيسور صديق أحمد
المصطفى مدير جامعة الخرطوم حالياً.

هذه نفحات عطرة من حياة الشيخ حياتي الذي ترك بصماته واضحة في المجتمع السوداني من خلال مدائحه الخالدة الرائعة للمصطفى صلى الله عليه وسلم، نسأل الله أن يتغمده بوافر الرحمة والمغفرة

الحياة البرزخية

الحياة البرزخية

الحياة البرزخية

حياة الأنبياء البرزخية :
عن انس قال : قال رسول الله صلى الله تعالى عليه و سلم: (الأنبياء أحياء في قبورهم يصلون)1.
وعن انس بن مالك أنَّ رسول اللهصلى الله تعالى عليه و سلم قال :(مررت على موسى ليلة اسري بي عند الكثيب الأحمر وهو قائم يصلي في قبره)2 .
عن اوس بن اوس أنَّ رسول الله صلى الله تعالى عليه و سلم قال:(إن الله عز و جل قد حرم على الأرض إن تأكل أجساد الأنبياء)3 .
وبهذه الأقوال المباركة ثبتت حياة الرسول الأعظمصلى الله تعالى عليه و سلم وإخوانه من الأنبياء والمرسلين عليه السلام ، فإنهم أحياء وحياتهم برزخية بمعنى إنهم يرون ويسمعون من حيث لا يراهم ولا يسمعهم إلا النخبة المفضلة من أولياء الله تعالى وإنهم يردون السلام وانه صلى الله تعالى عليه و سلم يرد السلام علينا عند كل صلاة عندما نقول في التشهد : السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته ، فيقول : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ، ونسأله أن يتشفع فينا عند ربنا فيقف شفيعاً لنا و لكل محب من أمتهصلى الله تعالى عليه و سلم وقد قال تعالى في حقهصلى الله تعالى عليه و سلم: بالمؤمنين رؤوف رحيم4 .
وهذه الرأفة والرحمة باقية دائمة ما دام حياً وما دامت السماوات والأرض إلى يوم البعث والنشور ، والذين ينكرون حياته البرزخية لا يرد عليهم السلام لأنه لا حياة له عندهم ، فيحرمون من هذه الرأفة والرحمة .
حياة الأولياء البرزخية :
قال تعالى :أم حسب الذين اجترحوا السيئات أن نجعلهم كالذين آمنوا وعملوا الصالحات سواء محياهم ومماتهم ساء ما يحكمون5 .
تنص الآية الكريمة على إن حياة الصالحين ومماتهم سواء لتحققهم بالإيمان والاطمئنان الكاملين فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون في الدنيا والآخرة ، فكما كانوا في الدنيا مشرفين على الآخرة بقلوبهم وأرواحهم يرونها رأي العين فهم في البرزخ مشرفون على الدنيا لإفادة أهلها بالدعاء لهم وغيره ، فحياتهم ومماتهم سواء بسواء كرامة من الله تعالى لهم لاستقامتهم على الاعتقاد والعمل الصالح وقيامهم بنهج طريق الخُلق المحمدي الاقوم ، يقول تعالى :الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنـزل عليهم الملائكة الا تخافوا ولا تحزنوا وابشروا بالجنة التي كنتم توعدون نحن أولياؤكم في الحياة الدنيا والآخرة6.
ففي الدنيا قبل الآخرة تتـنـزل عليهم الملائكة جهارا بالبشارات وان لأرواحهم الصافية الطاهرة بركات وفيوضات يستفيد منها من يزورهم في الحياة الدنيا وبعد الممات بلا فرق كما نصت الآية الكريمة .
وهذا بخلاف غيرهم من الذين اجترحوا السيئات 
ومن كان في هذه أعمى فهو في الآخرة أعمى وأضل سبيلا7.
كما وان الآية الكريمة تحكم بأن الذين يساوون بين موتى الأولياء و بين موتى غيرهم من الناس ساء ما يحكمون . أي إنهم من الذين يجترحون السيئات .
حياة الشهداء البرزخية:
قال عز و جل:ولا تقولوا لمن يقتل في سبيل الله أموات بل أحياء ولكن لا تشعرون8.
أي لا تحسون ولا تدركون حياتهم بالمشاعر الاعتيادية لأنها من أحوال البرزخ التي لا يطلع عليها إلاّ عن طريق الوحي او الإلهام ، وعلى هذا رأي جمهور العلماء حيث قالوا: إن الحياة البرزخية حياة حقيقية وإنها للروح والجسد ولكن الجسد جسدٌ برزخيٌّ لا دنيويُّ ونحن لا ندركها بالعين المجردة في هذه النشأة وإنما تدرك بعين البصيرة لمن شاء الله من خواص عباده ، وممن صرح بهذا الرأي: ابن عباس وقتادة والحسن وعمر بن عبيد وجماعة من المفسرين .
حياة باقي الأموات البرزخية :
من حديث ابن عباس عن النبي صلى الله تعالى عليه و سلم: (ما من رجل يمر بقبر أخيه المؤمن كان يعرفه فيسلم عليه إلا عرفه وردّ عليه السلام)9 .
وقال صلى الله تعالى عليه و سلم :(ما من ميت يموت إلا وهو يعلم ما يكون في أهله بعده وأنهم يغسلونه وأنه لينظر إليهم)10 .
روي عن عبد الله أبن عمر يقول قال رسول الله صلى الله تعالى عليه و سلم لأصحاب الحجر: (لا تدخلوا على هؤلاء القوم المعذبين إلا أن تكونوا باكين فأن لم تكونوا باكين فلا تدخلوا عليهم أن يصيبكم مثل ما أصابهم)11.
فالكافرون لهم أيضا حياة برزخية يسومونهم فيها سؤ العذاب .
في انتفاع الميت بالحي:
قالصلى الله تعالى عليه و سلم: (إذا مات الإنسان انقطع عمله الا من ثلاثة أشياء ، صدقة جارية و علم ينتفع به وولد صالح يدعو له)12 . 
قال صلى الله تعالى عليه و سلم : ( أقرؤا يس على موتاكم)13 .
وفي هذه النصوص وغيرها ما يؤكد انتفاع الميت بإعمال الحي فلو لم تكن المنفعة متحققة فلماذا أمرنا رسول الله صلى الله تعالى عليه و سلم بتلقين الميت قبل دفنه وقراءة شيء من القرآن عليه ولما اخبرنا انه ينتفع بالصدقة والولد الصالح ومشاريع الخير التي يعملها في الدنيا وإجماع الأمة على هذا قائم فلا داعي للإطالة فيه . والمستفاد من هذا إن هناك علاقة بين عالمنا وعالم الأرواح دلت عليها النصوص المذكورة .
الهوامش 
1- رواه البيهقي في حياة الأنبياء ص4 والشوكاني في نيل الاوطار ج5 ص108
2- أخرجه مسلم في باب الفضائل والبيهقي في الدلائل ، انظر شرح النووي في هامش القسطلاني ج931. 
3- رواه النسائي ج3ص91 واحمد في المسند ج4 ص8 .
4- سورة التوبة الآية 128.
5- سورة الجاثية آية 21.
6- سورة فصلت ، الآية 30 .
7- سورة الإسراء ، آية 72.
8- سورة البقرة الآية 154 .
9- رواه الخطيب في تاريخ بغداد وأبن عساكر في تأريخ دمشق ونضر الجامع الصغير ج2 ص255.
10- رواه أحمد في سنده ج 4 ص482.
11- شرح النووي على صحيح مسلم ج18 ص110.
12- صحيح ابن حبان ،ج7 ص270 برقم 3002
13- صحيح البخاري
المصدر:التصوف الاسلامى

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الشكينيبة الشرافه والتاريخ

تقع مدينة الشكينيبة في السودان في الجزء الجنوبي الشرقي لمدينة المناقل على بعد تسع كيلو ترات منها . و لم تشتهر إلا بعد مجيء الشيخ عبد الباقي المكاشفي إليها في عام 1910م. تبلغ مساحتها حوالي 60.000 متر مربع ، و يقدر عدد سكانها حوالي 5.000 نسمة. و يعتمد أهالي المنطقة على الزراعة والرعي وعلى تجارة حول مسيد الشيخ المكاشفي.تعددت الأقوال في أصل الاسم فقيل اسم الشكينيبة من نشكو نوائبنا إلى الله - من قول الشيخ المكاشفي- وقيل من الشكنابه وهي قرعة اللبن عند أهل المنطقة. حط الشيخ المكاشفي رحاله بها وعمرها و حفر البئر وبنى المنازل. وفي هذه البقعة المباركة بنى مسجده وبنى حوله الخلاوى و أشعل نار القرآن و أوقد نار النفقة وشيد دور العلم وحفر الحفير، فأصبحت الشكينيبة مركز القاصدين ومورد الطالبين، و اجتمع فيها أعداد كثيرة من الأجناس المختلفة. فإذا جئت إليها واقتربت منها ترى الناس ينحدرون إليها من كل الجهات ما بين راجلين وراكبين على أشكال عديدة وقد امتلأت منهم مساحات كبيرة وإذا دخلت البلدة وجدت الخلاوي مزينة بطلاب القرآن و العلوم الشرعية ووجدت حلقات الذكر تعج بالذاكرين ووجدت دور الضيافة قد ملئت بأهل المقاصد المختلفة. و تعد الشكينيبة من أكبر الصروح الدينية والمعالم التاريخية التي ساهمت ومازالت تساهم في دفع حركة التعليم والإرشاد الديني في البلاد وقد ارتبط اسمها في أذهان جميع الناس باسم الشيخ عبد الباقي المكاشفي" رضي الله عنه " وما إن يذكر أسم الشكينيبة إلا ويذكر علاج الأمراض النفسية والعصبية والعقلية والروحية وغيرها من الأمراض المستعصية فقد جعل الله فيها سراً عظيماً ألا وهو الشيخ عبد الباقي المكاشفي و خلفاؤه الوارثون علومه. خلاوي القرآن: والحمد لله الذي أوقد نار تعليم القرآن بالشكينيبة وجعلها أرض مباركة طيبة وجعلها أرض ذكر ، و الشكر بعد الله للشيخ عبد الباقي المكاشفي الذي بنى الخلاوي وقام على أمرها والذي علم الناس كتاب الله وأرشدهم إلى سبيل الخير و الصلاح و جاء بالعلماء و الحفظة وكفل أمرهم . والحمد لله ثانياً إذ أنها مازالت إلى اليوم بفضل أبناء الشيخ وأحفاده الوارثين علومه قبلة الطلاب إذ يرسل الناس أبناءهم إليها ليحفظوا و يتعلموا كتاب الله تعالى. وليس هذا فحسب بل يزيد المشايخ على هذا كفالة اليتامى والمساكين وإرسالهم إلى المدارس والجامعات ليكملوا مسيرة تعليمهم. و خلاوي الشكينيبة واحدة من المعالم البارزة التي توحي إلى خصوصية البلدة ،ولقد تخرج منها رجال ومشايخ كثيرون ، وعند الحديث عن خلاوي الشكينيبة لابد من الإشارة إلى الخلاوي الأخرى التي قامت في مسائد و زاويا السادة المكاشفية و سارت على ذات الطريق. ألا جزاء الله الشيخ عبد الباقي المكاشفي وأبناءه وكل المشائخ القائمين على أمر الخلاوي و تحفيظ كتاب الله خير الجزاء الليالي و حلقات الذكر: عند الكلام عن الشكينيبة لابد من الكلام عن إحياء الليالي وإقامة حلقات الذكر كإحياء ليلتي الجمعة والاثنين من كل أسبوع في الشكينيبة وفي مسائد المكاشفية الأخرى. و في الشكينيبة خاصة تقام الاحتفالات الدينية الكبيرة التي يأتي إليها جميع أحباب ومريدي الشيخ من شتى أنحاء البلاد كعيدي الفطر والأضحية المباركين وليلة الإسراء والمعراج في السابع والعشرين من شهر رجب وتسمى " الرجبية" وهي من أكبر المناسبات بالمسيد و كذا الاحتفالات بمولد سيد البشرية" عليه أفضل الصلوات و أزكى التسليم " والاحتفال بليلة عاشوراء وليلة من النصف من شهر شعبان وكذا الحوليات وغيرها من المناسبات. و الذكر العام عند السادة المكاشفية ذكر جماعي بالاسم المفرد اسم الجلالة " الله الله " في شكل حلقة دائرية يتوسطها الرواة " الشعار" حاملي الدفوف " الطارات " يمدحون المدائح النبوية التي تحمل في طياتها صفات الرسول الكريم " صلى الله عليه وسلم" وتبين فضله و مكانته عظم رسالته التي حث الناس بالتمسك بآدابها وهديها، وهنالك أيضاً القصائد التوحيدية والقصائد القومية التي تروي قصص الأولياء و الصالحين الذاكرين المخلصين الذين جدوا في السير إلى مولاهم. ويقود الذكر شيخ ومن حوله المريدين والمحبين في شكل دائري ويسمون بـ " الاوتاد" لا يتعالى بعضهم على بعض ولو بأطراف الرؤوس كما جاء في نصائح الشيخ " رضي الله عنه " يترنحون شجناً ومحبة بالله الواحد الأحد العظيم ويتمايلون وجداً تمايلاً مصحوبا بالذكر " الله الله " أهزوجة روحانية تبعاً لإيقاعات النوبة والدفوف والكاسات ، تارة بإيقاع خفيف بضربات سريعة متلاحقة وتسمى " الحربية" أو " الخفيفة " وتارة بإيقاع ثقيل ضربة إثر ضربة وتسمى بالثقيل أو " الثقيلة" وهناك إيقاع آخر لا هو بالثقيل ولا هو بالخفيف ويسمى " بالشامية" أو المتلوتا." وبالذكر ومدح المصطفى ومدح أهل الله والإبحار فيهم تسمو أرواح الذكرين وتعلو حتى ترى من بعضهم حالا لا يدركه عامة الناس الحفير : و عند الكلام عن الشكينيبة و عن الشيخ عبد الباقي المكاشفي لابد من الكلام عن الحفير المباركة التي تقع شرق المسيد والتي قام بحفرها الشيخ ومريدوه ما بين عامي 1927 –1928م وتبلغ مساحتها مايقارب خمسة أفدنة تقريبا. تعتمد هذه الحفير المباركة على مياه الأمطار التي تصب وتتجمع فيها في فصل الخريف ، و تظل المياه بها في الغالب طوال أشهر السنة ومن ثم تتجدد في موسم الخريف ، ومن حكمة الله أن مياهها تظل خالية من كل التغيرات و من نواقل الأمراض وقد أكد ذلك بعثة معمل " إستاك" بالخرطوم وبعثة كلية الطب بجامعة الجزيرة الذين زاروها وفحصوا ماءها واكتشفوا أنها من أصح المياه الطبيعية . وهي تلعب دورا مهما في تخفيف عبء معاناة المياه في المنطقة وتشكل هذه الحفير معلما بارزا لكل الناس وهي إرث تاريخي تليد خلفه الشيخ أجراً وصدقةً جاريةً ، وفيها بركة وخير للناس ومنها طينة الحفير التي يتداوى بها الناس وهي إحدى كرامات الشيخ المكاشفي. و لا يقصد أحدا الشكينيبة إلا وكانت زيارة الحفير إحدى اهتماماته فهي مثار عجب ودهشة ، ولقد شهدنا فيها الكثير من العجائب و الغرائب. ومن المعالم والمنارات الواضحة في الشكينيبه القباب حيث أن بها ضريح الشيخ عبد الباقي المكاشفي رضي الله عنه ذاك الصرح الذي حوى الفخار و الأسرار و المعاني. وإلى جانبها تجد قبة الشيخ عبد الله وقبة الشيخ الطيب و قبة الشيخ الجيلي رضي الله عنهم وهي منارات يردها الزوار وينهلون من خيراتها ويشهدون أسرارها وهي توحي على صوفية البلدة و صلاح أهلها.


من أنا

السودان, الشكينيبه, Sudan
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي صل عليه الله ُ في الايات ِ وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات(والله وبالله وتالله لا يجتمع حب إله وحب ذاك درهم في قلب ذي اسراري إن الدراهم مكتوب عليها أذا أحببت درهما أبغضك الجباري لاتنكرن لقولي في كتابتها تالله لايعرفها الا ذا أفكاري(الشيخ عبدالباقى المكاشفى)