الخميس، 16 يوليو 2009

الاوراد والا اذكار


الصلاة على الرسول
يقول الله سبحانه و تعالى في كتابه العزيز (إن الله و ملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه و سلموا تسليما).
لذلك فإن الصلاة والتسليم على الرسول المصطفى من أحب العبادات إلى الله ،بل هي العبادة الوحيدة التي تكفل الله جل و على بتقبلها إكراما و تشريفا لسيد البشر محمد صلى الله على سيدنا محمد و آله.
لذلك فنحن نقدم هنا مجموعة من الصلوات على الرسول، و هي إن شاء الله في زيادة مستمرة، داعيين الله أن يوفقنا لما يحبه و يرضاه ،و ينفعنا و المسلمين بهذا العمل.
الصلاة الإبراهيمية
اللهم صلي على سيدنا محمد و على آل سيدنا محمد كما صليت على سيدنا إبراهيم و على آل سيدنا إبراهيم ، و بارك على سيدنا محمد و على آل سيدنا محمد كما باركت على سيدنا إبراهيم و على آل سيدنا إبراهيم في العالمين ، إنك حميد مجيد
الصلاة العظمية
اللهم إني أسألك بنور وجه الله العظيم* الذي ملأ أركان عرش الله العظيم* و قامت به عوالم الله لعظيم* أن تصلي على مولانا محمد ذي القدر العظيم* و على آل بيت نبي الله العظيم* بقدر عظمة ذات الله العظيم* في كل لمحة ونفس عدد ما في علم الله العظيم* صلاة دائمة بدوام الله العظيم* تعظيما لحقك يا مولانا يا محمد يا ذا الخلق العظيم* وسلم عليه و على آله مثل ذلك* و اجمع بيني و بينه كما جمعت بين الروح والنفس* ظاهرا وباطنا يقظة ومناما* و اجعله يا رب روحا لذاتي من جميع الوجوه في الدنيا قبل الآخرة يا عظيم .

التصوف وعلومة


بسم الله الرحمن الرحيم اللهم لك الحمد حمدا كثيرا دائما مثل ما حمدت به نفسك و أضعاف ما تستوجبه من جميع خلقك ،كما ينبغي لجلال وجهك و عظيم سلطانك في كل لمحة و نفس عدد يا مولانا العظيم ما في علمك_المحامد الثمانية لسيدي أحمد بن إدريس.اللهم صلي وسلم على سيدنا محمد النور الذاتي ،و السر الساري في سائر الأسماء و الصفات ،و على آله و صحبه و سلم_لسيدي أبو الحسن الشاذلي.
في هذا العصر الذي أخذت فيه الأرض زخرفها من العناصر المادية ،و قامت فيه الحضارة الأوروبية على المنهج الحسي المادي و لا تكاد تعترف بغيره من المناهج ، ما زال في البيئات الإسلامية ، و الحمد لله ، طوائف من أصحاب الفطر السليمة الذين يرجون للبشرية مستقبلا يضرب بأسهم وافرة في عالم الخير و الحق ، عالم الدين و الروح ، عالم الإخاء و الإيثار و هذا العالم الذي تنبع أصوله من وحي السماء ، و الذي يسير أفرادا ،أو جماعات_هادفا إلى تحقيق المنهج الإلهي و المبادئ الإلهية_يمثله كنماذج أضوأ ما تكون النماذج،أئمة التصوف ،و أعلام الصوفية . إنهم يمثلونه في المنهج الذي اتبعوه، و يمثلونه كحقائق واقعية في المبادئ و القواعد، إن حياتهم _منهجا و موضوعا_ تترسم التربية الإلهية ، و هدى الرسول ،صلى الله عليه و آله و سلم،فيما عظم من الأمور و فيما هو سهل يسير . وهم يحاولون ما أمكن أن يكونوا بقدر الاستطاعة ورثة الأنبياء علما و ورثة الأنبياء سلوكا،و ورثة الأنبياء أحوالا و مقامات ، بيد أن بعض الناس لا يتبين في وضوح معنى التصوف ، و لا مدى الصلة بين الإسلام و التصوف .فيتساءلونهل هذا النوع من السلوك الذي أخذ فيه أمثال سيدي أبو الحسن الشاذلي و سيدي أبو العباس المرسي ، و الذي يسمى التصوف : من الإسلام أو ليس من الإسلام ؟و لقد تساءل عن ذلك الكثيرون ،في كل مناسبة نخرج كتاب عن التصوف أو عن أعلامه ، وكتب بعضهم في المجلات كتابة تنبئ عن عدم وضوح الرؤية في موضوع التصوف ، و تنبئ عن حصول لبس في مدى صلته بالإسلام.و لأن ذلك سيحدث كلما نشر كتاب عن شخصية صوفية أو عن التصوف نفسه ، فقد كتبت هذه المقدمة عن صلة الإسلام بالتصوف ، و نحاول ما أمكن الاستدلال فيها بالنصوص الشرعية، و بأقوال الصوفية،مبينين _في غير تحيز و لا عصبية_ وجهة النظر السليمة،ليهتدي من يهتدي عن بصيرة ،و ليسلك من يشاء على طريقهم على هدى و علم، وهي مقدمة أصبحت ضرورية، و لعلها تأخرت نوعا ما.و بالله التوفيق1- ما هو المنهج الملائم؟إن صلة التصوف بالإسلام -منهجا و موضوعا- لا يتأتى فهمها صحيحا إلا إذا عرفنا التصوف تعريفا ينطبق على حقيقته أكمل ما يكون الإنطباق ، بيد أن تعريفه ليس من السهولة بمكان، ذلك أن تعريفات التصوف - كما يقول المؤرخون القدماء- أربت على الألف، وكلها تعريفات لها وزنها و قيمتها إذ أنها بأقلام الصوفية أنفسهم ،و إذا كانت هذة التعريفات بأقلام أرباب الشأن فإنه من الصعوبة بمكان أن يقف الإنسان منها موقف الحكم، يفضل بعضها على بعض، و يجعل بعضها في المرتبة الأولى و يجعل البعض الآخر ثانويا، ثم ينتهي بتعريف جامع مانع: ما هو القياس؟ و ما هو الفيصل؟ ثم بأي سلطان يتدخل الإنسان بين هؤلاء القوم ذوي المذاقات الرقيقة ، و المشاعر الروحية الدقيقة؟ أبسلطان العلم ملاحظة و استقراء؟!أم بسلطان العقل بحثا و استنتاج؟!أم بسلطان الروح إشراقا و إلهاما؟
2- التصوف و العلمهل يلج العلم بملاحظته و استقرائه حصن التصوف؟ إنه إذا فعل ذلك لإغنه لن يلاحظ إلا الشكل الخارجي، و لا يستقرئ إلا المظهر الشكلي ! و لا شئ بعد ذلك من روح التصوف و جوهره، ومعنى هذا الإخفاق التامو حقا لقد أخفق-إلى الآن - علم النفس. و أخفق علم الإجتماع. إخفاقا كاملا في الوصول إلى كنه التصوف و حقيقته.بل إن الدراسات النفسية الحديثة ، و الدراسات الإجتماعية المعصرة ؛ أفسدت الفكرة عن التصوف إفسادا تاما،شأنها في ذلك شأن كل ما اتصلت به من الدراسات التي تتصل بالروح،و بالوحي و بالإلهامالسماوي؛ و بالدين على وجه العمومإن الدراسات النفسية و الاجتماعية الحديثة حددت نفسها بالمادة و تقيدت بالظواهر المادية المحسة و الملموسة: المرئية أو المسموعة أو المذاقة مذاقا حسيا، أو المشمومةو هي تعترف اعترافا صريحا لا لبس فيه أن مجالها إنما مجالها إنما هو المجال المادي،و أن كل ما خرج عن المجال المادي فإنه لا يدخل تحت مرصدها و مخبرها و مسبرها،و إذن لا يدخل في إطار بحثهاو التصوف روح و إلهام و إشراق؛ فلا يدخل في مجالهاو من هنا كان اكتفاء هذة الدراسات بالمظهر و الشكل . ومن أجل ذلك كان اخفاقها كاملا، و فشلها يفجأ النظرإن ما نسميه العلم الحديث إنما هو العلم السائد في أوروبا و في أمريكا، و في ؤالعصر الحاضر. وقد ألزم نفسه إلزاما تاما ألا يخرج عن دائرة المادة، وحدد- مختارا- دائرته نتحديدا دقيقا بأنها: المادة ، وربط نفسه بذلك ربطا محكما، إلى درجة أن كل من يخرج عن المادة لا يسمونه عالما، و أن كل بحث في غير دائرة الملاحظ، المحس لا يسمونه بحثا علميا ، و لسنا _الآن_ بصدد تخطئة العلم الحديث أو تصويبه فيما ألزم نفسه به، و إنما نريد أن نبين في وضوح أن هذا الالتزام ينفي نفيا باتا أن يتصل العلم الحديث _من قرب أو بعد_ بجوهر التصوف و مفهومه الحقيقيومن أجل ذلك فإن كل ما قيل بلسان العلم عن التصوف لا يمس منه إلا المظهر و الشكل، و لا فائدة فيه بتاتا من حيث الروح و الجوهر
3- التصوف و العقلأنلجأ إلى العقل؟ ببحثه المنطقي القياسي و إلى استنتاجاته الناشئة عن المقدمات و الأقيسة؟أيقودنا العقل آمنين في بحار التصوف اللا محدودة ، و في رياضه التي لا تنتهي من حيث كونها نفحات من التجليات الإلهية اللانهائية؟ و لكن المعروف أن العقل لا يدور إلا في فلك المادة . إنه يتسامى إلى السماء ، فيبحث بأقماره و سفنه و صواريخه بين أرجائها الشاسعة، و ساحاتها الرحبة. و يغوص في أعماق البحار فيظهر مكوناتها و يكشف عن أسرارها. و يتعمق في طبقات الأرض ؛ فيخرج ثقالها، و يزيل الغموض عن معمياتها.إنه مبتدع الصناعة من الإبرة إلى الصاروخ. و مخترع الكيماويات السهلة كانت أو معقدة و مكتشف النواميس الكونية في الأرض و في السماء. و هو أساس العلم الكسبي: علم التوالد، و الاستنتاج ، و الاستنباط على أشكاله المختلفة، و مناهجه المتعددة . و لكن العقل و مجاله المادة استنتاجا و استنباطا: لا شأن له بالغيب: الغيب الإلهي. لا شأن له بالمساتير: مساتير الملأ الأعلى. لا شأن له بكشف المحجوب: المحجوب الروحي.لا شأن له بمعرج القدس، و لا بمنازل الأرواح.لقد أخفق العقل في إيجاد مقياس عقلي يقيس به الصحة و الخطأ في عالم الروح. و عجز عن اختراع فيصل يفصل به بين الحق و الباطل في مجال الغيب، لقد أخفق منهج أرسطو ، و أخفق منهج ديكارت. و أخفق إلى الآن كل منهج عقلي يراد منه أن يصل بنا إلى عالم الإلهية ؛ يعرفنا أسراره، و يسير بنا في مساتيره ، و إخفاق العقل في عالم التصوف قضية اعترف بها اعترافا صحيحا فيثاغورث، و أفلاطون، و أفلوطين.و اعترف بها الكندي، و الفارابي، و ابن سينا، و اعترف بها الغزالي. و جميع الصوفية على الإطلاق.و قد اعترفوا بها لما علموا أن العقل لا يتأتى له أن يخرج عن دائرة المادة. بل أن الخيال نفسه. بل الوهم، كل ذلك لا يخرج عن دائرة المادة. واعترفوا بها لما رأوه من خلال التاريخ الفكري للإنسانية ، من أن العقل وقف أمام منازل الروح و معارج القدس عاجزا لا يحير جوابا ، و لقد اعترفوا بها و برهنوا . و كان منطهم من السلامة بحيث صدقه الواقع التاريخي و ليس ذلك بكادح في العقل ، فله مجاله الضخم في رحاب الكون و في أغوار الأرض. و في أقطار السماء و عليه و به قامت الحضارة المادية الحديثة متسلطة غلابة.

4- المنهج الصوفيو إذا عجز المنهج العلمي المادي عن دراسة التصوف في حقيقته، وجوهره و عجز المنهج العقلي كذلك فإن الصوفية جميعا و فلاسفة الإشراق منذ فيثاغورث و أفلاطون إلى الآن يعلنون منهجا محددا يقرونه جميعا. ويثقون فيه ثقة تامة. ذلك هو المنهج القلبي . أو المنهج الروحي أو منهج البصيرة ، و هو منهج معروف أقرته الأديان جميعها. و اصطفته مذاهب الحكمة: القديم منها و الحديث.يقول الله سبحانه : (إن السمع و البصر و الفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولا). إنه سبحانه ذكر الفؤاد على أنه مسئول مثله في ذلك مثل السمع في محيطه . و البصر في محيطه و الإمام الغزالي ((معبرا عن رأي الصوفية و عن رأي فلاسفة الإشراق ))يرى أن الدليل القاطع على أن هناك معرفة ليس مرجعها إلى الحس . و لا إلى العقل إنما هما أمران :أحدهما : عجائب الرؤيا الصادقة . فإنه ينكشف بها الغيب، و إذا جاز ذلك في النوم فلا يستحيل أيضا في اليقظة إلا في ركود الحواس و عدم اشتغالها بالمحسات، فكم من مستيقظ غائص لا يسمع و لا يبصر لاشتغاله بنفسه.الثاني: إخبار رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم عن الغيب و أمور في المستقبل.و إذا جاز ذلك للنبي صلى الله عليه و آله و سلم جاز لغيره ، إذ النبي هنا شخص كوشف بحقائق الأمور و شغل بإصلاح الخلق، فلا يستحيل عليه أن يكون في الوجود شخص مكاشف بالحقائق و لا يشتغل بإصلاح الخلق. و هذا لا يسمى نبيا بل يسمى وليا.فمن آمن بالأنبياء و صدق الرؤيا الصحيحة لزمه لا محالة أن يقر بالبصيرة . أو بتعبير آخر يقر بباب للقلب ينفتح على عالم الملكوت ، هو باب الإلهام و النفث في الروع و الوحي و الإمام الغزالي يتشبث بالرؤيا كبرهان و دليل على أن هناك آلة للمعرفة غير الحسن و العقل، و يردد ذلك في كثير من كتبه.إنه يتحدث في المنقذ عن النبوة فيقول:و قد قرب الله تعالى ذلك على خلقه بأنه أعطاهم أنموذجا من خاصية النبوة و هو النوم. إذ النائم يدرك ما سيكون من الغيب، إما صريحا و إما في كسوة مثال يكشف عنه التعبير. و هذا لو لم يجربه الإنسان من نفسه و قيل له :إن من الناس من يسقط مغشيا عليه كالميت ، و يزول عنه إحساسه و سمعه و بصره فيدرك الغيب لأنكره ، و أقام البرهان على استحالته ، وقال القوى الحساسة سبب الإدراك فمن لا يدرك الأشياء مع وجودها و حضورها فبألا يدركها مع ركودها أولى و أحق.و هذا نوع قياسي يكذبه الوجود و المشاهد.و لكن الإمام الغزالي لا يكتفي بهذين الوجهين من الاستدلال ، بل يأتي بشواهد الشرع و يذكر التجارب و الحكايات.أما الشواهد فيما يرى فهو قوله تعالى: و الذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا.و قوله صلوات الله عليه و آله و سلامه : من عمل بما علم ورثه الله علم ما لم يعلم .و قوله تعالى : يا أيها الذين آمنوا إن تتقوا الله يجعل لكم فرقانا.قيل نور يفرق به بين الحق و الباطل ، و تخرج به من كل الشبهات، و سئل رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم عن قوله تعالى:أفمن شرح الله صدره للإسلام فهو على نور من ربه.ما هذا الشرح؟ فقال هو التوسعة . إن النور إذا قذف به في القلب اتسع له الصدر و انشرح. و قال عليه الصلاة و السلام:إن من أمتي محدثين و معلمين و مكلمين وإن عمر منهم.و المحدث هو الملهم؛ و الملهم هو الذي انكشف له الحق في باطن قلبه من جهة الداخل لا من جهة المحسات الخارجية. و القرآن مصرح بأن التقوى مفتاح الهداية و الكشف.و لم يكن علم الخضر عليه السلام علما حسيا أو عقليا ، و إنما هو العلم . العلم الرباني، و إليه الإشارة بقوله عز و جل: و علمناه من لدنا علما.

5- المنهج الصوفي منهج إسلاميالمنهج إذن : منهج إسلامي صحيح سليم لا غبار عليه..ثم هو منهج فلسفي برغم من معارضة الفلاسفة العقليين يقره الكثير من كبار الفلاسفة الغربيين و الشرقيين و من القدماء و المحدثين.ثم هو منهج جرب فنجح ؛ جربه الإمام الغزالي فنجح و عنه يقول الإمام الغزالي: و انكشف لي في أثناء هذة الخلوات أمور لا يمكن إحصاؤها و استقصاؤها، و القدر الذي أذكره لينتفع به أني علمت يقينا أن الصوفية هم السالكون لطريق الله خاصة، و أن سيرتهم أحسن السير ، و طريقهم أصوب الطرق، و أخلاقهم أزكى الأخلاق. بل لو جمع عقل العقلاء و حكمة الحكماء و علم الواقفين على أسرار الشرع من العلماء ليغيروا شيئا من سيرتهم و أخلاقهم و يبدلوه بما هو خير منه ؛ لم يجدوا إليه سبيلا فإن جميع حركاتهم و سكناتهم في ظاهرهم و باطنهم مقتبسة من نور مشكاة النبوة. و ليس وراء نور النبوة على وجه الأرض نور يستضاء به . و بالجملة فماذا يقول القائلون في طريقة طهارتها و هي أول شروطها تطهير القلب بالكلية عما سوى الله تعالى ؟ و مفتاحها الجاري منها مجرى التحريم من الصلاة استغراق القلب بالكلية بذكر الله و آخرها الفناء بالكلية في الله.وهذا آخرها بالإضافة إلى ما يكاد يدخل تحت تيار الاختيار و الكسب من أوائلها و هي على التحقيق أول الطريقة. وما قبل ذلك كالدهليز للسالك إليه.و من أول الطريقة تبتدئ المكاشفات و المشاهدات ، حتى أنهم في يقظتهم يشاهدون الملائكة و أرواح الأنبياء . و يسمعون منهم أصواتا و يقتبسون منهم فوائد ثم يترقى في حال من مشاهدة الصور و الأمثال إلى درجات يضيق عنها نطاق النطق.و عن هذا يقول الأستاذ رينيه جينو الحكيم الفرنسي في محاضرة ألقاها في جامعة باريس يقول متهكما بهؤلاء الذين يشكون في هذا المنهج، ساخرا من موقفهم الذي يصور الكسل المزري : (يتساءل قوم :أمن الممكن أن نتخطى الطبيعة فنصل إلى ما وراءها؟ إننا لا نتردد في أن نجيبهم في وضوح واضح: ليس ذلك ممكنا فحسب، و لكن ذلك واقع موجود. سيقولون تلك قضية تفتقر إلى برهان؟ و لكن أي برهان يمكن أن يقدمه الإنسان على وقوع هذا الأمر و وجوده؟ إنه لمن الغريب حقا أن يطلب البرهان على إمكان نوع المعرفة ، بدلا من أن يحاول الإنسان أن يصل إليها بتجربته الشخصية، سالكا إليها ما تتطلبه.إن الشخص الذي وصل إلى هذه المعرفة لا يعنيه في قليل أو كثير ما يثور حولها من جدل و نقاش. و إنه لمن الواضح أن إحلال نظرية المعرفة محل المعرفة نفسها إعلان صريح على عجز الفلسفة الحديثة.)
6-لا يكتسب التصوف عن طريق القراءةو المنهج إذن : إنما هو تزكية النفس ، أو إجلاء البصيرةكيف يتأتى ذلك ؟.هل يتأتى عن طريق القراءة و الدرس؟ هل السبيل إلى معرفة الغيب مباشرة هو البحث و الدرس و الاستقصاء ، و يتفاوت الناس في الإشراق تفاوتهم في شمول الدراسة و عموم التحصيل؟! كلا قطعايقول الإمام الغزالي معبرا عن الرأي الصحيح المبني على التجربة نفسها :(ابتدأت بتحصيل علمهم من مطالعة كتبهم ؛ مثل قوت القلوب لأبي طالب المكي رحمه الله ، و كتب الحارث المحاسبي ، و المتفرقات المأثورة عن الجنيد و الشبلي و أبي يزيد البسطامي قدس الله أرواحهم و غير ذلك من كلام مشايخهم. حتى اطلعت على كنه مقاصدهم العلية و حصلت ما يمكن أن يحصل من طريقهم بالتعلم و الاستماع ، فظهر لي أن أخص خواصهم ، ما لا يمكن الوصول إليه بالتعلم ، بل بالتذوق و الحال و تبدل الصفاتو كم من الفرق بين أن يعلم حد الصحة و حد الشبع و أسبابهما و شروطهما ، و بين أن يكون صحيحا و شبعان. و بين أن يعرف حد السكر و أنه عبارة عن حالة تحصل من استيلاء أبخرة تتصاعد من المعدة على معادن الفكر ، وبين أن يكون سكران . بل السكران لا يعرف حد السكر ، و علمه و هو سكران و ما معه من علمه شئ . و الطبيب في حالة المرض يعرف حد الصحة و أسبابها و أدويتها و هو فاقد الصحةكذلك فرق بين أن تعرف حقيقة الزهد و شروطها و أسبابها و بين أن يكون حالك الزهد و عزوف النفس عن الدنيا . فعلمت يقينا : أنهم أرباب أحوال لا أصحاب أقوال ، و أن ما يمكن تحصيله بطرق العلم فقد حصلته و لم يبق إلا ما لا سبيل له بالسماع و التعلم ، بل بالذوق و السلوك)؟و ابن سينا حينما أراد أن يحدد طريق البصيرة حتى يصير سر الإنسان _ على حد تعبيره_ مرآة مجلوة .لم يحدد ه بقراءة و بحث ، و إنما حدده بإرادة و رياضة و أبو الحسن النوري يرى في صراحة أن التصوف ليس علما ، و يعلل ذلك بأنه لو كان علما لحصل بالتعلم . و لكن الأمر ليس كذلك و ليس طريقة تزكية النفس إذن العلم الكسبي
7- التصوف و الأخلاقأهو الأخلاق الطيبة؟إن الكثير من الكتاب الحديثين _ متابعين في ذلك الكثير من الصوفية _قد حددوا التصوف نفسه _لا تزكية النفس و حسب _بأنه الخلق الطيب. يقول أبو بكر الكتاني (المتوفي سنة 322 هـ )التصوف خلق ، فمن زاد عليك في الخلق فقد زاد عليك في الصفاءو يقول أبو محمد الجريري المتوفى 311هـ _ و قد سئل عن التصوف_ الدخول في كل خلق سني ، و الخروج من كل خلق دنيأما أبو الحسن النوري فإنه ينفي عن التصوف أن يكون رسما منهجيا تخطيطيا ، أو أن يكون علما كسبيا ، و يجزم يأنه خلق. و يعلل النفي و الإثبات فيقول:ليس التصوف رسما و لا علما ، و لكنه خلق، لأنه لو كان رسما لحصل بالمجاهدة، و لو كان علما لحصل بالتعليم ، و لكنه تخلق بأخلاق الله ، و لن تستطيع أن تقبل على الأخلاق الإلهية بعلم أو رسمعلى أن أبا الحسن النوري نفسه يحدد الأخلاق التي يرى أنها التصوف فيقول في موضع آخر معرفا التصوف: التصوف الحرية ، و الكرم ، و ترك التكلف ، و السخاءعلى أن هؤلاء الذين ذكروا هذه التعريفات الأخلاقية للتصوف. ذكروا هم أنفسهم تعاريف أخرى و ذلك _على الأقل_ يدل دلالة لا لبس فيها على أنهم : لم يروا كفاية الجانب الأخلاقي في تحديد التصوف ، و تعريفهو الواقع أننا لو نظرنا إلى كثير من الأشخاص الذين اشتهروا بالسمو في الجانب الأخلاقي الكريم ، و اتصفوا بأروع الصفات الأخلاقية ، و اتخذوا الفضيلة مذهبا و شعارا ، فإننا نجدهم أشخاصا مثاليين ، في المحيط الأخلاقي و في المجتمع ، و لكن ليس معنى ذلك أنهم لا محالة من الصوفية . و لو نظرنا في البيئة لوجدنا داعية إلى الفضيلة و متذهبا بها ، و محاولا نشرها بشتى الوسائل و بمختلف الطرقسواء أكان ذلك بالدعوة الاقناعية أم بالمنطق الجدلي ، أم بالأسوة الكريمة ذلك هو سقراط . و مع ذلك فإن سقراط هذا لم يكن صوفيا بالمعنى الدقيق لكلمة صوفيو إذا انتقلنا إلى البيئة الإسلامية فإننا نجد الحسن البصري _ رضي الله عنه_ من أروع و أجمل الشخصيات الأخلاقية العالية . لقد كان مثلا صادقا للشعور الأخلاقي في طهره و صفائه . و كان ينشر الفضيلة بوعظه المؤثر و منطقه القوي و سلوكه المثالي و مع ذلك فلم يكن الحسن البصري صوفيا بالمعنى الدقيق لكلمة صوفيعلى أنه من الطبيعي أن تكون الأخلاق الكريمة أساسا من أسس التصوف . و أن تكون الأخلاق في أسمى صورة من صورها ثمرة التصوفو من الطبيعي أيضا أن تكون الأخلاق الكريمة شعار الصوفي فيما بين الأساس و الثمرة فهي إذن ملازمة للتصوف و للصوفي ملازمة تامة ، لا تتخلى عنه و لا يتخلى عنها . و يعبر ابن سينا عن بعض ما يتحلى به الصوفي من أخلاق ، معللا ذلك فيقول : العارف شجاع ، و كيف لا و هو بمعزل عن محبة الباطل؟ و صفاح ، و كيف لا و نفسه أكبر من أن تجرحها زلة بشر ؟ و نساء للأحقاد ، و كيف لا و ذكره مشغول بالحق؟و لكن ليس معنى ذلك أنها هي _ و هي فقط _ التصوف

الطرق الصوفية بيان التصوف2


وقال رجل لسهل بن عبد الله التستري المتوفى عام 273هـ رحمه الله: "مَنْ أصحبُ من طوائف الناس؟ فقال: "عليك بالصوفية، فإنهم لا يستكبرون، ولا يستكثرون". وسئل الجنيد بن محمد البغدادي عن التصوف فقال: "اسم جامع لعشرة معان، الأول: التقلل من كل شيء من الدنيا عن التكاثر فيها، والثاني: اعتماد القلب على الله عز وجل من السكون إلى الأسباب، والثالث: الرغبة في الطاعات من التطوع في وجود العوافي، والرابع: الصبر على فقد الدنيا عن الخروج إلى المسألة والشكوى، والخامس: التمييز في الأخذ عند وجود الشيء، والسادس: الشغل بالله عز وجل عن سائر الأشياء، والسابع: الذكر الخفي عن جميع الأذكار، والثامن: تحقيق الإخلاص في دخول الوسوسة، والتاسع: اليقين في دخول الشك، والعاشر: السكون إلى الله عز وجل من الاضطراب والوحشة، فإذا استجمع هذه الخصال استحق بها الاسم و إلا فهو كاذب". وقول ذي النون المصري المتوفى عام 245 هـ رحمه الله "التصوف إيثار الله على كل شي ليؤثرك بكل شي". وقال الجنيد المتوفى عام 297 هـ رحمه الله: "ما أخذنا التصوف بالقال والقيل، ولكن أخذناه بالجوع والسهر وترك المألوفات والمستحسنات". وقال الإمام القشيري المتوفى عام 465 هـ رحمه الله في وصف الطائفة الصوفية: "فقد جعل الله هذه الطائفة صفوة أوليائه". ويقول الكلاباذي رحمه الله: "وعلى هذا سماهم قومٌ جوعية لأن الجوع من صفات القوم وهو من أهم أمور المجاهدة، ومخالفة النفس وغلبتها، فإن أرباب السلوك قد تدرجوا إلى اعتياد الجوع والإمساك عن الأكل إلا عند الضرورة وخشية الضرر، ووجدوا ينابيع الحكمة في الجوع، لأن الشبع يحرك شهوات الإنسان ويستثيرها، والجوع يحرك الإنسان إلى الطاعة، وكثرت الحكايات عنهم في ذلك. وقيل في وصفهم: "لهم الأحوال الشريفة، والأخلاق اللطيفة، مقامهم منيف، وسؤالهم ظريف، هم المنبسطون جهرا، المنقبضون سرا، يبسطهم رَوْحُ الارتياح والاشتياق، ويقلقهم خوف القطيعة والفراق، و الحاكمون بالعدل، هم مصابيح الدجى وينابيع الرشد والحجى، خصوا بخفيّ الاختصاص، ونقوا من التصنع بالإخلاص، هم الشغفون به وبوده، والمكلفون بخطابه وعهده، هم المصونون عن مرافقة حقارة الدنيا بعين الاغترار، المبصرون صنع محبوبهم بالفكر والاعتبار، إنهم سُباق الأمم والقرون، وبإخلاصهم يمطرون وينصرون، وإن ليقينهم تنفلق الصخور، وبيمينهم تتفتق البحور، إنهم المضرورون في الأطعمة واللباس، المبرورة أقسامهم عند النازلة والبأس، نظروا إلى باطن العاجلة فرفضوها، وإلى بهجتها وزينتها فوضعوها".
وقيل في وصفهم: "لهم الأحوال الشريفة، والأخلاق اللطيفة، مقامهم منيف، وسؤالهم ظريف، هم المنبسطون جهرا، المنقبضون سرا، يبسطهم رَوْحُ الارتياح والاشتياق، ويقلقهم خوف القطيعة والفراق، و الحاكمون بالعدل، هم مصابيح الدجى وينابيع الرشد والحجى، خصوا بخفيّ الاختصاص، ونقوا من التصنع بالإخلاص، هم الشغفون به وبوده، والمكلفون بخطابه وعهده، هم المصونون عن مرافقة حقارة الدنيا بعين الاغترار، المبصرون صنع محبوبهم بالفكر والاعتبار، إنهم سُباق الأمم والقرون، وبإخلاصهم يمطرون وينصرون، وإن ليقينهم تنفلق الصخور، وبيمينهم تتفتق البحور، إنهم المضرورون في الأطعمة واللباس، المبرورة أقسامهم عند النازلة والبأس، نظروا إلى باطن العاجلة فرفضوها، وإلى بهجتها وزينتها فوضعوها". وقيل: التصوف الجد في السلوك إلى ملك الملوك. وقيل: "التصوف قطع العلائق والأخذ بالوثائق". وقيل: "التصوف الانكباب على العمل تطرقا إلى بلوغ الأمل". وقيل: "التصوف الأخذ بالأصول، والترك للفضول، والتشمير للوصول". وقيل: "التصوف الموافقة للحق، والمفارقة للخلق". و قال الإمام الشعراني رحمه الله في كتاب لواقح الأنوار القدسية: "إياك أن تقول إن طرق الصوفية لم يأتِ بها كتاب ولا سنة فإنها أخلاق محمدية".
ونذّكر بكلام الإمام أبو حامد الغزالي رحمه الله الذي قال"إني علمت يقيناً أن الصوفية هم السالكون لطريق الله تبارك وتعالى خاصة، وأن سيرتهم أحسن السير ، وأن طريقهم أصوب الطرق ، وأخلاقهم أزكى الأخلاق ، بل لو جمع عقل العقلاء .. وحكمة الحكماء.. وعلم الواقفين على أسرار الشرع من العلماء ليغيروا شيئاً من سيرهم وأخلاقهم ويبدلوه بما هو خير منه لم يجدوا إليه سبيلا".

الطرق الصوفية بيان التصوف 1


التصوف كمعنى عرف في الصدر الأول من الإسلام و كمصطلح عرف في نهاية القرن الأول الهجري إذ أن الحسن البصري المتوفى عام 110 هـ كان يطلق مصطلح الصوفي على بعض تلاميذه و اشتهر قبل نهاية القرن الثاني الهجري و أرسيت أركانه وبين منهجه و ذاع صيته وعرف الناس آدابه وكتب فيه أئمته أمثال المحاسبي و السقطي و أبو تراب النخشبي و أبو طالب المكي و الداراني وسفيان الثوري و الفضيل بن عياض قبل نهاية القرن الثالث الهجري. ومن هذا نخلص إلا أن التصوف نشأ و اشتهر في القرون الثلاث الفاضلة و لذلك اعتبره العارفون من العلوم الإسلامية. والتصوف في مفهومه الصحيح كما بينه أئمته منهج سلوكي تربوي قائم علي كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، به تتم مكارم الأخلاق و يتم كمال الأدب وبه تدرك الفتوحات الربانية والأنوار المحمدية.رد الباحثون التصوف إلى جزره اللغوي وقالوا تصوف، يتصوف، تصوفا فهو (صوفي) وهم (صوفية). و تعددت الآراء و اختلفت في مصدر المصطلح وفي أصل التسمية ، فمن القوم من قال سميت الصوفية صوفية لصفاء أسرارها ونقاء آثارها وهم في هذا يردون التسمية إلى الصفاء. ومن القوم من جعل اشتقاق الصوفية من الصف نظراً إلى أنهم في الصف الأول بين يدي الله لارتفاع هممهم إليه وإقبالهم عليه ووقوفهم بسرائرهم بين يديه ، و منهم من نسبهم إلى أهل الصُّفة لقرب أوصافهم من أوصاف أهل الصُّفة الذين كانوا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم .
ومن القوم من استبعد نسبة التصوف إلى الصفاء – و الصف – الصُّفة ، باعتبار أن اللغة لا تؤيد هذا الاشتقاق على الرغم من صحة المعاني و الدلالات التي أوردها القائلون بهذا القول.
وهذا الأمر الذي جعل الإمام القشيري صاحب الرسالة القشيرية المتوفى عام 465 هـ يقول " ليس يشهد لهذا الاسم من حيث العربية قياس ولا اشتقاق والأظهر انه كاللقب ...الخ ".
و من القوم من نسب التصوف إلى لبس الصوف ومنهم أبي نصر السراج الطوسي المتوفي عام 387 هـ رحمه الله الذي جعل التصوف من الصوف والكلابازي على ذات الرأي و غيرهم و قال السهروردي في تسميتهم صوفية للبسهم الصوف و هذا الاختيار يناسب من حيث الاشتقاق إذ يقال تصوف إذا لبس الصوف وهو يرى أنهم نسبوا إلى ظاهر لبستهم ، و الصوف لبس الأنبياء والصالحين وشعار الأولياء الأصفياء كما إن صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا يلبسون الصوف وهو علامة الزهد و التقشف
ولإدراك معاني التصوف وتوضيح هذا المنهج وبيان هذا الأمر نستعرض مقتطفات من أقوال الائمة و العارفين.
قال الإمام الجنيد سيد الطائفة الصوفية الذي وضع قواعد التصوف وبين سلوكياته وآدابه و المتوفى عام 297هـ رحمه الله " من لم يحفظ القرآن ولم يكتب الحديث لا يقتدى به في هذا الأمر، لان علمنا هذا مقيد بأصول السنة". وقال "طريقنا هذا مضبوط بالكتاب والسنة، إذ الطريق مسدود إلا على المقتفين آثار رسول الله صلى الله عليه وسلم".
وقال السري السقطي المتوفى عام 257هـ رحمه الله "التصوف اسم لثلاث معانٍ تقوم بالصوفي ، ألا يطفئ نور معرفته نور ورعه ، ولا يتكلم بباطن في علم ينقضه عليه ظاهر الكتاب و السنة ، ولا تحمله الكرامات على هتك استار الله". وقال سهل التستري المتوفى عام 273هـ رحمه الله : "أصول مذهبنا (يعني الصوفية) ثلاثة: "إقتداء بالنبي في الأخلاق والأفعال، والأكل من الحلال، وإخلاص النية في جميع الأفعال". وقال معروف الكرخي المتوفى عام 200هـ رحمه الله " التصوف الأخذ بالحقائق واليأس مما في أيدي الخلائق.
وعن أبي الحسن الفرغاني رحمه الله قال: سألت أبا بكر الشبلي ما علامة العارف؟ فقال: "صدره مشروح، وقلبه مجروح، وجسمه مطروح"، قال: هذه علامة العارف، فمن العارف ؟ قال: "العارف الذي عرف الله عز وجل على ما ورد في كتاب الله، وعمل بما أمر الله، وأعرض عما نهى الله، ودعا عباد الله إلى الله عز وجل". فقلتُ: هذا العارف، فمن الصوفي ؟ فقال: "من صفا قلبه فصفى، وسلك طريق المصطفى صلى الله عليه وسلم، ورمى الدنيا خلف القفا، وأذاق الهوى طعم الجفا". قلت له: هذا الصوفي، ما التصوف ؟ قال: "تعظيم أمر الله، والشفقة على عباد الله". قلت له: أحسن من هذا من الصوفي ؟ قال: "من جفا عن الكدر، وخلص من العكر، وامتلأ من الفكر، وتساوى عنده الذهب والمدر". (أي التراب). وقال أبو سليمان الداراني المتوفى عام 215 هـ رحمه الله "التصوف هو إخفاء المنازلات والتكتم على الحالات حتى لا يعلم بها إلا رب العالمين". وقال أبو حفص الحداد المتوفى عام 265 هـ رحمه الله "التصوف هو تمام الأدب". وقال أبو سعيد الخزار المتوفى عام 268هـ رحمه الله " الصوفي من صفَّى ربه قلبه فامتلأ قلبه نوراً ، ومن حلَّ في عين اللذة بذكره الله". وقال أبو تراب النخشبي المتوفى عام 245 هـ رحمه الله واصفا الصوفي " الصوفي لا يكدره شيء ويصفو به كل شيء". قال الإمام الجنيد رحمه الله في التصوف "الخروج عن كل خُلُقٍ دني، والدخول في كل خُلُقٍ سني". وقال الحافظ أبو نعيم رحمه الله: "التصوف أحوال قاهرة، وأخلاق طاهرة تقهرهم الأحوال فتأسرهم، ويستعملون الأخلاق فتطهرهم، تحلوا بخالص الخدمة، فكفوا عن طوارق الحيرة، وعصموا عن الانقطاع والفترة، لا يأنسون إلا بالله، ولا يستريحون إلا بحبه، فهم أرباب القلوب المراقبون للمحبوب، والتاركون للمسلوب، سلكوا مسلك الصحابة والتابعين ومن نحى نحوهم من المتقشفين والمتحققين، والمميزين بين الإخلاص والرياء، والعارفين بالخطرة والهمة والعزيمة والنية، والمحاسبين للضمائر، والمحافظين للسرائر، والمخالفين للنفوس، والمحاذرين من الخنوس بدائم التفكر، وقائم التذكر، طلبا للتداني، وهربا من التواني، لا يستهين بحرمتهم إلا مارق، ولا يدعي أحوالهم إلا مائق، ولا يعتقد عقيدتهم إلا فائق، ولا يحسن إلى موالاتهم إلا تائق، فهم سرج الآفاق، والممدود إلى رؤيتهم بالأعناق، بهم نقتدي، وإياهم نوالي إلى يوم التلاق". وقال الشيخ زكريا الأنصاري رحمه الله: "التصوف علمٌ تعرف به أحوال تزكية النفوس، وتصفية الأخلاق، وتعمير الظاهر والباطن لنيل السعادة الأبدية". وقال الحارث بن أسد المحاسبي المتوفى عام 243هـ رحمه الله "التصوف إخراج الخلق من معاملة الله تعالى ، والنفس أول الخلق". وسُئل ذو النون المصري المتوفى عام 245 هـ رحمه الله عن الصوفي فقال: "مَن إذا نطق أبان نطقه عن الحقائق، وإن سكت نطقت عنه الجوارح بقطع العلائق". وقال أبو بكر الطمستاني رحمه الله: "الطريق واضح، والكتاب والسنة قائمان بين أظهرنا، فمن صحب منا الكتاب والسنة، وتغرب عن نفسه والخلق، وهاجر بقلبه إلى الله تعالى، فهو الصادق والمصيب".

الشيخ على احمد الماحى العركى


الشيخ علي الماحي احمد شيخ الطريقة القادريه بالمناقل ولد بمدينة المناقل سنة1925 بعد اكماله سنه العاشرة ذهب الى طيبة الشيخ عبدالباقي لحفظ القران الكريم و العلوم الفقهية و تم الحفظ في طيبة على يد الشيخ الناجي الملقب (الجاك) معروف في ذلك الوقت ثم بدأ يدرس في مسيد الشيخ عبدالباقي و تأثر بالشيخ عبدالباقي بكرمه و تواضعه و صلاحه فكان ابنا له .ثم بعد ذلك ارسله الشيخ عبدالباقي الشليخة ليحفظ فيها القراّن الكريم و قرية الشليخة قريبة من المدينة عرب و له اقارب فيها .و استقبلوه بالفرح و الترحاب ثم ذهب بعد ذلك الى مسقط راسه المناقل و استقبلوه فيها خير استقبال و ذبحو له الذبائح و فتح خلوة عام 1945 تقريبا. و بدأ يدرس القراّن الكريم و علوم الفقه و أصبح اماما في الخلوة في ذلك الوقت الى ان تطورت الخلوة الى زاوية ثم جامع و هو الان موجود و معروف تصلى فيه الخمس صلوات و صلاة الجمعة و تطورت الخلوة الى حجرات والحمدالله و قد بدأ الطلبه يحضرون من جميع مناطق السودان لحفظ القراّن و الكريم و علومة و قد خرجت الخلوة عديد من الدفعات .

منارة ابونا الشيخ عبدالله ودالعجوزالشيخ يوسف قرشى المكاشفى


تقع منارة ابونا الشيخ ود العجوز حوالي 16كلم شمال قرية السميح على الطرق القومي الأبيض،وشرق مدينة الرهد، تاسستت منارة ابونا الشيخ عام 1965م على يد الشيخ عبدالله ود الععجوز،بالمنارة مسيد كبيرلتدريس القران الكريم وعلومه وتدريس الأحكام الشرعية علي يد ابونا الشيخ ومجموعة من المشائخ الذين تتلمذوا على يد ابونا الشيخ ودالعجوز ،يسع المسيد لحوالي م1600طالب علم وقرآن، يبلغ عدد سكان منارة ودالعجوز حوالي 3000نسمة ، يؤم المناره المريدين من كل انحا السودان والدول الخارجية العربية والإسلامية ، تستقبل منارة ابونا الشيخ كل الوافدين على بمقاماتهم المختلفة ، تتميز المنارة بكرم الضيافة وحسن الرفادة على نفقة ابونا الشيخ ودالعجوز ،بهامدرسة اساس ختلطة ومسجد ،وعدد 2 حفيرة مياه ومولد كهربا 1ميقا واط لإنارة اقرية ومرافقها وكل هذا عاى نفقة ابونا الشيخ عبدالله ودالعجوز ....
هذا توثيق لمنارة ابونا الشيخ عبدالله ودالعجوز . ليس من اجل المال او المادة كما يقولون .. انماء تعريف بى ولى كامل عارف بالله
تربى على كف ابونا الشيخ عبدالباقى المكاشفى .... فهويستحق منا اكثر من ذالك .. نفعنا الله بهم اجمعين ...
توفى عليه رحمه الله, يوم الخميس 29/3/2012 الموافق 6 من جماد الاول 1433

الشيخ دفع الله المصوبن


الشــيـخ دفـع الله المصـوبن(1)ظهر فـي السودان فـي القرن الرابع عشر والخامس والسادس عشر كثير من الزهاد والعباد الصالحين نذكر منهم الشيخ حمد أبو دنانة أول من نشر لواء الطريقة الشاذلية فـي السودان والشيخ محمد الهميم جد الصادقاب والشيخ محمد كريم الضيف الشهير ببانقا والشيخ عبد الله العركي وإخوانه إدريس وحمد وعمر المجذوب وحمد النيل والشيخ التلمساني المغربي والشيخ إدريس بن الأرباب وغيرهم كثير يضيق المجال عن ذكرهم. وقد كان لهم دور كبير فـي إرساء قواعد التصوف الإسلامي فـي السودان وبالتالي خدموا السودان خدمة كبيرة ونهضوا بالتراث الروحي الإسلامي فكونوا بذلك مدارس للتصوف وتركوا آثارا واضحة فـي هذا الجانب ما تزال ماثلة حتى اليوم فـي بناء الشـخصيـة السودانيـة. فمن أهل الطرق تعلم أهل السودان الكرم والمروءة والسماحة وغير ذلك من الصفات المحمودة وأصبحت هذه الصفات سمة الشعب السوداني المائزة.ولكي ندرك الفارق بين حياة السودانيين قبل المشايخ وبعد ذلك نروي هذا الأثر التاريخي حيث كان فـي القديم وقبل تغلغل الإسلام فـي نفوس السودانيين عند نشوب حرب بين قبيلتين أو عشيرتين لا تضع الحرب بينهم أوزارها حتى تخرج فتاة حسناء حاسرة الرأس وتقف وسط الجيشين المتحاربين وعند ذلك ينفض الجمع احتراما للمرأة. ولما أتى المشايخ أبدلوا هذا التقليد بتقليد آخر خير منه، فعند قيام حرب بين عشيرتين وقد كانت تمتد كثيرا فإذا حضر شخص بين الفريقين ورفع مسبحة الشيخ أو عصاه عاليا ونادى على الجمع بأن هذه مسبحة الشيخ فما يلبث الجميع إلا ويغمدوا السيوف فـي أجفانها وتضع الحرب أوزارها وهذا يدلنا على مكانة المشايخ فـي قلوب السودانيين وإضافة إلى ذلك أن أهل السودان جعلوا من ساحة الشيخ ويطلقون عليها المسيد مدرسة لتعليم أبنائهم مبادئ القراءة والكتابة وتحفيظ القرآن وصار المسيد يمثل منتدى ثقافيا تعقد فيه اجتماعات الخير والإصلاح بين الناس.وفـي هذا المقال سنتطرق لشيخ من أولئك المشايخ الذين كان لـهم القدح المعلى فـي إرساء بناء العلم الشرعي وتخريج الرجال العاملين الذين حملوا على عاتقهم مهمة الدعوة إلى الله على بصيرة ونور من الله. ذلكم هو الشيخ دفع الله بن محمد أبو إدريس الشهير فـي السودان بدفع الله (المصوبن) أول من حمل لقب شيخ الإسلام فـي تاريخ السودان الإسلامي لعلمه الغزير ونشره وتدريسه واشتغاله به(1) القــــوم، العدد السابع، يناير 1986معلمـه رضي الله عنه ونشـأته:حفظ القرآن الكريم على والده الشيخ محمد أبو إدريس ثم اجتهد فـي تعلم الفقه فدرس أول أمره على الشيخ إبراهيم الفرضي ثم على الشيخ صغيرون الذي منحه الإجازة العالية وأذن له فـي التدريس. ودرس التوحيد عل الشيخ علي ود بري وكان لنشأته فـي بيت ديني عريق وهو بيت والده الشيخ محمد أبو إدريس أثره الواضح فـي سلوك شيخنا دفع الله. والمعروف أن والده وإخوة والده الأربعة يطلق عليهم فـي السودان "الخمسة العدول" لورعهم وتقواهم.سلك طريق القوم الصوفـي على يد والده الذي أخذها من أخيه عبد الله العركي وهو أحد أربعة قضاة للشيخ عجيب المانجلك ملك العبدلاب وكان الشيخ عبد الله من العلماء العاملين وهاجر إلى مكة ومكث بها اثني عشر عاما عقد خلالـها مجالس الفقه المالكي وفـي هذه الزيارة سلك طريق القوم على الشيخ حبيب الله العجمي.والمعروف أن الشيخ محمد أبو إدريس خليفة أبيه عبد الله ومن بعده جلس على الخلافة شيخنا دفع الله. وكان عمره إذاك واحد وعشرين عاما. امتدت خلافته سبعين عاما.ويحكى عن الشيخ عبد الله أن رجلا جاء من بلاد المغرب إلى السودان ورأى الشيخ دفع الله فقال: ما وجدت مثل الشيخ دفع الله ولكن سأهب إلى الحرمين فإذا وجدت أفضل منه سلكت عليه الطريق الصوفـي وإلا رجعت إليه.. فلما قدم الحرمين لم ير مثله فرجع طالبا الشيخ دفع الله فلما وصل المغربي سواكن ميناء السودان القديم علم بوفاة الشيخ فقال: تجارة وكسدت.وكان من صفات شيخنا الورع والزهد والعبادة ومداومة الأذكار. ما قام قط فـي شفاعة ولم يدخل سنار ولم يقف على أبواب الملوك ولما احتاج إليه الملك بادى زاره فـي مكانه بأبي حراز.وكان رضي الله عنه ملازما لتدريس العلم فجلس لتدريس العلم والقرآن وإرشاد المريدين سبعين سنة ويعتبر الشيخ أستاذ الأساتذة وشيخ المشايخ فتلاميذه عرفوا بالصلاح والتقوى وتدريس كتاب الله. وكثير من الفروع الشهيرة فـي السودان تصب فـي معينه نذكر منها مريدي الشيخ الكباشي والشيخ العبيد مؤسس ساحته الشهيرة بالمناقل.فأرشد رضي الله عنه عددا كثيرا من المريدين نذكر منهم الشيخ حمد صاحب الحي والمقام المعروف بمدينة الخرطوم بحري والشيخ مدني السني الذي سميت باسمه مدينة واد مدني والشيخ ود نفيع صاحب المقابر المشهورة باسمه والحي كذلك باسمه بمدينة المناقل والشيخ عبد الله الطريفي صاحب المناقب التي يعرفها القاصي والداني بالسودان والشيخ المسلمي الراعي الصوفـي الكبير وغيرهم كثير يضيق المجال عن ذكرهم.وقد مدحه تلميذه الفقيه علي الشافعي بقصيدة كبيرة نذكر منها قوله:مـلازم التدريس مــده عمــرهمن غيـــر إفتـــار ولا كسلاننـوازل قد أجــاد فيــها إجـابــةكما الحــطاب فـي الإتقـــــانفكأنه يا ذاك بصري الورىأو كأنـــه بـين المــــلأ ســفيـان وقال فيه أيضا عبد النور الشاعر بعد مدحه لأبيه الشيخ أبو إدريس:وقد تخلف بعده الحبر المسمىبدفــع الله مـن أســـد شـــبولوفـي العصـــر الذي أحـل فيــهجميــــع العــارفــين له ذلـــولأطاعتـــه العسـاكر والأكابروكــم زاره أقـــطاب جحــــول وفاتـه رضي الله عنه:توفـي عام 1094هـ بعد عمر طويل قضاه فـي الدعوة إلى الله سبحانه وتعالى وبلغ من العمر اثنين وتسعين عاما ودفن بأبي حراز وقبره معلم بارز يزار.وفـي الختام لا يسعنا إلا أن نزجي التحايا العطرة لذكرى هذا الإمام العالم العامل سائلين الله أن يكثر من أمثاله وأن ينفع بذكراه العاملين فـي حقل الدعوة الإسلامية وأن يمدنا بمددهم إنه سميع مجيب.

سيرة ابونا الشيخ عبدالقادر الجيلانى 2


أولاده كان الشيخ عبد القادر قد انجب عددا كبيرا من الاولاد ، وقد عنى بتربيتهم وتهذيبهم،وتخرجوا على يديه في العلم وكان معظمهم من اكابر الفقهاء والمحدثين ، واشتهر منهم ثمانية، وكان في طليعتهم الشيخ عبد الوهاب الذي درس بمدرسة والده في حياته نيابة عنه ،وبعد والده وعظ وافتى وتخرج عليه جماعة من الفقهاء،وكان عالما كبيرا حسن الكلام في مسائل الخلاف له لسان فصيح في الوعظ وكان ظريفا لطيفا ذا دعابة وكياسة وكانت له مرؤة وسخاء وقد جعله الامام الناصر لدين الله على المظالم فكان يوصل حوائج الناس اليه،وقد توفي سنة (573ه) ودفن في رباط والده في الحلبة. وكان منهم الشيخ عيس الذي وعظ وافتى وصنف مصنفات منها كتاب ((جواهر الاسرار ولطائف الانوار)) في علم الصوفية ، قدم مصر وحدث فيها ووعظ وتخرج به من اهلها غير قليل من الفقهاء ، وتوفي فيها سنة (573ه) ومنهم الشيخ عبد العزيز وكان عالما بهيا متواضعا وعظ ودرس وخرج على يديه كثير من العلماء وكان قد غزا الصلبين في عسقلان وزار القدس الشريف ورحل جبال الحيال وتوفي فيها سنة (602ه) وقبره في مدينة (عقره) من اقضية لواء الموصل في العراق.ومنهم الشيخ عبد الجبار تفقه على والده وسمع منه وكان ذا كتابة حسنة سلك سبيل الصوفية ودفن برباط والده في الحلبة.ومنهم الشيخ عبد الرزاق وكان حافظا متقنا حسن المعرفة بالحديث فقيها على مذهب الامام احمد بن حنبل ورعا متدنيا منقطعاً في منزله عن الناس،لايخرج الا في الجمعات مقتنعا باليسير منتفعا عما في أيدي الناس، وتوفي سنة (603ه). ودفن بباب الحرب في بغداد. ومنهم الشيخ ابراهيم تفقه على والده وسمع منه ورحل الى واسط في العراق وتوفي بها سنة (592ه). ومنهم الشيخ يحيى وكان فقيها محدثا انتفع الناس به،ورحل الى مصر ثم عاد الى بغداد وتوفي فيها سنة (600ه) ودفن برباط والده في الحلبة. ومنهم الشيخ موسى تفقه على والده وسمع منه ورحل الى دمشق وحدث فيها واستوطنها وعمر بها على يديه غير واحد من الفقهاء، ثم انه رحل الى مصر وعاد الى دمشق وتوفي فيها وهو اخر من مات من اولاده . المدرسة القادرية والمسجد الجامعولقد امتدت ايدي التخريب والتعمير الى مدرسة باب الازج ومسجدها مرارا عديدة خلال العصور المتعاقبة ، فقد نالها التخريب على ايدي المغول عند غزو بغداد من قبلهم في القرن السابع الهجري، وعمرت بعد ذلك على ايدي من اسلم من سلاطين المغول،ونالها التخريب مرة أخرى على ايدي الصفويين من شاهات ايران بعد استيلائهم على بغداد في القرنين العاشر والحادي العشر الهجريين وعمرت بعد ذلك على ايدي السلاطين العثمانين بعد استعادتهم لبغداد من ايدي الصفويين. وقد بنيت المدرسة والمسجد مجددا واتخذا وضعهما الاخير في عهد السلطان مراد الرابع العثماني سنة (1048-ه) واطلق عليها اسم جامع الشيخ عبد القادر الكيلاني. المكتبة القادريةمكتبة المدرسة القادرية العامة ، خزانة من خزائن كتب العهد العباسي في بغداد ، يرتقي تاريخها الى أوائل القرن السادس الهجري وأوائل القرن الثاني عشر الميلادي ، حيث انشئت لاول مرة ضمن مدرسة علمية على المذهب الحنبلي ، وكان قد وضع نواتها الاولى مؤسس المدرسة أبوسعيد المَخُرِمي وعرفت باسم (مدرسة المَخُرِمي) ثم زاد عليها أهل العلم من بعده ، منهم أبوالحسن علي بن عساكر بن المرحب بن العوام البطائحي الذي عاش مابين سنة 489وسنة 572ه ومابين سنة 1095و1176م. وفعل مثله الشيخ أبو الحسن أيوب الحارثي المتوفي سنة 572ه-1176م.وهذه المدرسة هي أقدم مدارس الحنابلة ببغداد ، وأعظمها شأناً ، وأكثرها أوقافا ، وأطولها عمرا. وبهذا يمكننا القول بأن أول من وضع نواة هذه المكتبة هو المبارك بن علي بن الحسن أبوسعيد المَخُرِمي ولد سنة 446ه-1054م ، سمع الحديث من أبي الحسين ابن المهتدي وافتى ودرس وجمع كتباً كثيرة لم يسبق ان جمع مثلها وناب في قضاء بغداد كان حسن السيرة ، جميل الطريقة شديد الأقضية ، بنى مدرسة بباب الأزج شرقي بغداد ثم عزل عن القضاء سنة 511ه-1117م وتوفي في 12 محرم سنة513ه-1119م وصلي عليه في عدة مواضع ودفن قبل صلاة الجمعة الى جانب أبي بكر الخلال قرب تربة الامام أحمد بن حنبل بباب حرب بالجانب الغربي من بغداد. برغم اننا قلنا بأن وا ضع نواة المكتبة القادرية هو المبارك بن علي المخرمي-الا ان الشيخ عبد القادر ليعتبر المؤسس الحقيقي لهذه المكتبة لهذه المكتبة لما كان له من أثر بالغ ي نفوس الناس واقبالهم على رفد هذه المكتبة بما لديهم من الكتب والمؤلفات والوقفيات في حياته وبعد وفاته. مما أثر عنه كان يقول ياربى كيف أهدى إليك روحى وقد صح بالبرهان أن الكل لك...وكان يقرأ القرآن بالقراءات بعد الظهر...وكان يفتى على مذهب الإمام الشافعى والإمام أحمد بن حنبل رضى الله عنهما...وكانت فتواه تعرض على العلماء بالعراق وتعجبهم أشد الاعجاب ويقولون سبحان من أنعم عليه، ورفع إليه سؤال فى رجل حلف بالطلاق أن يعبد الله عز وجل عباده ينفرد بها دون جميع الناس فى وقت تلبسه بها فماذا يفعل من العبادات...فأجابه على الفور بأن يأتى مكة ويخلى له المطاف ويطوف سبع وحده وينحل يمينه...فأعجب علماء العراق وكانوا قد عجزوا عن الجواب عنها. وكان يقول لأصحابه اتبعوا ولا تبتدعوا وأطيعوا ولا تخالفوا واصبروا ولا تجزعوا واثبتوا ولا تتمزقوا وانتظروا ولا تيأسوا واجتمعوا على الذكر ولا تتفرقوا وتطهروا من الذنوب ولا تتلطخوا وعن باب مولاكم لا تبرحوا.توفى سنة 561 هـ ودفن ببغداد. من حكمه ومواعظه :"إذا علم المريد الخطأ على الشيخ فلينبهه، فإن رجع عن خطئه فذاك الأمر، وإلا ترك قوله واتبع الشرع" ذكره في كتابه أدب المريد.وقال:يا غلام:اشتغل بنفسك ثم غيرك، لاتكن كالشمعة تحرق هي نفسها وتضيء لغيرها.

سيرة ابونا الشيخ عبدالقادر الجيلانى 1


[COLOR="Blue"]اللهم صلى وسلم على سيدنا محمد وعلى اله وصحبة وسلم نسب الشيخ عبد القادر الجيلاني هو شيخ الاسلام تاج العارفين و سيد الطوائف أبو محمد محيي الدين عبد القادر الجيلاني الحسني الصديقي بن أبي صالح موسى جنكى دوست بن عبد الله بن موسى الجون بن عبد الله المحض بن أبي محمد الحسن المثنى بن سيدنا الإمام الحسن السبط بن الإمام الهمام الغالب فخر بنى غالب أمير المؤمنين سيدنا على بن أبى طالب ورضى الله عنهم أجمعين وهو صاحب الطريقة القادرية بشارتها الخضراء التى ترمز إلى حب آل البيت الطيبين الطاهرين. وكان الامام عبد الله المحض، ولد بالمدينة المنورة ونشأ فيها بين أهل البيت وهم أهل العلم والفضل والتقوى،وبعد ان نبغ واشتهر التف حوله عدد كبير من الناس ينتهلون من علمه وفضله، فوشى به بعض اهل الفتنة لدى الخليفة العباسي (ابي جعفر المنصور) فاسقدمه مع اسرته الى بغداد سنة (144-ه) وحبسهم في سجن فيها وعذ بهم ومات بعضهم بالتعذ يب ، ومات الامام عبد الله المحض في الحبس ودفن في ضاحية من ضواحي بغداد الجنوبية. وقبره هنالك يزار وقد انتشئ عنده مسجد صغير يسمى مزار السيد عبدالله وهو يقع على الضفة الجنوبية من قناة اليوسفية وعلى بعد عشر كليومترات الى الغرب من قرية ( اليوسفية) الكائنة على مسافة (20) كيلو مترا الى الجنوب من (جسر الخر) حيث يمر فيها الطريق الموصل بين بغداد والحلة. ولقد اقامت ذرية الامام عبد الله المحض في بغداد حتى زال الاضطهاد عن العلويين في عهد الخليفة العباسي (المأمون) حيث تفرق العلويون في الامصار ومنهم ذرية الامام عبد الله المحض ، فقد هاجر بعضهم الى الحجاز واليمن وقامت لهم امارات فيها وهم السليمانيون اولاد سليمان بن عبد الله المحض ، وهاجر بعضهم الى الغرب وقامت لهم فيه امارات لازالت قائمة وهم (الادارسة) ، اولاد ادريسى بن عبدالله المحض . وهاجر بعضهم الى بلاد فارس ومنهم من سكن جيلان وكانت لهم الامارة الروحية فيها وهم (الجونيون) اولاد موسى الجون بن عبد الله المحض. سميت الاسرة العلوية التي نشأت في جيلان باسم اشراف جيلان ، وقد نشأ الشيخ عبد القادر رحمه الله في كنف هذه الاسرة الطيبة ، فكان هذا المنشأ الكريم قاعدة لشخصية هذا الشيخ الجليل . مولده ونشأته ولد العارف بالله تعالى الشيخ عبد القادر الجيلاني في نيف وهي قصبة من جيلان سنة 470ه-1077م تقرأ بالجيم العربية كما تقرأ بالكاف الفارسية فيقال لها جيلان أو كيلان ، وهي اسم لبلاد كثيرة من وراء طبرستان ، ليس فيها مدن كبيرة وانما هي قرى ومروج بين الجبال. ولاتزال كيلان محتفظة باسمها القديم وهي ولاية ايرانية تقع في جبال البروز المتدة من الشرق الى الغرب موازية للساحل الجنوبي من بحر قزون. وقد نشأ الشيخ عبد القادر في اسرة كريمة جمعت شرف التقوى ، فقد كان والده ابو صالح موسى على جانب كبير من الزهد وكان شعاره مجاهدة النفس وتزكيتها بالاعمال الصالحة ولذا كان لقبه بالفارسية جنكي دوست اي محب الجهاد. وكانت للشيخ موسى اخت صالحة اسمها عائشة ، كان الناس يستسقون بها اذا حبس عنهم المطر ، وكان جده عبدالله بن يحى الزاهد من أهل الارشاد ، وينتهي نسب هذه الاسرة الى الامام عبدالله المحض بن الحسن المثنى بن الحسن بن علي بن ابي طالب رضي الله عنهم. سفره الى بغداد وكان الشيخ الجيلاني رحمه الله قد نال قسطاً من علوم الشريعة في حداثة سنه على ايدي افراد من اسرته،فنشأ مولفا في طلب العلم وصار يبحث عن منهل عذب ينتهل منه زيادة المعرفة،فلم يجد خيرا من بغداد ، التي كانت عامرة بالعلماء ومعاهد العلم،وكانت محط انظار المسلمين في مشارقهم ومغاربهم،وكان رحمه الله قد عقد العزم على المضي في طلب العلم رغم الصعوبات التي كانت تكلف الطلاب في ذلك العهد. دخوله بغدادوكان الشيخ عبد القادر ، قد وصل بغداد سنة 488ه-1095م في عهد الخليفة العباسي المستظهر بالله ابو العباس أحمد بن المقتدي بأمرالله أبو القاسم عبد الله العباسي . وبعد أن استقر الشيخ عبد القادر في بغداد انتسب الى مدرسة( الشيخ أبو سعيد الُمُخَِرمي) التي كانت تقع في حارة باب الازج، في اقص الشرق من جانب الرصافة، وتسمى الأن محلة باب الشيخ.وكان العهد الذي قدم فيه الشيخ الجيلاني الى بغداد تسوده الفوضى شملت كافة انحاء الدولة العباسية، حيث كان الصليبيون يهاجمون ثغور الشام،وقد تمكنوا من الاستيلاء على انطاكية وبيت المقدس وقتلوا فيهما خلفا كيثرا من المسلمين ونهبوا اموال كثيرة.وكان السلطان التركي (بركياروق) قد زحف بجيش كبير يقصد بغداد ليرغم الخليفة على عزل وزيره (ابن جهير) فاستنجد الخليفة بالسلطان السلجوقي (محمد بن ملكشاه) . ودارت بين السلطانين التركي والسلجوقي معارك عديدة كانت الحرب فيها سجالا، وكلما انتصر احدهما على الآخر كانت خطبة يوم الجمعة تعقد باسمه بعد اسم الخليفة. وكانت فرقة الباطنية التي الفه ( الحسن بن الصباح) قد نشطت في مؤامراتها السرية واستطاعت ان تقضي على عدد كبير من امراء المسلمين وقادتهم فجهز السلطان السلجوقي جيشا كبيرا سار به الى ايران فحاصر (قلعة اصفهان) التي كانت مقرا لفرقة الباطنية وبعد حصار شديد استسلم اهل القلعة فاستولى عليها السلطان وقتل من فيها من المتمردين ، وكان (صدقة بن مزيد) من امراء قبيلة بني اسد قد خرج بجيش من العرب والاكراد يريد الاستيلاء على بغداد فتصدى له السلطان السلجوقي بجيش كبير من السلاجقة فتغلب عليه . وكان المجرمين وغيرهم من العاطلين والاشقياء ينتهزون فرصة انشغال السلاطين بالقتال فيعبثون بالامن في المدن يقتلون الناس ويسلبون اموالهم فاذا عاد السلاطين من القتال انشغلوا بتأديب المجرمين. طلبه للعلموفي غمرة هذه الفوضى كان الشيخ عبد القادر يطلب العلم في بغداد،وتفقه على مجموعة من شيوخ الحنابلة ومن بينهم الشيخ ابوسعيد المُخَرِمي ، فبرع في المذهب والخلاف والاصول وقرأ الادب وسمع الحديث على ايدي كبار المحد ثين. ولقد قاس الشيخ عبد القادر ماكان يقاسيه الغرباء من طلبة العلم في ذلك العهد المضطرب من شظف العيش. وكان قد امض من عمره النفيس ثلاثين عاما يدرس فيها علوم الشريعة اصولها وفروعها ، وقد كايد خلال هذه الفترة الطويلة ضيق العيش ومرارة الحرمان، بيد ان العناية الالهية كانت قد منحته عقلا راجحا وصبرا جميلا وهمه عالية،فاستطاع بهذه السجايا ان يحتمل الشدائد ويذلل الصعاب،فلم تجزع نفسه من الشدة ولم تفتر عزيمته عن المثابرة في طلب العلم . جلوسه للوعظ وحينما انس الشيخ ابو سعيد المُخَرِمي من تلميذه عبد القادر غزارة العلم ووفرة الصلاح عقد له مجالس الوعظ في مدرسته بباب الازج في بداية (521-ه) فصار يعظ فيها ثلاثة أيام من كل اسبوع،بكرة الاحد وبكرة الجمعة وعشية الثلاثاء.وحينما تصدى الشيخ عبد القادر للوعظ كانت الخلافة العباسية قد آلت الى المسرشد بن المستظهر، وكان شجاعاً بعيد الهمة،محباً للخير،اراد ان يظهر هيبة الخلافة فدعا الناس الى الجهاد وجمع جيشا كبيرا من المتطوعين أهل الفتوة وخرج بهم لمحاربة الامراء الاتراك الذين عاثوا في الارض فسادا،وكاد ان يخضع بشوكتهم لولا خيانة قائده السلجوقي (مسعود بن ملكشاه) الذي خرج عليه وهدد مؤخرته فأضطر الخليفة ان يعود بجيشه الى بغداد، بينما كان في الطريق اغتاله احد الباطنية فأفضت الخلافة الى ابنه الراشد، وزحف الامراء الاتراك بجيوشهم نحو بغداد. فحاصروها واستولوا عليها بعد قتال شديد واجتمعوا على خلع الراشد وتولية الخلافة من بعده الى عمه (المقتفي) ونهب الاتراك دار الخلافة وتنازعوا على السلطة فدب الشقاق بينهم ونشب بينهم معارك طاحنة أضرت بالبلاد. وكانت الاضطرابات التي اجتاحت ارجاء الدولة العباسية قد اسقطت هيبتها فكثر قطاع الطرق وانتشر السلب والنهب وتنافس الامراء على الملك، وكانت المؤمرات والدسائس تدبر في البلاط العباسي وفي قصور الامراء وفي سائر انحاء الدولة،وانتشرت الفرقة والبغضاء بين الناس وصاروا يتحيزون للامراء المتنازعين،وكلما انتصر أمير على أمير ساروا في ركاب المنتصر يمدحونه ويشتمون خصمه, وأستشرى بين الناس النفاق وضعف الوازع الديني في نفوسهم. وظهر عدد من دعاة الخير يامرون بالمعروف وينهون عن المنكر،وكان في طليعتهم الشيخ عبد القادر الذي استطاع بالموعظة الحسنة ان يرد كثيرا من الحكام الظالمين عن ظلمهم وان يرد كثيرا من الضالين عن ضلالتهم،حيث كان الوزراء والامراء والاعيان يحضرون مجالسه،فيشتد في موعظتهم حتى تنتبه افئدتهم وتستيقظ ضمائرهم،فيتوبوا الى الله تعالى ويقلعوا عن المظالم، وكانت عامة الناس اشد تأثراً بوعظه،فقد تاب على يديه اكثر من مائة الف من قطاع الطرق واهل الشقاوة،واسلم على يديه مايزيد على خمسة الآف من اليهود والنصارى. وكان الشيخ عبد القادر رحمه الله قد حباه الله تعالى بشخصية فذة ونفوذ روحي فكان يسيطر على قلوب المستمعين الى وعظه ويستهوى نفوسهم في التذذ بحديثه،حتى انه استغرق مرة في كلامه وهو على كرسي الوعظ فانحلت طية من عمامته وهو لايدر. 11. بشائر الخيرات. المخطوطه 1. الغنية لطالبي طريق الحق . 2. ورد الشيخ عبد القادر الجيلاني. 3. حزب الابتهال. 4. كيمياء السعادة لمن أراد الحسنى وزيادة. 5. جلاء الخاطر من كلام الشيخ عبد القادر. 6. سر الاسرار فيما يحتاج اليه الابرار. 7. تنبيه الغبي في رؤية النبي-نسخة مصورة بالفوتوغراف من مخطوطات مكتبة الفاتيكان. 8. المختصر في علم الدين-نسخة مصورة بالفوتوغراف. 9. مجموعة خطب. أما مؤلفاته الاخرى التي وردت في كشف الظنون وهدية العارفين ومعجم المؤلفين وايضاح المكنون وغيرها من المراجع الاخرى فهي : 1. تفسير القرآن بخط يده. 2. تحفة المتقين وسبيل العارفين. 3. الكبريت الاحمر في الصلاة على النبي . 4. مراتب الوجود. 5. مواقيت الحكم. 6. الطقوس اللاهوتية. وفاته ومرقده واستمر الشيخ عبد القادر مثابرا في دعوته الى الله تعالى وجهاده في سبيله،حتى وافاه الاجل المحتوم ليلة السبت العاشر من ربيع الاخر سنة (561ه)،فرغ من تجهيزه ليلا وصلي عليه ولده عبد الوهاب في جماعة من حضر من اولاده واصحابه، ثم دوفن في رواق مدرسته ، ولم يفتح باب المدرسة حتى علا النهار واهرع الناس للصلاة على قبره وزيارته وكان يوما مشهودا، وبلغ تسعين سنة من عمره .

الشيخ ابراهيم الكباشى 2


الكباشي ومغارات التعبـد: جرت حياة المتصوفة الذين يفرون في بدء طريقهم بعيداً عن الناس، اختلاءً بأنفسهم للتأمل والعبادة، ومن أولئك الشيخ الكباشي الذي إتخذ بعض الجبال مكاناً لخلوته، فألف جبل (الفـريد) الذي يعرف بجبل الكباشي، وهو يقع شرق قرية الكباشي الحالية وأيضاً جبل (السِليت). ويبدو أن الشيخ الكباشي مع تزاحم الناس عليه، كان يفرض علي نفسه دورات روحيـة يخلو فيها مع ربه، وقد ابتنى أيضاً غاراً داخل المسيد، أمام مسجد الصلاة. وهو عبارة عن سرداب مظلم تحت الأرض مساحته تقريباً تسعة أمتار مربعة وارتفاعه أقل من ذلك. والداخـل إليه يلج عبر مدرج من لبن الطوب (الآجر) إلى الأسفل، فلا يكاد يتبين شيئاً من شدة الظلام حتى يجلس قليلاً فيأخـذ في التعود على الإضاءة وليس بالغار منفذ للهواء والتنفس، ولعل السر في إحكام المغارات بهذه الكيفية عند أهل المجاهدات هو محاولة إغلاق الحواس حتى لا يدخل على الإنسان ما يشوش عليه صفوه الروحي. ونستطيع أن نقدر حجم المجاهدات التي كان يرتادها الشيخ الكباشي رحمه الله.سياحـة روحيـة:الـروح من المسائل الغيبية التي شغف الإنسان بمحاولة معرفة شيء من أمرها وعالمها المجهول، ولكن الكثرة من علماء الدين أضربوا عن الخوض في هذا العالم، ورأوه من المسارات التي لا تجدي فيها التكهنات العقلية ولا التنبؤات التي لا تقوم علي أساس، فقد يؤتى الإنسان قدراً كبيراً من العلم والإلهامات، ولكن يظل الأمر غير مأمون العواقب. وقد تحدث الراسخون من أصحاب الفقه الروحي عن المنحى، وأشاروا إلى خطورته وحذروا من الوقوف حيال ما قد يتراءى للإنسان من غير علم يقيني يؤكد ماهيته، وذلك لما يمكن أن يحدث من تلبيس بسبب أرواح ماردة. ومع إفاضتهم في التحذير من الالتباس، إلا أنهم رأوا أن باب الفتوحات والإلهامات غير مغلق أمام الراسخين من أهل الولايـة، وهناك فرق كبير بين ما يحصل للأولياء وغيرهم من الكهان وأدعياء الباطل. فالولي أمّن الله مساره الروحي، وحفظه من الإنزلاق والإفتتان، وذلك بما منّ عليه من بشرى عاجلة في الحياة الدنيا. قال تعالى:{لَهُمُ البشرى في الحَيَاةِ الدُّنْيا وفي الأَخِرَةِ لاَ تَبدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللهِ ذَلِكَ هُوَ الفَوزُ العَظِيمُ}[يونس:64]، سابق البشرى في الحياة الدنيا وما هو مدخر في الحياة الآخرة كلاهما من الله سبحانه وتعالى، الذي تستوي عنده الدنيا والآخـرة في العطاء والمنع. والولي مع هذا لا يهـدأ له حال ويظل خائفاً وجلاً، فالخوف والوجـل والمراقبة والمحاسبة للنفس كلها صفات للعبودية، التي هي أعلى مقامات الولاية والتفاني في ذات المعبود جل شأنه.وهؤلاء الأولياء المتمكنون المحفوظون لا يمكن أن يلتبس عليهم في هذه الإمور الروحية التي هي مرحلة قطعوها وخبروا دروبها دون الوقوف عندها، لذلك فإنهم يتحدثون حديث العارف الخبير المالك لزمام قوله وفكره، مهما كان في حديثهم من معاني يصعب على الأفهام والعقول إدراكها، ومن تلك الأحاديث ما سجلته لنا يد الشيخ الكباشي رضي الله عنه حيث خط:(في ليلة الأحد ستة وعشرين جمادى الآخرة سنة ألف ومائتين وثمانين _1280هـ) تفكرت في عظمة الله جل جلاله، فرأيت عجائب وغرائب تحير عقول الناس، ولا يحصر تلك العظمة إلا الله، رأيت جمالاً محمولة( ) كالسطوح العالية، فرأيت عجائب وغرائب فهي من عظمة الله تعالى. الجمال اطلعتُ علي عددها فوجدت عدلة محمولة علي جمل وحـدها فوجدت فيها علوم الأولين والآخرين، بداءً أصول كل شيء لا يعلمه إلا الله. ولما فتح لي ذلك رأيت فيها الأنبياء وهم مائة ألف وأربع وعشرون ألفاً، ورأيت شهوراً وأياماً يتبع بعضها بعضاً، ورأيت شمساً تطلع وتغيب وقمراً منيراً من أول الشهر إلى آخره... ورأيت… ورأيت…)( ) . ويصف الشيخ مشاهد روحية تفصيلية كثيرة وبعدها يقول: (وراحت روحي فما أدري أين كانت، أتاني الملك ميكائيل فوق العـدلة فطلبت منه أن يخبرني بتلك العدلة فقال: لا باب لي فيها ولا اطلعت عليها، فقلت له: كيف أرجع، كيف أرجع يا حبيبي من سياحتي هذه؟ فقال لي اطلب إسرافيل، ثم وقفت بعد مدة قليلة كرفع البصر أمام إسرافيل فقلت له: كيف ذلك يا حبيبي؟ فقال لا علم لي بذلك ولا اطلعت عليه. سرت إلى عزرائيل فقال لي: لم أستحضر ذلك، ثم وقفت بين يـدي جبرائيل فقال لي: لا علم لي بذلك. ثم ذهبت روحي فلا أعلم حتى وقفت بين يدي حبيبي محمد(). فلما حضرت بعد ذلك جللت وعظمت وكبرت وقلت الحمد لله الذي أوقفني بين يـدي حبيبي محمد(). فرحب بي الحبيب() فسألته عن ذلك الأمر. فقال شفيع الأولين والآخرين: هذه هي العظمة، قال تعالى: {وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلاَّ هُوَ}[المدثر:31]. وقال تعالى: {لَقَدْ مَنَّ اللهُ عَلَى المُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً}[آل عمران:164]. فهو شيء لا يحصى ولا يعـد، فهو أرض وسموات فيها ما تشتهي الأنفس وتلـذ به الأعين، وغير السموات السبع هذا هو: عظمته جل وعلا( ). نود لو نجد سبيلاً لشرح وقتها ويومها وفهم هذه المشاهدات الروحية، التي تفضل بتسجيلها الشيخ الكباشي وأرخ ، ومع بعد الشقة وصعوبة الأمـر، إلا أنه يجوز التعبير عن هذا الحدث علي أنه (ارتقاء روحي) استشرف أثناءه الشيخ علي سراً من أسرار العظمة الإلهية التي لا يدرك كنهها ولا يسبر غورها، وما اطلع عليه الشيخ الكباشي وغيره من الأولياء، ما هو إلا ذرة من فسيح ما تجلى الله به على أنبيائه ورسله عليهم السلام. والـولي إنما ينال هذا وغيره من الفتوحات بحكم الإيمان والاتباع للرسول ().والشيخ الكباشي رضي الله عنه يصف سياحته بأنها روحية، والروح لا تدرك ولا تضبط مساربها ومساراتها، لأنها من أمـر الله لذلك كان يعبر بقوله: راحت روحي فما أدري أين كانت، أو ذهبت روحي فلا أعلم إلى أين. هذه السياحة توقفنا على حدث روحي مهم جداً، وهو التقاؤه بالملائكة الأربعة الذين كانوا يفيدونه بعدم العلم عند السؤال عما في العدلة، وصدق الله العظيم حيث يقول تعالى:{وَلاَيُحِيطُونَ بِشَيءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاءَ}[البقرة:255]. ثم يقف به الأمر أخيراً بين يدي النبي() ليأخذ منه تفسير ما رأى ، ولا ريب أن في أخذ العلوم والمعارف الروحية من النبي()، عن طريق الكشف المباشر أو الرؤى الروحية، تأمين للمسار الروحي الملهم من أن تتسرب إليه واردات شيطانية، وفي هذا كان الحفظ والصون لصاحب الكرامة، تمتد سياحة الشيخ الكباشي الروحية فيقول: (جاء الحق والباطل يتسابقان فيؤخر أحدهما الآخر فسبق الباطل الحق، فأردت أن أستفيد منه فجاء جبريل عليه السلام فأخر الباطل وقدم الحق الذي لا عقوبة فيه. ففرحت وظننت أني من الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون لكون جبريل صحبني). ذكر أن البـاطل تقدم على الحق وذلك لسوء الباطل وسوء أدب أهله في كل زمان ومكان، إذ يحاولون دائماً التقدم والعلو على أهل الحق والعلم، إن الشيخ في مشاهدته وصعوده الروحي أتاه جبريل – وهو ملك الهامة الجالس على لمة القلب اليمنى – وأعانه بدفعة روحية قدمت الحق على الباطل. رحم الله الشيخ إبراهيم الكباشي ونفعنا ببركته آمين.مؤلفاتـه وشـعره:كان للشيخ إبراهيم الكباشي الكثير من المؤلفات في مختلف المواضيع، إلا أن معظمها قد ضاع وفقد، ولم يُعثَر إلا على أجزاء ضئيلة منها( ) . ومن تلك الكتب والمخطوطات:* كتاب السـير إلى رب العـالمين. تحدث فيه عن أخلاق المتصوفة وكيفية السير إلى الله.* الذوق يوضح فيه خفايا النفس والقلب وما يتعلق بهما من أمراض.* مقعد الصديقين في أخلاق المتصوفة.* بيان المشهد الإلهي يوضح فيه صفات أهل الكمال.* العِدلة.* التعبير في ذكر البصير.* المهدي المنتظر.* انشقاق القمر تحدث فيه عن معجزة انشقاق القمر للنبي ().وله مؤلفات تعبدية من أحزاب وصلوات نبوية منها:حزب الحمد، حزب الجلال، حزب السلام، حزب الأنوار، فتح الفتوح، سر الأسرار وصلاة الإرشاد.وله أيضاً مؤلفات شعرية في مدح المصطفى وقصائد صوفية في ذكر أحوال الأولياء والصديقين وحال السير والسلوك.ومن قصائده التي تناول فيها سيرة الصالحين أهل السلوك( ):وحـالُم كبازٍ في الهوى عـنوقـلــوبُم بنـور الله أمـتلنهم الأقطاب والأوتاد أخى اسمعنهم سادات الخلائق أخى اخبرنلي أقـــوالُــم أفـــعـالُــم يصـدقـــن لما جـن الليل قامـو رجالاوعيونم جفت المنام لله طوعـاًهـم بحـور العـلم والهـدىهم شـيوخ التربى والــتربىهـم قاموا بالحدود والأمــر نهـيا ويوصي الشيخ المريد بأن يتحلى بفضائل الأعمال، ويوجب عليه الالتزام بها في مســــاره ومسلكه لأنه عاهد أستاذه على ذلك، عملاً بقوله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَوْفُواْ بِالعُقُودِ}[المائدة:1]، فيقول الشيخ:عين الفتى توري ما في الضمير ظاهرنيُسأل أن كان في شيخه الخير يذكرن ويحـذر عن الوسـواس أن يغـيرنويمـثلــه بالثقـات لا يتأمـلـنويسـهـر سـهـراً عـظيماً تالياًعـليه ويكـون للحـق تابعــنلسان الحـال ينطق لصاحـبهتلميذ القوم يصنت وليس يسألويكـون منضبطاً ومـنذجـراًويظـن الخـير فـيه قطـعـاًويواظب علي الذي عـاهد بـهويبكي علي نفسه قبل أن يبكوانتقل الكباشي إلى العالم الآخر:بعد عمر يربو على الثمانين وخمس، اختارته المنية إلى الرحاب الربانية في سنة ست وثمانين ومائتين وألف للهجرة. فاختتمت بذلك سنوات طويلة، كان قد أنفقها بين خلوة القرآن وحلق العلم والإرشاد والتسليك. فنمت بهذا القطب الحياة العلمية والروحية في تلك المناطق التي كانت قبله تفتقر إلى أبسط أسس المعرفة بالدين. فقد دفن الجثمان الطاهر بين جدران مزاره بقريته الفرع، عليه رحمات الله.

الشيخ ابراهيم الكباشى 1


[COLOR="Blue"]الشــيخ إبراهــيم الكــباشي مـولـده ونشأتـه وحياتـه:هو الشيخ إبراهيم بن الفكي الأمين الملقب بالكباشي بن الفكي علي المكني بود سهول، وهو ينتمي إلى قبيلة العركيين، ويلتحق نسب قبيلتهم بالإمام الحسين بن الإمام علي رضي الله عنهما( ).ولد بالجـزيرة بقرية أبو قميص شرق معتوق بالقرب من المناقل في عام 1201هـ( ). أما صفته فقد كان (مربوع القامة ليس بالطويل ولا بالقصير أخضر اللون( )، بين أسنانه فرجة (فلجة) وتوجـد شامة كبيرة على كتفه الأيمن وأخرى على كتفه الأيسر). وقد وصفه الشاعر ود نفيسة إبراهيم ود أحمد قائلاً( ):أفلج وأخضر في فنونو ندربين القامتين فوق الشامتين الكباشي الفي السابعة سدرفـرق الهامـــتين نقط التاتينقرأ الشيخ الكباشي كتاب الله على الفقيه ود الفادني بقريـة ود الفادني ثم جوده على الفقيه (كليَ) بقرية طيبة العركيين. ودرس العلم في مدرسة الشيخ إبراهيم ود عيسي صاحب المسيد، ثم أخذ السلوك الصوفي على الشيخ طه الأبيض البطحاني( ). قضى الشيخ الكباشي الشطر الأول من حياته ونذراً من الثاني بالجزيرة ثم رحل إلى شمال الخرطوم بإشارة من أحد شيوخ الطريقة لنشر تعاليم الإسلام وتسليك الطريق الصوفي، فنزل أولاً بغابة ود أبو حليمة ولما سمع به شيوخ العبدلاب، جاء إليه أحد رجال المشيخة ولما اطمأن من حاله، أعطاه شيوخ العبدلاب الغابة التي عرفت فيما بعد باسم الفرع، وقد كانت هذه الغابة مليئة بالهوام والثعابين، فأبلغ أهـل المنطقة الشيخ الكباشي بعدم صلاحيتها للسكن، فأمر الشيخ الكباشي تلميذه أبزيـد الهلالي أن يذهب ويبيت فيها بالقرب من النيل، وبعد طلوع الفجر يـؤذن ويصلي الصبح فيها ثم ينادي في الهوام أن ترحل من المنطقة، وقد رأى الناس بعد أن طلع الصبح أسراب الهوام راحلة، فسجل له شيوخ العبدلاب هذه الأرض من النيل إلى قرية حيطة باسمه( ).قام الشيخ إبراهيم الكباشي وتلاميذه بقطع الأشجار، وتنظيف الحشائش من الأرض التي اختارها لمسيده، وبنى عليها خلوة القرآن الكريم وخلاوي الطلبة والضيوف، فتوافد إليه الناس من مختلف القرى والمناطق طلباً للقرآن والعلم والسلوك، فحفظ القرآن في خلوته كثير من الطلاب الذين أصبحوا فيما بعد منارات للعلم وشيوخاً يقتدي بهم. ومن مشاهير الشيوخ الذين حفظوا فى خلوته القرآن، الشيخ محمد أبو صالح( )، والشيخ الأمين ود بلة في خلوته أخذ العلم عليه بعد حفظه القرآن، وروي أنه صحبه سبع سنين بعد ذلك ( )0الشيخ الكباشي من كبار الأولياء الشيوخ، فكانت سجادته القادرية منبر دعوة إلى الله استقر ببذله وجهاده الدين في النفوس إيماناً ويقيناً بذل أقصى ما يمكن أن يبذله إنسان من مخزون طاقته الإنسانية، مجاهدة للنفس ثم جهاداً لتوصيل كلمة الدين قرآناً وعلماً وسلوكاً تربوياً، بهذا المثلث كانت انطلاقته الكبرى في الحياة بذلاً وعطاء من غير تخلف عن ميدان، فحققت المعاني الإرشادية والإصلاحية. وقدرت مشيخة الكباشي العظيمة أن تكون معلماً أصولياً يرفع على جنبي الطريق هادياً إلى الله، عصمت دعوته نفوس من هرع إليه من الضلال والفتن وشمم النحل الفاسدة، ومعلوماً يقيناً أن مهمة الولي في الحياة وجوداً رسالياً عالياً. دلالـة على الله تعالى - بكل ما يستوجب ذلك من مقال وحال يدفع ويدافع بما يستلزم من وسائل نظرية وعملية، وهذا شيء كان لابد أن يحققه الشيخ الكباشي وأضرابه الأولياء الشيوخ، وليست كلمة تقال في الولي والتعريف بحقيقته أعظم من (أنه معلم يستدل بوجوده إلى الله تعالى) - ولهذا البعد وعمقه فكانت الولاية فيمن خص الله تعالى - وهي بالطبع لا تعني مسمى وظيفياً أو لقباً لإنسان من هيئة اجتماعية أو سياسية، فإنها تبعد عن هذا وصفاً ومعنى، والولاية بمعيار المشاهدة والسماع مجاهدة للنفس تكاد أن تفوق كل تصور وتخيّل، ثم هي جهاد لا تولي من ميدانه وحلبة صراعه، وهي مع هذا تعطي وتمنح وفق مقاييس إلهية، ولا تخضع لجانب العوامل الكسبية مع شرعيتها، بكل هذه المناحي وما تحوي وتكنُّ من عظمة، قدر أن يكون الولي الأصل في الدعـوة إلى الله والإرشاد، ولا تنصرف ماهيتها إلى غيره – بحكم الوراثة للنبوة (العلماء ورثة الانبياء …الخ) – وأصلاً كذلك في الإرشاد: {ومَن يُضلِل فَلَن تَجِدَ لهُ وَليَّاً مُرشِداً}[الكهف:17]، إن المعنى الإرشادي لن يكون متحققاً إلا في ذوات الأولياء لعلّ ذلك لطهر القلوب وبراءتها من الأغراض التي تقصد أمراً دنيوياً: {ألا لِلَّه الدينُ الخَالِصُ}[الزمر:3]، فالدعوة إلى الله والإرشاد فإن يكن سبيله نفوس ظلمانية فهذا لا يكون إلا هلاكاً وتردياً: {ومَن لَّم يجعلِ اللهُ لهُ نُوراً فَمَا لَه مِن نُّور}[النور:40] ويدعو صاحب النبوة صلوات الله عليه (اللهم اجعل في قلبي نوراً وفي سمعي نوراً وفي بصري نوراً- واجعلني نوراً... الخ)، فهذا الإشعاع لا يتحقق في الذوات الإنسانية إلا بالإرشاد والاتباع، ولما كان الولي واسطة في نقل الدين الصحيح إلى النفوس، وجب الأخـذ عنه مفهومه عقائـداً وسلـوكاً، وهذا ألـزم أن لا يتعرض إلى مرتبة المشيخة كل أحد إلا بعد الشهادة له بالأحقية. فقال الشيخ محمد بـدر رحمه الله (من تعرض للمشيخة من غير إذن فهو مفتون ومغرور ومغبون يخشى عليه من سوء الخاتمة وذلك لما فيه من الجرأة) بمفهوم الشيوخ المعرفـة- إن الإرشاد والدعوة إلى الله تعالى مرتبة إنابة وخلافة عن صاحب النبوة صلوات الله عليه وسلامه-. وبهذا المعيار وجب التأدب والحساب لأمر تصدرها لأن في الأمر خطورة، وخاصة إذا كان الأمر دعوى نفس وأغراض جاه وسلطان، من غير نظرة للتحقيق في هذا المقام، ويقول ود بدر- في المرشد الحقيقي: (جد صدقاً تجد مرشداً) والمرشد أو الشيخ هو ما قال عنه: (هو الذي أخرجك من سجن الهوى ودخل بك علي المولى- وهو الذي لا يزال يجلو مـرآة قلبك حتى تجلت فيه أنوار ربك، نهض بك إليه- فنهضت معه- وسار بك حتى وصلت، ولا زال محاذياً لك حتى يلقيك بين يديه - فزج بك في نور الحضرة فقال ها أنت وربك )( ).فالحديث عن الشيخ الكباشي والتعريف بولايته قاد إلى حديث خارج المنحى، إلا أن ذلك قصد أن يكون توضيحاً للفروق بين الأولياء الشيوخ وبين غيرهم الذين نصبوا أنفسهم للإرشاد تنصيباً شيطانياً.قال الشيخ عبد العزيز الدباغ رحمه الله في حديثه عن الشيوخ الأولياء والإرشاد، بأن المقصود من التربية هو تصفية الـذات وتطهيرها من رعوناتها، وذلك بإزالة الظلام وقطع علائق الباطل عن وجهتها )( )، ولعل هذا أمراً قد قل وجود أهله فهو (كعنقاء مغرب) أمثالاً. فقد زلف الشيوخ الأولياء وكثرت الدعـاوى والأدعياء، فلهذه الفروق وتباعد شطّاها فجري الحديث عن شيوخ الولاية الذين ضمتهم دفّتا السفر أمثالاً رمز إليهم بالكباشي وأضرابه- فالتعريف بأولئك الذين هـدى الله - وجوباً يقتضيه الأمر من الإنسان مع من يكون في حياته: {يَا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا الله وكُونُوا مع الصَّادِقين}[التوبة:119]، {أُولَئِك الَّذين هدى اللهُ فَبِهُداهُم اقتده}[الأنعام:90] وليس أبلغ من هذا دلالة و من التعريف بالشيوخ الأولياء والأمر بالكّون معهم والهداية بهم تأسياً وقدوة حالاً ومقالاً، وثمّ فليكن الحديث عن الشيخ الكباشي رضي الله عنه عن أحوال أوجبت الحديث عنه، بعد توسع نشاطه الصوفي وتدفق الناس عليه، رأى الشيخ الكباشي أن يجيز بعض التلاميذ الذين رأى فيهم الأهلية للقيام بمهام الطريق، كل في وسطه وبيئته التي يقطنها. ومن أولئك الرجال: الشيخ عوض الكريم ود أبو جنة، الشيخ محمد ود عدلان، الشيخ عبد الله ود عبد القادر، الشيخ محمد ود عثمان، الشيخ أحمد ود محمود، الشيخ مرزوق، الشيخ علي أبو شمال، الشيخ أبزيد الهلالي( )، الشيخ بشير الحمدي، الشيخ البشير عبد الله الاحيمر، الشيخ عوض الله والشيخ الزاكي والشيخ حاج حمـد ود شوين جـد الشويناب بالمايقوما.

الشيخ عبدالباقى ازرق طيبة


المتتبع لسيرة خلفاء العركيين منذ عهد الشيخ يوسف يجدهم ما بين طيبة وأبى حراز وترقد أجسادهم الطاهرة بابى حراز عدا الشيخ حمد النيل فهو الوحيد المقبور بأم درمان أم بده .وكانت تسمى طيبة في ما مضى باسم الخليفة الموجود فيها إلي أن آلت الخلافة إلي الشيخ عبد الباقي فأصبحت تسمى طيبة الشيخ عبد الباقي لأنه أول من قبر بها ولطول زمن خلافته وهو يعتبر المؤسس الثانى لطيبة بعد جده الشيخ يوسف .سماك طيبة يوسف متيمنـاً بمدينة المختار فهو حمـــاكِوالعابد الباقي يلازم ضيفـه وسط الدخان يحوم بالمِفــراكِخمسون عاماً ناره لم تنطفى في الصبح والآصال في الأحلاك تلقاه يتلو في كتـــاب الله مطالعاً بترتلٍ وتفكُّرٍ وتباكـــىيعتبر الشيخ عبد الباقي بن الشيخ حمد النيل هو المؤسس الثاني لطيبة بعد جده الشيخ يوسف أبو شرأ فارتبطت باسمه لسكنته فيها دون أب حراز ولد الشيخ عبد الباقي سنة 1848م ووالدته هي السيدة فاطمة بنت الشيخ عبد الباقي بن الشيخ يوسف أبو شرأ ودرس القرآن الكريم وختمه ثلاث مرات حفظاً وأتقن العلوم الإسلامية ومذهب الإمام مالك . آلت له الخلافة عام 1900م فأعاد بناء خلوات القرآن بالطوب وأهتم بالتعليم المدرسي فأسس مدرسة من أوائل المدارس في السودان عام 1906م وكان يرسل إلي زعماء العشائر وأهل القرى المجاورة وأولياء الأمور لضرورة إرسال أبنائهم إلي طيبة لإلحاقهم بالمدرسة الأولية كما أهتم بتعليم البنات بتأسيس مدرسة أولية عام 1942م وكان الشيخ عبد الباقي ينفق علي المدارس من حر ماله يطعمهم ويسقيهم ويكسوهم ويسكنهم في منازله تلاميذ ومعلمين كما إهتم بالمجال الصحي فأسس الشفخانة الصحية أما علي المستوى القومي فقد كانت له وقفات حق سجلها له التاريخ أمام مفتشي الإنجليز لرفضه ظلمهم للأهالي ورفضه أن يكون جاسوساً علي أبناء المسلمين .ورغم إختلافه مع سياستهم فقد أهدى حكومة الإنجليز الأراضي التي أقيمت فيها مدرسة حنتوب الثانوية ـ كلية التربية جامعة الجزيرة حالياً ـ أهداهم الأراضي بمزارعها وجنائنها لوجه الله . كما كانت أراضى شيخ عبد الباقي تمثل اللبنات الأولى لمشروع الجزيرة الزراعي فحينما فكر الإنجليز في إنشاء المشروع كانت طيبة محط أنظارهم ويعتبر مكتب طيبة الزراعي الذي أقيم علي أراضى الشيخ عبد الباقي أول المكاتب الزراعية بمشروع الجزيرة .كان الشيخ عبد الباقي متواضعاً يجلس بكتابه مع طلبة العلم في المسجد ويقوم بخدمة ضيوفه بنفسه ويساعد في صنع الطعام بيديه وقد كان الشيخ عبد الباقي زاهداً كريماً سمحاً حتى لقب بأسماء كثيرة أشهرها أزرق طيبة ـ أبوطِرقه ـ أبوخلقاً رضيه ـ الغوث ـ الشايب ـ أبو الطلاب ـ أبو الضيوف ـ أبو الأيتام ـ ود الطريفى .يممت لا ألوح لبرح سقاميوقصدت طيبة مرتع الأقوامِبلد علي التقوى أقيم أساسـه إذا جاده صوب الغمام الهامى فالشيخ كم صنع الطعام بكفـه وحياته وقفٌ علي الإطعــامِ يا عابد الباقي ويا شيخ التقـىأنت الذي في المكرمات إمامييا أيها السآل عـن طلابــه يقظ البصيرة حائـز الأفهــامِويعلّم القرآن نهــج جـدوده يقضى الحوائج واصل الأرحـامِ يا أيها الأعراك هــذا دأبكـم آباؤكم غُرٌ أســــود صِــدامِأسرجت له المطايا من كل أصقاع وفيافي وعتامير وربوع السودان ومن خارجه ملأت شهرته الآفاق قال عنه الشيخ العبيد ود بدر عند زيارته للشيخ حمد النيل بطيبة قال (خيبة هذه الشيبة لو ما الأمانة رجعت طيبة ) . وكان الشيخ المكاشفى يزوره كثيراً كذلك الشريف يوسف الهندي الذي كان يطلب عصيدة التكية وملاح الشيخ الذي يساعد في صنعه . كما كان السيد الزعيم إسماعيل الأزهري يأتيه كثيراً منذ أن كان معلماً بمدرسة حنتوب وقد قال عنه الشيخ عبد الباقي وقتها : ( هذا الرجل فيه خير كثير لأهل السودان ) . كذلك السيد على الميرغني والسيد عبد الرحمن المهدي كانا يأتيانه بطيبة وحضرا وضع حجر أساس مسجده عام 1948م والذي يعتبر من أكبر المساجد في السودان .ارشد الشيخ عبد الباقي الكثير من علماء ومشايخ الطريق القادري فمن منطقة الجزيرة والمناقل نهل منه الفكي موسى ود التلب ـ الشيخ أحمد ود الأمين ـ الشيخ على ود الماحي بالمناقل – الشيخ دفع الله ود أبو نائب بالكريمت – الشيخ احمد ود المنسي – الشيخ محمد ود البحر الفرضي – الشيخ احمد ود الجزولي المسلمي – الشيخ يوسف الحسين بمدني –الشيخ العباس ود راعي بالعزازي وشيخ المشايخ الشيخ الناجي محمد إبراهيم المشهور بالفكي الجاك والحاج احمد محمد دفع الله بالمناقل . ومن الخرطوم : أخيه الشيخ اسحق الشيخ حمد النيل والشيخ بشير محمود المغزلي والشيخ دفع الله الصائم والشيخ الطيب الذاكي والبروفسير الشيخ احمد صافي الدين عوض وشيخنا رئيس مجلس الإفتاء سابقا الشيخ محمد علي الطريفي رضي الله عنهم . كذلك الذين أرشدهم الشيخ عبد الباقي ازرق طيبه من غرب السودان الشيخ دفع الله ود عبود والشيخ الطريفي احمد أبوعاقلة بأم روابه والشيخ الضوء الكناني والشيخ إبراهيم الدسوقي بمنطقة بلوله والشيخ إبراهيم ود كُركُبّه والشيخ احمد البديري بتندلتي والشيخ ناصر أبو قرين والشيخ الجيلي احمد بأم سياله والشيخ محمد مجوك بالفاشر والشيخ عبد الرحيم ادم رشاش بمملكة تقلي التي يعتبر الشيخ عبد الباقي صاحب القدح المعلي في انتشار الدين الإسلامي بمنطقة تقلي . وغيرهم من المشايخ مما لايسع المجال إلي ذكرهم .توفي الشيخ عبد الباقي عام 1952 م بعد أن أسس ملكة دينية ممتدة في ربوع السودان وعاصمتها طيبه وقد حزن الكون لفقده ورثاه أهل العلم وأهل الأدب واشهر ما قيل فيه مرثية الشيخ دفع الله ود فريجون والتي يتغنى بها الفنان محمد الأمين : غرّاره العبوس دار الكمال ونقاص * دوت حليل أبوي للعلوم درّاس يوم الخميس جانا الخبر وإنشاع * في الأربع قِبَل ازرق طويل الباع كم كسيت عرايا وللبطون شبّاع * تبكيك الخلوق بأغزر الدمّاع كذلك من أنفس ما قيل فيه درر الشيخ يوسف الحسين والشيخ يوسف محجوب والشيخ عبد الله محمد يونس .وكذلك من اشهر مارثى به قصيدة الشيخ احمد الشايقي المشهورة :ليش ليش ياشايقي ماتتكلم فوق عبد الباقي البفرج الهم ــــــــبنك سر سوارى في المغاره دكمسرياني سرنكي هكّ لكّ كَدمملكان في كراسي جلس وأتقدمقبل عبد الباقي خاتم ما في ختمكدي قوم أعناه تلقي عندو حِكَملـو كنت مقصرِّ هو بيتّمك تَمْمخّك كان فاضي روح يديك فهمزى عبـد الباقي مافي مافي عدمتوفي الشيخ عبد الباقي أزرق طيبه عام 1952 م وقبر بطيبه وخلفه ابنه الشيخ حمد النيل الذي حفظ القران بأبي حراز ودرس العلوم الإسلامية بها وكان يقوم بشئون مسجد ومسيد أبي حراز عن والده الذي لم يخرج من طيبه إلا مرات معدودة ومحدودة .

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الشكينيبة الشرافه والتاريخ

تقع مدينة الشكينيبة في السودان في الجزء الجنوبي الشرقي لمدينة المناقل على بعد تسع كيلو ترات منها . و لم تشتهر إلا بعد مجيء الشيخ عبد الباقي المكاشفي إليها في عام 1910م. تبلغ مساحتها حوالي 60.000 متر مربع ، و يقدر عدد سكانها حوالي 5.000 نسمة. و يعتمد أهالي المنطقة على الزراعة والرعي وعلى تجارة حول مسيد الشيخ المكاشفي.تعددت الأقوال في أصل الاسم فقيل اسم الشكينيبة من نشكو نوائبنا إلى الله - من قول الشيخ المكاشفي- وقيل من الشكنابه وهي قرعة اللبن عند أهل المنطقة. حط الشيخ المكاشفي رحاله بها وعمرها و حفر البئر وبنى المنازل. وفي هذه البقعة المباركة بنى مسجده وبنى حوله الخلاوى و أشعل نار القرآن و أوقد نار النفقة وشيد دور العلم وحفر الحفير، فأصبحت الشكينيبة مركز القاصدين ومورد الطالبين، و اجتمع فيها أعداد كثيرة من الأجناس المختلفة. فإذا جئت إليها واقتربت منها ترى الناس ينحدرون إليها من كل الجهات ما بين راجلين وراكبين على أشكال عديدة وقد امتلأت منهم مساحات كبيرة وإذا دخلت البلدة وجدت الخلاوي مزينة بطلاب القرآن و العلوم الشرعية ووجدت حلقات الذكر تعج بالذاكرين ووجدت دور الضيافة قد ملئت بأهل المقاصد المختلفة. و تعد الشكينيبة من أكبر الصروح الدينية والمعالم التاريخية التي ساهمت ومازالت تساهم في دفع حركة التعليم والإرشاد الديني في البلاد وقد ارتبط اسمها في أذهان جميع الناس باسم الشيخ عبد الباقي المكاشفي" رضي الله عنه " وما إن يذكر أسم الشكينيبة إلا ويذكر علاج الأمراض النفسية والعصبية والعقلية والروحية وغيرها من الأمراض المستعصية فقد جعل الله فيها سراً عظيماً ألا وهو الشيخ عبد الباقي المكاشفي و خلفاؤه الوارثون علومه. خلاوي القرآن: والحمد لله الذي أوقد نار تعليم القرآن بالشكينيبة وجعلها أرض مباركة طيبة وجعلها أرض ذكر ، و الشكر بعد الله للشيخ عبد الباقي المكاشفي الذي بنى الخلاوي وقام على أمرها والذي علم الناس كتاب الله وأرشدهم إلى سبيل الخير و الصلاح و جاء بالعلماء و الحفظة وكفل أمرهم . والحمد لله ثانياً إذ أنها مازالت إلى اليوم بفضل أبناء الشيخ وأحفاده الوارثين علومه قبلة الطلاب إذ يرسل الناس أبناءهم إليها ليحفظوا و يتعلموا كتاب الله تعالى. وليس هذا فحسب بل يزيد المشايخ على هذا كفالة اليتامى والمساكين وإرسالهم إلى المدارس والجامعات ليكملوا مسيرة تعليمهم. و خلاوي الشكينيبة واحدة من المعالم البارزة التي توحي إلى خصوصية البلدة ،ولقد تخرج منها رجال ومشايخ كثيرون ، وعند الحديث عن خلاوي الشكينيبة لابد من الإشارة إلى الخلاوي الأخرى التي قامت في مسائد و زاويا السادة المكاشفية و سارت على ذات الطريق. ألا جزاء الله الشيخ عبد الباقي المكاشفي وأبناءه وكل المشائخ القائمين على أمر الخلاوي و تحفيظ كتاب الله خير الجزاء الليالي و حلقات الذكر: عند الكلام عن الشكينيبة لابد من الكلام عن إحياء الليالي وإقامة حلقات الذكر كإحياء ليلتي الجمعة والاثنين من كل أسبوع في الشكينيبة وفي مسائد المكاشفية الأخرى. و في الشكينيبة خاصة تقام الاحتفالات الدينية الكبيرة التي يأتي إليها جميع أحباب ومريدي الشيخ من شتى أنحاء البلاد كعيدي الفطر والأضحية المباركين وليلة الإسراء والمعراج في السابع والعشرين من شهر رجب وتسمى " الرجبية" وهي من أكبر المناسبات بالمسيد و كذا الاحتفالات بمولد سيد البشرية" عليه أفضل الصلوات و أزكى التسليم " والاحتفال بليلة عاشوراء وليلة من النصف من شهر شعبان وكذا الحوليات وغيرها من المناسبات. و الذكر العام عند السادة المكاشفية ذكر جماعي بالاسم المفرد اسم الجلالة " الله الله " في شكل حلقة دائرية يتوسطها الرواة " الشعار" حاملي الدفوف " الطارات " يمدحون المدائح النبوية التي تحمل في طياتها صفات الرسول الكريم " صلى الله عليه وسلم" وتبين فضله و مكانته عظم رسالته التي حث الناس بالتمسك بآدابها وهديها، وهنالك أيضاً القصائد التوحيدية والقصائد القومية التي تروي قصص الأولياء و الصالحين الذاكرين المخلصين الذين جدوا في السير إلى مولاهم. ويقود الذكر شيخ ومن حوله المريدين والمحبين في شكل دائري ويسمون بـ " الاوتاد" لا يتعالى بعضهم على بعض ولو بأطراف الرؤوس كما جاء في نصائح الشيخ " رضي الله عنه " يترنحون شجناً ومحبة بالله الواحد الأحد العظيم ويتمايلون وجداً تمايلاً مصحوبا بالذكر " الله الله " أهزوجة روحانية تبعاً لإيقاعات النوبة والدفوف والكاسات ، تارة بإيقاع خفيف بضربات سريعة متلاحقة وتسمى " الحربية" أو " الخفيفة " وتارة بإيقاع ثقيل ضربة إثر ضربة وتسمى بالثقيل أو " الثقيلة" وهناك إيقاع آخر لا هو بالثقيل ولا هو بالخفيف ويسمى " بالشامية" أو المتلوتا." وبالذكر ومدح المصطفى ومدح أهل الله والإبحار فيهم تسمو أرواح الذكرين وتعلو حتى ترى من بعضهم حالا لا يدركه عامة الناس الحفير : و عند الكلام عن الشكينيبة و عن الشيخ عبد الباقي المكاشفي لابد من الكلام عن الحفير المباركة التي تقع شرق المسيد والتي قام بحفرها الشيخ ومريدوه ما بين عامي 1927 –1928م وتبلغ مساحتها مايقارب خمسة أفدنة تقريبا. تعتمد هذه الحفير المباركة على مياه الأمطار التي تصب وتتجمع فيها في فصل الخريف ، و تظل المياه بها في الغالب طوال أشهر السنة ومن ثم تتجدد في موسم الخريف ، ومن حكمة الله أن مياهها تظل خالية من كل التغيرات و من نواقل الأمراض وقد أكد ذلك بعثة معمل " إستاك" بالخرطوم وبعثة كلية الطب بجامعة الجزيرة الذين زاروها وفحصوا ماءها واكتشفوا أنها من أصح المياه الطبيعية . وهي تلعب دورا مهما في تخفيف عبء معاناة المياه في المنطقة وتشكل هذه الحفير معلما بارزا لكل الناس وهي إرث تاريخي تليد خلفه الشيخ أجراً وصدقةً جاريةً ، وفيها بركة وخير للناس ومنها طينة الحفير التي يتداوى بها الناس وهي إحدى كرامات الشيخ المكاشفي. و لا يقصد أحدا الشكينيبة إلا وكانت زيارة الحفير إحدى اهتماماته فهي مثار عجب ودهشة ، ولقد شهدنا فيها الكثير من العجائب و الغرائب. ومن المعالم والمنارات الواضحة في الشكينيبه القباب حيث أن بها ضريح الشيخ عبد الباقي المكاشفي رضي الله عنه ذاك الصرح الذي حوى الفخار و الأسرار و المعاني. وإلى جانبها تجد قبة الشيخ عبد الله وقبة الشيخ الطيب و قبة الشيخ الجيلي رضي الله عنهم وهي منارات يردها الزوار وينهلون من خيراتها ويشهدون أسرارها وهي توحي على صوفية البلدة و صلاح أهلها.


من أنا

السودان, الشكينيبه, Sudan
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي صل عليه الله ُ في الايات ِ وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات(والله وبالله وتالله لا يجتمع حب إله وحب ذاك درهم في قلب ذي اسراري إن الدراهم مكتوب عليها أذا أحببت درهما أبغضك الجباري لاتنكرن لقولي في كتابتها تالله لايعرفها الا ذا أفكاري(الشيخ عبدالباقى المكاشفى)