الخميس، 16 يوليو 2009

الطرق الصوفية بيان التصوف 1


التصوف كمعنى عرف في الصدر الأول من الإسلام و كمصطلح عرف في نهاية القرن الأول الهجري إذ أن الحسن البصري المتوفى عام 110 هـ كان يطلق مصطلح الصوفي على بعض تلاميذه و اشتهر قبل نهاية القرن الثاني الهجري و أرسيت أركانه وبين منهجه و ذاع صيته وعرف الناس آدابه وكتب فيه أئمته أمثال المحاسبي و السقطي و أبو تراب النخشبي و أبو طالب المكي و الداراني وسفيان الثوري و الفضيل بن عياض قبل نهاية القرن الثالث الهجري. ومن هذا نخلص إلا أن التصوف نشأ و اشتهر في القرون الثلاث الفاضلة و لذلك اعتبره العارفون من العلوم الإسلامية. والتصوف في مفهومه الصحيح كما بينه أئمته منهج سلوكي تربوي قائم علي كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، به تتم مكارم الأخلاق و يتم كمال الأدب وبه تدرك الفتوحات الربانية والأنوار المحمدية.رد الباحثون التصوف إلى جزره اللغوي وقالوا تصوف، يتصوف، تصوفا فهو (صوفي) وهم (صوفية). و تعددت الآراء و اختلفت في مصدر المصطلح وفي أصل التسمية ، فمن القوم من قال سميت الصوفية صوفية لصفاء أسرارها ونقاء آثارها وهم في هذا يردون التسمية إلى الصفاء. ومن القوم من جعل اشتقاق الصوفية من الصف نظراً إلى أنهم في الصف الأول بين يدي الله لارتفاع هممهم إليه وإقبالهم عليه ووقوفهم بسرائرهم بين يديه ، و منهم من نسبهم إلى أهل الصُّفة لقرب أوصافهم من أوصاف أهل الصُّفة الذين كانوا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم .
ومن القوم من استبعد نسبة التصوف إلى الصفاء – و الصف – الصُّفة ، باعتبار أن اللغة لا تؤيد هذا الاشتقاق على الرغم من صحة المعاني و الدلالات التي أوردها القائلون بهذا القول.
وهذا الأمر الذي جعل الإمام القشيري صاحب الرسالة القشيرية المتوفى عام 465 هـ يقول " ليس يشهد لهذا الاسم من حيث العربية قياس ولا اشتقاق والأظهر انه كاللقب ...الخ ".
و من القوم من نسب التصوف إلى لبس الصوف ومنهم أبي نصر السراج الطوسي المتوفي عام 387 هـ رحمه الله الذي جعل التصوف من الصوف والكلابازي على ذات الرأي و غيرهم و قال السهروردي في تسميتهم صوفية للبسهم الصوف و هذا الاختيار يناسب من حيث الاشتقاق إذ يقال تصوف إذا لبس الصوف وهو يرى أنهم نسبوا إلى ظاهر لبستهم ، و الصوف لبس الأنبياء والصالحين وشعار الأولياء الأصفياء كما إن صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا يلبسون الصوف وهو علامة الزهد و التقشف
ولإدراك معاني التصوف وتوضيح هذا المنهج وبيان هذا الأمر نستعرض مقتطفات من أقوال الائمة و العارفين.
قال الإمام الجنيد سيد الطائفة الصوفية الذي وضع قواعد التصوف وبين سلوكياته وآدابه و المتوفى عام 297هـ رحمه الله " من لم يحفظ القرآن ولم يكتب الحديث لا يقتدى به في هذا الأمر، لان علمنا هذا مقيد بأصول السنة". وقال "طريقنا هذا مضبوط بالكتاب والسنة، إذ الطريق مسدود إلا على المقتفين آثار رسول الله صلى الله عليه وسلم".
وقال السري السقطي المتوفى عام 257هـ رحمه الله "التصوف اسم لثلاث معانٍ تقوم بالصوفي ، ألا يطفئ نور معرفته نور ورعه ، ولا يتكلم بباطن في علم ينقضه عليه ظاهر الكتاب و السنة ، ولا تحمله الكرامات على هتك استار الله". وقال سهل التستري المتوفى عام 273هـ رحمه الله : "أصول مذهبنا (يعني الصوفية) ثلاثة: "إقتداء بالنبي في الأخلاق والأفعال، والأكل من الحلال، وإخلاص النية في جميع الأفعال". وقال معروف الكرخي المتوفى عام 200هـ رحمه الله " التصوف الأخذ بالحقائق واليأس مما في أيدي الخلائق.
وعن أبي الحسن الفرغاني رحمه الله قال: سألت أبا بكر الشبلي ما علامة العارف؟ فقال: "صدره مشروح، وقلبه مجروح، وجسمه مطروح"، قال: هذه علامة العارف، فمن العارف ؟ قال: "العارف الذي عرف الله عز وجل على ما ورد في كتاب الله، وعمل بما أمر الله، وأعرض عما نهى الله، ودعا عباد الله إلى الله عز وجل". فقلتُ: هذا العارف، فمن الصوفي ؟ فقال: "من صفا قلبه فصفى، وسلك طريق المصطفى صلى الله عليه وسلم، ورمى الدنيا خلف القفا، وأذاق الهوى طعم الجفا". قلت له: هذا الصوفي، ما التصوف ؟ قال: "تعظيم أمر الله، والشفقة على عباد الله". قلت له: أحسن من هذا من الصوفي ؟ قال: "من جفا عن الكدر، وخلص من العكر، وامتلأ من الفكر، وتساوى عنده الذهب والمدر". (أي التراب). وقال أبو سليمان الداراني المتوفى عام 215 هـ رحمه الله "التصوف هو إخفاء المنازلات والتكتم على الحالات حتى لا يعلم بها إلا رب العالمين". وقال أبو حفص الحداد المتوفى عام 265 هـ رحمه الله "التصوف هو تمام الأدب". وقال أبو سعيد الخزار المتوفى عام 268هـ رحمه الله " الصوفي من صفَّى ربه قلبه فامتلأ قلبه نوراً ، ومن حلَّ في عين اللذة بذكره الله". وقال أبو تراب النخشبي المتوفى عام 245 هـ رحمه الله واصفا الصوفي " الصوفي لا يكدره شيء ويصفو به كل شيء". قال الإمام الجنيد رحمه الله في التصوف "الخروج عن كل خُلُقٍ دني، والدخول في كل خُلُقٍ سني". وقال الحافظ أبو نعيم رحمه الله: "التصوف أحوال قاهرة، وأخلاق طاهرة تقهرهم الأحوال فتأسرهم، ويستعملون الأخلاق فتطهرهم، تحلوا بخالص الخدمة، فكفوا عن طوارق الحيرة، وعصموا عن الانقطاع والفترة، لا يأنسون إلا بالله، ولا يستريحون إلا بحبه، فهم أرباب القلوب المراقبون للمحبوب، والتاركون للمسلوب، سلكوا مسلك الصحابة والتابعين ومن نحى نحوهم من المتقشفين والمتحققين، والمميزين بين الإخلاص والرياء، والعارفين بالخطرة والهمة والعزيمة والنية، والمحاسبين للضمائر، والمحافظين للسرائر، والمخالفين للنفوس، والمحاذرين من الخنوس بدائم التفكر، وقائم التذكر، طلبا للتداني، وهربا من التواني، لا يستهين بحرمتهم إلا مارق، ولا يدعي أحوالهم إلا مائق، ولا يعتقد عقيدتهم إلا فائق، ولا يحسن إلى موالاتهم إلا تائق، فهم سرج الآفاق، والممدود إلى رؤيتهم بالأعناق، بهم نقتدي، وإياهم نوالي إلى يوم التلاق". وقال الشيخ زكريا الأنصاري رحمه الله: "التصوف علمٌ تعرف به أحوال تزكية النفوس، وتصفية الأخلاق، وتعمير الظاهر والباطن لنيل السعادة الأبدية". وقال الحارث بن أسد المحاسبي المتوفى عام 243هـ رحمه الله "التصوف إخراج الخلق من معاملة الله تعالى ، والنفس أول الخلق". وسُئل ذو النون المصري المتوفى عام 245 هـ رحمه الله عن الصوفي فقال: "مَن إذا نطق أبان نطقه عن الحقائق، وإن سكت نطقت عنه الجوارح بقطع العلائق". وقال أبو بكر الطمستاني رحمه الله: "الطريق واضح، والكتاب والسنة قائمان بين أظهرنا، فمن صحب منا الكتاب والسنة، وتغرب عن نفسه والخلق، وهاجر بقلبه إلى الله تعالى، فهو الصادق والمصيب".

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الشكينيبة الشرافه والتاريخ

تقع مدينة الشكينيبة في السودان في الجزء الجنوبي الشرقي لمدينة المناقل على بعد تسع كيلو ترات منها . و لم تشتهر إلا بعد مجيء الشيخ عبد الباقي المكاشفي إليها في عام 1910م. تبلغ مساحتها حوالي 60.000 متر مربع ، و يقدر عدد سكانها حوالي 5.000 نسمة. و يعتمد أهالي المنطقة على الزراعة والرعي وعلى تجارة حول مسيد الشيخ المكاشفي.تعددت الأقوال في أصل الاسم فقيل اسم الشكينيبة من نشكو نوائبنا إلى الله - من قول الشيخ المكاشفي- وقيل من الشكنابه وهي قرعة اللبن عند أهل المنطقة. حط الشيخ المكاشفي رحاله بها وعمرها و حفر البئر وبنى المنازل. وفي هذه البقعة المباركة بنى مسجده وبنى حوله الخلاوى و أشعل نار القرآن و أوقد نار النفقة وشيد دور العلم وحفر الحفير، فأصبحت الشكينيبة مركز القاصدين ومورد الطالبين، و اجتمع فيها أعداد كثيرة من الأجناس المختلفة. فإذا جئت إليها واقتربت منها ترى الناس ينحدرون إليها من كل الجهات ما بين راجلين وراكبين على أشكال عديدة وقد امتلأت منهم مساحات كبيرة وإذا دخلت البلدة وجدت الخلاوي مزينة بطلاب القرآن و العلوم الشرعية ووجدت حلقات الذكر تعج بالذاكرين ووجدت دور الضيافة قد ملئت بأهل المقاصد المختلفة. و تعد الشكينيبة من أكبر الصروح الدينية والمعالم التاريخية التي ساهمت ومازالت تساهم في دفع حركة التعليم والإرشاد الديني في البلاد وقد ارتبط اسمها في أذهان جميع الناس باسم الشيخ عبد الباقي المكاشفي" رضي الله عنه " وما إن يذكر أسم الشكينيبة إلا ويذكر علاج الأمراض النفسية والعصبية والعقلية والروحية وغيرها من الأمراض المستعصية فقد جعل الله فيها سراً عظيماً ألا وهو الشيخ عبد الباقي المكاشفي و خلفاؤه الوارثون علومه. خلاوي القرآن: والحمد لله الذي أوقد نار تعليم القرآن بالشكينيبة وجعلها أرض مباركة طيبة وجعلها أرض ذكر ، و الشكر بعد الله للشيخ عبد الباقي المكاشفي الذي بنى الخلاوي وقام على أمرها والذي علم الناس كتاب الله وأرشدهم إلى سبيل الخير و الصلاح و جاء بالعلماء و الحفظة وكفل أمرهم . والحمد لله ثانياً إذ أنها مازالت إلى اليوم بفضل أبناء الشيخ وأحفاده الوارثين علومه قبلة الطلاب إذ يرسل الناس أبناءهم إليها ليحفظوا و يتعلموا كتاب الله تعالى. وليس هذا فحسب بل يزيد المشايخ على هذا كفالة اليتامى والمساكين وإرسالهم إلى المدارس والجامعات ليكملوا مسيرة تعليمهم. و خلاوي الشكينيبة واحدة من المعالم البارزة التي توحي إلى خصوصية البلدة ،ولقد تخرج منها رجال ومشايخ كثيرون ، وعند الحديث عن خلاوي الشكينيبة لابد من الإشارة إلى الخلاوي الأخرى التي قامت في مسائد و زاويا السادة المكاشفية و سارت على ذات الطريق. ألا جزاء الله الشيخ عبد الباقي المكاشفي وأبناءه وكل المشائخ القائمين على أمر الخلاوي و تحفيظ كتاب الله خير الجزاء الليالي و حلقات الذكر: عند الكلام عن الشكينيبة لابد من الكلام عن إحياء الليالي وإقامة حلقات الذكر كإحياء ليلتي الجمعة والاثنين من كل أسبوع في الشكينيبة وفي مسائد المكاشفية الأخرى. و في الشكينيبة خاصة تقام الاحتفالات الدينية الكبيرة التي يأتي إليها جميع أحباب ومريدي الشيخ من شتى أنحاء البلاد كعيدي الفطر والأضحية المباركين وليلة الإسراء والمعراج في السابع والعشرين من شهر رجب وتسمى " الرجبية" وهي من أكبر المناسبات بالمسيد و كذا الاحتفالات بمولد سيد البشرية" عليه أفضل الصلوات و أزكى التسليم " والاحتفال بليلة عاشوراء وليلة من النصف من شهر شعبان وكذا الحوليات وغيرها من المناسبات. و الذكر العام عند السادة المكاشفية ذكر جماعي بالاسم المفرد اسم الجلالة " الله الله " في شكل حلقة دائرية يتوسطها الرواة " الشعار" حاملي الدفوف " الطارات " يمدحون المدائح النبوية التي تحمل في طياتها صفات الرسول الكريم " صلى الله عليه وسلم" وتبين فضله و مكانته عظم رسالته التي حث الناس بالتمسك بآدابها وهديها، وهنالك أيضاً القصائد التوحيدية والقصائد القومية التي تروي قصص الأولياء و الصالحين الذاكرين المخلصين الذين جدوا في السير إلى مولاهم. ويقود الذكر شيخ ومن حوله المريدين والمحبين في شكل دائري ويسمون بـ " الاوتاد" لا يتعالى بعضهم على بعض ولو بأطراف الرؤوس كما جاء في نصائح الشيخ " رضي الله عنه " يترنحون شجناً ومحبة بالله الواحد الأحد العظيم ويتمايلون وجداً تمايلاً مصحوبا بالذكر " الله الله " أهزوجة روحانية تبعاً لإيقاعات النوبة والدفوف والكاسات ، تارة بإيقاع خفيف بضربات سريعة متلاحقة وتسمى " الحربية" أو " الخفيفة " وتارة بإيقاع ثقيل ضربة إثر ضربة وتسمى بالثقيل أو " الثقيلة" وهناك إيقاع آخر لا هو بالثقيل ولا هو بالخفيف ويسمى " بالشامية" أو المتلوتا." وبالذكر ومدح المصطفى ومدح أهل الله والإبحار فيهم تسمو أرواح الذكرين وتعلو حتى ترى من بعضهم حالا لا يدركه عامة الناس الحفير : و عند الكلام عن الشكينيبة و عن الشيخ عبد الباقي المكاشفي لابد من الكلام عن الحفير المباركة التي تقع شرق المسيد والتي قام بحفرها الشيخ ومريدوه ما بين عامي 1927 –1928م وتبلغ مساحتها مايقارب خمسة أفدنة تقريبا. تعتمد هذه الحفير المباركة على مياه الأمطار التي تصب وتتجمع فيها في فصل الخريف ، و تظل المياه بها في الغالب طوال أشهر السنة ومن ثم تتجدد في موسم الخريف ، ومن حكمة الله أن مياهها تظل خالية من كل التغيرات و من نواقل الأمراض وقد أكد ذلك بعثة معمل " إستاك" بالخرطوم وبعثة كلية الطب بجامعة الجزيرة الذين زاروها وفحصوا ماءها واكتشفوا أنها من أصح المياه الطبيعية . وهي تلعب دورا مهما في تخفيف عبء معاناة المياه في المنطقة وتشكل هذه الحفير معلما بارزا لكل الناس وهي إرث تاريخي تليد خلفه الشيخ أجراً وصدقةً جاريةً ، وفيها بركة وخير للناس ومنها طينة الحفير التي يتداوى بها الناس وهي إحدى كرامات الشيخ المكاشفي. و لا يقصد أحدا الشكينيبة إلا وكانت زيارة الحفير إحدى اهتماماته فهي مثار عجب ودهشة ، ولقد شهدنا فيها الكثير من العجائب و الغرائب. ومن المعالم والمنارات الواضحة في الشكينيبه القباب حيث أن بها ضريح الشيخ عبد الباقي المكاشفي رضي الله عنه ذاك الصرح الذي حوى الفخار و الأسرار و المعاني. وإلى جانبها تجد قبة الشيخ عبد الله وقبة الشيخ الطيب و قبة الشيخ الجيلي رضي الله عنهم وهي منارات يردها الزوار وينهلون من خيراتها ويشهدون أسرارها وهي توحي على صوفية البلدة و صلاح أهلها.


من أنا

السودان, الشكينيبه, Sudan
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي صل عليه الله ُ في الايات ِ وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات(والله وبالله وتالله لا يجتمع حب إله وحب ذاك درهم في قلب ذي اسراري إن الدراهم مكتوب عليها أذا أحببت درهما أبغضك الجباري لاتنكرن لقولي في كتابتها تالله لايعرفها الا ذا أفكاري(الشيخ عبدالباقى المكاشفى)