الخميس، 16 يوليو 2009

الشيخ دفع الله المصوبن


الشــيـخ دفـع الله المصـوبن(1)ظهر فـي السودان فـي القرن الرابع عشر والخامس والسادس عشر كثير من الزهاد والعباد الصالحين نذكر منهم الشيخ حمد أبو دنانة أول من نشر لواء الطريقة الشاذلية فـي السودان والشيخ محمد الهميم جد الصادقاب والشيخ محمد كريم الضيف الشهير ببانقا والشيخ عبد الله العركي وإخوانه إدريس وحمد وعمر المجذوب وحمد النيل والشيخ التلمساني المغربي والشيخ إدريس بن الأرباب وغيرهم كثير يضيق المجال عن ذكرهم. وقد كان لهم دور كبير فـي إرساء قواعد التصوف الإسلامي فـي السودان وبالتالي خدموا السودان خدمة كبيرة ونهضوا بالتراث الروحي الإسلامي فكونوا بذلك مدارس للتصوف وتركوا آثارا واضحة فـي هذا الجانب ما تزال ماثلة حتى اليوم فـي بناء الشـخصيـة السودانيـة. فمن أهل الطرق تعلم أهل السودان الكرم والمروءة والسماحة وغير ذلك من الصفات المحمودة وأصبحت هذه الصفات سمة الشعب السوداني المائزة.ولكي ندرك الفارق بين حياة السودانيين قبل المشايخ وبعد ذلك نروي هذا الأثر التاريخي حيث كان فـي القديم وقبل تغلغل الإسلام فـي نفوس السودانيين عند نشوب حرب بين قبيلتين أو عشيرتين لا تضع الحرب بينهم أوزارها حتى تخرج فتاة حسناء حاسرة الرأس وتقف وسط الجيشين المتحاربين وعند ذلك ينفض الجمع احتراما للمرأة. ولما أتى المشايخ أبدلوا هذا التقليد بتقليد آخر خير منه، فعند قيام حرب بين عشيرتين وقد كانت تمتد كثيرا فإذا حضر شخص بين الفريقين ورفع مسبحة الشيخ أو عصاه عاليا ونادى على الجمع بأن هذه مسبحة الشيخ فما يلبث الجميع إلا ويغمدوا السيوف فـي أجفانها وتضع الحرب أوزارها وهذا يدلنا على مكانة المشايخ فـي قلوب السودانيين وإضافة إلى ذلك أن أهل السودان جعلوا من ساحة الشيخ ويطلقون عليها المسيد مدرسة لتعليم أبنائهم مبادئ القراءة والكتابة وتحفيظ القرآن وصار المسيد يمثل منتدى ثقافيا تعقد فيه اجتماعات الخير والإصلاح بين الناس.وفـي هذا المقال سنتطرق لشيخ من أولئك المشايخ الذين كان لـهم القدح المعلى فـي إرساء بناء العلم الشرعي وتخريج الرجال العاملين الذين حملوا على عاتقهم مهمة الدعوة إلى الله على بصيرة ونور من الله. ذلكم هو الشيخ دفع الله بن محمد أبو إدريس الشهير فـي السودان بدفع الله (المصوبن) أول من حمل لقب شيخ الإسلام فـي تاريخ السودان الإسلامي لعلمه الغزير ونشره وتدريسه واشتغاله به(1) القــــوم، العدد السابع، يناير 1986معلمـه رضي الله عنه ونشـأته:حفظ القرآن الكريم على والده الشيخ محمد أبو إدريس ثم اجتهد فـي تعلم الفقه فدرس أول أمره على الشيخ إبراهيم الفرضي ثم على الشيخ صغيرون الذي منحه الإجازة العالية وأذن له فـي التدريس. ودرس التوحيد عل الشيخ علي ود بري وكان لنشأته فـي بيت ديني عريق وهو بيت والده الشيخ محمد أبو إدريس أثره الواضح فـي سلوك شيخنا دفع الله. والمعروف أن والده وإخوة والده الأربعة يطلق عليهم فـي السودان "الخمسة العدول" لورعهم وتقواهم.سلك طريق القوم الصوفـي على يد والده الذي أخذها من أخيه عبد الله العركي وهو أحد أربعة قضاة للشيخ عجيب المانجلك ملك العبدلاب وكان الشيخ عبد الله من العلماء العاملين وهاجر إلى مكة ومكث بها اثني عشر عاما عقد خلالـها مجالس الفقه المالكي وفـي هذه الزيارة سلك طريق القوم على الشيخ حبيب الله العجمي.والمعروف أن الشيخ محمد أبو إدريس خليفة أبيه عبد الله ومن بعده جلس على الخلافة شيخنا دفع الله. وكان عمره إذاك واحد وعشرين عاما. امتدت خلافته سبعين عاما.ويحكى عن الشيخ عبد الله أن رجلا جاء من بلاد المغرب إلى السودان ورأى الشيخ دفع الله فقال: ما وجدت مثل الشيخ دفع الله ولكن سأهب إلى الحرمين فإذا وجدت أفضل منه سلكت عليه الطريق الصوفـي وإلا رجعت إليه.. فلما قدم الحرمين لم ير مثله فرجع طالبا الشيخ دفع الله فلما وصل المغربي سواكن ميناء السودان القديم علم بوفاة الشيخ فقال: تجارة وكسدت.وكان من صفات شيخنا الورع والزهد والعبادة ومداومة الأذكار. ما قام قط فـي شفاعة ولم يدخل سنار ولم يقف على أبواب الملوك ولما احتاج إليه الملك بادى زاره فـي مكانه بأبي حراز.وكان رضي الله عنه ملازما لتدريس العلم فجلس لتدريس العلم والقرآن وإرشاد المريدين سبعين سنة ويعتبر الشيخ أستاذ الأساتذة وشيخ المشايخ فتلاميذه عرفوا بالصلاح والتقوى وتدريس كتاب الله. وكثير من الفروع الشهيرة فـي السودان تصب فـي معينه نذكر منها مريدي الشيخ الكباشي والشيخ العبيد مؤسس ساحته الشهيرة بالمناقل.فأرشد رضي الله عنه عددا كثيرا من المريدين نذكر منهم الشيخ حمد صاحب الحي والمقام المعروف بمدينة الخرطوم بحري والشيخ مدني السني الذي سميت باسمه مدينة واد مدني والشيخ ود نفيع صاحب المقابر المشهورة باسمه والحي كذلك باسمه بمدينة المناقل والشيخ عبد الله الطريفي صاحب المناقب التي يعرفها القاصي والداني بالسودان والشيخ المسلمي الراعي الصوفـي الكبير وغيرهم كثير يضيق المجال عن ذكرهم.وقد مدحه تلميذه الفقيه علي الشافعي بقصيدة كبيرة نذكر منها قوله:مـلازم التدريس مــده عمــرهمن غيـــر إفتـــار ولا كسلاننـوازل قد أجــاد فيــها إجـابــةكما الحــطاب فـي الإتقـــــانفكأنه يا ذاك بصري الورىأو كأنـــه بـين المــــلأ ســفيـان وقال فيه أيضا عبد النور الشاعر بعد مدحه لأبيه الشيخ أبو إدريس:وقد تخلف بعده الحبر المسمىبدفــع الله مـن أســـد شـــبولوفـي العصـــر الذي أحـل فيــهجميــــع العــارفــين له ذلـــولأطاعتـــه العسـاكر والأكابروكــم زاره أقـــطاب جحــــول وفاتـه رضي الله عنه:توفـي عام 1094هـ بعد عمر طويل قضاه فـي الدعوة إلى الله سبحانه وتعالى وبلغ من العمر اثنين وتسعين عاما ودفن بأبي حراز وقبره معلم بارز يزار.وفـي الختام لا يسعنا إلا أن نزجي التحايا العطرة لذكرى هذا الإمام العالم العامل سائلين الله أن يكثر من أمثاله وأن ينفع بذكراه العاملين فـي حقل الدعوة الإسلامية وأن يمدنا بمددهم إنه سميع مجيب.

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الشكينيبة الشرافه والتاريخ

تقع مدينة الشكينيبة في السودان في الجزء الجنوبي الشرقي لمدينة المناقل على بعد تسع كيلو ترات منها . و لم تشتهر إلا بعد مجيء الشيخ عبد الباقي المكاشفي إليها في عام 1910م. تبلغ مساحتها حوالي 60.000 متر مربع ، و يقدر عدد سكانها حوالي 5.000 نسمة. و يعتمد أهالي المنطقة على الزراعة والرعي وعلى تجارة حول مسيد الشيخ المكاشفي.تعددت الأقوال في أصل الاسم فقيل اسم الشكينيبة من نشكو نوائبنا إلى الله - من قول الشيخ المكاشفي- وقيل من الشكنابه وهي قرعة اللبن عند أهل المنطقة. حط الشيخ المكاشفي رحاله بها وعمرها و حفر البئر وبنى المنازل. وفي هذه البقعة المباركة بنى مسجده وبنى حوله الخلاوى و أشعل نار القرآن و أوقد نار النفقة وشيد دور العلم وحفر الحفير، فأصبحت الشكينيبة مركز القاصدين ومورد الطالبين، و اجتمع فيها أعداد كثيرة من الأجناس المختلفة. فإذا جئت إليها واقتربت منها ترى الناس ينحدرون إليها من كل الجهات ما بين راجلين وراكبين على أشكال عديدة وقد امتلأت منهم مساحات كبيرة وإذا دخلت البلدة وجدت الخلاوي مزينة بطلاب القرآن و العلوم الشرعية ووجدت حلقات الذكر تعج بالذاكرين ووجدت دور الضيافة قد ملئت بأهل المقاصد المختلفة. و تعد الشكينيبة من أكبر الصروح الدينية والمعالم التاريخية التي ساهمت ومازالت تساهم في دفع حركة التعليم والإرشاد الديني في البلاد وقد ارتبط اسمها في أذهان جميع الناس باسم الشيخ عبد الباقي المكاشفي" رضي الله عنه " وما إن يذكر أسم الشكينيبة إلا ويذكر علاج الأمراض النفسية والعصبية والعقلية والروحية وغيرها من الأمراض المستعصية فقد جعل الله فيها سراً عظيماً ألا وهو الشيخ عبد الباقي المكاشفي و خلفاؤه الوارثون علومه. خلاوي القرآن: والحمد لله الذي أوقد نار تعليم القرآن بالشكينيبة وجعلها أرض مباركة طيبة وجعلها أرض ذكر ، و الشكر بعد الله للشيخ عبد الباقي المكاشفي الذي بنى الخلاوي وقام على أمرها والذي علم الناس كتاب الله وأرشدهم إلى سبيل الخير و الصلاح و جاء بالعلماء و الحفظة وكفل أمرهم . والحمد لله ثانياً إذ أنها مازالت إلى اليوم بفضل أبناء الشيخ وأحفاده الوارثين علومه قبلة الطلاب إذ يرسل الناس أبناءهم إليها ليحفظوا و يتعلموا كتاب الله تعالى. وليس هذا فحسب بل يزيد المشايخ على هذا كفالة اليتامى والمساكين وإرسالهم إلى المدارس والجامعات ليكملوا مسيرة تعليمهم. و خلاوي الشكينيبة واحدة من المعالم البارزة التي توحي إلى خصوصية البلدة ،ولقد تخرج منها رجال ومشايخ كثيرون ، وعند الحديث عن خلاوي الشكينيبة لابد من الإشارة إلى الخلاوي الأخرى التي قامت في مسائد و زاويا السادة المكاشفية و سارت على ذات الطريق. ألا جزاء الله الشيخ عبد الباقي المكاشفي وأبناءه وكل المشائخ القائمين على أمر الخلاوي و تحفيظ كتاب الله خير الجزاء الليالي و حلقات الذكر: عند الكلام عن الشكينيبة لابد من الكلام عن إحياء الليالي وإقامة حلقات الذكر كإحياء ليلتي الجمعة والاثنين من كل أسبوع في الشكينيبة وفي مسائد المكاشفية الأخرى. و في الشكينيبة خاصة تقام الاحتفالات الدينية الكبيرة التي يأتي إليها جميع أحباب ومريدي الشيخ من شتى أنحاء البلاد كعيدي الفطر والأضحية المباركين وليلة الإسراء والمعراج في السابع والعشرين من شهر رجب وتسمى " الرجبية" وهي من أكبر المناسبات بالمسيد و كذا الاحتفالات بمولد سيد البشرية" عليه أفضل الصلوات و أزكى التسليم " والاحتفال بليلة عاشوراء وليلة من النصف من شهر شعبان وكذا الحوليات وغيرها من المناسبات. و الذكر العام عند السادة المكاشفية ذكر جماعي بالاسم المفرد اسم الجلالة " الله الله " في شكل حلقة دائرية يتوسطها الرواة " الشعار" حاملي الدفوف " الطارات " يمدحون المدائح النبوية التي تحمل في طياتها صفات الرسول الكريم " صلى الله عليه وسلم" وتبين فضله و مكانته عظم رسالته التي حث الناس بالتمسك بآدابها وهديها، وهنالك أيضاً القصائد التوحيدية والقصائد القومية التي تروي قصص الأولياء و الصالحين الذاكرين المخلصين الذين جدوا في السير إلى مولاهم. ويقود الذكر شيخ ومن حوله المريدين والمحبين في شكل دائري ويسمون بـ " الاوتاد" لا يتعالى بعضهم على بعض ولو بأطراف الرؤوس كما جاء في نصائح الشيخ " رضي الله عنه " يترنحون شجناً ومحبة بالله الواحد الأحد العظيم ويتمايلون وجداً تمايلاً مصحوبا بالذكر " الله الله " أهزوجة روحانية تبعاً لإيقاعات النوبة والدفوف والكاسات ، تارة بإيقاع خفيف بضربات سريعة متلاحقة وتسمى " الحربية" أو " الخفيفة " وتارة بإيقاع ثقيل ضربة إثر ضربة وتسمى بالثقيل أو " الثقيلة" وهناك إيقاع آخر لا هو بالثقيل ولا هو بالخفيف ويسمى " بالشامية" أو المتلوتا." وبالذكر ومدح المصطفى ومدح أهل الله والإبحار فيهم تسمو أرواح الذكرين وتعلو حتى ترى من بعضهم حالا لا يدركه عامة الناس الحفير : و عند الكلام عن الشكينيبة و عن الشيخ عبد الباقي المكاشفي لابد من الكلام عن الحفير المباركة التي تقع شرق المسيد والتي قام بحفرها الشيخ ومريدوه ما بين عامي 1927 –1928م وتبلغ مساحتها مايقارب خمسة أفدنة تقريبا. تعتمد هذه الحفير المباركة على مياه الأمطار التي تصب وتتجمع فيها في فصل الخريف ، و تظل المياه بها في الغالب طوال أشهر السنة ومن ثم تتجدد في موسم الخريف ، ومن حكمة الله أن مياهها تظل خالية من كل التغيرات و من نواقل الأمراض وقد أكد ذلك بعثة معمل " إستاك" بالخرطوم وبعثة كلية الطب بجامعة الجزيرة الذين زاروها وفحصوا ماءها واكتشفوا أنها من أصح المياه الطبيعية . وهي تلعب دورا مهما في تخفيف عبء معاناة المياه في المنطقة وتشكل هذه الحفير معلما بارزا لكل الناس وهي إرث تاريخي تليد خلفه الشيخ أجراً وصدقةً جاريةً ، وفيها بركة وخير للناس ومنها طينة الحفير التي يتداوى بها الناس وهي إحدى كرامات الشيخ المكاشفي. و لا يقصد أحدا الشكينيبة إلا وكانت زيارة الحفير إحدى اهتماماته فهي مثار عجب ودهشة ، ولقد شهدنا فيها الكثير من العجائب و الغرائب. ومن المعالم والمنارات الواضحة في الشكينيبه القباب حيث أن بها ضريح الشيخ عبد الباقي المكاشفي رضي الله عنه ذاك الصرح الذي حوى الفخار و الأسرار و المعاني. وإلى جانبها تجد قبة الشيخ عبد الله وقبة الشيخ الطيب و قبة الشيخ الجيلي رضي الله عنهم وهي منارات يردها الزوار وينهلون من خيراتها ويشهدون أسرارها وهي توحي على صوفية البلدة و صلاح أهلها.


من أنا

السودان, الشكينيبه, Sudan
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي صل عليه الله ُ في الايات ِ وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات(والله وبالله وتالله لا يجتمع حب إله وحب ذاك درهم في قلب ذي اسراري إن الدراهم مكتوب عليها أذا أحببت درهما أبغضك الجباري لاتنكرن لقولي في كتابتها تالله لايعرفها الا ذا أفكاري(الشيخ عبدالباقى المكاشفى)