الاثنين، 21 مايو 2012

المادح الشيخ حياتى ابن الحاج حمد

هو محمد حياتي حاج حمد العربي، ولد بقرية أم ضواً بان، ريفي الخرطوم عام 1290هـ. والده حاج حمد العربي تلميذ الشيخ محمد ود بدر. 

وجده لأمه الشيخ محمد ود بدر. ويتصل نسب الشيخ حياتي بالشيخ العبيد ود بدر من ناحية أمه آمنة بنت فاطمة (أم بركة) شقيقة الخليفة أحمد بلاع الابن الأكبر للشيخ محمد ود بدر. 

أما من جهة حسبه فهو مسلمي بكري ينتسب إلى جده أبي بكر الصديق رضي الله عنه.

نشأ الشيخ محمد حياتي في بيت علم ودين وجهاد حيث كان والده (حاج حمد بن العربي) تلميذاً للشيخ محمد ود بدر الذي ناصر المهدية وشارك مع أبناء الشيخ ود بدر في عدة معارك كان آخرها معركة حلينقو عام 1301هـ بالحلفايا حيث سقط الحاج حمد شهيداً
بالجردة وقبر بشمبات.

فكفل الشيخ محمد ود بدر هذه الأسرة، والتي تضم أحفاده الشيخ محمد حياتي وأخويه الشيخ محمد المبارك والشيخ محمد المختار، إلى أن وافته المنية عام 1302هـ 

وبعدها كفله خاله لوالدته الخليفة أحمد بلاع. 

والمعروف أن جدته فاطمة أم بركة كانت تقوم على نفقة مسيد والدها في قرية النخيرة وقد كان مشهوداً لها بأعمال الخير فكانت تجهز أكثر من 12 قدحاً في كل ليلة لإطعام الضيوف وطلاب مسيد القرآن وكانت تقوم الليل حتى يطلع الفجر فتنبه المؤذن للصلاة، لذلك سميت أم بركة.

بعد سقوط المهدية رجع الشيخ محمد حياتي
وأخواه (محمد المبارك ومحمد المختار) إلى مقر والدهما في منطقة الحضور وود النور وعد الشيخ جماع بشرق الجزيرة جوار مدينة الهلالية. 

وقد كان يواصل أهله بمنطقة العيدج جوار مدينة ود راوه حيث أهل والده من هناك، كما تربطه صلة رحم بالشيخ إبراهيم ود نفيسة

مسيرته التعليمية:- 
حفظ شيخنا وشاعرنا محمد حياتي القرآن الكريم بأم ضواً بان بمسجد الشيخ محمد ود بدر، علي يد حاج الطيب ود بدر 
ثم على يد الفكي عبد الرحمن المهلاوي شيخ خلوة أم ضواً بان. 

ثم درس العشماوية والعزية والرسالة على يد الفكي الأمين حاج حامد بأم ضواً بان.

ثم تتلمذ أيضاً على يد شيخ العلماء محمد البدوي بأم درمان. 

ثم واصل مسيرته التعليمية بمطالعاته واجتهاداته الشخصية لكتب الصحاح وكتب الإمام أبو حامد الغزالي خاصة أحياء علوم الدين، 
ويبين ذلك شعره في مدحته: 
«بعد الليل ما جن ناس ليلي جني»
ومدحته «وعلى الرسول يا قوم مادام بقاكم»

وكما اطلع على العديد من الكتب كالشمائل والشفاء والبردة للبصيري وغيرها من الكتب التي نجد فيها من الإشارات التي تضمنها شعره.

زوجاته وأولاده:كانت أولى زوجاته بقرية أم دقرسي بالجزيرة، حيث تربطه صلة روحية بأخيه وزميله في الخلوة الشيخ محمد يونس.

ثم أعقبها بزواجه الثاني من بنت عمه فاطمة دياب بالحضور. ولم ينجب منهن ذرية، الأمر الذي دفعه بالزواج للمرة الثالثة من : 

آمنة علي جلي بقرية الصقيعة ريفي رفاعة عام 1317 هـ والتي أنجب منها كُبرى بناته فاطمة الحاجة ثم محمد نور الهدى أكبر أولاده الذي توفى بأم ضواً بأن ودفن بالحصايا ثم أنجب بعده دار الخلود.

ثم تزوج بآمنة محمد حسن بأم دقرسي عام 1334هـ وهي التي أنجبت له من بعد ثالث أبنائه أحمد الطيب 1338هـ ثم أحمد المصطفى 1344هـ. 

وكانت آخر زيجاته من فاطمة محمد سعيد البرقي بقرية الصقيعة عام 1336هـ والتي رزق منها ابنه محمد تاج الأصفياء في نهاية العام ثم أنجب منها قمر الكمال عام 1341هـ وبعده شقيقته خادم الله عام 1345هـ شمس الفلاح الكبير عام 1929م والذي توفى صغيراً ثم أنجبت من بعده شقيقته أم بركة ثم تلاها شمس الفلاح الصغير عام 1934م وكانت صغرى بناته دار الخلود عام 1938م هي آخر ذريته.

شعره:-
بدأ الشيخ حياتي قرض الشعر ولم يتجاوز عمره 19 عاماً وتحديداً في العام 1909هـ 

اتسمت أشعاره بروح الإسلام ومحبة الرسول صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام. 

أما شعر المديح فمجهول البداية، لأنه بدأه منذ الصغر ،و له قصة مع عمه الشيخ الأمين صقر البرزن حيث سأله الشيخ الأمين يوماً أن كان بدأ يقرض الشعر فيجيب الشيخ حياتي بلا فيرد عليه الشيخ الأمين بالقول (سوف تكون مادحاً لرسول الله حتى يعدم فمك السن)، والعجيب أنه عند وفاة الشيخ حياتي لم تكن بفكيه سناً واحداً، وقد عبر عن ذلك في إحدى قصائده بقوله:

تراه عياي الرمي أسناني صلاة محبوبي النبي العدناني 

وبالإَضافة إلى مدائحه فقد كانت له:
* قصائد عصماء في الصحابة تسمى الحربية
* وقصائد أخرى يمدح فيها آبائه وأجداده وشيوخه بأم ضواً بان
* وأناشيد أخرى كثيرة يقوم فيها بدور الناصح الواعظ والعبد الراجي. 

ويلاحظ أن أشعار الشيخ حياتي تتسم بجودة الرصف والسبك وانتقاء المفردات والجناس وفنون البلاغة، مع الالتزام بثلاثة أحرف في
القافية طيلة القصيدة والتي قد تحوي على أكثر من ستين بيتاً (أنظر المبشرات بالديوان من شعره الحربي في الصحابة).

ومن عيون شعره مدائحه التي تبدأ بـ(الشوق علينا ازداد) 

ومدائح القسم التي تبدأ بـ(عيب شبابي) و(طب زماني)

و(على الرسول يا قوم) فله من هذا المنوال قرابة الثلاثين مدحة.
أوقات تأليفه للمديح:لم يكن للشيخ حياتي وقتاً محدداً للتأليف، فقد يرد عليه في كل الأوقات ولكن غالبه يكون بعد صلاة العشاء حيث يختلي بنفسه قبالة النيل
الأزرق ثم يعود ليدون ما فتح الله عليه به من المدائح والقصائد. وقد ذكر عنه أنه ألف تسعة من المدائح في ليلة زفاف إحدى زوجاته إليه.

وأورد تلميذه على ود حسن أن الشيخ حياتي قال له: لقد ألهمني الله بتأليف عدد من المدحات ليلة البارحة بعد انصرافكم عني وقبل مجيء
إحداهن «صلاة الله رحماني على سيد هود ولقمان». وقد سأل فيها الله أن يرزقه ابنين صالحين تقيين ووجيهين. وهذا يدل على أن الشيخ
حياتي كان يتمتع بملكة هائلة وخصبة في التأليف والقريض كما يدل أيضاً على حبه للرسول صلى الله عليه وسلم فهو في يوم زفافه
ينشغل بمدح المصطفى دون الانشغال بليلة عرسه واستقبال عروسته.
مدوناته ومدائحه:للشيخ حياتي ديوان شعر دونه بخط يده وقد ساعده في تدوينه أبناه شيخ تاج الأصفياء والفكي الصديق نجل أخيه الشيخ المبارك، 

فاق منتوج الشيخ حياتي الشعري أكثر من ألف مدحة لم يحفظ منها إلا حوالي أربعمائة مدحة. تم جمعها وتدوينها بخط اليد بواسطة ابنه وخليفته الأول أحمد الطيب، وقد تمكن حفيده الدكتور الطيب الخليفة أحمد المصطفى بمساعدة الدكتور محمد المهدي بجامعة الخرطوم من توثيق ذلك بتحقيق ديوان يحوي قرابة 250 مدحة في طبعة أولى صدرت عام 1993 قرظ له البروفيسور عون الشريف قاسم.

وما زال البحث جارياً مع أتباعه ومريديه لجمع ما تبقى لإصدار المزيد من إنتاجه وتوثيقه ويحفظ هذا التراث الذي يعتبر ثروة أدبية
لجميع أهل السودان.
خدمته للقرآن الكريم:كرس الشيخ حياتي جهده في خدمة القرآن الكريم وأهله حيث أوقد تقابة القرآن بقرية الصقيعة في العام 1318هـ بعد زواجه الأول بها. 

ثم تحول إلى مقر إقامته بنفس القرية بجوار صهره محمد سعيد البرقي حيث أسس مسجداً عام 1326هـ وأنشأ مكاناً للضيافة ومنازل لطلاب العلم والقرآن الذين وفر لهم نفقات الإعاشة والسكن على حسابه الخاص. ولا يزال بنيانه الذي أسسه علي نور القرآن يزدان ويزخر بحفظة كتاب الله وتلاوته تحت رعاية خليفته الأول أحمد الطيب ومن جاء بعده. وتقام به الآن شعائر الصلوات الخمس وحلق الذكر كما يقصده الناس في المواسم والأعياد. وقد تلقى فيه العديد من أبنائه وأبناء المنطقة القرآن وعلومه منهم على سبيل المثال الفكي بشرى الفكي حسب الله وللفكي بشرى بدوره خلوة لتعليم القرآن بمسجد الشيخ يونس بأم دقرسي، والجدير بالذكر أن الشيخ
حياتي اتخذ الصقيعة مقراً له لارتباطه الوثيق بأهلها فهم أبناء عمومته وقد وجد فيهم التربة الخصبة الصالحة لنشر علمه فلم يبخل عليهم بما
وهبه الله من علم
.
تفاعله مع بيئته:-كان الشيخ حياتي متفاعلاً مع بيئته التي عاش فيها يظهر ذلك في:
* الدور القيادي البارز في تعليم القرآن في المنطقة.
× الدور البارز في تعليم الفقه والشعائر في المنطقة.
* الدور القيادي والبارز في المناسبات الدينية كإمامة الصلاة وعقود الزواج والإصلاح بين الناس في المنطقة.
* شعره ومفردات قصائده التي عكس من خلالها ما يهم إنسان المنطقة ومن ذلك ما ورد في مدائحه: 

(ألطف بنا من لم تزول من الوباء الما خلي زول) و(أدركنا أدركنا) و(يا عاشق الماحي قوم)

ومرد ذلك تأثره بما يجري حوله من نهضة اقتصادية وحراك اجتماعي وإنساني وأوبئة تأثرت بها المنطقة.

* كما أنه قام بحفر الآبار للسقي والشرب مما ساعد في حل مشاكل المياه وتوفرها للناس ومواشيهم.
* كما أنه أنشأ مقبرة للقرية والقرى المجاورة بدأها بابنه

حياته اليومية:-
كان الشيخ حياتي يرتب وقته ترتيباً دقيقاً فبعد أن يصلي الصبح في مسجده يمكث في محرابه يتلو القرآن الكريم والأذكار والصلاة على
الرسول والأوراد الجزولية إلى أن تشرق الشمس.

ثم يخرج الساعة الثامنة صباحاً للضيوف ومقابلة أهل الحوائج يتناول معهم الإفطار 

ثم يخلد إلى القيلولة. 

ويعود بعدها ليصلي بالجماعة الظهر ويبقى مع الناس حتى صلاة العصر. 

بعدها ينصرف لأذكار المساء حتى يؤذن المغرب فيخرج للصلاة ثم يعاود أذكاره حتى صلاة العشاء التي كان يؤخرها حتى يقابل ضيوف المساء وأصحاب الحوائج من طلابه ومريديه. 

كما أنه يشارك في معالجة قضايا وحوائج الناس والاستماع لمشاكلهم بإسداء النصح والمشورة لهم. 

ويلاحظ أن الشيخ حياتي كان يسخر معظم وقته للعبادة وتلاوة القرآن ومطالعة دلائل الخيرات (الجزولية ) والإشراف على طلابه. 

وكان يلبي دعوات مريديه لإحياء الليالي بالقرى المجاورة ومشاركتهم في مناسباتهم المختلفة مما اكسبه محبة إتباع طلابه وطاعتهم له واحترامه
.
معاصروه من شعراء المديح:
كان للشيخ حياتي لقاءات تسودها المحبة والاحترام بين معاصريه من شعراء المديح ومنهم ود سعد وأبو شريعة وود عبد الملك وود البقو
وكانوا يجارون بعضهم البعض في مدائحهم. ويدل ذلك على تقارب وائتلاف مقاصدهم في محبة المصطفى صلى الله عليه وسلم. 

وكانت له مساجلات ومحبة وود مع الشريف يوسف الهندي عبر عنها في مدحته: 

«مرمي الغرام يا الهندي» 

ويحكى أن بعض الشعراء في عصره أحسوا بخطورته عليهم فعابوا عليه صغر السن فرد عليهم
(يا مداح سمح الكحل، حاس بالصغر حاس بالجهل، لسع على تحمل الرحل، لكن أظن بابوري حل، رقي بالسلالم فاق زحل)
مداحه وتلاميذه:ينتقي الشيخ حياتي لمديحه أعذب الأصوات بالإضافة إلى صحة المخارج وجودة اللفظ وحفظ المفردة وكان إذا أعجبه صوت عرض على صاحبه أن يكون من مداحه فيوافق على الفور لما فيه من شرف كبير. والمقربين من تلاميذه ذكرهم في قصيدته: 
(يا عشاق هيا قومو بنا في النايرة نزور محبوبنا) 

فمنهم محمد سعيد البرقي صهره ووالد زوجته فاطمة 
وحاج بابكر حسن 
وعبدالقادر التاي ببانت. 

ومن كبار مداحه: 
علي حسن من المقاريت كترانج الشرق،
ومحمد الفكي عبد القادر من ود الفضل،
وسعيد جاد المولى 
وأحمد الريفي 
وعلي صغيرون من الجريف، 
وعلي القلع من سرحان، 
وعباس أحمد الخضر من الحصاحيصا،
والرئيس من بانت، 
وعلي حسن السوداني من الهجليج، 

وآخرين من القرى والمدن المجاورة، فهؤلاء كانوا حسب المواصفات التي يريدها الشيخ حياتي لأنه كان حريصاً على إنتاجه حتى
يضمن سلامة المعني وأمانة النقل خوفاً من التحريف والخطأ
.
أتباعه ومريديه:
يمثل الدباسيون غالبية أتباعه وهم من قبائل الشكرية الذين يتمركزون بالحصاحيصا وقرية الضالة وكانوا يحضرون الموسم ويتفانون في
خدمة المسيد والضيوف وقد ذكرهم الشيخ حياتي في مدائحه ودعا لهم بالخير والبركة. 
وكذلك فقد التف حوله أهالي القرى المجاورة لقرية الصقيعة بمختلف مشاربهم ينهلون من علمه ويطلبون حكمته وإرشاده ويقتدون بنهجه وصلاحه وقد تتلمذ على يديه الكثير من أبنائهم فحفظوا القرآن وتعلموا الكتابة

وفاته:-
توفي الشيخ حياتي في يوم 29 مايو 1943م جمادي الأول عام 1362هـ عن عمر يناهز 72 عاماً وقد ذكر بعض أتباعه أنه جمعهم ذات يوم قبيل وفاته فقال لهم : 

«يا فقراء تجمعنا الطاعة وتفرقنا المعصية عما قريب تفقدوني تجدوني مافي» 

هكذا كانت نصائحه لأتباعه ومريديه يأمرهم بالخير ويحثهم عليه وينهاهم عن الشر ويحذرهم منه.

والحمد لله ما زال المسجد عامراً بإقامة الصلوات وتلاوة القرآن وحلقات الذكر
وهناك مكتبة إلكترونية ثقافية لتعليم القرآن الكريم برعاية حفيده بروفيسور صديق أحمد
المصطفى مدير جامعة الخرطوم حالياً.

هذه نفحات عطرة من حياة الشيخ حياتي الذي ترك بصماته واضحة في المجتمع السوداني من خلال مدائحه الخالدة الرائعة للمصطفى صلى الله عليه وسلم، نسأل الله أن يتغمده بوافر الرحمة والمغفرة

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الشكينيبة الشرافه والتاريخ

تقع مدينة الشكينيبة في السودان في الجزء الجنوبي الشرقي لمدينة المناقل على بعد تسع كيلو ترات منها . و لم تشتهر إلا بعد مجيء الشيخ عبد الباقي المكاشفي إليها في عام 1910م. تبلغ مساحتها حوالي 60.000 متر مربع ، و يقدر عدد سكانها حوالي 5.000 نسمة. و يعتمد أهالي المنطقة على الزراعة والرعي وعلى تجارة حول مسيد الشيخ المكاشفي.تعددت الأقوال في أصل الاسم فقيل اسم الشكينيبة من نشكو نوائبنا إلى الله - من قول الشيخ المكاشفي- وقيل من الشكنابه وهي قرعة اللبن عند أهل المنطقة. حط الشيخ المكاشفي رحاله بها وعمرها و حفر البئر وبنى المنازل. وفي هذه البقعة المباركة بنى مسجده وبنى حوله الخلاوى و أشعل نار القرآن و أوقد نار النفقة وشيد دور العلم وحفر الحفير، فأصبحت الشكينيبة مركز القاصدين ومورد الطالبين، و اجتمع فيها أعداد كثيرة من الأجناس المختلفة. فإذا جئت إليها واقتربت منها ترى الناس ينحدرون إليها من كل الجهات ما بين راجلين وراكبين على أشكال عديدة وقد امتلأت منهم مساحات كبيرة وإذا دخلت البلدة وجدت الخلاوي مزينة بطلاب القرآن و العلوم الشرعية ووجدت حلقات الذكر تعج بالذاكرين ووجدت دور الضيافة قد ملئت بأهل المقاصد المختلفة. و تعد الشكينيبة من أكبر الصروح الدينية والمعالم التاريخية التي ساهمت ومازالت تساهم في دفع حركة التعليم والإرشاد الديني في البلاد وقد ارتبط اسمها في أذهان جميع الناس باسم الشيخ عبد الباقي المكاشفي" رضي الله عنه " وما إن يذكر أسم الشكينيبة إلا ويذكر علاج الأمراض النفسية والعصبية والعقلية والروحية وغيرها من الأمراض المستعصية فقد جعل الله فيها سراً عظيماً ألا وهو الشيخ عبد الباقي المكاشفي و خلفاؤه الوارثون علومه. خلاوي القرآن: والحمد لله الذي أوقد نار تعليم القرآن بالشكينيبة وجعلها أرض مباركة طيبة وجعلها أرض ذكر ، و الشكر بعد الله للشيخ عبد الباقي المكاشفي الذي بنى الخلاوي وقام على أمرها والذي علم الناس كتاب الله وأرشدهم إلى سبيل الخير و الصلاح و جاء بالعلماء و الحفظة وكفل أمرهم . والحمد لله ثانياً إذ أنها مازالت إلى اليوم بفضل أبناء الشيخ وأحفاده الوارثين علومه قبلة الطلاب إذ يرسل الناس أبناءهم إليها ليحفظوا و يتعلموا كتاب الله تعالى. وليس هذا فحسب بل يزيد المشايخ على هذا كفالة اليتامى والمساكين وإرسالهم إلى المدارس والجامعات ليكملوا مسيرة تعليمهم. و خلاوي الشكينيبة واحدة من المعالم البارزة التي توحي إلى خصوصية البلدة ،ولقد تخرج منها رجال ومشايخ كثيرون ، وعند الحديث عن خلاوي الشكينيبة لابد من الإشارة إلى الخلاوي الأخرى التي قامت في مسائد و زاويا السادة المكاشفية و سارت على ذات الطريق. ألا جزاء الله الشيخ عبد الباقي المكاشفي وأبناءه وكل المشائخ القائمين على أمر الخلاوي و تحفيظ كتاب الله خير الجزاء الليالي و حلقات الذكر: عند الكلام عن الشكينيبة لابد من الكلام عن إحياء الليالي وإقامة حلقات الذكر كإحياء ليلتي الجمعة والاثنين من كل أسبوع في الشكينيبة وفي مسائد المكاشفية الأخرى. و في الشكينيبة خاصة تقام الاحتفالات الدينية الكبيرة التي يأتي إليها جميع أحباب ومريدي الشيخ من شتى أنحاء البلاد كعيدي الفطر والأضحية المباركين وليلة الإسراء والمعراج في السابع والعشرين من شهر رجب وتسمى " الرجبية" وهي من أكبر المناسبات بالمسيد و كذا الاحتفالات بمولد سيد البشرية" عليه أفضل الصلوات و أزكى التسليم " والاحتفال بليلة عاشوراء وليلة من النصف من شهر شعبان وكذا الحوليات وغيرها من المناسبات. و الذكر العام عند السادة المكاشفية ذكر جماعي بالاسم المفرد اسم الجلالة " الله الله " في شكل حلقة دائرية يتوسطها الرواة " الشعار" حاملي الدفوف " الطارات " يمدحون المدائح النبوية التي تحمل في طياتها صفات الرسول الكريم " صلى الله عليه وسلم" وتبين فضله و مكانته عظم رسالته التي حث الناس بالتمسك بآدابها وهديها، وهنالك أيضاً القصائد التوحيدية والقصائد القومية التي تروي قصص الأولياء و الصالحين الذاكرين المخلصين الذين جدوا في السير إلى مولاهم. ويقود الذكر شيخ ومن حوله المريدين والمحبين في شكل دائري ويسمون بـ " الاوتاد" لا يتعالى بعضهم على بعض ولو بأطراف الرؤوس كما جاء في نصائح الشيخ " رضي الله عنه " يترنحون شجناً ومحبة بالله الواحد الأحد العظيم ويتمايلون وجداً تمايلاً مصحوبا بالذكر " الله الله " أهزوجة روحانية تبعاً لإيقاعات النوبة والدفوف والكاسات ، تارة بإيقاع خفيف بضربات سريعة متلاحقة وتسمى " الحربية" أو " الخفيفة " وتارة بإيقاع ثقيل ضربة إثر ضربة وتسمى بالثقيل أو " الثقيلة" وهناك إيقاع آخر لا هو بالثقيل ولا هو بالخفيف ويسمى " بالشامية" أو المتلوتا." وبالذكر ومدح المصطفى ومدح أهل الله والإبحار فيهم تسمو أرواح الذكرين وتعلو حتى ترى من بعضهم حالا لا يدركه عامة الناس الحفير : و عند الكلام عن الشكينيبة و عن الشيخ عبد الباقي المكاشفي لابد من الكلام عن الحفير المباركة التي تقع شرق المسيد والتي قام بحفرها الشيخ ومريدوه ما بين عامي 1927 –1928م وتبلغ مساحتها مايقارب خمسة أفدنة تقريبا. تعتمد هذه الحفير المباركة على مياه الأمطار التي تصب وتتجمع فيها في فصل الخريف ، و تظل المياه بها في الغالب طوال أشهر السنة ومن ثم تتجدد في موسم الخريف ، ومن حكمة الله أن مياهها تظل خالية من كل التغيرات و من نواقل الأمراض وقد أكد ذلك بعثة معمل " إستاك" بالخرطوم وبعثة كلية الطب بجامعة الجزيرة الذين زاروها وفحصوا ماءها واكتشفوا أنها من أصح المياه الطبيعية . وهي تلعب دورا مهما في تخفيف عبء معاناة المياه في المنطقة وتشكل هذه الحفير معلما بارزا لكل الناس وهي إرث تاريخي تليد خلفه الشيخ أجراً وصدقةً جاريةً ، وفيها بركة وخير للناس ومنها طينة الحفير التي يتداوى بها الناس وهي إحدى كرامات الشيخ المكاشفي. و لا يقصد أحدا الشكينيبة إلا وكانت زيارة الحفير إحدى اهتماماته فهي مثار عجب ودهشة ، ولقد شهدنا فيها الكثير من العجائب و الغرائب. ومن المعالم والمنارات الواضحة في الشكينيبه القباب حيث أن بها ضريح الشيخ عبد الباقي المكاشفي رضي الله عنه ذاك الصرح الذي حوى الفخار و الأسرار و المعاني. وإلى جانبها تجد قبة الشيخ عبد الله وقبة الشيخ الطيب و قبة الشيخ الجيلي رضي الله عنهم وهي منارات يردها الزوار وينهلون من خيراتها ويشهدون أسرارها وهي توحي على صوفية البلدة و صلاح أهلها.


من أنا

السودان, الشكينيبه, Sudan
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي صل عليه الله ُ في الايات ِ وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات(والله وبالله وتالله لا يجتمع حب إله وحب ذاك درهم في قلب ذي اسراري إن الدراهم مكتوب عليها أذا أحببت درهما أبغضك الجباري لاتنكرن لقولي في كتابتها تالله لايعرفها الا ذا أفكاري(الشيخ عبدالباقى المكاشفى)