
السلام قلب القرآن
وردت لفظة السلام في القرآن الكريم ثلاث وثلاثون مرة ، منها قوله تعالى :










أما معناه : فأولاً : بمعنى الله جل جلاله
يقول الإمام جعفر الصادق عليه السلام : السلام جل جلاله : إسم من أسماء الله تعالى ، أودعه خلقه ليستعملوا معناه في المعاملات والأمانات والإلصاقات ، وتصديق مصاحبتهم ومجالستهم فيما بينهم وصحة معاشرتهم .
ويقول القشيري : السلام جل جلاله : قيل : معناه ذو السلام ... معناه يقوده إلى تنزيهه عن الآفات ، وتقديسه عن صفات المخلوقات ، فيكون بمعنى القدوس .
وقيل : معنى السلام : أنه سلم المؤمنون من عذابه ، كما أن معنى المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده .
وقيل : معناه أنه ذو السلام على أوليائه فإنه عز وجل قال :


ويقول الشيخ الغزالي : السلام : هو الذي تسلم ذاته عن العيب ، وصفاته عن النقص ، وأفعاله عن الشر ، حتى إذا كان كذلك لم يكن في الوجود سلامة إلا وكانت معزية إليه صادرة منه .
ويقول الشيخ الأكبر ابن عربي : السلام جل جلاله : بسلامته من كل ما نسب إليه مما كره من عباده أن ينسبوه إليه .
ثانياً : بمعنى الرسول صلى الله تعالى عليه وسلم
وبعدما عرفنا معنى اسم السلام بكل ما يعنيه من معنى عند أهل التحقيق ، ولم يبق لنا إلا أن نتعرف عليه من هو في سورة يس ؟ وعلى أساس أن قلب القرآن سورة يس وقلب سورة يس آية








ثالثاً : بالمعنى العام
يقول الشريف الجرجاني : السلام : هو تجرد النفس عن المحنة في الدارين .
أما اسم السلام جل جلاله من حيث التعلق والتحقق والتخلق ، فيقول الشيخ الأكبر ابن عربي : السلام جل جلاله من حيث التعلق : افتقارك إلى هذا الإسم بسلامة ذاتك من وقوع يلحقك بالعيب ، ومن حيث التحقق : السلام البراءة من كل ما يستحيل عليه ، ومن حيث التخلق : الفرق بين هذا الإسم والقدوس : أن التنـزيه في حق العبد إنما وقع بعد حصول ما ينبغي أن يتقدس عنه ، والسلام قد يكون بهذه المثابة وقد يكون ابتداء يسلمه في قيام العيب به . فالثاني الذي هو السلام من استمراره هو الذي ينبغي أن يكون تخلقاً ، والذي يكون ابتداء خلقاً عناية إلهية .
ويقول الشيخ فخر الدين الرازي : حظ العبد من اسمه تعالى ( السلام ) فهو أن العبد له سلامة في الدنيا وسلامة في الدين ، أما سلامته في الدنيا ، فهو أن يتخلص عن المؤذيات ، ويحصل له ما كان في حيز الضرورات والحاجات .
وأما السلامة في الدين فهي على ثلاثة مراتب :
أولها : السلامة في مقام الشريعة ، وهو أن يسلم دينه عن البدع والشبهات ، وأعماله عن متابعة الهوى والشبهات .
وثانيها : السلامة في مقام الطريقة ، وهو أن يكون عقله أمير شهوته وغضبه ، ولا يكون أسيراً لهما ، لأن العقل أمير ، والشهوة والغضب كل واحد منهما عبده .
وثالثها : السلامة في مقام الحقيقة ، وهو أن لا يكون في قلبه التفات إلى غير الله .
ويقول الشيخ أبو بكر الواسطي : السلام على ضربين : من جهة الرضوان ودار السلام سلمهم من شواهدهم ، والسلام للأكابر سلمهم بشاهده عن أن يتعلقوا بشواهدهم .
ويقول الشيخ ابن عطاء الأدمي : السلام في الجنة من وجوه : منهم من يسلم عليه خزنة الجنة يقولون :






ومن مكاشفات الصوفية عن صورة السلام يقول الشيخ ابن قضيب البان : كشف لي الحق عن صورة السلام ، فإذا هو نور قد أحاط جهات المصلي ، واتصل منه إلى كل ذي روح شعاعٌ يتلون على لون صاحبه .
وأما جنة السلام فيقول الشيخ عبد الكريم الجيلي : جنة السلام هي الطبقة الأولى من الجنان : وتسمى جنة المجازاة ، خلق الله باب هذه الجنة من الأعمال الصالحة . تجلى الله فيها على أهلها باسمه الحسيب ، فصارت جزاء محضاً . وقوله :






ويقول القشيري في معنى آية : ( سَلَامٌ قَوْلًا مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ ) أي يسمعونَ كلامَه وسلامَه بلا واسطة ، وأكَّد ذلك بقوله : « قولاً » . وبقوله :






___________________________
المصادر :
الإمام القشيري – تفسير لطائف الإشارات
الإمام الغزالي – المقصد الأسنى في شرح أسماء الله الحسنى
الشيخ عبد الكريم الجيلي – الإنسان الكامل
الشيخ محيي الدين بن عربي – الفتوحات المكية
موسوعة الكسنزان فيما اصطلح عليه أهل التصوف والعرفان – للسيد الشيخ محمد الكسنزان