الاثنين، 21 مايو 2012

أصحاب اليمين

أصحاب اليمين

أصحاب اليمين

بقلم :مشتاق هيلان
وردت هذه اللفظة في القرآن الكريم ( 30 ) مرة باشتقاقاتها المختلفة ، منها قوله تعالى :  فَأَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ  .
يقول الشيخ إسماعيل حقي البروسوي رحمه الله في أصحاب الميمنة : هم الصنف الثاني من العباد أهل الذكر ، أهل الفتور من وجه ، وأهل الحضور من وجه ، وهم أرباب الرحمة . 
وأما طبقات أصحاب اليمين فيقول الشيخ ابن عطاء الأدمي رحمه الله : أصحاب الميمنة على ثلاث طبقات : ظالم ، ومقتصد ، وسابق . 
ويقول الشيخ سهل بن عبد الله التستري رضي الله عنه : أصحاب اليمين : هم الموحدون ، أي : العاقبة لهم بالسلامة ، لأنهم أمناء الله ، قد أدوا الأمانة يعني أمره ونهيه ، لم يحدثوا شيئاً من المعاصي والزلات ، قد أمنوا الخوف والهول الذي ينال غيرهم .
ويقول الشيخ ولي الله الدهلوي : أصحاب اليمين : هم الذين تهذّب جانب من قلبهم وعقلهم ، ولم يتهذّب جانب آخر مع صحة مزاجهم ، أو أكثروا من القربات الإلهية ، وداوموا عليها إلا أن بهيميتهم في غاية الضعف ، وملكيتهم في غاية السافلية ، فلم يجدوا ما وجد السابقون فبقوا من أصحاب اليمين هذا .
وفي طريقتنا العلية القادرية الكسنـزانية نقول : أصحاب اليمين : هم أصحاب النفوس التي تتجه اتجاهين ، فمرة إلى العلويات ، ومرة إلى السفليات بالتفكير والعمل بالأمور الدنيوية ، وعملهم هو الأخلاق الحسنة .
وذلك لأن اليمين هو كناية عن الحسنات والشمال كناية عن السيئات ومن هذا المعنى لا يقال عن رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم يمين رسول الله وشماله لأن كلتا يديه يمين فهو الذي قال الله تعالى فيه أوائل سورة الفتح :  ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر  أي إنك عين المغفرة فمن اقتدى بك واتبعك فهو مغفور له . كما أن الحجر الأسود هو يمين الله في أرضه فمن قبله شهد له عند الله عزوجل بالإيمان فيغفر الله له .
وفي دنو مقام أصحاب اليمين عن المقربين يقول الشيخ فخر الدين الرازي رحمه الله : مقام أصحاب اليمين وهو دون المقام الأول مقام المقربين : وذلك لأن هؤلاء شاهدوا الحق موجودا ، وشاهدوا الخلق أيضاً موجودا ، فحصلت كثرة في الموجودات .
وفي دنو مرتبة أصحاب اليمين عن السابقين يقول الشيخ نجم الدين الكبرى رضي الله عنه : وكل ما يكون لأصحاب اليمين يحصل للسابقين ، وهم سابقون على أصحاب اليمين ، بما لهم من شهود الجمال وكشف الجلال ، وهذا خاصة لسيد المرسلين ومتابعيه ، كما قال تعالى :  قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إلى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي  .
وأما الفرق بين أهل اليمين والمقربين يقول الشيخ ابن عربي رضي الله عنه : المقربون : هم بين يدي الله في مقابلة الذات الموصوفة باليدين ، فإنهم لتنفيذ الأوامر الإلهية في الخلق في كل دار . وأما أهل اليمين : فليس لهم هذا التصريف ، بل هم أهل سلامة وبراءة لما كانوا عليه ، وهم عليه من قوة الحكم على نفوسهم ، وقمعهم هواهم باتباع الحق . 
ويقول أيضاً في فتوحاته : خرّج الترمذي عن جابر قال لما قدم النبي صلى الله عليه وسلم مكة دخل فاستلم الحجر ثم مضى على يمينه فرمل ثلاثاً ومشى أربعاً الحديث لما كان الحجر يمين الله وجعل للإنسان المخلوق على الصورة يميناً شرع له أن يكون في طوافه بين يمين الله ويمينه فيكون مؤيداً بالقوّتين معاً فلا يجد الشيطان إليه دخولاً لأن الشيطان ليس له على اليمين سبيل وإنما يلقي في قلب العبد وهو مائل إلى جهة الشمال فيكون يمين الحق في الطواف في حق الطائف يحفظه وهو ذو يمين من نشأته فلا يزال محفوظاً فإذا انتقل من موازنته وهو من حد الركن العراقي إلى الركن اليماني تحفظه عناية البيت المنسوب إلى الله فإن قلت فقد أخبر الله تعالى عن إبليس أنه يأتينا من قبل اليمين قلنا اليمين الذي أراد الشيطان هنا ليس هو يمين الجارحة فإنه لا يلقي على الجوارح وكذلك ما هو شمال الجوارح ولا أمام الإنسان ولا خلفه وأن محل إلقائه إنما هو القلب فتارة يلقى في القلب ما يقدح في أفعال ما يتعلق بيمينه أو شماله أو من خلفه أو من بين يديه ، ونحن إنما نريد باليمين هنا هذه الجهة المخصوصة ، فإن قلت وكذا المشرك له هذه اليمين قلنا بالمجموع وقع ما وقع وما يكون المجموع إلا للمؤمن وهذا معنى قوله تعالى :  فأما إن كان من أصحاب اليمين  يريد يمين المبايعة التي بيدها الميثاق ما يريد يمين الجارحة .
ويقول ابن عجيبة في كتابه إيقاظ الهمم : قد قسم الله تعالى عباده ثلاثة أقسام أهل الشمال وأهل اليمين والسابقون أما أهل الشمال فلا كلام عليهم إذ لا إقبال لهم على الله أصلاً وأما أهل اليمين فلهم إقبال بوجه ما لكن لا خصوصية لهم لأنهم قنعوا بظاهر الشريعة ولم يلتفتوا إلى سلوك طريقة ولا حقيقة وقفوا مع الدليل والبرهان ولم ينهضوا إلى مقام الشهود والعيان ولا كلام معهم أيضاً وأما السابقون فقد أقبلوا على الله متوجهين إليه طالبين الوصول إلى معرفته وهم في ذلك على قسمين قسم أقبل على الله بملاطفة إحسانه وقياماً بشكر إنعامه وامتنانه وهم أهل مقام الشكر وقسم أقبل على الله بسلاسل الامتحان وضروب البلايا والمحن وهم أهل مقام الصبر أهل المقام الأول فأقبلوا على الله طوعاً وأهل المقام الثاني أقبلوا على الله كرهاً قال تعالى :  ولله يسجد من في السموات والأرض طوعاً وكرهاً  قال أبو مدين رضي الله عنه : سنة الله استدعاء العباد لطاعته بسعة الأرزاق ودوام المعافاة ليرجعوا إليه بنعمته فإن لم يفعلوا ابتلاهم بالسراء والضراء لعلهم يرجعون لأن مراده عز وجل رجوع العباد إليه طوعاً وكراهاً . 
ويقول أيضاً في نفس المصدر : إن عرفت أنك من أهل اليمين وأردت أن تعرف قدرك عنده هل أنت من المكرمين أو من المهانين فانظر فإن كنت تمتثل أمره وتجتنب نهيه وتسارع في مرضاته وتحبب إلى أوليائه وأحبائه فأنت من المكرمين المعظمين ، وإن كنت تتهاون في أمره وتتساهل في نواهيه وتتكاسل عن طاعته وتهتك حرماته وتعادي أوليائه فأنت والله عنده من المهانين المحرومين المطرودين إلا أن تتداركك عناية من رب العالمين . وإن الأكوان ظاهرها ملك وباطنها ملكوت ، فمن وقف مع الملك كان من عوام أهل اليمين ، ومن نفذ إلى شهود الملكوت كان من خواص المقربين .
ويقول الشيخ أبو الحسن الشاذلي رضي الله عنه : كل من لم يفتح له في هذا العلم علم الباطن فهو من أهل اليمين وكل من فتح له في علم الباطن فهو من المقربين السابقين .

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الشكينيبة الشرافه والتاريخ

تقع مدينة الشكينيبة في السودان في الجزء الجنوبي الشرقي لمدينة المناقل على بعد تسع كيلو ترات منها . و لم تشتهر إلا بعد مجيء الشيخ عبد الباقي المكاشفي إليها في عام 1910م. تبلغ مساحتها حوالي 60.000 متر مربع ، و يقدر عدد سكانها حوالي 5.000 نسمة. و يعتمد أهالي المنطقة على الزراعة والرعي وعلى تجارة حول مسيد الشيخ المكاشفي.تعددت الأقوال في أصل الاسم فقيل اسم الشكينيبة من نشكو نوائبنا إلى الله - من قول الشيخ المكاشفي- وقيل من الشكنابه وهي قرعة اللبن عند أهل المنطقة. حط الشيخ المكاشفي رحاله بها وعمرها و حفر البئر وبنى المنازل. وفي هذه البقعة المباركة بنى مسجده وبنى حوله الخلاوى و أشعل نار القرآن و أوقد نار النفقة وشيد دور العلم وحفر الحفير، فأصبحت الشكينيبة مركز القاصدين ومورد الطالبين، و اجتمع فيها أعداد كثيرة من الأجناس المختلفة. فإذا جئت إليها واقتربت منها ترى الناس ينحدرون إليها من كل الجهات ما بين راجلين وراكبين على أشكال عديدة وقد امتلأت منهم مساحات كبيرة وإذا دخلت البلدة وجدت الخلاوي مزينة بطلاب القرآن و العلوم الشرعية ووجدت حلقات الذكر تعج بالذاكرين ووجدت دور الضيافة قد ملئت بأهل المقاصد المختلفة. و تعد الشكينيبة من أكبر الصروح الدينية والمعالم التاريخية التي ساهمت ومازالت تساهم في دفع حركة التعليم والإرشاد الديني في البلاد وقد ارتبط اسمها في أذهان جميع الناس باسم الشيخ عبد الباقي المكاشفي" رضي الله عنه " وما إن يذكر أسم الشكينيبة إلا ويذكر علاج الأمراض النفسية والعصبية والعقلية والروحية وغيرها من الأمراض المستعصية فقد جعل الله فيها سراً عظيماً ألا وهو الشيخ عبد الباقي المكاشفي و خلفاؤه الوارثون علومه. خلاوي القرآن: والحمد لله الذي أوقد نار تعليم القرآن بالشكينيبة وجعلها أرض مباركة طيبة وجعلها أرض ذكر ، و الشكر بعد الله للشيخ عبد الباقي المكاشفي الذي بنى الخلاوي وقام على أمرها والذي علم الناس كتاب الله وأرشدهم إلى سبيل الخير و الصلاح و جاء بالعلماء و الحفظة وكفل أمرهم . والحمد لله ثانياً إذ أنها مازالت إلى اليوم بفضل أبناء الشيخ وأحفاده الوارثين علومه قبلة الطلاب إذ يرسل الناس أبناءهم إليها ليحفظوا و يتعلموا كتاب الله تعالى. وليس هذا فحسب بل يزيد المشايخ على هذا كفالة اليتامى والمساكين وإرسالهم إلى المدارس والجامعات ليكملوا مسيرة تعليمهم. و خلاوي الشكينيبة واحدة من المعالم البارزة التي توحي إلى خصوصية البلدة ،ولقد تخرج منها رجال ومشايخ كثيرون ، وعند الحديث عن خلاوي الشكينيبة لابد من الإشارة إلى الخلاوي الأخرى التي قامت في مسائد و زاويا السادة المكاشفية و سارت على ذات الطريق. ألا جزاء الله الشيخ عبد الباقي المكاشفي وأبناءه وكل المشائخ القائمين على أمر الخلاوي و تحفيظ كتاب الله خير الجزاء الليالي و حلقات الذكر: عند الكلام عن الشكينيبة لابد من الكلام عن إحياء الليالي وإقامة حلقات الذكر كإحياء ليلتي الجمعة والاثنين من كل أسبوع في الشكينيبة وفي مسائد المكاشفية الأخرى. و في الشكينيبة خاصة تقام الاحتفالات الدينية الكبيرة التي يأتي إليها جميع أحباب ومريدي الشيخ من شتى أنحاء البلاد كعيدي الفطر والأضحية المباركين وليلة الإسراء والمعراج في السابع والعشرين من شهر رجب وتسمى " الرجبية" وهي من أكبر المناسبات بالمسيد و كذا الاحتفالات بمولد سيد البشرية" عليه أفضل الصلوات و أزكى التسليم " والاحتفال بليلة عاشوراء وليلة من النصف من شهر شعبان وكذا الحوليات وغيرها من المناسبات. و الذكر العام عند السادة المكاشفية ذكر جماعي بالاسم المفرد اسم الجلالة " الله الله " في شكل حلقة دائرية يتوسطها الرواة " الشعار" حاملي الدفوف " الطارات " يمدحون المدائح النبوية التي تحمل في طياتها صفات الرسول الكريم " صلى الله عليه وسلم" وتبين فضله و مكانته عظم رسالته التي حث الناس بالتمسك بآدابها وهديها، وهنالك أيضاً القصائد التوحيدية والقصائد القومية التي تروي قصص الأولياء و الصالحين الذاكرين المخلصين الذين جدوا في السير إلى مولاهم. ويقود الذكر شيخ ومن حوله المريدين والمحبين في شكل دائري ويسمون بـ " الاوتاد" لا يتعالى بعضهم على بعض ولو بأطراف الرؤوس كما جاء في نصائح الشيخ " رضي الله عنه " يترنحون شجناً ومحبة بالله الواحد الأحد العظيم ويتمايلون وجداً تمايلاً مصحوبا بالذكر " الله الله " أهزوجة روحانية تبعاً لإيقاعات النوبة والدفوف والكاسات ، تارة بإيقاع خفيف بضربات سريعة متلاحقة وتسمى " الحربية" أو " الخفيفة " وتارة بإيقاع ثقيل ضربة إثر ضربة وتسمى بالثقيل أو " الثقيلة" وهناك إيقاع آخر لا هو بالثقيل ولا هو بالخفيف ويسمى " بالشامية" أو المتلوتا." وبالذكر ومدح المصطفى ومدح أهل الله والإبحار فيهم تسمو أرواح الذكرين وتعلو حتى ترى من بعضهم حالا لا يدركه عامة الناس الحفير : و عند الكلام عن الشكينيبة و عن الشيخ عبد الباقي المكاشفي لابد من الكلام عن الحفير المباركة التي تقع شرق المسيد والتي قام بحفرها الشيخ ومريدوه ما بين عامي 1927 –1928م وتبلغ مساحتها مايقارب خمسة أفدنة تقريبا. تعتمد هذه الحفير المباركة على مياه الأمطار التي تصب وتتجمع فيها في فصل الخريف ، و تظل المياه بها في الغالب طوال أشهر السنة ومن ثم تتجدد في موسم الخريف ، ومن حكمة الله أن مياهها تظل خالية من كل التغيرات و من نواقل الأمراض وقد أكد ذلك بعثة معمل " إستاك" بالخرطوم وبعثة كلية الطب بجامعة الجزيرة الذين زاروها وفحصوا ماءها واكتشفوا أنها من أصح المياه الطبيعية . وهي تلعب دورا مهما في تخفيف عبء معاناة المياه في المنطقة وتشكل هذه الحفير معلما بارزا لكل الناس وهي إرث تاريخي تليد خلفه الشيخ أجراً وصدقةً جاريةً ، وفيها بركة وخير للناس ومنها طينة الحفير التي يتداوى بها الناس وهي إحدى كرامات الشيخ المكاشفي. و لا يقصد أحدا الشكينيبة إلا وكانت زيارة الحفير إحدى اهتماماته فهي مثار عجب ودهشة ، ولقد شهدنا فيها الكثير من العجائب و الغرائب. ومن المعالم والمنارات الواضحة في الشكينيبه القباب حيث أن بها ضريح الشيخ عبد الباقي المكاشفي رضي الله عنه ذاك الصرح الذي حوى الفخار و الأسرار و المعاني. وإلى جانبها تجد قبة الشيخ عبد الله وقبة الشيخ الطيب و قبة الشيخ الجيلي رضي الله عنهم وهي منارات يردها الزوار وينهلون من خيراتها ويشهدون أسرارها وهي توحي على صوفية البلدة و صلاح أهلها.


من أنا

السودان, الشكينيبه, Sudan
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي صل عليه الله ُ في الايات ِ وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات(والله وبالله وتالله لا يجتمع حب إله وحب ذاك درهم في قلب ذي اسراري إن الدراهم مكتوب عليها أذا أحببت درهما أبغضك الجباري لاتنكرن لقولي في كتابتها تالله لايعرفها الا ذا أفكاري(الشيخ عبدالباقى المكاشفى)