الاثنين، 21 مايو 2012

هل يكره المؤمن الموت

هل يكره المؤمن الموت

هل يكره المؤمن الموت


يقول الله تعالى في الحديث القدسي : ( من أهان لي ولياً فقد بارزني بالمحاربة ، وإني لأسرع شيء إلى نصرة أوليائي ، إني لأغضب لهم كما يغضب الليث الحرب ، وما ترددت عن شيء أنا فاعله ترددي عن قبض روح عبدي المؤمن ، وهو يكره الموت وأكره مساءته ، ولابد له منه ، وما تعبّدني عبدي المؤمن بمثل الزهد في الدنيا ، ولا تقرّب إليّ عبدي المؤمن بمثل أداء ما افترضت عليه ، ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه ، فإذا أحببته كنت له سمعاً وبصراً ويداً ومؤيداً ، إن سألني أعطيته ، وإن دعاني استجبت له ، وإن من عبادي المؤمنين لمن سألني من العبادة فاكفه عنه ، ولو أعطيته إياه لدخله العجب وأفسده ذلك ، وإن من عبادي المؤمنين لمن لا يصلحه إلا الغنى ولو أفقرته لأفسده ذلك ، وإن من عبادي المؤمنين لمن لا يصلحه إلا الفقر ، ولو أغنيته لأفسده ذلك ، وإن من عبادي المؤمنين لمن لا يصلحه إلا الصحة ، ولو أسقمته لأفسده ذلك ، وإن من عبادي المؤمنين لمن لا يصلحه إلا السقم ، ولو أصححته لأفسده ذلك ، وإني أدبر لعبادي بعلمي بقلوبهم ، إني عليم خبير ) كنز العمال ج1 ص231
في هذا الحديث القدسي الشريف يظهر المولى سبحانه قدر الولي ومكانته عنده ، ويبين لنا أنه حين يأتمر بما أمره به وينتهي عما نهاه فإنه سيتولاه بولايته ويحيطه بعنايته ويكلأه برعايته ، بمعنى أن الولي المؤمن لما أطاع الله فيما يريد أعطاه الله ما يريد وأصلح له شأنه ، كما ورد في إحياء علوم الدين للغزالي : ( يروى أن الله تعالى أوحى إلى داود عليه السلام : يا داود إنك تريد وأريد وإنما يكون ما أريد ، فإن سلمت لما أريد كفيتك ما تريد ، وإن لم تسلم لما أريد أتعبتك فيما تريد ثم لا يكون إلا ما أريد ) وبموالاة المؤمن لربه يصير يغضب له وينصره بل يصير سلَماً لمن يسالمه وحرْباً لمن يحاربه ، ومن يؤاذنه الله بالحرب فإنه يأخذه أخذ الكلاب ، إلى أن يصل الولي إلى درجة يتردد الله في قبض روحه لأنه يكره الموت ، والتردد هنا حسب ما فسره الشيخ عبد القادر الجزائري ( رحمه الله ) في كتابه المواقف في التصوف والوعظ والإرشاد : ( هو أن المشيئة والإرادة عبارة عن تصرف الحق تعالى في ذاته بذاته وبتصرفه في ذاته ثبت قوله :  يَمْحو اللَهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ  ، فتتصرف المشيئة في الإرادة بالظهور والبطون ، فيشاء أن يريد ومشيئته لا أن يريد تصرف في ذاته ، لأن إرادته تعالى ليست غير متعلقة بالممكن ، فيشاء أن يريد ويحكم العلم . والمشيئة بما هو المعلوم عليه في ثبوته ، فالذات من حيث أنها مشيئة تتصرف في تعلق الذات من حيث أنها إرادة وتردد كما ورد في الحديث الصحيح :  ما ترددت في شيء أنا فاعله ترددي في قبض نسمة عبدي المؤمن يكره الموت وأكره مساءته ولا بد له من لقائي  . فوصف سبحانه وتعالى نفسه بالمفاضلة في التردد والذي جعله يقبضه على كره هو حقيقة المعلوم . فالتردد من الإرادة ما هو من المشيئة وحكمته ظهور العناية بالأمر المتردد فيه ، والمشيئة لا تردد لها ، فلا يشاء إلا ما شاء ، وما شاء إلا ما علم ، فالمشيئة لها الحكم في التردد الإلهي كما لها الحكم الأمر الإلهي المتوجه على المأمور أما بالوقوع أو عدم الوقوع ) . فهو لا كترددنا نحن البشر كلا وحاشا بل هو صفة فعلية خبرية ثابتة لله تعالى على ما يليق به سبحانه ؛ لأنه لَيْسَ كمثله شيء وهو السميع البصير . 
أما عن كره المؤمن للموت فلأن الحياة بالنسبة إليه فرصة ذهبية لا تعوض يُبنى عليها حياة أبدية ، فالمؤمن يكره الموت أكثر من كره الكافر له ، ولكن شتان ما بين الكرهين فالكافر يكره الموت لولوغه في شهواتها وملذاتها الفانية ونسيانه للآخرة وأهوالها مع علمه جيداً بأن الموت سيقطع عنه كل هذه الملذات ، وحين الموت يكره لقاء الله لأنه لم يقدم لآخرته ما يؤهله لرضا مولاه ، والمؤمن يكره الموت أضعاف أضعاف ما يكرهه الكافر وذلك لأنه يقطع عنه طريق الوصول إلى رضا الله والتقرب منه بالأعمال الصالحة من عبادات ومجاهدات وإرشاد وتحبيب عباد الله إلى الله وتحبيب الله إلى عباده ، فيؤثر عن أحد الصالحين أنه اجتمع عنده أصحابه وهو يعالج سكرات الموت فبكى ، فقال له أحد أصحابه : أجزعاً من الموت ؟ فقال : لا والله ؛ ولكن أبكي على يوم شديد الحر كنت أصومه ، وعلى ليل شديد البرد كنت أقومه . إذاً فهم يحبون البقاء في الدنيا لا للدنيا وإنما لأنها مزرعة الآخرة ، فشتاؤها ربيع لهم حيث يقولون : طال ليله فقمناه وقصر نهاره فصمناه ، وصيفها يجاهدون به أنفسهم لأنهم علموا أن أنفسهم أعدى أعداءهم ، وكرههم للموت ما زالوا في الحياة فإذا نزل عليهم الموت ، أحبوا لقاء الله فأحب الله لقاءهم ورد في الحديث الشريف : ( من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه , ومن كره لقاء الله كره الله لقاءه , فقلت : يا نبي الله أكراهية الموت , فكلنا نكره الموت ؟ قال عليه الصلاة والسلام : ليس كذلك , ولكن المؤمن إذا بُشِّر برحمة الله , ورضوانه , وجنته , أحب لقاء الله فأحب الله لقاءه , وإن الكافر إذا بُشر بعذاب الله وسخطه , كره لقاء الله , فكره الله لقاءه ) أخرجه البخاري ومسلم والترمذي والنسائي ، وفي رواية : ( إذا أحبّ لقائي أحببت لقاءه , وإذا كره لقائي كرهت لقاءه ) . يقول الإمام علي ( كرم الله وجهه ) في هذا المعنى حكمةً ووعظاً : 
ولدتك أمــك يا بن آدم باكيــــــاً ... والناس حولك يضحكـون سرورا
فاحرص على عمل تكون إذا بكوا ... في يوم موتك ضاحكاً مسرورا


المصدر:موقع التصوف الاسلامى

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الشكينيبة الشرافه والتاريخ

تقع مدينة الشكينيبة في السودان في الجزء الجنوبي الشرقي لمدينة المناقل على بعد تسع كيلو ترات منها . و لم تشتهر إلا بعد مجيء الشيخ عبد الباقي المكاشفي إليها في عام 1910م. تبلغ مساحتها حوالي 60.000 متر مربع ، و يقدر عدد سكانها حوالي 5.000 نسمة. و يعتمد أهالي المنطقة على الزراعة والرعي وعلى تجارة حول مسيد الشيخ المكاشفي.تعددت الأقوال في أصل الاسم فقيل اسم الشكينيبة من نشكو نوائبنا إلى الله - من قول الشيخ المكاشفي- وقيل من الشكنابه وهي قرعة اللبن عند أهل المنطقة. حط الشيخ المكاشفي رحاله بها وعمرها و حفر البئر وبنى المنازل. وفي هذه البقعة المباركة بنى مسجده وبنى حوله الخلاوى و أشعل نار القرآن و أوقد نار النفقة وشيد دور العلم وحفر الحفير، فأصبحت الشكينيبة مركز القاصدين ومورد الطالبين، و اجتمع فيها أعداد كثيرة من الأجناس المختلفة. فإذا جئت إليها واقتربت منها ترى الناس ينحدرون إليها من كل الجهات ما بين راجلين وراكبين على أشكال عديدة وقد امتلأت منهم مساحات كبيرة وإذا دخلت البلدة وجدت الخلاوي مزينة بطلاب القرآن و العلوم الشرعية ووجدت حلقات الذكر تعج بالذاكرين ووجدت دور الضيافة قد ملئت بأهل المقاصد المختلفة. و تعد الشكينيبة من أكبر الصروح الدينية والمعالم التاريخية التي ساهمت ومازالت تساهم في دفع حركة التعليم والإرشاد الديني في البلاد وقد ارتبط اسمها في أذهان جميع الناس باسم الشيخ عبد الباقي المكاشفي" رضي الله عنه " وما إن يذكر أسم الشكينيبة إلا ويذكر علاج الأمراض النفسية والعصبية والعقلية والروحية وغيرها من الأمراض المستعصية فقد جعل الله فيها سراً عظيماً ألا وهو الشيخ عبد الباقي المكاشفي و خلفاؤه الوارثون علومه. خلاوي القرآن: والحمد لله الذي أوقد نار تعليم القرآن بالشكينيبة وجعلها أرض مباركة طيبة وجعلها أرض ذكر ، و الشكر بعد الله للشيخ عبد الباقي المكاشفي الذي بنى الخلاوي وقام على أمرها والذي علم الناس كتاب الله وأرشدهم إلى سبيل الخير و الصلاح و جاء بالعلماء و الحفظة وكفل أمرهم . والحمد لله ثانياً إذ أنها مازالت إلى اليوم بفضل أبناء الشيخ وأحفاده الوارثين علومه قبلة الطلاب إذ يرسل الناس أبناءهم إليها ليحفظوا و يتعلموا كتاب الله تعالى. وليس هذا فحسب بل يزيد المشايخ على هذا كفالة اليتامى والمساكين وإرسالهم إلى المدارس والجامعات ليكملوا مسيرة تعليمهم. و خلاوي الشكينيبة واحدة من المعالم البارزة التي توحي إلى خصوصية البلدة ،ولقد تخرج منها رجال ومشايخ كثيرون ، وعند الحديث عن خلاوي الشكينيبة لابد من الإشارة إلى الخلاوي الأخرى التي قامت في مسائد و زاويا السادة المكاشفية و سارت على ذات الطريق. ألا جزاء الله الشيخ عبد الباقي المكاشفي وأبناءه وكل المشائخ القائمين على أمر الخلاوي و تحفيظ كتاب الله خير الجزاء الليالي و حلقات الذكر: عند الكلام عن الشكينيبة لابد من الكلام عن إحياء الليالي وإقامة حلقات الذكر كإحياء ليلتي الجمعة والاثنين من كل أسبوع في الشكينيبة وفي مسائد المكاشفية الأخرى. و في الشكينيبة خاصة تقام الاحتفالات الدينية الكبيرة التي يأتي إليها جميع أحباب ومريدي الشيخ من شتى أنحاء البلاد كعيدي الفطر والأضحية المباركين وليلة الإسراء والمعراج في السابع والعشرين من شهر رجب وتسمى " الرجبية" وهي من أكبر المناسبات بالمسيد و كذا الاحتفالات بمولد سيد البشرية" عليه أفضل الصلوات و أزكى التسليم " والاحتفال بليلة عاشوراء وليلة من النصف من شهر شعبان وكذا الحوليات وغيرها من المناسبات. و الذكر العام عند السادة المكاشفية ذكر جماعي بالاسم المفرد اسم الجلالة " الله الله " في شكل حلقة دائرية يتوسطها الرواة " الشعار" حاملي الدفوف " الطارات " يمدحون المدائح النبوية التي تحمل في طياتها صفات الرسول الكريم " صلى الله عليه وسلم" وتبين فضله و مكانته عظم رسالته التي حث الناس بالتمسك بآدابها وهديها، وهنالك أيضاً القصائد التوحيدية والقصائد القومية التي تروي قصص الأولياء و الصالحين الذاكرين المخلصين الذين جدوا في السير إلى مولاهم. ويقود الذكر شيخ ومن حوله المريدين والمحبين في شكل دائري ويسمون بـ " الاوتاد" لا يتعالى بعضهم على بعض ولو بأطراف الرؤوس كما جاء في نصائح الشيخ " رضي الله عنه " يترنحون شجناً ومحبة بالله الواحد الأحد العظيم ويتمايلون وجداً تمايلاً مصحوبا بالذكر " الله الله " أهزوجة روحانية تبعاً لإيقاعات النوبة والدفوف والكاسات ، تارة بإيقاع خفيف بضربات سريعة متلاحقة وتسمى " الحربية" أو " الخفيفة " وتارة بإيقاع ثقيل ضربة إثر ضربة وتسمى بالثقيل أو " الثقيلة" وهناك إيقاع آخر لا هو بالثقيل ولا هو بالخفيف ويسمى " بالشامية" أو المتلوتا." وبالذكر ومدح المصطفى ومدح أهل الله والإبحار فيهم تسمو أرواح الذكرين وتعلو حتى ترى من بعضهم حالا لا يدركه عامة الناس الحفير : و عند الكلام عن الشكينيبة و عن الشيخ عبد الباقي المكاشفي لابد من الكلام عن الحفير المباركة التي تقع شرق المسيد والتي قام بحفرها الشيخ ومريدوه ما بين عامي 1927 –1928م وتبلغ مساحتها مايقارب خمسة أفدنة تقريبا. تعتمد هذه الحفير المباركة على مياه الأمطار التي تصب وتتجمع فيها في فصل الخريف ، و تظل المياه بها في الغالب طوال أشهر السنة ومن ثم تتجدد في موسم الخريف ، ومن حكمة الله أن مياهها تظل خالية من كل التغيرات و من نواقل الأمراض وقد أكد ذلك بعثة معمل " إستاك" بالخرطوم وبعثة كلية الطب بجامعة الجزيرة الذين زاروها وفحصوا ماءها واكتشفوا أنها من أصح المياه الطبيعية . وهي تلعب دورا مهما في تخفيف عبء معاناة المياه في المنطقة وتشكل هذه الحفير معلما بارزا لكل الناس وهي إرث تاريخي تليد خلفه الشيخ أجراً وصدقةً جاريةً ، وفيها بركة وخير للناس ومنها طينة الحفير التي يتداوى بها الناس وهي إحدى كرامات الشيخ المكاشفي. و لا يقصد أحدا الشكينيبة إلا وكانت زيارة الحفير إحدى اهتماماته فهي مثار عجب ودهشة ، ولقد شهدنا فيها الكثير من العجائب و الغرائب. ومن المعالم والمنارات الواضحة في الشكينيبه القباب حيث أن بها ضريح الشيخ عبد الباقي المكاشفي رضي الله عنه ذاك الصرح الذي حوى الفخار و الأسرار و المعاني. وإلى جانبها تجد قبة الشيخ عبد الله وقبة الشيخ الطيب و قبة الشيخ الجيلي رضي الله عنهم وهي منارات يردها الزوار وينهلون من خيراتها ويشهدون أسرارها وهي توحي على صوفية البلدة و صلاح أهلها.


من أنا

السودان, الشكينيبه, Sudan
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي صل عليه الله ُ في الايات ِ وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات(والله وبالله وتالله لا يجتمع حب إله وحب ذاك درهم في قلب ذي اسراري إن الدراهم مكتوب عليها أذا أحببت درهما أبغضك الجباري لاتنكرن لقولي في كتابتها تالله لايعرفها الا ذا أفكاري(الشيخ عبدالباقى المكاشفى)