الأحد، 25 ديسمبر 2011

مقامات وأضرحة الأولياء بالجزائر ... قصص وحكايات

مقامات وأضرحة الأولياء بالجزائر ... قصص وحكايات

مقامات وأضرحة الأولياء بالجزائر ... قصص وحكايات


لا تكاد قرية في بلاد القبائل الجزائرية تخلو من مقام أو ضريح ولي صالح أو قبة. فلكل قرية ولِيها أو أكثر سواء كانت كبيرة أو صغيرة. وتختلف شهرة هذه المقامات، وهؤلاء الأولياء وتتفاوت بقدر الأساطير التي نسجت حولها. وتبعا لذلك ذاع صيت بعضها وتجاوز حدود القرية أو الجهة, أو حتى أصبح رمزا معروفا في كل البلاد كما هو الشأن بالنسبة لـ (سيدي عبد الرحمن الثعالبي) حارس مدينة الجزائر و(سيدي بومدين) حارس تلمسان و(سيدي راشد) في قسنطينة و (سيدي الخير) في سطيف و(سيدي الهواري) في وهران وغيرهم. في حين يبقى بعضهم محدود الشهرة ويدين له أهل القرية بالولاء . 
وتبنى المقامات عادة وسط القرية وهي عبارة عن بيت كبير يتوسطه ضريح توارثت الأجيال اليقين بأنه لولي صالح , لكن في معظم الأحيان لا أحد يعرف شيئا دقيقا ومؤكدا عنه, باستثناء بعض الأساطير التي هي أقرب الى الخوارق منها الى السيرة الذاتية لأشخاص أتقياء وصالحين . وتحظى المقامات بتبجيل العامة من الناس في الجزائر وخاصة ببلاد القبائل, بل وأحيانا بتقديس مشوب بالرهبة والخضوع. فهي بصورة ما رموز لتاريخ غيبي غير محدود المعالم تحفّه الطلاسم وتتخلله القوى الخارقة التي بإمكانها إحضار (المعجزات) في حالة الرضى وبتسليط العقاب و البطش في حالة السخط . ولذلك فالتقرب منها لا يتيح فقط جني البركات والخيرات ولكن أيضا يبعد الشر والأذى والهلاك وسوء المصير. ومن شدة الولاء و الاحترام المشبع بالخوف فإن نسبة عالية من أهالي الريف ببلاد القبائل إن أقسموا بأوليائهم لا يحنثون أبدا. 
وعلى ذلك فزيارة هذه المقامات هي يومية وعلى مدار السنة خاصة من النساء اللائي يتقدمن الى الضريح للتبرك والتمني والتضرع لتحقيق أمنية ما أو لتجاوز محنة أو الخروج من ورطة. فتطلب الزواج من طال عليها الانتظار والإنجاب من عز عليها الوليد وتحقيق الذكر من لا تلد إلا الإناث وعودة الغائب من نأى عنها عزيز ... وهلم جرا. وخلال تلك الزيارات تشعل الشموع وتقدم هبات نقدية تسمى محليا (الوعدة) وتعلق تعاويذ وأنسجة ولفائف. والى جانب هذه الزيارات اليومية التي غالبا ما تكون فردية بحتة ويحيط موضوعها الكتمان, هناك زيارات جماعية وهي عادة أسبوعية تؤديها عائلة أو عشيرة أو مجموعة من الجيران, فتقدم ال قربان بنحْر تيس أو أكثر وإعداد وجبة الكسكسى لإطعام الزائرين والأطفال وعابري السبيل. كما تقدم خلال تلك الزيارة (الوعدة) التي تصل حصيلتها في كثير من الأحيان إلى آلاف الدينارات.ولدى بعض المقامات الشهيرة في بلاد القبائل كـ أحمد بن إدريس (بقرية إيلولة) أو مالو مثلا تكون هذه الزيارات الجماعية كل يوم خميس حيث تقبِل عائلات من أماكن بعيدة على متن حافلات تشكل موكبا احتفاليا بهيجا لاسيما من ولاية بجاية. وتقضي ليلة بالمقام مليئة بالمدائح والأدعية والتبرك. 
تبرك وصفقات قِران
بيد أن ما تتميز به المقامات ذائعة الصيت هو التجمع الكبير الذي يقام فيها كل سنة ويسمى (الزردة). ففي يوم معلوم من السنة يعلن عنه المنادي أو(البرّاح) كما يسمى محليا, خلال جولة تقوده الى كل قرى المنطقة وأسواقها مشيا على الأقدام لإعلام الناس بموعد (الزردة) وفي السنوات الأخيرة أدخلت تعديلات على وسيلة الاتصال بحيث أصبح المنظمون يلجأون لاستخدام الوسائل الحديثة من ملصقات وإعلانات في الصحف والإذاعة. ويفد الى المكان آلاف من الناس من مختلف الأعمار لقضاء يوم كامل من الترفيه في جو المدائح و قرع الطبول والأهازيج والرقص وتقدم لهم أطعمة متنوعة من اللحوم والكسكسي والفواكه الطازجة والمجففة وغيرها . ولا يبخل الزوار في الإجادة بـ (وعْدات) سخية تصل قيمتها عند العد النهائي الى عشرات الآلاف من الدينارات. وفي مقامات أخرى يكون موعد اللقاء السنوي يوم عاشوراء حيث يقبل الزوار من الجنسين بالمئات وتكون المناسبة سانحة في بعض النواحي للتقارب بين الشباب والفتيات بغرض التعارف والاكتشاف على أمل عقد صفقات القران . وقد بلغ الإقبال على بعض المقامات في السنوات الأخيرة مستويات قياسية و تحضر حتى عائلات جزائرية مقيمة بالخارج, بحيث وجب تجنيد قوات الأمن لتنظيم المرور والمحافظة على النظام العام وسط آلاف من الوافدين فيما يشبه (حجا) سنويا. وكسبت هذه الطقوس ساحة واسعة من الجيل الجديد بصرف النظر عن مستواه التعليمي وشعوره الديني . فهنا الجميع بشر سواسية يحتويهم وعاء واحد بلا تمييز. وهذه الظاهرة التي تعد امتدادا ضاربا في القدم صارت متأصلة في المجتمع القبائلي اليوم وتشكل موردا ماليا هاما للمقامات المقصودة وفي كثير من الأحيان يستفيد من تلك الموارد الفقراء والمحتاجين بالمنطقة. إقامة على هامش العقل 
وتشكل مقامات الأولياء الصالحين جزءاً لا يتجزأ من التراث القبائلي ولا تزال لحد الآن تتمتع بمكانة مرموقة في الوعي الفردي والجمعي, يختلط فيها الشعور الديني بذلك الإحساس الغامض لدى كل إنسان بالعالم الموازي, الطلسمي , غير المفهوم المبني أساسا على (أساطير الأولين) وبقدر ما يسود الاعتقاد بأن (أسياد) تلك المقامات يمكنهم التوسط بين الإنسان وربه ويساعدون على إيصال الدعوات والصلوات وإبلاغ نجواه العميقة. يعم اليقين بأنهم يتمتعون بطاقات فوق (بشرية وخارقة) قادرة على البطش و إنزال العقاب وفرض الخضوع والركون . والى ذلك ربما تعود تسميتهم بـ (حراس البلد) أو (حراس الأرض) التي يسهرون (في اعتقاد العامة) على حمايتها وعلى سكينتها وانتظام الحياة فيها. فكم من امرأة رأت الولي الصالح بلحمه ودمه وهي بين اليقظة والنوم في صورة شخص كل شيء فيه أبيض من لحية وعباءة وعمامة ... وكم من رجل تراءى له احد الأولياء في صورة ثعبان رهيب أو وحش مروع بعد ما تجرأ على ذكره بالسوء في سر أو علن ... ومئات من الحكايات الغريبة الأخرى تتناول العلاقة بين (حراس البلد) ومحروسيها. فهؤلاء وأولئك يروون تجاربهم المروعة وإن كانت عموما لا تصدق لأنها أقرب إلى الخوارق منها إلى ما يمكن أن يستوعبه العقل , لكن معظم ناس القبائل لا يجرؤون على إبداء الريبة والاستخفاف مخافة أن تصيبهم اللعنة ويلحق بهم غضب وبطش (حارس البلد). وفي غمرة الأساطير والحكايات الغابرة والتجارب الشخصية الماثلة تستمر قدسية الأولياء الصالحين دائما قوية وحاضرة في أذهان القبائليين يستمدون منها زادا للإشباع الفضول الغيبي ويتخذون منها في إدامة عادة متأصلة لا تقرب فقط بينهم وبين اللهلكنها أيضا تقرب بعضهم من البعض. وتلك سنة الحياة. 

المصدر: مؤسسة البيان

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الشكينيبة الشرافه والتاريخ

تقع مدينة الشكينيبة في السودان في الجزء الجنوبي الشرقي لمدينة المناقل على بعد تسع كيلو ترات منها . و لم تشتهر إلا بعد مجيء الشيخ عبد الباقي المكاشفي إليها في عام 1910م. تبلغ مساحتها حوالي 60.000 متر مربع ، و يقدر عدد سكانها حوالي 5.000 نسمة. و يعتمد أهالي المنطقة على الزراعة والرعي وعلى تجارة حول مسيد الشيخ المكاشفي.تعددت الأقوال في أصل الاسم فقيل اسم الشكينيبة من نشكو نوائبنا إلى الله - من قول الشيخ المكاشفي- وقيل من الشكنابه وهي قرعة اللبن عند أهل المنطقة. حط الشيخ المكاشفي رحاله بها وعمرها و حفر البئر وبنى المنازل. وفي هذه البقعة المباركة بنى مسجده وبنى حوله الخلاوى و أشعل نار القرآن و أوقد نار النفقة وشيد دور العلم وحفر الحفير، فأصبحت الشكينيبة مركز القاصدين ومورد الطالبين، و اجتمع فيها أعداد كثيرة من الأجناس المختلفة. فإذا جئت إليها واقتربت منها ترى الناس ينحدرون إليها من كل الجهات ما بين راجلين وراكبين على أشكال عديدة وقد امتلأت منهم مساحات كبيرة وإذا دخلت البلدة وجدت الخلاوي مزينة بطلاب القرآن و العلوم الشرعية ووجدت حلقات الذكر تعج بالذاكرين ووجدت دور الضيافة قد ملئت بأهل المقاصد المختلفة. و تعد الشكينيبة من أكبر الصروح الدينية والمعالم التاريخية التي ساهمت ومازالت تساهم في دفع حركة التعليم والإرشاد الديني في البلاد وقد ارتبط اسمها في أذهان جميع الناس باسم الشيخ عبد الباقي المكاشفي" رضي الله عنه " وما إن يذكر أسم الشكينيبة إلا ويذكر علاج الأمراض النفسية والعصبية والعقلية والروحية وغيرها من الأمراض المستعصية فقد جعل الله فيها سراً عظيماً ألا وهو الشيخ عبد الباقي المكاشفي و خلفاؤه الوارثون علومه. خلاوي القرآن: والحمد لله الذي أوقد نار تعليم القرآن بالشكينيبة وجعلها أرض مباركة طيبة وجعلها أرض ذكر ، و الشكر بعد الله للشيخ عبد الباقي المكاشفي الذي بنى الخلاوي وقام على أمرها والذي علم الناس كتاب الله وأرشدهم إلى سبيل الخير و الصلاح و جاء بالعلماء و الحفظة وكفل أمرهم . والحمد لله ثانياً إذ أنها مازالت إلى اليوم بفضل أبناء الشيخ وأحفاده الوارثين علومه قبلة الطلاب إذ يرسل الناس أبناءهم إليها ليحفظوا و يتعلموا كتاب الله تعالى. وليس هذا فحسب بل يزيد المشايخ على هذا كفالة اليتامى والمساكين وإرسالهم إلى المدارس والجامعات ليكملوا مسيرة تعليمهم. و خلاوي الشكينيبة واحدة من المعالم البارزة التي توحي إلى خصوصية البلدة ،ولقد تخرج منها رجال ومشايخ كثيرون ، وعند الحديث عن خلاوي الشكينيبة لابد من الإشارة إلى الخلاوي الأخرى التي قامت في مسائد و زاويا السادة المكاشفية و سارت على ذات الطريق. ألا جزاء الله الشيخ عبد الباقي المكاشفي وأبناءه وكل المشائخ القائمين على أمر الخلاوي و تحفيظ كتاب الله خير الجزاء الليالي و حلقات الذكر: عند الكلام عن الشكينيبة لابد من الكلام عن إحياء الليالي وإقامة حلقات الذكر كإحياء ليلتي الجمعة والاثنين من كل أسبوع في الشكينيبة وفي مسائد المكاشفية الأخرى. و في الشكينيبة خاصة تقام الاحتفالات الدينية الكبيرة التي يأتي إليها جميع أحباب ومريدي الشيخ من شتى أنحاء البلاد كعيدي الفطر والأضحية المباركين وليلة الإسراء والمعراج في السابع والعشرين من شهر رجب وتسمى " الرجبية" وهي من أكبر المناسبات بالمسيد و كذا الاحتفالات بمولد سيد البشرية" عليه أفضل الصلوات و أزكى التسليم " والاحتفال بليلة عاشوراء وليلة من النصف من شهر شعبان وكذا الحوليات وغيرها من المناسبات. و الذكر العام عند السادة المكاشفية ذكر جماعي بالاسم المفرد اسم الجلالة " الله الله " في شكل حلقة دائرية يتوسطها الرواة " الشعار" حاملي الدفوف " الطارات " يمدحون المدائح النبوية التي تحمل في طياتها صفات الرسول الكريم " صلى الله عليه وسلم" وتبين فضله و مكانته عظم رسالته التي حث الناس بالتمسك بآدابها وهديها، وهنالك أيضاً القصائد التوحيدية والقصائد القومية التي تروي قصص الأولياء و الصالحين الذاكرين المخلصين الذين جدوا في السير إلى مولاهم. ويقود الذكر شيخ ومن حوله المريدين والمحبين في شكل دائري ويسمون بـ " الاوتاد" لا يتعالى بعضهم على بعض ولو بأطراف الرؤوس كما جاء في نصائح الشيخ " رضي الله عنه " يترنحون شجناً ومحبة بالله الواحد الأحد العظيم ويتمايلون وجداً تمايلاً مصحوبا بالذكر " الله الله " أهزوجة روحانية تبعاً لإيقاعات النوبة والدفوف والكاسات ، تارة بإيقاع خفيف بضربات سريعة متلاحقة وتسمى " الحربية" أو " الخفيفة " وتارة بإيقاع ثقيل ضربة إثر ضربة وتسمى بالثقيل أو " الثقيلة" وهناك إيقاع آخر لا هو بالثقيل ولا هو بالخفيف ويسمى " بالشامية" أو المتلوتا." وبالذكر ومدح المصطفى ومدح أهل الله والإبحار فيهم تسمو أرواح الذكرين وتعلو حتى ترى من بعضهم حالا لا يدركه عامة الناس الحفير : و عند الكلام عن الشكينيبة و عن الشيخ عبد الباقي المكاشفي لابد من الكلام عن الحفير المباركة التي تقع شرق المسيد والتي قام بحفرها الشيخ ومريدوه ما بين عامي 1927 –1928م وتبلغ مساحتها مايقارب خمسة أفدنة تقريبا. تعتمد هذه الحفير المباركة على مياه الأمطار التي تصب وتتجمع فيها في فصل الخريف ، و تظل المياه بها في الغالب طوال أشهر السنة ومن ثم تتجدد في موسم الخريف ، ومن حكمة الله أن مياهها تظل خالية من كل التغيرات و من نواقل الأمراض وقد أكد ذلك بعثة معمل " إستاك" بالخرطوم وبعثة كلية الطب بجامعة الجزيرة الذين زاروها وفحصوا ماءها واكتشفوا أنها من أصح المياه الطبيعية . وهي تلعب دورا مهما في تخفيف عبء معاناة المياه في المنطقة وتشكل هذه الحفير معلما بارزا لكل الناس وهي إرث تاريخي تليد خلفه الشيخ أجراً وصدقةً جاريةً ، وفيها بركة وخير للناس ومنها طينة الحفير التي يتداوى بها الناس وهي إحدى كرامات الشيخ المكاشفي. و لا يقصد أحدا الشكينيبة إلا وكانت زيارة الحفير إحدى اهتماماته فهي مثار عجب ودهشة ، ولقد شهدنا فيها الكثير من العجائب و الغرائب. ومن المعالم والمنارات الواضحة في الشكينيبه القباب حيث أن بها ضريح الشيخ عبد الباقي المكاشفي رضي الله عنه ذاك الصرح الذي حوى الفخار و الأسرار و المعاني. وإلى جانبها تجد قبة الشيخ عبد الله وقبة الشيخ الطيب و قبة الشيخ الجيلي رضي الله عنهم وهي منارات يردها الزوار وينهلون من خيراتها ويشهدون أسرارها وهي توحي على صوفية البلدة و صلاح أهلها.


من أنا

السودان, الشكينيبه, Sudan
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي صل عليه الله ُ في الايات ِ وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات(والله وبالله وتالله لا يجتمع حب إله وحب ذاك درهم في قلب ذي اسراري إن الدراهم مكتوب عليها أذا أحببت درهما أبغضك الجباري لاتنكرن لقولي في كتابتها تالله لايعرفها الا ذا أفكاري(الشيخ عبدالباقى المكاشفى)