الاثنين، 26 ديسمبر 2011

الصوفية في تركيا

الصوفية في تركيا

الصوفية في تركيا

الناظر إلى طبيعة التدين في المجتمعات التركية يمكنه بسهولة أن يرى آثار التصوف الواضحة فيه، ولعل تفسير هذا يبدو سهلا إذا ما تذكرنا فضل الطرق الصوفية في دعوة الشعوب التركية المختلفة من أوزبك وأذريين وكرغز وغيرهم ممن دخل الدين من باب التصوف... ولذلك دأب الأتراك منذ حديث عهدهم بالدين على حماية التصوف الذي كان بمثابة الحصن المنيع الذي يحتمي به الدين والبلاد معا من شتى الهجمات وسائر المخاطر.حتى ان ـ مؤسسو الدولة العثمانية كانوا يعيشون - في مقاطعات غرب الأناضول - حياة ايمانية محاطة بالقوة المعنوية من جانب رجال العلم والتصوف الذين كانوا يلازمونهم، وتذكر الروايات أن أرطغرل والد عثمان مؤسس الدولة نزل ضيفا على أحد المتصوفة فقام صاحب البيت بوضع القرآن في مكان مرتفع فلما أراد أرطغرل أن ينام رأى أنه من دواعي الأدب والاحترام للقرآن ألا ينام وقدمه ممدوده فقضى ليلته نائما وهو واقف، أما عثمان فكان شيخا صالحا تقيا، وكان للطرق الصوفية دور بارز في ادارة شئون الدولة وتأسيسها فكان شيوخ الطرق يعملون على نشر الاسلام وإعداد المسلمين للجهاد.وقد تقلد الصوفية مناصب كبيرة في الدولة، ومن أشهر الطرق التي كان لها دور بارز في الدولة العثمانية الطريقة البكتاشية والطريقة الرفاعية والطريقة المولوية. وكان السلاطين العثمانيون مرتبطون بشيوخ الصوفية وبالطرق والتكايا، وكان لأهل التصوف دورهم العظيم في الدفاع عن الاسلام وكان لهم نفوذ على الهيئة الحاكمة في الدولة ورقابة سياساتها، وكان رجال التصوف يشتركون مع الجيش العثماني في فتوحاته وساهموا في تحقيق العديد من الانتصارات، وبصفة عامة كان التوجه الصوفي قاسما مشتركا بين جميع السلاطين العثمانيين فقد عرف عنهم التصوف وحب الصوفية .

الطرق الصوفية في تركيا

تمكنت كثير من الطرق الصوفية في تركيا أن تحافظ على وجودها رغم كل العقبات التي مرت بها، ولعل من أبرز تلك الطرق الطريقة النقشبندية والقادرية والخلوتية والعُشّاقية والجراحية والبكتاشية والمولوية، وتشارك هذه الطرق في الحياة الاجتماعية ولبعضها علاقات ودور سياسي.وسنتطرق هنا لبعض من تلك الطرق المنتشرة :

الطريقة اليسوية 
أحمد اليسوي ومنهجه الصوفي من خلال ديوان الحكمة:
يعد الشيخ أحمد اليسوي من أعلام التصوف في منطقة أسيا الوسطي منذ القرن الخامس الهجري والنصف الثاني من القرن الحادي عشر الميلادي، ولد لأب يدعى إبراهيم ولأم تدعي عائشة خاتون" ابنة الشيخ موسى أحد خلفاء الشيخ إبراهيم اليسوي، ولأحمد اليسوي أخت واحده تدعى "جوهر شاهناز" وهى أخته الكبرى. فقد الشيخ اليسوي أمه ثم توفي والده بعدها وأصبح اليسوي يتيماً وهو في سن السابعة من عمره فتولت أمره أخته الكبرى ، وبعد فترة انتقل اليسوي وأخته للعيش في مدينة " ياسي" بدأ احمد اليسوي تحصيله العلمي وهو في سن صغيرة في مدينة " ياسي " على يد شيخ معروف في هذه المدينة هو أرسلان بابا"ثم تعلم علي يد الشيخ يوسف الهمذاني وكان اليسوي مجتهداً في تحصيل العلم، حتى أنه لفت انتباه مدرسيه بالخوارق والتجليات التي كانت تظهر له. أن الشيخ أحمد اليسوي كان رجل صوفي عظيم قام بخدمات عديدة في الوسط التركي وأسيا الوسطي وأستطاع اليسوي تبليغ دعوته ونشرها عن طريق خلفائه ومريدوه وذلك لإلمامه باللغة التركية والفارسية والعربية.
إن شخصية الشيخ قد لفتت الانتباه بآثارها العميقة الواضحة في الحياة الروحية المعنوية للأمة التركية، وبأفكارها الصوفية، وطريقتها المعتدلة التي أسست للإسهام في المجال الصوفي في تركيا ودول أسيا الوسطي، تناول الشيخ احمد اليسوي سيرته الصوفية في ديوانه – ديوان الحكمة – وذكر فيه تجاربه الروحية بشكل مفصل حتى بلغ الثالثة والستين من عمره ، لقد وضع الشيخ اليسوي في ديوانه الحالة الروحية والمرتبة الفكرية للمجتمع الذي يخاطبه نصب عينية . أن هذا الشيخ العلم الصوفي البارز الذي ظهر في تركستان كانت له أهدافه، وأفكاره، ومبادئه، التي أستطاع بها أن يصل إلي قلوب المدنيين والبدو البسطاء في الصحاري وذلك من خلال أبيات "ديوان الحكمة"الذي يبرز التقاليد والعقائد المتعلقة بالفكر الصوفي للطريقة اليسوية، الذي لا يزال موجوداً إلى الآن، والمعروف لدي الأتراك منذ فترات طويلة، والسبب في ذلك مخاطبته شريحة عريضة من الشعب مباشرة ليعلم الشعب الدين والحقائق الصوفية الخالصة، لذا خاطبهم الشيخ اليسوي بلغتهم ولهجاتهم موافقاً إدراكهم وأذواقهم فكان دائماً يستخدم مصطلحات بسيطة يوضح بها الحالة الروحية والدرجة الفكرية للمجتمع الذي يخاطبه نصب عينيه.
ارتباط الطريقة اليسوية ارتباطاً وثيقاً بكتاب الله وسنة رسوله الكريم، وعلى الرغم من أن اليسوي كان له مذهبه وطريقته الصوفية إلا أنه لم يصادف قط أي وجود لما هو مخالفاً للشريعة الغراء في ديوانه فنجح اليسوي في التأليف بين الشريعة والطريقة لم يهدف اليسوي في ديوانه إلي إيضاح أدق أمور الفلسفة الصوفية التي لن يفهمها العامة، بل عمل علي توضيح القضايا المتعلقة بالأخلاق والشرع في شكل نصائح تعمل بالتأكيد على سعادتهم الأخروية. فقد جعل المسائل الفلسفية عنده تخضع للتأويل ولذا استخدام هذا المنهج في عرضه للنزعة الفلسفية عند الحلاج والجنيد والشبلي ودافع عنهم لأنه أحس بالنزعة التأويلة تأخذ بفكره للنزعة الفلسفية. 
أن اليسوي يمثل واحداً من ابرز عناصر وسمات الحياة الثقافية والفكرية للأتراك فضلاً عن شخصيته التاريخية بكونه أول من أصدر ديوان باللغة التركية الخالصة وأهم ما كتب في الأدب الصوفي التركي ، الذي نظم كثيراً من الشعر ليوقف الترك على آداب السلوك ويعلمهم الأخلاق والحكمة فلم يكن اليسوي غريباً عن العلوم الإسلامية والأدب الفارسية فكان ملماً بها عالماً بالآثار الصوفية لأقدم وأعظم شعراء الفرس والعرب.
أخذ كل متصوفة تركيا "الذكر الجهرى " من سلالة اليسوية بقراءة مواعظ ونصائح اليسوي ، ويبدأ القراءة ثلاثة أشخاص أو أثنين على الأقل وتكون قراءتهم بشكل مرتب ومنظم وتكون القراءة بحماس بينهم ويرتفع صوتهم رويداً، رويداً حيث يكون هناك توازناً في الصوت والنغم ، وقد تكون قراءة ديوان الحكمة على رأس حفل كبير من الصوفية أو على مجموعة كبيرة من الشعب وحينئذ يكون القارئ مفرداً يبدأ القراءة وحده وتكون قراءته بصوت مرتفع وبه حماس، ويستمر القارئ قي قراءة أبيات ديوان الحكمة بينما يتجه الآخرون بمناجاة الله وطلب المغفرة. 
انتشرت الطريقة اليسوية في بادئ الأمر في منطقة سيحون ثم انتشرت في كل أرجاء تركيا بسرعة كبيرة . وبعد استيلاء المغول على المنطقة وجدت الطريقة رواجاً كبيراً بين القبائل والعشائر التركية وبين أتراك أذربيجان وإيران وخراسان، وقد انتقلت الطريقة اليسوية إلى الأناضول في القرن الثالث عشر بواسطة دراويش الصوفية انتهجت نهج الطريقة اليسوية الأثر الصوفي المعنوي الكبير الطريقة النقشبندية ، والطريقة البكتاشية ، الطريقة الإلكانية ، الطريقة الحيدرية ،الطريقة البابائية.وظلوا يدعوا للإسلام بصدق وإخلاص ودافعوا عنه بكل وسيلة، فأينما حلوا كانوا يشيدوا الربط والتكايا لنشر الإسلام والعلم ومن الحق والإنصاف أن يذكر ويظهر مجاهداتهم في الدفاع عن دين الله وإظهار كلمة الحق ونشر علوم الإسلام وآدابه وأخلاقه بإتباع سنة رسول الله صلى الله تعالى عليه و سلم.
أن هذه الطرق الصوفية وعلى رأسها الطريقة اليسوية كان لهم دور ونشاط كبير في نشر الإسلام واستقراره في منطقة العالم التركي، ولا تزال الطرق التي انبثقت من اليسوية تدافع عن الإسلام إلى الآن في الشيشان وداغستان .
أن الطريقة اليسوية أول طريقة صوفية يؤسسها تركي بين الأتراك فقد تبع اليسوي ونهج على نهجه كل من أتي بعده أمثال "يونس آمره" في المنهج الصوفي في الإلهيات "وحكيم أتا" في حِكْمه فقد خرج ديوان الحكمة من كونه أثراًُ أدبياً بين الأتراك إلى[ صفة قدسية وذلك لأنه يقرأ من مئات السنين في تكايا وزاويا اليسوية ، وأصبح البصيرة التركية التي استمرت لمدة ألف عام وعلي هذا يكون الديوان واحداً من العناصر الروحية المعنوية التي تعمل علي التوحيد بين شعوب العالم التركي.

الطريقة النقشبندية
تعد الطريقة النقشبندية أكبر الطرق الصوفية في تركيا من حيث عدد المنتسبين إليها، وينتسب معظم أهلها إلى الفرع المعروف بـ"النقشبندية الخالدية" التي أخذت اسمها من خالد البغدادي الذي توفي في القرن الـ19، ومن أبرز الجماعات المندرجة ضمن هذه الطريقة من يحسب لها أدوار اجتماعية وثقافية و سياسية فاعلة:
1- جماعة إسكندر باشا: التي كان لشيخها محمد زاهد كوتكو الذي توفي في العام 1980 دور مهم في تأسيس حركة الإسلام السياسي وفي مواجهة النفوذ العلماني في تركيا. 
2- جماعة أرانكوي: ولم يكن لهذه الجماعة حزب سياسي يمثلها حيث آثرت العمل السياسي غير المباشر من خلال التوجيه والتأثير والوعظ الديني بسبب أحداث مانمان عام 1930 التي سامت بها الدولة المتصوفين سوء العذاب الأمر الذي جعل هذه الجماعة تمارس نشاطاتها باحتياط وحذر.
3- جماعة المنزل: نسبة إلى قرية المنزل التي كان يمارس فيها شيخ الجماعة النقشبندي محمد راشد أرول فعالياته الموجهة في جلها إلى محاربة العادات السيئة من الخمر والقمار وسوى ذلك، وقد حققت الجماعة نجاحا كبيرا في ذلك ما استقطب الزوار من داخل البلاد وخارجها الأمر الذي لم يرق للعلمانيين الذين انتهزوا فرصة انقلاب عام 1980 ليشدوا الخناق على تحركات شيخ الجماعة ونفيه، رغم حرصه على عدم التعاطي بالسياسة. 
4- جماعة إسماعيل أغا: وتعود التسمية إلى مسجد إسماعيل أغا في إسطنبول الذي يؤمه شيخ الجماعة محمود أفندي، ويطلب من الراغبين في الانتساب إلى الجماعة أن يرتدوا العمائم والجبب والسراويل ومن الراغبات أن يلبسن العباءات، الأمر الذي يجعلهم في خندق صعب من خنادق المواجهة مع تيار التغريب خاصة مع صحافته التي تصوره على أنه مروق صارخ من مبادئ العلمانية
5- السليمانيون: نسبة إلى شيخهم النقشبندي سليمان حلمي أفندي، وقد كانت أبرز فعالياته تعليم القرآن الكريم في أكثر الأوقات ضيقا على الحركات الدينية، وقد مارس ذلك في الخفاء وطور لتعليم القرآن وتحفيظه طرقا تنشئ القراء والحفاظ في وقت زمني قصير.

الجماعة النورسية
أما الطريقة النورسية ( نسبة إلى مؤسسها بديع الزمان سعيد النورسي),فقد شكّلت نوعاَ من جماعات التكامل والتضامن الاجتماعي، وهي من أكثر الجماعات الصوفية الإسلامية تأثيراَ على الحياة السياسية التركية، وقد تأسست على يد بديع الزمان سعيد النورسي الذي اشتغل بالتدريس في فروع ومناح علمية مختلفة، وسعى إلى إنشاء جامعة إسلامية في شرق الأناضول لخدمة الإسلام على غرار الجامع الأزهر، وتكون قادرة على تعليم الشباب العلوم الحديثة والعلوم القرآنية. ولكن مع انهيار الإمبراطورية العثمانية وقيام تركيا الحديثة على يد حكومة أتاتورك ثارت الأقاليم الشرقية في الأناضول عام 1925 ضد حكومة أتاتورك وطلب من سعيد النورسي الحرب ضد الحكومة إلا انه رفض إراقة دماء إخوانه في الإسلام, وشرع في كتابة "رسائل النور" التي تمحورت حول أبعاد خطر الفوضى الداخلية وتقوية أواصر المحبة بين تركيا والعالم الإسلامي، وإبعاد فكرة القومية والعنصرية، حتى إن رئيس وزراء تركيا عدنان مندريس وافق على نشر هذه الرسائل النورانية في ربوع الدولة التركية. وحاول سعيد النورسي خلال حياته أن يفرّق بين أفكاره ودعوات الطرق الصوفية بقوله "إن رسائل النور تنقذ الإيمان والطريقة الصوفية ترفع درجات الولاية، وإنقاذ ايمان مؤمن واحد أفضل من ترقية عشرة مؤمنين إلى درجة الولاية". ونظر إلى أن تقدم المسلمين يتم بتنظيم الوقت والعمل، وتوفير الأمن والطمأنينة بين المسلمين وتيسير سُبل التعاون في ما بينهم. وكذلك تأسيس علاقة بين الدول الغربية للاستفادة من النتائج الحضارية وقبول تبادل الآراء من عالم النصرانية ضد الإلحاد العالمي. وشرح حال الأمة الإسلامية بقوله "انها محاصرة بين غربتين، غربة زمان تتمثل في الأمة عن ماض حضاري مشرق، وقطع لروابط الثقافة الفاعلة. وغربة مكان تتضح في بعد عن واقع حضاري معاصر وفجوة حضارية كبرى يصعب على الأمة الإسلامية تجاوزها". 
هذا وقد تفرّقت الطريقة النورسية إلى خمس فرق بعد وفاة بديع الزمان سعيد النورسي العام 1960.

الموسيقى الصوفية التركية

في الماضي البعيد وفي مدينة قونيا -عاصمة الدولة السلجوقية 1237/1299م- الواقعة في جنوب تركيا، ظهرت الموسيقى الصوفية في بساطتها الأولى على أيدي دراويش الطريقة المولوية؛ حيث كانوا ينشدون قصائدهم من المديح والثناء في حق الرسول صلى الله تعالى عليه و سلم وفي صحابته الكرام وآل بيته الطاهرين، وكذلك مدحاً في رجال الصوفية الكبار، وكان ذلك في زوايا الطريقة التي انتشرت في مدن جنوب ووسط الأناضول مثل: قونيا وقيصرى وسيواس وآقسراي.
في البداية لم تعرف الموسيقى الصوفية غير مقامات وآلات موسيقية بسيطة مثل الناي والدف والسَاز (آلة وترية تشبه العود، ولكنها أصغر حجما منه)، تعرف الموسيقى الصوفية عند الأتراك عمومًا باسمين أولهما "سَماع" Sema أو السماعي- (هو نوع من الأشعار أو الكلمات المستخدمة في الموسيقى التركية) وهو أيضًا الذكر الديني القائم على الدوران وقوفًا والمصحوب بالموسيقى التي تستخدم فيها آلات موسيقية مثل الناي والقانون وهي الموسيقى التي تعزف في الحجرة المسماة بـ "سماع خانه" Sema-Hane والتي تقع في داخل زاوية الطريقة المولوية أو تلك الأشعار الغنائية التي تغنى في الـ( "مشك خانه"Meşk-(Hane (المكان المخصص للعزف الموسيقى) .
أما النوع الثاني للموسيقى الصوفية فيحمل اسم "إلهي" İlahi وهو من الشعر الصوفي التركي والإلهي .أيضاً، وهو المنظومات والقصائد التي تتحدث عن أوصاف وخصال الله تعالى ورسوله الكريم وتحتوي على أدعية.
وتعرف الموسيقى الصوفية التركية كذلك القصائد الشعرية، وهي الأشعار التي تزيد عن 15 بيتًا، وتدور حول مدح الكبار، ويطلق اسم "قصيده كويى" أو "قصيده سرايان" على الشخص الذي يغني القصائد المدحية.
ومن الأشكال المنتشرة في الوقت الحالي في الموسيقى الصوفية التركية: المجموعات المنشدة (Şarkılar Gorupu)، وهي مجموعات تتكون من خمسة إلى عشرة أشخاص (رجال) يرتدون ملابس موحدة، ويقومون بالغناء أو الإنشاد الديني دون أدوات موسيقية، ولكن ينشدون على مقام موسيقي واحد لا يتغير، يتبادل أفراد المجموعة الإنشاد المنفرد، ثم يعودون مجدداً بين الحين والآخر للإنشاد الجماعي داخل الجوامع الكبيرة في المناسبات الإسلامية مثل: ليلة القدر، النصف من شعبان، المولد النبوي الشريف وغيرها، أو في الاحتفالات العائلية الاجتماعية مثل: حفلات ختان الصبيان، في الوفاة، العودة من الحج... إلخ.

المصدر: مواقع متعددة من الانترنت بتصرف

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الشكينيبة الشرافه والتاريخ

تقع مدينة الشكينيبة في السودان في الجزء الجنوبي الشرقي لمدينة المناقل على بعد تسع كيلو ترات منها . و لم تشتهر إلا بعد مجيء الشيخ عبد الباقي المكاشفي إليها في عام 1910م. تبلغ مساحتها حوالي 60.000 متر مربع ، و يقدر عدد سكانها حوالي 5.000 نسمة. و يعتمد أهالي المنطقة على الزراعة والرعي وعلى تجارة حول مسيد الشيخ المكاشفي.تعددت الأقوال في أصل الاسم فقيل اسم الشكينيبة من نشكو نوائبنا إلى الله - من قول الشيخ المكاشفي- وقيل من الشكنابه وهي قرعة اللبن عند أهل المنطقة. حط الشيخ المكاشفي رحاله بها وعمرها و حفر البئر وبنى المنازل. وفي هذه البقعة المباركة بنى مسجده وبنى حوله الخلاوى و أشعل نار القرآن و أوقد نار النفقة وشيد دور العلم وحفر الحفير، فأصبحت الشكينيبة مركز القاصدين ومورد الطالبين، و اجتمع فيها أعداد كثيرة من الأجناس المختلفة. فإذا جئت إليها واقتربت منها ترى الناس ينحدرون إليها من كل الجهات ما بين راجلين وراكبين على أشكال عديدة وقد امتلأت منهم مساحات كبيرة وإذا دخلت البلدة وجدت الخلاوي مزينة بطلاب القرآن و العلوم الشرعية ووجدت حلقات الذكر تعج بالذاكرين ووجدت دور الضيافة قد ملئت بأهل المقاصد المختلفة. و تعد الشكينيبة من أكبر الصروح الدينية والمعالم التاريخية التي ساهمت ومازالت تساهم في دفع حركة التعليم والإرشاد الديني في البلاد وقد ارتبط اسمها في أذهان جميع الناس باسم الشيخ عبد الباقي المكاشفي" رضي الله عنه " وما إن يذكر أسم الشكينيبة إلا ويذكر علاج الأمراض النفسية والعصبية والعقلية والروحية وغيرها من الأمراض المستعصية فقد جعل الله فيها سراً عظيماً ألا وهو الشيخ عبد الباقي المكاشفي و خلفاؤه الوارثون علومه. خلاوي القرآن: والحمد لله الذي أوقد نار تعليم القرآن بالشكينيبة وجعلها أرض مباركة طيبة وجعلها أرض ذكر ، و الشكر بعد الله للشيخ عبد الباقي المكاشفي الذي بنى الخلاوي وقام على أمرها والذي علم الناس كتاب الله وأرشدهم إلى سبيل الخير و الصلاح و جاء بالعلماء و الحفظة وكفل أمرهم . والحمد لله ثانياً إذ أنها مازالت إلى اليوم بفضل أبناء الشيخ وأحفاده الوارثين علومه قبلة الطلاب إذ يرسل الناس أبناءهم إليها ليحفظوا و يتعلموا كتاب الله تعالى. وليس هذا فحسب بل يزيد المشايخ على هذا كفالة اليتامى والمساكين وإرسالهم إلى المدارس والجامعات ليكملوا مسيرة تعليمهم. و خلاوي الشكينيبة واحدة من المعالم البارزة التي توحي إلى خصوصية البلدة ،ولقد تخرج منها رجال ومشايخ كثيرون ، وعند الحديث عن خلاوي الشكينيبة لابد من الإشارة إلى الخلاوي الأخرى التي قامت في مسائد و زاويا السادة المكاشفية و سارت على ذات الطريق. ألا جزاء الله الشيخ عبد الباقي المكاشفي وأبناءه وكل المشائخ القائمين على أمر الخلاوي و تحفيظ كتاب الله خير الجزاء الليالي و حلقات الذكر: عند الكلام عن الشكينيبة لابد من الكلام عن إحياء الليالي وإقامة حلقات الذكر كإحياء ليلتي الجمعة والاثنين من كل أسبوع في الشكينيبة وفي مسائد المكاشفية الأخرى. و في الشكينيبة خاصة تقام الاحتفالات الدينية الكبيرة التي يأتي إليها جميع أحباب ومريدي الشيخ من شتى أنحاء البلاد كعيدي الفطر والأضحية المباركين وليلة الإسراء والمعراج في السابع والعشرين من شهر رجب وتسمى " الرجبية" وهي من أكبر المناسبات بالمسيد و كذا الاحتفالات بمولد سيد البشرية" عليه أفضل الصلوات و أزكى التسليم " والاحتفال بليلة عاشوراء وليلة من النصف من شهر شعبان وكذا الحوليات وغيرها من المناسبات. و الذكر العام عند السادة المكاشفية ذكر جماعي بالاسم المفرد اسم الجلالة " الله الله " في شكل حلقة دائرية يتوسطها الرواة " الشعار" حاملي الدفوف " الطارات " يمدحون المدائح النبوية التي تحمل في طياتها صفات الرسول الكريم " صلى الله عليه وسلم" وتبين فضله و مكانته عظم رسالته التي حث الناس بالتمسك بآدابها وهديها، وهنالك أيضاً القصائد التوحيدية والقصائد القومية التي تروي قصص الأولياء و الصالحين الذاكرين المخلصين الذين جدوا في السير إلى مولاهم. ويقود الذكر شيخ ومن حوله المريدين والمحبين في شكل دائري ويسمون بـ " الاوتاد" لا يتعالى بعضهم على بعض ولو بأطراف الرؤوس كما جاء في نصائح الشيخ " رضي الله عنه " يترنحون شجناً ومحبة بالله الواحد الأحد العظيم ويتمايلون وجداً تمايلاً مصحوبا بالذكر " الله الله " أهزوجة روحانية تبعاً لإيقاعات النوبة والدفوف والكاسات ، تارة بإيقاع خفيف بضربات سريعة متلاحقة وتسمى " الحربية" أو " الخفيفة " وتارة بإيقاع ثقيل ضربة إثر ضربة وتسمى بالثقيل أو " الثقيلة" وهناك إيقاع آخر لا هو بالثقيل ولا هو بالخفيف ويسمى " بالشامية" أو المتلوتا." وبالذكر ومدح المصطفى ومدح أهل الله والإبحار فيهم تسمو أرواح الذكرين وتعلو حتى ترى من بعضهم حالا لا يدركه عامة الناس الحفير : و عند الكلام عن الشكينيبة و عن الشيخ عبد الباقي المكاشفي لابد من الكلام عن الحفير المباركة التي تقع شرق المسيد والتي قام بحفرها الشيخ ومريدوه ما بين عامي 1927 –1928م وتبلغ مساحتها مايقارب خمسة أفدنة تقريبا. تعتمد هذه الحفير المباركة على مياه الأمطار التي تصب وتتجمع فيها في فصل الخريف ، و تظل المياه بها في الغالب طوال أشهر السنة ومن ثم تتجدد في موسم الخريف ، ومن حكمة الله أن مياهها تظل خالية من كل التغيرات و من نواقل الأمراض وقد أكد ذلك بعثة معمل " إستاك" بالخرطوم وبعثة كلية الطب بجامعة الجزيرة الذين زاروها وفحصوا ماءها واكتشفوا أنها من أصح المياه الطبيعية . وهي تلعب دورا مهما في تخفيف عبء معاناة المياه في المنطقة وتشكل هذه الحفير معلما بارزا لكل الناس وهي إرث تاريخي تليد خلفه الشيخ أجراً وصدقةً جاريةً ، وفيها بركة وخير للناس ومنها طينة الحفير التي يتداوى بها الناس وهي إحدى كرامات الشيخ المكاشفي. و لا يقصد أحدا الشكينيبة إلا وكانت زيارة الحفير إحدى اهتماماته فهي مثار عجب ودهشة ، ولقد شهدنا فيها الكثير من العجائب و الغرائب. ومن المعالم والمنارات الواضحة في الشكينيبه القباب حيث أن بها ضريح الشيخ عبد الباقي المكاشفي رضي الله عنه ذاك الصرح الذي حوى الفخار و الأسرار و المعاني. وإلى جانبها تجد قبة الشيخ عبد الله وقبة الشيخ الطيب و قبة الشيخ الجيلي رضي الله عنهم وهي منارات يردها الزوار وينهلون من خيراتها ويشهدون أسرارها وهي توحي على صوفية البلدة و صلاح أهلها.


من أنا

السودان, الشكينيبه, Sudan
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي صل عليه الله ُ في الايات ِ وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات(والله وبالله وتالله لا يجتمع حب إله وحب ذاك درهم في قلب ذي اسراري إن الدراهم مكتوب عليها أذا أحببت درهما أبغضك الجباري لاتنكرن لقولي في كتابتها تالله لايعرفها الا ذا أفكاري(الشيخ عبدالباقى المكاشفى)