الاثنين، 26 ديسمبر 2011

الشيخ محمد مدنى السنى


نشأته وميلاده:
أصول والدته: هي مكة بنت الهميم الشيخ ود عبد الصادق، وقيل أنه سماها بإسم أمه مكة بنت الشريف أبو دنانه، وهي أخت لستة بنات، وهن بنات الشريف أبو دنانه، وقد ولدن رجالاً كانوا ملء السمع والبصر، وهن أمونة وقد ولدت الشيخ محمد سوار الذهب، وحليمة وهي ولدت الشيخ عبد الله ود الأغبش، وأوديّه وقد ولدت الشيخ عمر ود بلال، وعائشة وهي ولدت الشيخ عجيب المانجلك، وسارة وهي ولدت الشريف راجل نقاوه، وفاطمة الملقبة بصلحه وهي ولدت الشيخ إدريس ود الأرباب، ومكة وهي ولدت الشيخ محمد مدني السني، ونلاحظ أن هؤلاء الرجال الأعلام أبناء خالات.
وقد ولد الشيخ محمد مدني السني في بيت جده لأمه الشيخ الهميم ود عبد الصادق (وقد أشتق لقب "الهميم" من همته في خدمة شيخه وفي العبادة). وبعد ولادة الشيخ محمد مدني السني بزمن يسير رحل والده مدني ود دشين إلى منطقة تسمى "الداخلة" وهي تقع جنوب سنجة طالباً للعلم، وترك إبنه في حضانة جده الهميم، وبعد وفاة مدني والد الشيخ محمد مدني في تلك المنطقة أتى الشيخ دشين (جده لأبيه) من أربجي إلى منطقة المندرة والمفازة- والتي ولد بها الشيخ محمد مدني- وآثر أن يأخذ حفيده من أجداده لأمه الى منطقة أربجي المعروفة، حيث قام بتربيته وكفالته وتعليمه كل علوم الدين من قرآن وفقه وسيرة وتوحيد حتى نبغ فيها، وبعد أن كبر وقويت شكيمته واشتد عوده عاوده الحنين الى أجداده حيث مسقط رأسه، ففكر في الرجوع جنوباً إلى دار أجداده، وتخمرت الفكرة وأصبحت قراراً، وشد الرحال.......

وشد الرحال ومعه بعض النفر جنوباً، وفي أثناء رحلته وعندما وصل الى المنطقة المحاذية لمنطقة أبو حراز غرباً، وكانت في ذلك الوقت منطقة مجهولة لا تعرف، ولكنها كانت تمتاز بأنها "حدب" تمتاز على غيرها، وكانت كل النواحي حولها مزروعة وتحفها الغابات من كل جانب، ولكنه فكر ان ينظف جزءاً من هذه الغابة ويقيم في هذه الحدبة محاذياً لمنطقة أبو حراز، ولما تمتاز به هذه المنطقة من وسطية صارت محط المسافرين من الجنوب الى الشمال وبالعكس، مما جعل الرقعة تزيد يوماً بعد يوم، وبعدها أصبحت مقر شبه استراحة للمسافرين والجماعات، حتى أخذ الوافدين يقولون لبعضهم (نستريح مع ود مدني) حيث صار اسم الشيخ معلماً لكل مسافر ولكل وافد، مما حدا بالشيخ أن يوقد نار القرآن ليعلم من حوله، فهي أول نار قرآن توقد في (مدني) مما كان حافزاً ومشجعاً للوافدين على الاستقرار ونيل قسط في علوم الدين، وأخذت تكبر شيئاً فشيئاً مما أهلها أن تأخذ شكل القرية الصغيرة، مما شجع بعض القبائل أن تختار منها مقراً جوار هذا الشيخ الورع، وما كان منه إلا أن رحب بهم وأحسن ضيافتهم ووفادتهم.
وذاع صيته وانتقلت أخباره الى جميع الأنحاء، مما شجع كثير من القبائل أن تنزح الى الشيخ محمد مدني وأن تجاوره مستمتعة بحسن الجوار والأمن في حياتها، ونذكر هنا بعض القبائل على سبيل المثال لا الحصر؛ فمنهم العيساب والدرنيه والحجوز والنضيراب والحضور والسناهير والهواوير والإسوليه والمغاربة والبحيرية والدناقلة والجعليين وكثير من القبائل، ونلاحظ الآن وضع تلك القبائل حول قبة الشيخ محمد مدني حيث تكوّن حي المدنيين، والذي يحتفظ بالإسم حتى هذه اللحظة، ومن ثم قامت متطلبات الحياة من أسواق وجلب مياه للشرب، فكان أول سوق في المدينة هو سوق المدينة وهو المسمى الآن بسوق ام سويقو، وجله آيل للسقوط الآن.
وبعد أن تيسرت فيها سبل الحياة أخذت ود مدني تأخذ شكل المدينة، مما أهلها أن تنافس أكبر مدن السودان، ويرجع الفضل لمؤسسها الورع الشيخ محمد مدني السني رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته جزاء وفاقاً.

نسبه:
يرجع نسب الشيخ محمد مدني عن طريق أبيه الى عقيل بن أبي طالب، وعن طريق أمه مكة فهو ينتهي الى الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، فهو:
الشيخ محمد بن الفقيه مدني بن الفقيه دشين الملقب بقاضي العدالة، بن أحمد بن نصر بن إبراهيم بن سلام بن رقم بن علي بن الحاج محمد الملقب بالبصلابي بن أحمد بن علي بن إبراهيم بن جعفر بن محمد بن أحمد بن اسحق بن حسن بن عقيل بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم.
وهذا النسب موثق أباً عن جد حتى وصل الى آخر خليفة، وقد يظن البعض أن لقب "السني" أصلاً في النسب، ولكن هو لقب له قصة سنتطرق لذكرها لاحقاً.
أبناؤه وخلفاؤه:

كان للشيخ محمد مدني أربعة أبناء هم مدني الملقب بوزن الألف، وعبد الحفيظ وهو جد الكناناب والذي يقطن أغلبهم بقرية الكريبة التي أسسها الشيخ الورع أحمد ود كنان حفيد الشيخ محمد مدني السني، ومن أبنائه أبو القاسم وهو جد المسمين بأولاد القبتين، حيث يوجد أغلب نسلهم في أبي حراز، بذلك جمعوا بين قبتي الشيخ دفع الله والشيخ محمد مدني السني، ومن هنا أتى الاسم "أولاد القبتين"، ومن أبنائه دشين وهو جد الدشيناب، وهم مستقرون بمدني حيث يعرف حيهم بحي الدشيناب.
أما الخلافة- ولحكمة يعلمها الله- فقد تسلسلت في سلالة إبنه مدني وزن الألف، وخلف مدني إبنه المكي، وكان للمكي أخ يسمى الشكاك وأبنائه الشكاكره كما ذكرهم الأشهاد، وقد خلف المكي إبنه مدني الملقب بثور الفجة - كما وجدت في الأشهاد وأحسبها نور الفجة فهي أبلغ أن يسمى بها أحد أحفاد ذلك الجد الورع- وقد خلف الشيخ مدني تور الفجة إبنه دفع الله الملقب بقراش الحصى، ويقال أن الحصى كان يساعده في قيام الليل، لذلك لقب به، وكان هذا الجد له علاقة وطيدة مع ملوك الفونج في زمانه، وقد كانوا يبادلونه الهدايا، وهنالك من المواثيق ما يثبت ذلك.

وقد خلف الشيخ دفع الله قراش الحصى إبنه أحمد القاضي، وكان له عدة اخوان منهم عبد المحسن والمكي -جد أبناء عامر- ويلتقي في هذا الجد أبناء الشيخ أحمد السني الذي عرف بأمير البحرين في دولة المهدية، حيث كانت له صولات وجولات، ومن أبنائه المشاهير العمدة إبراهيم السني وله عشرة اخوان هم أبناء أحمد السني.
وقد خلفه إبنه مدني القاضي، ونلاحظ هنا أنه من مدني الأول الى مدني القاضي ثلاث خلفاء يحملون هذا الإسم؛ ولكن لكلٍ لقبه، وقد خلف مدني القاضي إبنه محمد الكجيك، وقد بحثنا طويلاً عن هذا اللقب، ولم نجد من يدلنا عليه، ولكن سمعنا أنه كان حليماً كريماً يعمل بالعلم، وكان عندما توفيّ أبوه مدني وآلت إليه الخلافة لم يكن موجوداً، فقد كان يعمل بالقضاء في الشمالية، مما حدا ببعض الأخيار من أبناء الشيخ محمد مدني أن يجتمعوا ويؤيدوا خلافة أخيه لأبيه الشيخ محمد الأمين حتى حضور أخيه ليسلمه كل ما يهم الخلافة والنظارة والأطيان، وقام الشيخ محمد الأمين بذلك خير قيام حتى جاء الكجيك من الشمالية، فما كان من أخيه إلا أن سلمه الأمانة في ذات اليوم الذي وصل فيه، وهنا أشار الكجيك- ولأول مرة في تاريخ خلافات الشيخ محمد مدني- لخلافة أخيه الشيخ محمد الأمين بحياته، مما جعله يقوم ببعض شئون الخلافة والنظارة بوجود أخيه الخليفة الكجيك، ومما يجدر ذكره أن الكجيك لم ينجب ذكراً، وقد كان له خمس بنات، مما حدا ببعض المغرضين أن يشيعوا بأن الشيخ محمد مدني ليس له ولد، وألصقوا هذا القول في الجد الأكبر محمد مدني السني- لتطابق الأسماء- وليتهم تحروا الدقة في نقل الأخبار وأخذوا المعلومة من مصادرها لكفاهم شر التخبط، وكثيراً ما نلاحظ مثل هذه الخطرفات في المعلومة عن جدنا الشيخ محمد مدني السني، والتي يأتي بعضها نتيجة الجهل- وهو أخف على كل حال من الأسباب الأخرى- فهناك من يعلم الحقيقة ويحاول تشويهها.

***************
كرامات الشيخ محمد مدني السني:

روي عن الشيخ كرامات عدة، وقد علمنا أنه كان لا يريد ذكرها ورعاً منه وعملاً بالقول المأثور: (إن الإستقامة خير من الف كرامة) وقد نهج الشيخ النهج القويم في اتباع السنة والإلتزام به، ويحضرنا في هذا المقام قصته المشهورة مع الشيخ دفع الله المصوبن، والتي نتج عنها لقبه السني؛ فيحكى أنه كان علي ود شديد مع صنوه وأخيه في الله الشيخ دفع الله المصوبن، وكانا يتبادلان الزيارات على فترات، فتارة يكونا بالشرق وتارة أخرى بغرب النيل، وفي ذات مرة وهم بغرب النيل أرادا الرجوع الى منطقة أبي حراز حيث يقيم الشيخ دفع الله المصوبن، وعند وصولهما شط النيل الغربي وجدا المراكب بالشط الشرقي، وهنا دخل المصوبن في حالة روحيه وقال لجدنا لنمتطي الفراوي (جمع فروه)، ولكن جدنا أبى إمعاناً في التمسك بالسنة والتزاماً بها، وقال إنه يرفض اي عمل لم تأت به السنة، فربت الشيخ المصوبن على كتفه وقال له هلا هلا يا سني، ومن لحظتها أصبحت لقباً لجدنا الورع، وعبره دخلت كل بيوت أهلنا المدنيين، فلا تكاد تدخل بيت من بيوت المدنيين إلا والتقيت بمن اسمه "السني" والذي نعتز به.
ونذكر له كرامة أخرى على حسب ما رواه الرواة، وهي مع سلاطين الفونج، فقد كانت لهم عادة وطقوساً تسمى حق الطريق، يدفعونها لكبير المنطقة التي يمرون بها في سفرهم، فأرسل أحد السلاطين وزيره بهدية الى الشيخ محمد مدني، وهي عبارة عن ما يسمى بحق الطريق، ولما جاء رسول السلطان يبحث عن الشيخ محمد مدني ووصل الخلوه وسأل عنه قيل له أن الشيخ في مزرعته- والتي كان يسخر انتاجها لمئونة الخلاوي وإعاشة التلاميذ والمريدين- فما كان من الوزير إلا أن اتجه الى مكان زراعة الشيخ، ولما وصل الى هناك وجد الشيخ منشغل يعمل، فجاء حتى وقف على رأسه وسأله هل انت محمد مدني فأجابه الشيخ بالإيجاب، فقال له أنا جيتكم من قِبَل سيدي وأعطاني لك هدية عبارة عن حق الطريق- وكانت عبارة عن سلسل ذهب- وهنا امتعض الشيخ وضرب الأرض بالملود وصرخ في الرجل وقال له انظر هنا وقارن، هل أكثر ما عند سيدك أم أكثر ما عند سيدي، فاندهش الرسول حيث رأى مد البصر سلاسل من ذهب، وقال له الشيخ ارجع الى من بعثك وقل له ان الأرض لله ولسنا نملك فيها طريق، فاسلك طريقك حيث شئت، وقد أكبر هذا الحدث شأنه لدى ملوك الفونج لما لمسوه فيه من زهد وتقوى وورع وعزوف عن هذه الدنيا الفانية، مما انعكس بعد وفاته في معاملة سلاطين الفونج لأبنائه وخلفائه وتوقيرهم واحترامهم ومشاورتهم في أمور الدين والدنيا مما أكسبهم احترام الجميع.

***************
أعمال البر التي أسسها الشيخ:

كما ذكرنا سابقاً فإن الشيخ كان له قدر، وكان ذو شأن في نظر سلاطين الفونج، مما حدا بهم أن يهدوا أبناءه العديد من الأراضي الزراعية والسكنية والتجارية، ولما كانوا من الورع على نفس نهج والدهم، فقد تصدقوا وحبسوا وأوقفوا كل الرقعة التي ملّكها لهم سلاطين الفونج في ثلاثة أنواع من الوقف؛ فقد وقفوا وحبسوا بعضها لأعمال البر والخير، راجين بذلك وجه الله تعالى ونيل البر الذي أشار إليه عز وجل في قوله تعالى: "لن تنالو البر حتى تنفقوا مما تحبون"، وتمكيناً للصدقة الجارية امتثالاً للحديث الذي سقناه: "إذا مات بن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث..." الى آخر الحديث، ورغم ما عرفوا به من زهد وورع إلا أنهم لم ينسوا نصيبهم من الدنيا، وذلك في حبسهم بعض الأوقاف للضعاف من ذراريهم- وفي ذلك نظرة بعيدة وثاقبة- علهم أن يكفوا أحفادهم مكر آفات وتقلب الأحوال وشر المسألة والعوز، فأوقفوا لهم بعض الأراضي بما يسمى الوقف الأهلي، أو الذري، متأسين في ذلك بالقول: "إعمل لدنياك كأنك تعيش أبداً، واعمل لآخرتك كأنك تموت غدا".
ومما يجدر ذكره أن أجدادنا لم يتركوا هذا العمل بغير توثيق، حيث قاموا بتوثيق إشهاد شرعي يحمل وقف خيري، وبعضه ذري، وجاء ذلك في إشهادات شرعية واضحة النصوص لا تدع مجالاً لمجادلة أو مشكل أو متعدي، ولكن رغم وضوح هذه النصوص قامت بعض الحكومات في الحقب السالفة بالتعدي الصريح على وقف المدنيين- والذي يعتبر أكبر وقف على نطاق السودان- وكان المبرر في ذلك الصالح العام، ناسين أو متناسين أن فقه الوقف والذي يجهله السواد الأعظم، لا يقبل التعدي ولا البيع ولا الرهن ولا الحل، والوقف حيث يراد به نفع فئة أو عمل بر، وبعد أن يوقفه صاحبه وهو بكامل قواه العقلية بطيب خاطر في إشهاد شرعي أصبح نصاً ملزماً لا يجوز خرقه بأي حال من الأحوال، حتى لو أراد الواقف نفسه إرجاعه عليه أن

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الشكينيبة الشرافه والتاريخ

تقع مدينة الشكينيبة في السودان في الجزء الجنوبي الشرقي لمدينة المناقل على بعد تسع كيلو ترات منها . و لم تشتهر إلا بعد مجيء الشيخ عبد الباقي المكاشفي إليها في عام 1910م. تبلغ مساحتها حوالي 60.000 متر مربع ، و يقدر عدد سكانها حوالي 5.000 نسمة. و يعتمد أهالي المنطقة على الزراعة والرعي وعلى تجارة حول مسيد الشيخ المكاشفي.تعددت الأقوال في أصل الاسم فقيل اسم الشكينيبة من نشكو نوائبنا إلى الله - من قول الشيخ المكاشفي- وقيل من الشكنابه وهي قرعة اللبن عند أهل المنطقة. حط الشيخ المكاشفي رحاله بها وعمرها و حفر البئر وبنى المنازل. وفي هذه البقعة المباركة بنى مسجده وبنى حوله الخلاوى و أشعل نار القرآن و أوقد نار النفقة وشيد دور العلم وحفر الحفير، فأصبحت الشكينيبة مركز القاصدين ومورد الطالبين، و اجتمع فيها أعداد كثيرة من الأجناس المختلفة. فإذا جئت إليها واقتربت منها ترى الناس ينحدرون إليها من كل الجهات ما بين راجلين وراكبين على أشكال عديدة وقد امتلأت منهم مساحات كبيرة وإذا دخلت البلدة وجدت الخلاوي مزينة بطلاب القرآن و العلوم الشرعية ووجدت حلقات الذكر تعج بالذاكرين ووجدت دور الضيافة قد ملئت بأهل المقاصد المختلفة. و تعد الشكينيبة من أكبر الصروح الدينية والمعالم التاريخية التي ساهمت ومازالت تساهم في دفع حركة التعليم والإرشاد الديني في البلاد وقد ارتبط اسمها في أذهان جميع الناس باسم الشيخ عبد الباقي المكاشفي" رضي الله عنه " وما إن يذكر أسم الشكينيبة إلا ويذكر علاج الأمراض النفسية والعصبية والعقلية والروحية وغيرها من الأمراض المستعصية فقد جعل الله فيها سراً عظيماً ألا وهو الشيخ عبد الباقي المكاشفي و خلفاؤه الوارثون علومه. خلاوي القرآن: والحمد لله الذي أوقد نار تعليم القرآن بالشكينيبة وجعلها أرض مباركة طيبة وجعلها أرض ذكر ، و الشكر بعد الله للشيخ عبد الباقي المكاشفي الذي بنى الخلاوي وقام على أمرها والذي علم الناس كتاب الله وأرشدهم إلى سبيل الخير و الصلاح و جاء بالعلماء و الحفظة وكفل أمرهم . والحمد لله ثانياً إذ أنها مازالت إلى اليوم بفضل أبناء الشيخ وأحفاده الوارثين علومه قبلة الطلاب إذ يرسل الناس أبناءهم إليها ليحفظوا و يتعلموا كتاب الله تعالى. وليس هذا فحسب بل يزيد المشايخ على هذا كفالة اليتامى والمساكين وإرسالهم إلى المدارس والجامعات ليكملوا مسيرة تعليمهم. و خلاوي الشكينيبة واحدة من المعالم البارزة التي توحي إلى خصوصية البلدة ،ولقد تخرج منها رجال ومشايخ كثيرون ، وعند الحديث عن خلاوي الشكينيبة لابد من الإشارة إلى الخلاوي الأخرى التي قامت في مسائد و زاويا السادة المكاشفية و سارت على ذات الطريق. ألا جزاء الله الشيخ عبد الباقي المكاشفي وأبناءه وكل المشائخ القائمين على أمر الخلاوي و تحفيظ كتاب الله خير الجزاء الليالي و حلقات الذكر: عند الكلام عن الشكينيبة لابد من الكلام عن إحياء الليالي وإقامة حلقات الذكر كإحياء ليلتي الجمعة والاثنين من كل أسبوع في الشكينيبة وفي مسائد المكاشفية الأخرى. و في الشكينيبة خاصة تقام الاحتفالات الدينية الكبيرة التي يأتي إليها جميع أحباب ومريدي الشيخ من شتى أنحاء البلاد كعيدي الفطر والأضحية المباركين وليلة الإسراء والمعراج في السابع والعشرين من شهر رجب وتسمى " الرجبية" وهي من أكبر المناسبات بالمسيد و كذا الاحتفالات بمولد سيد البشرية" عليه أفضل الصلوات و أزكى التسليم " والاحتفال بليلة عاشوراء وليلة من النصف من شهر شعبان وكذا الحوليات وغيرها من المناسبات. و الذكر العام عند السادة المكاشفية ذكر جماعي بالاسم المفرد اسم الجلالة " الله الله " في شكل حلقة دائرية يتوسطها الرواة " الشعار" حاملي الدفوف " الطارات " يمدحون المدائح النبوية التي تحمل في طياتها صفات الرسول الكريم " صلى الله عليه وسلم" وتبين فضله و مكانته عظم رسالته التي حث الناس بالتمسك بآدابها وهديها، وهنالك أيضاً القصائد التوحيدية والقصائد القومية التي تروي قصص الأولياء و الصالحين الذاكرين المخلصين الذين جدوا في السير إلى مولاهم. ويقود الذكر شيخ ومن حوله المريدين والمحبين في شكل دائري ويسمون بـ " الاوتاد" لا يتعالى بعضهم على بعض ولو بأطراف الرؤوس كما جاء في نصائح الشيخ " رضي الله عنه " يترنحون شجناً ومحبة بالله الواحد الأحد العظيم ويتمايلون وجداً تمايلاً مصحوبا بالذكر " الله الله " أهزوجة روحانية تبعاً لإيقاعات النوبة والدفوف والكاسات ، تارة بإيقاع خفيف بضربات سريعة متلاحقة وتسمى " الحربية" أو " الخفيفة " وتارة بإيقاع ثقيل ضربة إثر ضربة وتسمى بالثقيل أو " الثقيلة" وهناك إيقاع آخر لا هو بالثقيل ولا هو بالخفيف ويسمى " بالشامية" أو المتلوتا." وبالذكر ومدح المصطفى ومدح أهل الله والإبحار فيهم تسمو أرواح الذكرين وتعلو حتى ترى من بعضهم حالا لا يدركه عامة الناس الحفير : و عند الكلام عن الشكينيبة و عن الشيخ عبد الباقي المكاشفي لابد من الكلام عن الحفير المباركة التي تقع شرق المسيد والتي قام بحفرها الشيخ ومريدوه ما بين عامي 1927 –1928م وتبلغ مساحتها مايقارب خمسة أفدنة تقريبا. تعتمد هذه الحفير المباركة على مياه الأمطار التي تصب وتتجمع فيها في فصل الخريف ، و تظل المياه بها في الغالب طوال أشهر السنة ومن ثم تتجدد في موسم الخريف ، ومن حكمة الله أن مياهها تظل خالية من كل التغيرات و من نواقل الأمراض وقد أكد ذلك بعثة معمل " إستاك" بالخرطوم وبعثة كلية الطب بجامعة الجزيرة الذين زاروها وفحصوا ماءها واكتشفوا أنها من أصح المياه الطبيعية . وهي تلعب دورا مهما في تخفيف عبء معاناة المياه في المنطقة وتشكل هذه الحفير معلما بارزا لكل الناس وهي إرث تاريخي تليد خلفه الشيخ أجراً وصدقةً جاريةً ، وفيها بركة وخير للناس ومنها طينة الحفير التي يتداوى بها الناس وهي إحدى كرامات الشيخ المكاشفي. و لا يقصد أحدا الشكينيبة إلا وكانت زيارة الحفير إحدى اهتماماته فهي مثار عجب ودهشة ، ولقد شهدنا فيها الكثير من العجائب و الغرائب. ومن المعالم والمنارات الواضحة في الشكينيبه القباب حيث أن بها ضريح الشيخ عبد الباقي المكاشفي رضي الله عنه ذاك الصرح الذي حوى الفخار و الأسرار و المعاني. وإلى جانبها تجد قبة الشيخ عبد الله وقبة الشيخ الطيب و قبة الشيخ الجيلي رضي الله عنهم وهي منارات يردها الزوار وينهلون من خيراتها ويشهدون أسرارها وهي توحي على صوفية البلدة و صلاح أهلها.


من أنا

السودان, الشكينيبه, Sudan
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي صل عليه الله ُ في الايات ِ وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات(والله وبالله وتالله لا يجتمع حب إله وحب ذاك درهم في قلب ذي اسراري إن الدراهم مكتوب عليها أذا أحببت درهما أبغضك الجباري لاتنكرن لقولي في كتابتها تالله لايعرفها الا ذا أفكاري(الشيخ عبدالباقى المكاشفى)