الأحد، 25 ديسمبر 2011

ابو الوفا التفتازاني

ابو الوفا التفتازاني

الدكتور محمد عبد المنعم خفاجي 
أبو الوفا التفتازاني ، سيرة مضيئة وخلق كريم ست سنوات مضت على وفاة الدكتور التفتازاني ( 1930 – التاسع والعشرين من يونيو 1994 ) ، ولا يزال فكره مضيئاً أمام الجيل ، الذي عاصره ، وأفاد من علم هذا المفكر والعالم الجليل ، ولا تزال شخصيته ماثلة للعيان ، وسيرته نموذجا رفيعاً للخلق الكريم ، والأدب النبيل . 
ولد التفتازاني في الرابع عشر من أبريل من عام 1930 بكفر الغنيمي مركز منيا القمح من محافظة الشرقية . من أسرة كريمة لها مكانتها ومنزلتها الرفيعة في المجتمع . 
والده السيد محمد الغنيمي التفتازاني شيخ الطريقة الغنيمية التفتازانية علم من أعلام مصر ( 1893 – يناير 1936 ) كان يحتل مكاناً عالياً من المجتمع المصري آنذاك ، ويصفه محمد مصطفى حمام بأنه كان خطيباً وأديباً وشاعراً وصحفياً ومحدثاً ساحراً وكان غنياً في اللغات الإنجليزية والفرنسية والفارسية والتركية والعبرية والسريانية . . ويقول عنه حافظ محمود نقيب الصحفيين الأسبق : أنه لم يكن أحد أذكى منه ، ومع أنه لم يدخل الأزهر كان ملجأ للذين يطلبون الفتوى في أمور الدين ، وعمل مدرساً في اللغة لكبار الدبلوماسيين في القاهرة ، وكان بيته بحي الحنفي ملجأ لذوي الحاجات ، وكان إذا دخل منتدى فهو خطيبه الأول ، وكان الوزراء والشيوخ يحتفون به ، وكأنه زعيم ، كما كان أول شيخ من غير شيوخ الإسلام يقف فوق منبر المسجد الأقصى في القدس ، ليخطب الجمعة في يوم الإسراء والمعراج . وتولى مشيخة السادة الغنيمية من عام 1906م . 
ورث الدكتور التفتازاني عن والده الذكاء والموهبة وحب العلم وعنّي والده بتربيته تربية حسنة ، فنال الابتدائية بتفوق ، مع الصدمة الشديدة التي أصابته بوفاة والده وهو في السادسة من عمره ، ونال الثانوية ، ثم الليسانس في الآداب من قسم الفلسفة بجامعة فؤاد الأول ( القاهرة فيما بعد ) عام 1950 بتقدير جيد جداً . ثم الماجستير في سبتمبر 1955 عن رسالته ( ابن عطاء الله السكندري وتصوفه ) ، ثم الدكتوراه مع مرتبة الشرف الأولى برسالته ( ابن سبعين وفلسفته الصوفية ) ، وكان أستاذه هو الدكتور محمد مصطفى حلمي ، رئيس قسم الفلسفة الإسلامية بآداب القاهرة أنذاك . 
وفي حياته العلمية عمل مدرساً بمدرسة فؤاد الأول الثانوية بالعباسية ، ثم معيداً فمدرساً بقسم الفلسفة بكلية الآداب .
وفي أثناء عمله معيداً ندب مدرساً في معهد الدراسات الإسلامية بمونتريال في كندا لمدة عام ، وكان معه في هذه الرحلة المرحوم الدكتور محمد البهي رحمه الله . 
وارتقى الدكتور التفتازاني في السلك الجامعي أستاذاً مساعداً ، فأستاذا في الفلسفة الإسلامية في المقعد الذي كان يشغله من قبل الشيخ مصطفى عبد الرزاق ( شيخ الأزهر فيما بعد ) ، ثم الدكتور محمد مصطفى حلمي . . ثم عين وكيلاً لآداب القاهرة ، فعميداً لكلية التربية بالفيوم التابعة لجامعة القاهرة ، ثم نائباً لرئيس جامعة القاهرة لشئون فرع الفيوم وبني سويف ، فنائباً لرئيس الجامعة لشئون الدراسات العليا والبحوث . 
وتخرج على يديه جيل جديد من حملة الدكتوراه وأصبحت له مدرسة علمية متميزة في مجال الفلسفة الإسلامية والتصوف ، وهي مدرسة تجمع بين القديم والحديث في بناء الثقافة ، وتنقية التراث الفلسفي الإسلامي وربطه بالفكر الحديث والمعاصر . وأسهم الدكتور التفتازاني في إنشاء مركز البحوث والدراسات الإسلامية بجامعة القاهرة ، كما أسهم في أعمال علمية جامعية كثيرة بجامعة بيروت العربية وجامعات الكويت وليبيا وقطر وغيرها . . وتولى مشيخة الطرق الصوفية بالقاهرة عام 1983 وأصدر مجلة التصوف الإسلامي ، التي كتب فيها أعلام الفكر الإسلامي الحديث . ومؤلفات وبحوث ومقالات الدكتور التفتازاني بالعربية والإنجليزية إسهام كبير في ميدان الفلسفة الإسلامية والتصوف ، وهي مصدر غني بالفكر الصوفي الفلسفي المستنير ، لكل الدارسين والباحثين في هذا المجال ، وكتابه ( المدخل إلى التصوف الإسلامي ) من أوثق المصادر في الدراسات الصوفية . 
واختير التفتازاني في حياته عضواً في المجلس الاستشاري للأكاديمية الإسلامية بجامعة كمبردج والمجلس العالي للمؤتمر العالمي للدين والسلام في نيويورك ، وعضواً في مجلس الشورى المصري ، ونال الجائزة التقديرية في العلوم الاجتماعية عام 1985م ، ووسام الامتياز من الرئيس الباكستاني عام 1989 ، وزار العديد من الدول الإسلامية والعربية والغربية ، وكان موضع التقدير من كل الهيئات العالمية . التفتازاني في فلسفته الصوفية يرى أن التصوف الإسلامي غني بالدراسات النفسية والأخلاقية والروحية ، وقد جمع في الميدان الجامعي بين المتصوف وأستاذية الفلسفة الإسلامية ورياسة الجمعية الفلسفية المصرية والمشيخة الكبرى للطرق الصوفية في مصر ، مما لم يتوافر لغيره من رواد الفكر الإسلامي الحديث . 
وكان الدكتور التفتازاني يدعو إلى توحيد وتأكيد العلاقة بين التصوف والفلسفة والدين والفكر العلمي الحديث ، والعلاقة الثلاثية بين الفقه والتصوف والفكر الفلسفي الإسلامي . . ويرى وجوب تنقية التراث الصوفي مما دخل فيه من أوهام وأساطير وخرافات . 
وعن أربعة وستين عاماً لقي التفتازاني ربه بعد حياة حافلة قضاها في خدمة الثقافة والبحث والمعرفة . . وترك سيرة عطرة ، ونموذجاً رفيعاً للسلوك والأخلاق وخدمة العلم ، وإثراء الدراسات الإسلامية . . رحمه الله .

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الشكينيبة الشرافه والتاريخ

تقع مدينة الشكينيبة في السودان في الجزء الجنوبي الشرقي لمدينة المناقل على بعد تسع كيلو ترات منها . و لم تشتهر إلا بعد مجيء الشيخ عبد الباقي المكاشفي إليها في عام 1910م. تبلغ مساحتها حوالي 60.000 متر مربع ، و يقدر عدد سكانها حوالي 5.000 نسمة. و يعتمد أهالي المنطقة على الزراعة والرعي وعلى تجارة حول مسيد الشيخ المكاشفي.تعددت الأقوال في أصل الاسم فقيل اسم الشكينيبة من نشكو نوائبنا إلى الله - من قول الشيخ المكاشفي- وقيل من الشكنابه وهي قرعة اللبن عند أهل المنطقة. حط الشيخ المكاشفي رحاله بها وعمرها و حفر البئر وبنى المنازل. وفي هذه البقعة المباركة بنى مسجده وبنى حوله الخلاوى و أشعل نار القرآن و أوقد نار النفقة وشيد دور العلم وحفر الحفير، فأصبحت الشكينيبة مركز القاصدين ومورد الطالبين، و اجتمع فيها أعداد كثيرة من الأجناس المختلفة. فإذا جئت إليها واقتربت منها ترى الناس ينحدرون إليها من كل الجهات ما بين راجلين وراكبين على أشكال عديدة وقد امتلأت منهم مساحات كبيرة وإذا دخلت البلدة وجدت الخلاوي مزينة بطلاب القرآن و العلوم الشرعية ووجدت حلقات الذكر تعج بالذاكرين ووجدت دور الضيافة قد ملئت بأهل المقاصد المختلفة. و تعد الشكينيبة من أكبر الصروح الدينية والمعالم التاريخية التي ساهمت ومازالت تساهم في دفع حركة التعليم والإرشاد الديني في البلاد وقد ارتبط اسمها في أذهان جميع الناس باسم الشيخ عبد الباقي المكاشفي" رضي الله عنه " وما إن يذكر أسم الشكينيبة إلا ويذكر علاج الأمراض النفسية والعصبية والعقلية والروحية وغيرها من الأمراض المستعصية فقد جعل الله فيها سراً عظيماً ألا وهو الشيخ عبد الباقي المكاشفي و خلفاؤه الوارثون علومه. خلاوي القرآن: والحمد لله الذي أوقد نار تعليم القرآن بالشكينيبة وجعلها أرض مباركة طيبة وجعلها أرض ذكر ، و الشكر بعد الله للشيخ عبد الباقي المكاشفي الذي بنى الخلاوي وقام على أمرها والذي علم الناس كتاب الله وأرشدهم إلى سبيل الخير و الصلاح و جاء بالعلماء و الحفظة وكفل أمرهم . والحمد لله ثانياً إذ أنها مازالت إلى اليوم بفضل أبناء الشيخ وأحفاده الوارثين علومه قبلة الطلاب إذ يرسل الناس أبناءهم إليها ليحفظوا و يتعلموا كتاب الله تعالى. وليس هذا فحسب بل يزيد المشايخ على هذا كفالة اليتامى والمساكين وإرسالهم إلى المدارس والجامعات ليكملوا مسيرة تعليمهم. و خلاوي الشكينيبة واحدة من المعالم البارزة التي توحي إلى خصوصية البلدة ،ولقد تخرج منها رجال ومشايخ كثيرون ، وعند الحديث عن خلاوي الشكينيبة لابد من الإشارة إلى الخلاوي الأخرى التي قامت في مسائد و زاويا السادة المكاشفية و سارت على ذات الطريق. ألا جزاء الله الشيخ عبد الباقي المكاشفي وأبناءه وكل المشائخ القائمين على أمر الخلاوي و تحفيظ كتاب الله خير الجزاء الليالي و حلقات الذكر: عند الكلام عن الشكينيبة لابد من الكلام عن إحياء الليالي وإقامة حلقات الذكر كإحياء ليلتي الجمعة والاثنين من كل أسبوع في الشكينيبة وفي مسائد المكاشفية الأخرى. و في الشكينيبة خاصة تقام الاحتفالات الدينية الكبيرة التي يأتي إليها جميع أحباب ومريدي الشيخ من شتى أنحاء البلاد كعيدي الفطر والأضحية المباركين وليلة الإسراء والمعراج في السابع والعشرين من شهر رجب وتسمى " الرجبية" وهي من أكبر المناسبات بالمسيد و كذا الاحتفالات بمولد سيد البشرية" عليه أفضل الصلوات و أزكى التسليم " والاحتفال بليلة عاشوراء وليلة من النصف من شهر شعبان وكذا الحوليات وغيرها من المناسبات. و الذكر العام عند السادة المكاشفية ذكر جماعي بالاسم المفرد اسم الجلالة " الله الله " في شكل حلقة دائرية يتوسطها الرواة " الشعار" حاملي الدفوف " الطارات " يمدحون المدائح النبوية التي تحمل في طياتها صفات الرسول الكريم " صلى الله عليه وسلم" وتبين فضله و مكانته عظم رسالته التي حث الناس بالتمسك بآدابها وهديها، وهنالك أيضاً القصائد التوحيدية والقصائد القومية التي تروي قصص الأولياء و الصالحين الذاكرين المخلصين الذين جدوا في السير إلى مولاهم. ويقود الذكر شيخ ومن حوله المريدين والمحبين في شكل دائري ويسمون بـ " الاوتاد" لا يتعالى بعضهم على بعض ولو بأطراف الرؤوس كما جاء في نصائح الشيخ " رضي الله عنه " يترنحون شجناً ومحبة بالله الواحد الأحد العظيم ويتمايلون وجداً تمايلاً مصحوبا بالذكر " الله الله " أهزوجة روحانية تبعاً لإيقاعات النوبة والدفوف والكاسات ، تارة بإيقاع خفيف بضربات سريعة متلاحقة وتسمى " الحربية" أو " الخفيفة " وتارة بإيقاع ثقيل ضربة إثر ضربة وتسمى بالثقيل أو " الثقيلة" وهناك إيقاع آخر لا هو بالثقيل ولا هو بالخفيف ويسمى " بالشامية" أو المتلوتا." وبالذكر ومدح المصطفى ومدح أهل الله والإبحار فيهم تسمو أرواح الذكرين وتعلو حتى ترى من بعضهم حالا لا يدركه عامة الناس الحفير : و عند الكلام عن الشكينيبة و عن الشيخ عبد الباقي المكاشفي لابد من الكلام عن الحفير المباركة التي تقع شرق المسيد والتي قام بحفرها الشيخ ومريدوه ما بين عامي 1927 –1928م وتبلغ مساحتها مايقارب خمسة أفدنة تقريبا. تعتمد هذه الحفير المباركة على مياه الأمطار التي تصب وتتجمع فيها في فصل الخريف ، و تظل المياه بها في الغالب طوال أشهر السنة ومن ثم تتجدد في موسم الخريف ، ومن حكمة الله أن مياهها تظل خالية من كل التغيرات و من نواقل الأمراض وقد أكد ذلك بعثة معمل " إستاك" بالخرطوم وبعثة كلية الطب بجامعة الجزيرة الذين زاروها وفحصوا ماءها واكتشفوا أنها من أصح المياه الطبيعية . وهي تلعب دورا مهما في تخفيف عبء معاناة المياه في المنطقة وتشكل هذه الحفير معلما بارزا لكل الناس وهي إرث تاريخي تليد خلفه الشيخ أجراً وصدقةً جاريةً ، وفيها بركة وخير للناس ومنها طينة الحفير التي يتداوى بها الناس وهي إحدى كرامات الشيخ المكاشفي. و لا يقصد أحدا الشكينيبة إلا وكانت زيارة الحفير إحدى اهتماماته فهي مثار عجب ودهشة ، ولقد شهدنا فيها الكثير من العجائب و الغرائب. ومن المعالم والمنارات الواضحة في الشكينيبه القباب حيث أن بها ضريح الشيخ عبد الباقي المكاشفي رضي الله عنه ذاك الصرح الذي حوى الفخار و الأسرار و المعاني. وإلى جانبها تجد قبة الشيخ عبد الله وقبة الشيخ الطيب و قبة الشيخ الجيلي رضي الله عنهم وهي منارات يردها الزوار وينهلون من خيراتها ويشهدون أسرارها وهي توحي على صوفية البلدة و صلاح أهلها.


من أنا

السودان, الشكينيبه, Sudan
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي صل عليه الله ُ في الايات ِ وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات(والله وبالله وتالله لا يجتمع حب إله وحب ذاك درهم في قلب ذي اسراري إن الدراهم مكتوب عليها أذا أحببت درهما أبغضك الجباري لاتنكرن لقولي في كتابتها تالله لايعرفها الا ذا أفكاري(الشيخ عبدالباقى المكاشفى)