الأحد، 25 ديسمبر 2011

حياة الأمير عبد القادر الجزائري

حياة الأمير عبد القادر الجزائري

حياة الأمير عبد القادر الجزائري

الدكتور عبود عبد الله العسكري 
الأمير عبد القادر واحداً من المؤلفين الأصيلين في التصوف خلال المائة سنة الأخيرة . 
ويمكننا تقسيم حياته الصوفية إلى ثلاث مراحل : 
المرحلة الأولى : وهي مرتبطة بزيارته لقبر القطب الرباني السيد عبد القادر الجيلاني في بغداد ، وهو في طريقه إلى مكة لأداء فريضة الحج عام ( 1241هـ ) وهناك أخذ الطريقة ( القادرية ) ( نسبةً إلى الشيخ عبد القادر الجيلاني ) المتوفي عام ( 561هـ-1166م ) ، عن الشيخ محمود القادري : شيخ السجادة القادرية ونقيب الأشراف في بغداد . 
المرحلة الثانية : هي التي انتهى بها إلى الأفق الروحاني بوقدة الاضطرار والشوق في السجن أو على الأصح في خلوة ( أمبواز ) ، وقد أشار إليها في كتاب المواقف ( الموقف 211 ) ، حيث يروي لنا المحنة الروحية التي أصابته ، وكيف استطاع تجاوزها بالصلاة والدعاء . 
المرحلة الثالثة : وقد تم له فيها الفتح العظيم ، وكان ذلك عندما سافر حاجاً سنة ( 1279هـ ) ، حيث أقام في مكة سنة ونصف السنة مقبلاً على العبادة والخلوة وكان للقائه بالشيخ ( العارف بالله ) محمد الفاسي أثر كبير على تطوره الروحي ، فقد أخذ عنه الطريقة ( الشاذلية ) باعتباره رئيساً لهذه الطريقة . 
ويعتبر الأمير عبد القادر نفسه من أهل ( الجذب ) ذلك أنه يمكن تقسيم المتصوفة إلى فئتين تختلف كل منهما عن الأخرى في طريقة وصولها إلى المطلق ، فأهل الجذب هم الذين اختصم الله بعنايته وأوصلهم بدون كبير جهد يبذلونه إلى أعلى المقامات الصوفية ، فهو سبحانه الذي يختارهم حسب مشيئته ، ورجال الفئة الثانية هم ( أهل السلوك ) أو أهل الكسب الذين يتقدمون ضمن خطة مرسومة على الدرب الصوفي ، ويقاس تقدمهم بصدقهم وإخلاصهم ومجاهدتهم لأنفسهم ، ومنهم من لا يصل أبداً ، ويفسر لنا الأمير عبد القادر حالته بقوله : ( وكنت ممن رحمه الله تعالى ، وعرفه بنفسه وبحقيقة العالم على طريقة ( الجذبة ) لا عن طريق السلوك ، فإن السالك أول ما يحصل له : الكشف عن عالم الحس ، ثم عن عالم الخيال المطلق ، ثم يرتقي بروحه إلى السماء الدنيا ثم إلى الثانية ، ثم إلى الثالثة ، ثم إلى العرش ، وهو في كل هذا من جملة العوام المحجوبين ، إلى أن يرحمه الله تعالى بمعرفته ويرفع عنه الحجاب ، فيرجع على طريقه فيرى الأشياء حينئذ بعين غير الأولى ويعرفها معرفة حق ، وهذه الطريقة ، وإن كانت أعلى وأكمل ، ففيها طول على السالك ، وخطرها عظيم ، فإن هذه الكشوفات كلها ابتلاء ، هل يقف السالك عندها أو لا يقف ؟ فربما وقف السالك عند أول كشف أو عند الثاني إلى آخر ابتلاء واختبار ، فإن كان السالك ممن سبقت له العناية فاز ونجا ، وإلا طرد عندما وقف ورجع من حيث جاء . 
وأما عن طريق الجذبة فهي أقصر وأسلم . . . جذبة إلهية وعناية رحمانية ، وهو المراد الذي عرفوه بأنه : ( المجذوب عن إرادته ) مع تهيؤ الأمور له ، فجاز الرسوم كلها والمقامات من غير مكابدة . 
وتتميز ( طريقة السالكين ) بأنها تقدم معرفة الخلق على الحق ، أي أنها طريق
من عرف نفسه عرف به، ويفسر الأمير عبد القادر الجزائري ( النفس ) على أنها : ( الرب المقيد ) و ( الرب ) بوصفه : ( النفس المطلقة ) : ويقول : فإن كانت النفس لا تعرف بل هي مجهولة أبداً ، فكذلك الرب لا يعرف أبداً ، إذ المعلق على الممنوع ممنوع ، فالناس متفاوتون في معرفة نفوسهم ، كما هم متفاوتون في معرفة ربهم بما لا يكاد ينحصر ولا يدخل تحت ميزان ، أما إذا تقدمت معرفة الحق على الخلق ، فإننا أمام طريق معكوس الاتجاه بالنسبة إلى طريقة السلوك الصاعد ( وهي طريقة الاجتباء والجذب طريقة المرادين ) .

المصدر: تاريخ التصوف في سورية النشأة والتطور للدكتور عبود العسكري - ج 1 ص 77 - 79 .

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الشكينيبة الشرافه والتاريخ

تقع مدينة الشكينيبة في السودان في الجزء الجنوبي الشرقي لمدينة المناقل على بعد تسع كيلو ترات منها . و لم تشتهر إلا بعد مجيء الشيخ عبد الباقي المكاشفي إليها في عام 1910م. تبلغ مساحتها حوالي 60.000 متر مربع ، و يقدر عدد سكانها حوالي 5.000 نسمة. و يعتمد أهالي المنطقة على الزراعة والرعي وعلى تجارة حول مسيد الشيخ المكاشفي.تعددت الأقوال في أصل الاسم فقيل اسم الشكينيبة من نشكو نوائبنا إلى الله - من قول الشيخ المكاشفي- وقيل من الشكنابه وهي قرعة اللبن عند أهل المنطقة. حط الشيخ المكاشفي رحاله بها وعمرها و حفر البئر وبنى المنازل. وفي هذه البقعة المباركة بنى مسجده وبنى حوله الخلاوى و أشعل نار القرآن و أوقد نار النفقة وشيد دور العلم وحفر الحفير، فأصبحت الشكينيبة مركز القاصدين ومورد الطالبين، و اجتمع فيها أعداد كثيرة من الأجناس المختلفة. فإذا جئت إليها واقتربت منها ترى الناس ينحدرون إليها من كل الجهات ما بين راجلين وراكبين على أشكال عديدة وقد امتلأت منهم مساحات كبيرة وإذا دخلت البلدة وجدت الخلاوي مزينة بطلاب القرآن و العلوم الشرعية ووجدت حلقات الذكر تعج بالذاكرين ووجدت دور الضيافة قد ملئت بأهل المقاصد المختلفة. و تعد الشكينيبة من أكبر الصروح الدينية والمعالم التاريخية التي ساهمت ومازالت تساهم في دفع حركة التعليم والإرشاد الديني في البلاد وقد ارتبط اسمها في أذهان جميع الناس باسم الشيخ عبد الباقي المكاشفي" رضي الله عنه " وما إن يذكر أسم الشكينيبة إلا ويذكر علاج الأمراض النفسية والعصبية والعقلية والروحية وغيرها من الأمراض المستعصية فقد جعل الله فيها سراً عظيماً ألا وهو الشيخ عبد الباقي المكاشفي و خلفاؤه الوارثون علومه. خلاوي القرآن: والحمد لله الذي أوقد نار تعليم القرآن بالشكينيبة وجعلها أرض مباركة طيبة وجعلها أرض ذكر ، و الشكر بعد الله للشيخ عبد الباقي المكاشفي الذي بنى الخلاوي وقام على أمرها والذي علم الناس كتاب الله وأرشدهم إلى سبيل الخير و الصلاح و جاء بالعلماء و الحفظة وكفل أمرهم . والحمد لله ثانياً إذ أنها مازالت إلى اليوم بفضل أبناء الشيخ وأحفاده الوارثين علومه قبلة الطلاب إذ يرسل الناس أبناءهم إليها ليحفظوا و يتعلموا كتاب الله تعالى. وليس هذا فحسب بل يزيد المشايخ على هذا كفالة اليتامى والمساكين وإرسالهم إلى المدارس والجامعات ليكملوا مسيرة تعليمهم. و خلاوي الشكينيبة واحدة من المعالم البارزة التي توحي إلى خصوصية البلدة ،ولقد تخرج منها رجال ومشايخ كثيرون ، وعند الحديث عن خلاوي الشكينيبة لابد من الإشارة إلى الخلاوي الأخرى التي قامت في مسائد و زاويا السادة المكاشفية و سارت على ذات الطريق. ألا جزاء الله الشيخ عبد الباقي المكاشفي وأبناءه وكل المشائخ القائمين على أمر الخلاوي و تحفيظ كتاب الله خير الجزاء الليالي و حلقات الذكر: عند الكلام عن الشكينيبة لابد من الكلام عن إحياء الليالي وإقامة حلقات الذكر كإحياء ليلتي الجمعة والاثنين من كل أسبوع في الشكينيبة وفي مسائد المكاشفية الأخرى. و في الشكينيبة خاصة تقام الاحتفالات الدينية الكبيرة التي يأتي إليها جميع أحباب ومريدي الشيخ من شتى أنحاء البلاد كعيدي الفطر والأضحية المباركين وليلة الإسراء والمعراج في السابع والعشرين من شهر رجب وتسمى " الرجبية" وهي من أكبر المناسبات بالمسيد و كذا الاحتفالات بمولد سيد البشرية" عليه أفضل الصلوات و أزكى التسليم " والاحتفال بليلة عاشوراء وليلة من النصف من شهر شعبان وكذا الحوليات وغيرها من المناسبات. و الذكر العام عند السادة المكاشفية ذكر جماعي بالاسم المفرد اسم الجلالة " الله الله " في شكل حلقة دائرية يتوسطها الرواة " الشعار" حاملي الدفوف " الطارات " يمدحون المدائح النبوية التي تحمل في طياتها صفات الرسول الكريم " صلى الله عليه وسلم" وتبين فضله و مكانته عظم رسالته التي حث الناس بالتمسك بآدابها وهديها، وهنالك أيضاً القصائد التوحيدية والقصائد القومية التي تروي قصص الأولياء و الصالحين الذاكرين المخلصين الذين جدوا في السير إلى مولاهم. ويقود الذكر شيخ ومن حوله المريدين والمحبين في شكل دائري ويسمون بـ " الاوتاد" لا يتعالى بعضهم على بعض ولو بأطراف الرؤوس كما جاء في نصائح الشيخ " رضي الله عنه " يترنحون شجناً ومحبة بالله الواحد الأحد العظيم ويتمايلون وجداً تمايلاً مصحوبا بالذكر " الله الله " أهزوجة روحانية تبعاً لإيقاعات النوبة والدفوف والكاسات ، تارة بإيقاع خفيف بضربات سريعة متلاحقة وتسمى " الحربية" أو " الخفيفة " وتارة بإيقاع ثقيل ضربة إثر ضربة وتسمى بالثقيل أو " الثقيلة" وهناك إيقاع آخر لا هو بالثقيل ولا هو بالخفيف ويسمى " بالشامية" أو المتلوتا." وبالذكر ومدح المصطفى ومدح أهل الله والإبحار فيهم تسمو أرواح الذكرين وتعلو حتى ترى من بعضهم حالا لا يدركه عامة الناس الحفير : و عند الكلام عن الشكينيبة و عن الشيخ عبد الباقي المكاشفي لابد من الكلام عن الحفير المباركة التي تقع شرق المسيد والتي قام بحفرها الشيخ ومريدوه ما بين عامي 1927 –1928م وتبلغ مساحتها مايقارب خمسة أفدنة تقريبا. تعتمد هذه الحفير المباركة على مياه الأمطار التي تصب وتتجمع فيها في فصل الخريف ، و تظل المياه بها في الغالب طوال أشهر السنة ومن ثم تتجدد في موسم الخريف ، ومن حكمة الله أن مياهها تظل خالية من كل التغيرات و من نواقل الأمراض وقد أكد ذلك بعثة معمل " إستاك" بالخرطوم وبعثة كلية الطب بجامعة الجزيرة الذين زاروها وفحصوا ماءها واكتشفوا أنها من أصح المياه الطبيعية . وهي تلعب دورا مهما في تخفيف عبء معاناة المياه في المنطقة وتشكل هذه الحفير معلما بارزا لكل الناس وهي إرث تاريخي تليد خلفه الشيخ أجراً وصدقةً جاريةً ، وفيها بركة وخير للناس ومنها طينة الحفير التي يتداوى بها الناس وهي إحدى كرامات الشيخ المكاشفي. و لا يقصد أحدا الشكينيبة إلا وكانت زيارة الحفير إحدى اهتماماته فهي مثار عجب ودهشة ، ولقد شهدنا فيها الكثير من العجائب و الغرائب. ومن المعالم والمنارات الواضحة في الشكينيبه القباب حيث أن بها ضريح الشيخ عبد الباقي المكاشفي رضي الله عنه ذاك الصرح الذي حوى الفخار و الأسرار و المعاني. وإلى جانبها تجد قبة الشيخ عبد الله وقبة الشيخ الطيب و قبة الشيخ الجيلي رضي الله عنهم وهي منارات يردها الزوار وينهلون من خيراتها ويشهدون أسرارها وهي توحي على صوفية البلدة و صلاح أهلها.


من أنا

السودان, الشكينيبه, Sudan
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي صل عليه الله ُ في الايات ِ وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات(والله وبالله وتالله لا يجتمع حب إله وحب ذاك درهم في قلب ذي اسراري إن الدراهم مكتوب عليها أذا أحببت درهما أبغضك الجباري لاتنكرن لقولي في كتابتها تالله لايعرفها الا ذا أفكاري(الشيخ عبدالباقى المكاشفى)