الأحد، 25 ديسمبر 2011

الشيخ الدردير

الشيخ الدردير

الدكتور محمد عبد المنعم خفاجي 
« الشيخ الدردير 1127 – 12058هـ هو الإمام أحمد بن محمد بن أحمد حامد العدوي المالكي الأزهري الخلوتي الشهير بالدردير ، ولد أحمد الدردير ببني عدي سنة 1127هـ وبني عدي كما جاءت في القاموس الجغرافي : بلدة كبيرة تابعة لمركز منفلوط بمحافظة أسيوط بحافة بساط الجبل غربي منفلوط . وهي ثلاث قرى القبلية والوسطى والبحرية . 
ويقول الجبرتي أن من علماء بني عدي القطب الكبير والإمام الشهير العالم العلامة شيخ الإسلام أحمد الدردير . وأن السبب في تلقيبه بالدردير هو أن قبيلة من العرب نزلت ببلدهم كان كبيرهم يلقب بالدردير ، وكان مولد جده عند نزول هذه القبيلة فلقب بذلك ، فهو لقبه ولقب جده من قبله من بني عدي . 
وقد أمضى أحمد الدردير طفولته الأولى ببني عدي فلما شب عن الطوق وحفظ القرآن وجوده وفد على الأزهر فأخذ عن كثير من شيوخه وخاصة عن الشيخين علي الصعيدي والحفني ، وتأثر بثانيهما روحياً فتصوف على يديه وتلقى منه الذكر وطريق الخلوتية حتى صار من أكبر خلفائه . ومما دل على تفوقه على أقرانه أن أساتذته سمحوا له بالإفتاء في حياتهم وفي حضرتهم . وكان يضرب به المثل في العفة والزهد والتقشف . كما كان مذهب النفس كريم الأخلاق ، ومن طريق ما يرويه الجبرتي عنه في هذا المقام أن مولاي محمد سلطان المغرب كان يرسل كل عام بعض الصلات إلى علماء الأزهر . وكان ابن هذا السلطان قد وفد على القاهرة في طريقه إلى مكة لتأدية فريضة الحج ، فتخلف بها فترة ونفذ ما معه من المال ، وتصادف في ذلك الوقت أن حضر رسول والده السلطان يحمل معه ما تعود إرساله من الصلات إلى العلماء ، فرفض الشيخ الدردير أن يتسلم نصيبه منها ، وقال : والله هذا لا يجوز ، وكيف أننا نتفكه في مال الرجل ونحن أجانب وولده يتلظى من العدم ، هو أولى مني وأحق فأعطوه قسمي . 
ولما توفي الشيخ على الصعيدي عين تلميذه الدردير شيخنا على المالكية ومفتشا وناظر على وقف الصعايدة ورواق الصعايدة وكان شيخنا رحمه الله شجاعاً جريئاً لا تأخذه في الله لومة لائم يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ، ومما يروى عن شجاعته التي أوردها الجبرتي والتي تدل على مبلغ ما وصلت إليه البلاد في العصر العثماني من فوضى وانحلال ، فهو يقول : حدث سنة 1200هـ يناير 1786م أن اعتدى أحد صناجق مراد بك على منزل أحمد سالم الجزار بالحسينية ونهب هو ورجاله كل ما به من متاع وأخذ على النساء فطار أهل الحي وذهبوا إلى الجامع الأزهر مسلحين بالنبابيت المسلوق وصعد منهم جماعة إلى أعلى المسجد يدقون الطبول ( كما كانت العادة في ذلك الوقت ) واستجاروا بالشيخ الدردير فقال لهم : ( في غد نجمع جميع أهالي الحي والحارات المجاورة وحتى بولاق ومصر القديمة واركب معكم وننهب بيوتهم كما ينهبون بيوتنا ونموت شهداء أو ينصرنا الله عليهم ) فلما كان بعد حضر سليم أغا ومحمد كتخدا الجلفي وغيرهم وقدموا للشيخ اعتذارهم عما كان وتعد هذه ثورة شعبية بطلها هو الشيخ الدردير ، وقد كسب الشعب منها مبدأ دستورياً جليلاً هو وجوب احترام الحاكم لإرادة المحكومين من أمراء المماليك وجلسوا في الغورية ثم ذهبوا إلى الشيخ الدردير وتكلموا معه وخافوا من تضاعف الحال ، وقالوا للشيخ أكتب لنا قائمة بالمنهوبات ، ونأتي بها من محل ما تكون ، واتفقوا على ذلك وقرأوا الفاتحة . 
وقد بلغ من شهرة الشيخ الدردير وذيوع صيته ، وما عرف عنه من الزهد والتقوى أن بني له محراباً خاصاً كان يصلي فيه بجوار المحراب الذي انشأه عبد الرحمن كتخدا في الزيادة التي تقع خلف حائط القبلة القديمة ، وعرف المحراب باسم ( محراب الدردير ) . وقد ترك لنا الشيخ الدردير مؤلفات عدة أهمها ( أقرب المسالك لمذهب مالك ) ، رسالة في المعاني والبيان ، رسالة في طريقة حفص في القراءات رسالة متشابهات القرآن . 
وكان الشيخ الدردير يختلي في زاوية له أنشأها في حي الكعكيين ( بالقرب من الغورية ) بعد عودته من تأدية فريضة الحج سنة 1191هـ وظل مقيماً بها حتى توفي في شهر ربيع الأول سنة 1201هـ فدفن بها . وقد زيد في مساحة هذه الزاوية بعد وفاته كما أعيد بناؤها وأصبحت مسجداً يؤدي فيه الجمعة والجماعة . ويتكون المسجد الآن من تخطيط مستطيل يشمل جزء منه على إيوان الصلاة ، وهو مربع الشكل به صفتان من الأعمدة الرخامية تعلوها عقود مدببة ، وتقسم هذه الأعمدة الإيوان إلى ثلاثة أورقة موازية لحائط القبلة وفي وسط الإيوان أقيمت فتحة من سقف المسجد مقامة على أربعة عقود ترتكز على أربعة من عمد الإيوان ، والقصد من هذه الفتحة إنارة وتهوية المسجد إذ توجد بها مجموعة من النوافذ وتعرف باسم ( شخشيخة ) والجزء الآخر من المسجد يشغل جزء منه ضريح الشيخ الدردير وهو عبارة عن غرفة مربعة تعلوها قبة مقامة على مقرنصات في الأركان . أما مدخل المسجد فيوجد في – الواجهة الشرقية له وهو يؤدي إلى قاعة توصل إلى إيوان القبلة كما توصل » .

المصدر: د. محمد عبد المنعم خفاجي – التصوف في الإسلام وأعلامه – ص 89 – 91 .

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الشكينيبة الشرافه والتاريخ

تقع مدينة الشكينيبة في السودان في الجزء الجنوبي الشرقي لمدينة المناقل على بعد تسع كيلو ترات منها . و لم تشتهر إلا بعد مجيء الشيخ عبد الباقي المكاشفي إليها في عام 1910م. تبلغ مساحتها حوالي 60.000 متر مربع ، و يقدر عدد سكانها حوالي 5.000 نسمة. و يعتمد أهالي المنطقة على الزراعة والرعي وعلى تجارة حول مسيد الشيخ المكاشفي.تعددت الأقوال في أصل الاسم فقيل اسم الشكينيبة من نشكو نوائبنا إلى الله - من قول الشيخ المكاشفي- وقيل من الشكنابه وهي قرعة اللبن عند أهل المنطقة. حط الشيخ المكاشفي رحاله بها وعمرها و حفر البئر وبنى المنازل. وفي هذه البقعة المباركة بنى مسجده وبنى حوله الخلاوى و أشعل نار القرآن و أوقد نار النفقة وشيد دور العلم وحفر الحفير، فأصبحت الشكينيبة مركز القاصدين ومورد الطالبين، و اجتمع فيها أعداد كثيرة من الأجناس المختلفة. فإذا جئت إليها واقتربت منها ترى الناس ينحدرون إليها من كل الجهات ما بين راجلين وراكبين على أشكال عديدة وقد امتلأت منهم مساحات كبيرة وإذا دخلت البلدة وجدت الخلاوي مزينة بطلاب القرآن و العلوم الشرعية ووجدت حلقات الذكر تعج بالذاكرين ووجدت دور الضيافة قد ملئت بأهل المقاصد المختلفة. و تعد الشكينيبة من أكبر الصروح الدينية والمعالم التاريخية التي ساهمت ومازالت تساهم في دفع حركة التعليم والإرشاد الديني في البلاد وقد ارتبط اسمها في أذهان جميع الناس باسم الشيخ عبد الباقي المكاشفي" رضي الله عنه " وما إن يذكر أسم الشكينيبة إلا ويذكر علاج الأمراض النفسية والعصبية والعقلية والروحية وغيرها من الأمراض المستعصية فقد جعل الله فيها سراً عظيماً ألا وهو الشيخ عبد الباقي المكاشفي و خلفاؤه الوارثون علومه. خلاوي القرآن: والحمد لله الذي أوقد نار تعليم القرآن بالشكينيبة وجعلها أرض مباركة طيبة وجعلها أرض ذكر ، و الشكر بعد الله للشيخ عبد الباقي المكاشفي الذي بنى الخلاوي وقام على أمرها والذي علم الناس كتاب الله وأرشدهم إلى سبيل الخير و الصلاح و جاء بالعلماء و الحفظة وكفل أمرهم . والحمد لله ثانياً إذ أنها مازالت إلى اليوم بفضل أبناء الشيخ وأحفاده الوارثين علومه قبلة الطلاب إذ يرسل الناس أبناءهم إليها ليحفظوا و يتعلموا كتاب الله تعالى. وليس هذا فحسب بل يزيد المشايخ على هذا كفالة اليتامى والمساكين وإرسالهم إلى المدارس والجامعات ليكملوا مسيرة تعليمهم. و خلاوي الشكينيبة واحدة من المعالم البارزة التي توحي إلى خصوصية البلدة ،ولقد تخرج منها رجال ومشايخ كثيرون ، وعند الحديث عن خلاوي الشكينيبة لابد من الإشارة إلى الخلاوي الأخرى التي قامت في مسائد و زاويا السادة المكاشفية و سارت على ذات الطريق. ألا جزاء الله الشيخ عبد الباقي المكاشفي وأبناءه وكل المشائخ القائمين على أمر الخلاوي و تحفيظ كتاب الله خير الجزاء الليالي و حلقات الذكر: عند الكلام عن الشكينيبة لابد من الكلام عن إحياء الليالي وإقامة حلقات الذكر كإحياء ليلتي الجمعة والاثنين من كل أسبوع في الشكينيبة وفي مسائد المكاشفية الأخرى. و في الشكينيبة خاصة تقام الاحتفالات الدينية الكبيرة التي يأتي إليها جميع أحباب ومريدي الشيخ من شتى أنحاء البلاد كعيدي الفطر والأضحية المباركين وليلة الإسراء والمعراج في السابع والعشرين من شهر رجب وتسمى " الرجبية" وهي من أكبر المناسبات بالمسيد و كذا الاحتفالات بمولد سيد البشرية" عليه أفضل الصلوات و أزكى التسليم " والاحتفال بليلة عاشوراء وليلة من النصف من شهر شعبان وكذا الحوليات وغيرها من المناسبات. و الذكر العام عند السادة المكاشفية ذكر جماعي بالاسم المفرد اسم الجلالة " الله الله " في شكل حلقة دائرية يتوسطها الرواة " الشعار" حاملي الدفوف " الطارات " يمدحون المدائح النبوية التي تحمل في طياتها صفات الرسول الكريم " صلى الله عليه وسلم" وتبين فضله و مكانته عظم رسالته التي حث الناس بالتمسك بآدابها وهديها، وهنالك أيضاً القصائد التوحيدية والقصائد القومية التي تروي قصص الأولياء و الصالحين الذاكرين المخلصين الذين جدوا في السير إلى مولاهم. ويقود الذكر شيخ ومن حوله المريدين والمحبين في شكل دائري ويسمون بـ " الاوتاد" لا يتعالى بعضهم على بعض ولو بأطراف الرؤوس كما جاء في نصائح الشيخ " رضي الله عنه " يترنحون شجناً ومحبة بالله الواحد الأحد العظيم ويتمايلون وجداً تمايلاً مصحوبا بالذكر " الله الله " أهزوجة روحانية تبعاً لإيقاعات النوبة والدفوف والكاسات ، تارة بإيقاع خفيف بضربات سريعة متلاحقة وتسمى " الحربية" أو " الخفيفة " وتارة بإيقاع ثقيل ضربة إثر ضربة وتسمى بالثقيل أو " الثقيلة" وهناك إيقاع آخر لا هو بالثقيل ولا هو بالخفيف ويسمى " بالشامية" أو المتلوتا." وبالذكر ومدح المصطفى ومدح أهل الله والإبحار فيهم تسمو أرواح الذكرين وتعلو حتى ترى من بعضهم حالا لا يدركه عامة الناس الحفير : و عند الكلام عن الشكينيبة و عن الشيخ عبد الباقي المكاشفي لابد من الكلام عن الحفير المباركة التي تقع شرق المسيد والتي قام بحفرها الشيخ ومريدوه ما بين عامي 1927 –1928م وتبلغ مساحتها مايقارب خمسة أفدنة تقريبا. تعتمد هذه الحفير المباركة على مياه الأمطار التي تصب وتتجمع فيها في فصل الخريف ، و تظل المياه بها في الغالب طوال أشهر السنة ومن ثم تتجدد في موسم الخريف ، ومن حكمة الله أن مياهها تظل خالية من كل التغيرات و من نواقل الأمراض وقد أكد ذلك بعثة معمل " إستاك" بالخرطوم وبعثة كلية الطب بجامعة الجزيرة الذين زاروها وفحصوا ماءها واكتشفوا أنها من أصح المياه الطبيعية . وهي تلعب دورا مهما في تخفيف عبء معاناة المياه في المنطقة وتشكل هذه الحفير معلما بارزا لكل الناس وهي إرث تاريخي تليد خلفه الشيخ أجراً وصدقةً جاريةً ، وفيها بركة وخير للناس ومنها طينة الحفير التي يتداوى بها الناس وهي إحدى كرامات الشيخ المكاشفي. و لا يقصد أحدا الشكينيبة إلا وكانت زيارة الحفير إحدى اهتماماته فهي مثار عجب ودهشة ، ولقد شهدنا فيها الكثير من العجائب و الغرائب. ومن المعالم والمنارات الواضحة في الشكينيبه القباب حيث أن بها ضريح الشيخ عبد الباقي المكاشفي رضي الله عنه ذاك الصرح الذي حوى الفخار و الأسرار و المعاني. وإلى جانبها تجد قبة الشيخ عبد الله وقبة الشيخ الطيب و قبة الشيخ الجيلي رضي الله عنهم وهي منارات يردها الزوار وينهلون من خيراتها ويشهدون أسرارها وهي توحي على صوفية البلدة و صلاح أهلها.


من أنا

السودان, الشكينيبه, Sudan
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي صل عليه الله ُ في الايات ِ وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات(والله وبالله وتالله لا يجتمع حب إله وحب ذاك درهم في قلب ذي اسراري إن الدراهم مكتوب عليها أذا أحببت درهما أبغضك الجباري لاتنكرن لقولي في كتابتها تالله لايعرفها الا ذا أفكاري(الشيخ عبدالباقى المكاشفى)