الاثنين، 26 ديسمبر 2011

شيخ الإسلام الشيخ إبراهيم نياس,,,, داعية إفريقيا في القرن العشرين

شيخ الإسلام الشيخ إبراهيم نياس,,,, داعية إفريقيا في القرن العشرين

شيخ الإسلام الشيخ إبراهيم نياس,,,, داعية إفريقيا في القرن العشرين

بقلم : الهادي بن محمد المختار النحوي

بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا وحبيبنا وشفيعنا محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
مولده ونشأته
ولد رحمه الله يوم الخميس 15 رجب 1320هـ في طيبة، وهي قرية صغيرة قرب كولخ في السنغال.
ونشأ في حجر والده، وقرأ عليه القرآن حتى حفظ حفظاً جيداً برواية ورش عن نافع.
وقد ظهرت عليه النجابة في صغره، وبعد أن حفظ القرآن شمر عن ساعد الجد والاجتهاد في تحصيل العلوم، المنطوق منها والمفهوم، وبلغ فيها المنى والمراد، وتبحر فيها وتفنن بجميع فنونها.
وتولى تعليمه والده العالم المجاهد الحاج عبد الله بن محمد ابن مدمب.
وازداد من العلوم والتضلع فيها بهمته العالية وانهماكه المستمر في طلب العلم، ولم يقرأ رضي الله عنه على أحدٍ غير والده.
وبعد أن نبغ رحمه الله في سنٍ مبكرة في التفسير وعلوم القرآن والحديث وعلومه، والفقه وأصوله، واللغة وفنونها، والتصوف، فكان مرجعاً في ذلك كله,تصدر لإفادة الخلق قبل بلوغ الثلاثين سنة، وأقبل عليه الناس من أقطار شتى، عرباً وعجماً ينهلون من علومه، وجاء العلماء قبل العوام يثنون الركب عنده، يستقون درر العلوم ويتشوقون لعلوم الرجال وتربية النفوس وتزكيتها، فكان لهم بحراً لا ساحل له ومنهلاً عذباً لا يمل ومركز فهوم تتصاغر دونها الفحول.
دعوته
اشتغل رحمه الله بإرشاد الخلق وتعليمهم وتربيتهم وأصبحت قريته التي أسسها (مدينة) قرب كولخ، منارة علمٍ وتربية.
لكن دعوة الشيخ لم تقف هنا، بل جاب إفريقيا وكل الأقطار الإسلامية، وكثيراً من الأقطار الأخرى ينشر دين الله ويدعو إلى الإسلام بالكلمة الطيبة، ويبث علمه بين الناس ويناظر العلماء للإفادة والاستفادة.. زار مختلف المراكز العلمية والإسلامية في بلاد شنقيط والمغرب وتونس والأزهر والحجاز، وباكستان والهند و الصين....
وانخرط في الدعوة في هيئاتها الرسمية العالمية،فقد كان:
- نائبا للرئيس ثم رئيسا للمؤتمرالإسلامي بكراتشي.
- عضواً مؤسساً في رابطة العالم الإسلامي.
- رئيسا مؤسسا لمنظمة الإتحاد الإفريقي لدعاة الإسلام
- عضواً مؤسساً في جمعية الجامعات الإسلامية بالرباط.
- عضوا في المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية بالقاهرة.
- عضوا في مجمع البحوث الإسلامية بالقاهرة.
- عضو في المجلس الإسلامي الأعلى بالجزائر.
وغيرها من الهيئات الدعوية الإسلامية.
أهداف الدعوة عند الشيخ:
حدد الشيخ أهداف دعوته في مقابلةٍ أجرتها معه صحيفة البلاد السعودية في السبعينيات من القرن الماضي فيما يلي:
- دعوة غير المسلمين للدخول في دين الله وترك الوثنية وغيرها من الديانات الباطلة.
- الجد والاجتهاد في توعية المسلمين ونصحهم وإرشادهم ليزداد المؤمنون إيماناً مع إيمانهم.
- تجنيد كل الطاقات الممكنة لنشر لغة القرآن.
- الدعوة إلى تعميق الشعور بالأخوة الإسلامية.
- ربط الدعوة بالحركات والهيئات الإسلامية في العالم.
- التصدي للقوى التي تسعى لفتنة المسلمين من تبشيرية، مسيحية، ومن صهيونية متسترة وغيرها.
مكانته العلمية في العالم الإسلامي:
كانت للشيخ رحمه الله مكانة علمية بارزة في العالم الإسلامي، فقد كان محل التكريم والعناية في جميع الدول الإسلامية، وقد زارها كلها تقريباً، كما زار كذلك المجتمعات الإسلامية في الدول الأخرى، وقابل علماء عصره وأفادهم واستفاد منهم....
ومن أكثر البلدان التي زارها المملكة العربية السعودية حيث حج إلى بيت الله الحرام عشرات المرات كما زار القاهرة عشر مرات.
وكانت له صلات قوية بمشايخ الأزهر أمثال الشيخ محمود شلتوت، والشيخ الدكتور عبد الحليم محمود، وهما رئيسان سابقان للأزهر وقد أكرمه علماء الأزهر بأن لقبوه شيخ الإسلام (يقال بأن الشيخ شلتوت هو الذي لقبه بهذه الصفة).
وأكرموه مرة أخرى عندما طلبوا منه أن يؤم صلاة الجمعة في الأزهر، وكان ذلك بتاريخ صفر من عام 1381هـ (21/7/1961م)، وبعد صلاة الجمعة علق الشيخ محمد الغزالي على خطبة الشيخ بقوله: " إننا مطمئنون على مستقبل العالم الإسلامي ما دام في المسلمين أمثال ضيفنا العظيم شيخ الإسلام إبراهيم نياس".
والشيخ هو أول إفريقي ينال شرف إمامة المسلمين في الأزهر الشريف.
تلاميذ الشيخ:
قدر عدد أتباع الشيخ في مختلف مناطق أفريقيا وخارجها بحوالي ثلاثين مليون.
وقد تتلمذ عليه عدد كبير من أبناء شنقيط من أسرٍ ذات عراقةٍ في الشرف و العلم والصلاح، يأتي في مقدمتهم:
الشيخ محمد النحوي.
الشيخ الشيخان بن محمد بن الطلبة.
الشيخ الهادي بن السيد بن سيدي مولود فال.
الشيخ محمد المشري بن عبد الله بن الحاج.
الشيخ عبد الله (الايجيجبي)
الشيخ محمدن بن أحمد الطلبة
الشيخ محمد الأمين الجكني
الشيخ وجاه بن الرباني
الشيخ عبد الله ساخو
الشيخ عبد الله دياه
الشيخ محمد الحسن بن أحمد الخديم.
قوته في الحق:
كانت للشيخ صلات مع الرئيس الراحل جمال عبد الناصر وقد قابله عدة مراتٍ، ، ولما وقعت هزيمة يونيو 1967م وجه الشيخ رسالة إلى عبد الناصر أوضح له فيها المنهج والمخرج الصحيح، وطريق النصر، يقول في الرسالة:
"......وعلينا أن نسير مع خط النصر 
إن تنصروا الله ينصركم،  واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا... فاتق الله يا أخي.. واتبع سبيل قائدك الأعلى سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، الذي يقول:  أدبني ربي فأحسن تأديبي وكان خلقه القرآن... واخفض جناحك لمن اتبعك من المؤمنين... 
( فبما رحمةٍ من الله لنت لهم ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر).... فسر على هذا الخط الذي يسير عليه النصر... ولا بد من الوقوف بباب الله بالتضرع والدعاء..."
الشيخ والقرآن الكريم
كان الشيخ شديد الاهتمام بالقرآن الكريم حفظاً ودراسةً وتفسيراً، وتربيةً للأجيال عليه، فقد فسره عدة مراتٍ باللغة العربية، وباللغة المحلية السنغالية المعروفة ب"الولفية".
وكان يحرص على أن يحفظ أبناؤه ومريدوه القرآن في صغرهم، وأن يداوموا على تلاوته آناء الليل وأطراف النهار كما هي عادته، فقد كان يختم القرآن مرتين في الأسبوع على الأقل....فيقرأ سبعاً كل يوم، ويحفظ في الليل ما قرأ نهاراً.
وقد أسس الشيخ عدة مدارس لتحفيظ القرآن، يدرس فيها أساتذة سنغاليون وموريتانيون ومصريون أزهريون.
ويقول الشيخ في هذا المعنى:
ولتجعلن حفظ كتابك الكريم
كرامتي إلى لقاءك العظيم

الشيخ واللغة العربية
كان الشيخ كثير الاعتناء باللغة العربية، ومن أهم مظاهر ذلك رفضه إدخال أبنائه إلى المدرسة الفرنسية إبان فترة الاستعمار ( الاستخراب الفرنسي) رغم الضغوط التي مورست عليه من قبل الفرنسيين؛ وأرسل أبناءه إلى الأزهر الشريف، حيث تخرجوا دعاةً وأساتذة.
وقد أسس الشيخ معهداً للغة العربية والعلوم الشرعية في مدينته، واستقدم له بعثات تعليمية من الأزهر الشريف. واستمر هذا المعهد في العطاء ونشر اللغة العربية، وتخرجت فيه أجيال بعد أجيال، ويشرف الآن عليه أبناء الشيخ وأحفاده وتوجد في المعهد بعثة تعليمية من موريتانيا مكونة من عدة أساتذة يدرسون في مختلف المراحل.
الشيخ وقانون الأحوال الشخصية في السنغال:
اختار مشايخ السنغال الشيخ إبراهيم لمكانته العلمية، لكتابة تقرير إلى الحكومة لإبداء الرأي في مشروع قانون الأحوال الشخصية الذي أعدته الحكومة وطلبت من الشيوخ إبداء رأيهم فيه.
وأعد الشيخ تقريراً عن القانون بين فيه جملة من الملاحظات من أهمها: 
- أن القانون تضمن أبواباً ومواد تتعلق بالنكاح والطلاق ومدة الحمل والميراث وثبوت النسب وهي قضايا وأحكام قد فصلت في الشريعة الإسلامية تفصيلاً لا مزيد عليه ولا داعي لتطويره، ولا يجوز لمسلم الخروج فيها عن دائرة الشريعة الإسلامية في مصادرها الأربعة المعروفة ( الكتاب، والسنة، والإجماع، والقياس).
- كما طالب التقرير الحكومة السنغالية بترجمة القانون كاملاً إلى اللغة العربية ليطلع عليه المشايخ ويدرسونه.
الشيخ في الصحافة العربية:
اهتمت الصحف العربية بحياة الشيخ ودعوته وأجرت معه عدة صحف مقابلات، وأعدوا التقارير والمقالات عنه وعن مدرسته وتصوفه ومكانته بين المسلمين في غرب أفريقيا وخارجها.
ومن الصحف المصرية التي نشرت موضوعات ذات صلة بالشيخ وحياته ودعوته،مجلة الأزهر ومجلة المصور، وصحيفة الأهرام، وصحيفة المساء، وصحيفة آخر ساعة، وصحيفة الأخبار، ومجلة روز اليوسف.
وصحيفة الأنباء المغربية، والبلاد السعودية، والشعب الموريتانية، وغيرها من الصحف والمجلات العربية.
وكان آخر تحقيق نشر عن الشيخ، ما نشرته صحيفة الأهرام المصرية الصادرة في 27/12/1999م.
والشيخ هو الزعيم الديني الأفريقي الوحيد الذي له ملف خاص في مؤسسة الأهرام.
كما اهتمت الإذاعات العربية بنشاط الشيخ الدعوي، وأجريت معه عدة مقابلات، منها مقابلة أجرتها معه الإذاعة المصرية بتاريخ 16 مارس 1961م.
مؤلفاته
ألف الشيخ عدة كتب نافعة في التصوف والسلوك والفقه واللغة منها:
- كاشف الإلباس عن فيضة الختم أبي العباس.
- روح الأدب.
- سبيل السلام في إبقاء المقام.
- تحفة الحاضرة في مناسك الحج لا سيما في الطائرة.
- نجوم الهدى في كون نبينا أفضل من دعا إلى الله وهدى.
- الحجة البالغة في كون إذاعة القرآن في الراديو سائغة.
- رفع الملام عمن رفع وقبض إقتداء بسيد الأنام.
- تحفة الأطفال في حقائق الأفعال.
إضافةً إلى عدة دواوين شعرية معظمها في مديح النبي صلى الله عليه وسلم.
أقوال أهل العلم عنه
قال الداعية الكبير محمد الغزالي:
" إننا مطمئنون على مستقبل الإسلام مادام في المسلمين أمثال ضيفنا العظيم شيخ الإسلام إبراهيم نياس".
قال العلامة الشيخ محمد محمود الصواف:
" والشيخ إبراهيم نياس هو كبير مشايخ هذا الإقليم، بل هو الرجل القوي الذي يقف بصلابة أما جميع التيارات المعاكسة للإسلام، وله مقام كبير ونفوذ واسع لدى الشعب السنغالي وبعض الشعوب الإسلامية الأخرى، وقد أسلم على يديه خلق كثير.. ".
قال المحدث الشيخ محمد الحافظ المصري بعد أن ذكر عدة أوصاف للشيخ:
" ... وباختصار هو نور هذا العصر".
وقالوا في مدحه
قال العالم الرباني الشيخان بن محمد الطلبة في قصيدة يمدحه بها:
أشمس بدت بالليل طالعها سعد
وما كان شأن الشمس بالليل أن تبدو
أم المزن تحدوها البروق لسقينا
ولا برق فيها نختشيه ولا رعد 
أم الكل شيخ العصر من عم هديه
جميع الورى ابيضوا جلودا أم اسودوا

وقال العلامة محمد عبد الرحمن بن السالك بن باب العلوي:
فلأنت من قوم هم القوم الألى
بني العلى بهم على آساس
ومن الذين علومهم جلت عن الأ
وراق والأقلام والأنفاس
وكفاك أن الله ألبسك التقى
ولباس تقوى الله خير لباس

ويقول إمام العارفين الشيخ محمد المشري :
لعمرك ما شمس الزوال لدى الظهر
ولا البدر في دال الليالي مع العشر
بأظهر أو أعلى أو اكمل رتبة
من الشيخ في عصر ولا منه في قطر

ويقول في وصفه في قصيدة أخرى:
لا يستطيع الواصفون لوصفه
جلت محامده وعز ثناه

ويقول ,أستاذ الجيل, العلامة الشيخ محمد فال (أباه) بن عبد الله :
رعيت أبا إسحاق والبيت والمسعى 
رياضاً من العرفان طيبة المرعـى

إلى أن يقول:
له ورع قد صير الندب واجبـا
كما صير المكروه من ورعٍ منعـا
وموعظة لو باشرت جلمدا غدا
لصولتها الجلمود يستهـل الدمعـا
أيا قارئ القـرآن متقـن فنـه
وقارئـه عشـراً وقارئـه سبعـا

إلى أن يقول:
وجددت علم الشرع من بعدما عفا
وكاد ظلام الجهل أن يكسف الشرعا
فلله آيات تبرقع سرها
كشفت لنا من دون عزتها النقعا
فإنك بدر لا فقدنا له سنى
وإنك وتر ما ما وجدنا له شفعا

وفاته
توفي رحمه الله في لندن حيث كان يعالج يوم 15 رجب 1395هـ, يوليو 1975م, واهتزت السنغال وافريقيا لوفاته و دفن في مدينته المعروفة بإسم "مدينة" قرب كولخ, جنوب شرق السنغال في جنازة مهيبة حضرها خلق لا يحصى.
قضى عمره في الدعوة و نشر الإسلام و بث العلم و إرشاد الخلق و نصرة قضايا المسلمين و خاصة قضية فلسطين فكان مناهضا قويا للاختراق الاسرائيلي في افريقيا.وخلف بعده مدرسة دعوية تشع بنور الإسلام في جميع أنحاء العالم.
كان الشيخ متصوفا متمسكا بالكتاب و السنة وكان أكبر مشايخ الطريقة التجانية في افريقيا خلال القرن العشرين وكان إذا شكوا إليه مخالفات بعض المنتسبين للتصوف , يكرر الكلمة المشهورة عن شيخه مؤسس الطريقة التجانية , الشيخ سيدي أحمد التجاني: "إذا سمعتم عني شيئا فزنوه بميزان الشرع فإن وافق فاعملوا به و إن خالف فاتركوه".
ويمكن إجمال هدف الشيخ في الحياة في بيت من أحد قصائده:
أروم رضى الباري لنصرة دينه * وأبرز للجيل الجديد مثالا
كما حدد رحمه الله تمسكه باتباع الرسول صلى الله عليه وسلم في البيت التالي:
إذا سار خير الناس سرت وراءه * وإن حل يوما فالمسير بعيد 
رحم الله الشيخ إبراهيم برحمته الواسعة وأسكنه فسيح جناته مع النبيين والصديقين و الشهداء و الصالحين. 
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المراجع:
- الشيخ ابراهيم انياس, كاشف الإلباس
- مجموع رحلات شيخ الإسلام الحاج ابراهيم انياس
- ديوان الشيخان بن محمد بن الطلبة
- ديوان الشيخ محمد المشري
- إبراهيم تيام, 25 سنة على رحيل الشيخ إبراهيم
- الحاج عبد الله بن محمد المشري , إنذار و إفادة
- الخليل النحوي , بلاد شنقيط .. المنارة و الرباط
- محمد بن الشيخ عبد الله , الشيخ عبد الله وحياته الصوفية 
- عبد القادر محمد سيلا , المسلمون في السنغال- سلسلة كتاب الأمة.

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الشكينيبة الشرافه والتاريخ

تقع مدينة الشكينيبة في السودان في الجزء الجنوبي الشرقي لمدينة المناقل على بعد تسع كيلو ترات منها . و لم تشتهر إلا بعد مجيء الشيخ عبد الباقي المكاشفي إليها في عام 1910م. تبلغ مساحتها حوالي 60.000 متر مربع ، و يقدر عدد سكانها حوالي 5.000 نسمة. و يعتمد أهالي المنطقة على الزراعة والرعي وعلى تجارة حول مسيد الشيخ المكاشفي.تعددت الأقوال في أصل الاسم فقيل اسم الشكينيبة من نشكو نوائبنا إلى الله - من قول الشيخ المكاشفي- وقيل من الشكنابه وهي قرعة اللبن عند أهل المنطقة. حط الشيخ المكاشفي رحاله بها وعمرها و حفر البئر وبنى المنازل. وفي هذه البقعة المباركة بنى مسجده وبنى حوله الخلاوى و أشعل نار القرآن و أوقد نار النفقة وشيد دور العلم وحفر الحفير، فأصبحت الشكينيبة مركز القاصدين ومورد الطالبين، و اجتمع فيها أعداد كثيرة من الأجناس المختلفة. فإذا جئت إليها واقتربت منها ترى الناس ينحدرون إليها من كل الجهات ما بين راجلين وراكبين على أشكال عديدة وقد امتلأت منهم مساحات كبيرة وإذا دخلت البلدة وجدت الخلاوي مزينة بطلاب القرآن و العلوم الشرعية ووجدت حلقات الذكر تعج بالذاكرين ووجدت دور الضيافة قد ملئت بأهل المقاصد المختلفة. و تعد الشكينيبة من أكبر الصروح الدينية والمعالم التاريخية التي ساهمت ومازالت تساهم في دفع حركة التعليم والإرشاد الديني في البلاد وقد ارتبط اسمها في أذهان جميع الناس باسم الشيخ عبد الباقي المكاشفي" رضي الله عنه " وما إن يذكر أسم الشكينيبة إلا ويذكر علاج الأمراض النفسية والعصبية والعقلية والروحية وغيرها من الأمراض المستعصية فقد جعل الله فيها سراً عظيماً ألا وهو الشيخ عبد الباقي المكاشفي و خلفاؤه الوارثون علومه. خلاوي القرآن: والحمد لله الذي أوقد نار تعليم القرآن بالشكينيبة وجعلها أرض مباركة طيبة وجعلها أرض ذكر ، و الشكر بعد الله للشيخ عبد الباقي المكاشفي الذي بنى الخلاوي وقام على أمرها والذي علم الناس كتاب الله وأرشدهم إلى سبيل الخير و الصلاح و جاء بالعلماء و الحفظة وكفل أمرهم . والحمد لله ثانياً إذ أنها مازالت إلى اليوم بفضل أبناء الشيخ وأحفاده الوارثين علومه قبلة الطلاب إذ يرسل الناس أبناءهم إليها ليحفظوا و يتعلموا كتاب الله تعالى. وليس هذا فحسب بل يزيد المشايخ على هذا كفالة اليتامى والمساكين وإرسالهم إلى المدارس والجامعات ليكملوا مسيرة تعليمهم. و خلاوي الشكينيبة واحدة من المعالم البارزة التي توحي إلى خصوصية البلدة ،ولقد تخرج منها رجال ومشايخ كثيرون ، وعند الحديث عن خلاوي الشكينيبة لابد من الإشارة إلى الخلاوي الأخرى التي قامت في مسائد و زاويا السادة المكاشفية و سارت على ذات الطريق. ألا جزاء الله الشيخ عبد الباقي المكاشفي وأبناءه وكل المشائخ القائمين على أمر الخلاوي و تحفيظ كتاب الله خير الجزاء الليالي و حلقات الذكر: عند الكلام عن الشكينيبة لابد من الكلام عن إحياء الليالي وإقامة حلقات الذكر كإحياء ليلتي الجمعة والاثنين من كل أسبوع في الشكينيبة وفي مسائد المكاشفية الأخرى. و في الشكينيبة خاصة تقام الاحتفالات الدينية الكبيرة التي يأتي إليها جميع أحباب ومريدي الشيخ من شتى أنحاء البلاد كعيدي الفطر والأضحية المباركين وليلة الإسراء والمعراج في السابع والعشرين من شهر رجب وتسمى " الرجبية" وهي من أكبر المناسبات بالمسيد و كذا الاحتفالات بمولد سيد البشرية" عليه أفضل الصلوات و أزكى التسليم " والاحتفال بليلة عاشوراء وليلة من النصف من شهر شعبان وكذا الحوليات وغيرها من المناسبات. و الذكر العام عند السادة المكاشفية ذكر جماعي بالاسم المفرد اسم الجلالة " الله الله " في شكل حلقة دائرية يتوسطها الرواة " الشعار" حاملي الدفوف " الطارات " يمدحون المدائح النبوية التي تحمل في طياتها صفات الرسول الكريم " صلى الله عليه وسلم" وتبين فضله و مكانته عظم رسالته التي حث الناس بالتمسك بآدابها وهديها، وهنالك أيضاً القصائد التوحيدية والقصائد القومية التي تروي قصص الأولياء و الصالحين الذاكرين المخلصين الذين جدوا في السير إلى مولاهم. ويقود الذكر شيخ ومن حوله المريدين والمحبين في شكل دائري ويسمون بـ " الاوتاد" لا يتعالى بعضهم على بعض ولو بأطراف الرؤوس كما جاء في نصائح الشيخ " رضي الله عنه " يترنحون شجناً ومحبة بالله الواحد الأحد العظيم ويتمايلون وجداً تمايلاً مصحوبا بالذكر " الله الله " أهزوجة روحانية تبعاً لإيقاعات النوبة والدفوف والكاسات ، تارة بإيقاع خفيف بضربات سريعة متلاحقة وتسمى " الحربية" أو " الخفيفة " وتارة بإيقاع ثقيل ضربة إثر ضربة وتسمى بالثقيل أو " الثقيلة" وهناك إيقاع آخر لا هو بالثقيل ولا هو بالخفيف ويسمى " بالشامية" أو المتلوتا." وبالذكر ومدح المصطفى ومدح أهل الله والإبحار فيهم تسمو أرواح الذكرين وتعلو حتى ترى من بعضهم حالا لا يدركه عامة الناس الحفير : و عند الكلام عن الشكينيبة و عن الشيخ عبد الباقي المكاشفي لابد من الكلام عن الحفير المباركة التي تقع شرق المسيد والتي قام بحفرها الشيخ ومريدوه ما بين عامي 1927 –1928م وتبلغ مساحتها مايقارب خمسة أفدنة تقريبا. تعتمد هذه الحفير المباركة على مياه الأمطار التي تصب وتتجمع فيها في فصل الخريف ، و تظل المياه بها في الغالب طوال أشهر السنة ومن ثم تتجدد في موسم الخريف ، ومن حكمة الله أن مياهها تظل خالية من كل التغيرات و من نواقل الأمراض وقد أكد ذلك بعثة معمل " إستاك" بالخرطوم وبعثة كلية الطب بجامعة الجزيرة الذين زاروها وفحصوا ماءها واكتشفوا أنها من أصح المياه الطبيعية . وهي تلعب دورا مهما في تخفيف عبء معاناة المياه في المنطقة وتشكل هذه الحفير معلما بارزا لكل الناس وهي إرث تاريخي تليد خلفه الشيخ أجراً وصدقةً جاريةً ، وفيها بركة وخير للناس ومنها طينة الحفير التي يتداوى بها الناس وهي إحدى كرامات الشيخ المكاشفي. و لا يقصد أحدا الشكينيبة إلا وكانت زيارة الحفير إحدى اهتماماته فهي مثار عجب ودهشة ، ولقد شهدنا فيها الكثير من العجائب و الغرائب. ومن المعالم والمنارات الواضحة في الشكينيبه القباب حيث أن بها ضريح الشيخ عبد الباقي المكاشفي رضي الله عنه ذاك الصرح الذي حوى الفخار و الأسرار و المعاني. وإلى جانبها تجد قبة الشيخ عبد الله وقبة الشيخ الطيب و قبة الشيخ الجيلي رضي الله عنهم وهي منارات يردها الزوار وينهلون من خيراتها ويشهدون أسرارها وهي توحي على صوفية البلدة و صلاح أهلها.


من أنا

السودان, الشكينيبه, Sudan
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي صل عليه الله ُ في الايات ِ وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات(والله وبالله وتالله لا يجتمع حب إله وحب ذاك درهم في قلب ذي اسراري إن الدراهم مكتوب عليها أذا أحببت درهما أبغضك الجباري لاتنكرن لقولي في كتابتها تالله لايعرفها الا ذا أفكاري(الشيخ عبدالباقى المكاشفى)