الاثنين، 26 ديسمبر 2011

الطريقة القادرية العركية وفروعها

الطريقة القادرية العركية وفروعها

الدكتور / الشيخ أبو إدريس عبد الرحمن محمد


الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أله الذين هم منبع الطرق الموصلة إلى الله تعالى وأصحابه نجوم الهداية وسلم تسليما كثيرا وبعد ، فإن الحديث في هذا الشأن مهما أوجز فيه يتطلب مرتكزات أساسية يقوم الحديث فيها عنه . وأولى هذه المرتكزات هو كتاب الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ، والثاني السنة الغراء ـ اللذان تركنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بهما على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك ، قال تعالى مخاطبا الذي لا ينطق عن الهوى : (قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللّهِ وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ *يوسف:108* . وقال صلى الله عليه وسلم :(نضر الله أمراءاً سمع مقالتي فوعاها فأداها كما سمعها) . 

هذه الآية الكريمة وهذا الحديث الشريف أسسا ووضعا كيفية الدعوة إلى الله وهما مقيدان ومخصصان لعموم الحديث الذي اتخذه دعاة الغواية والضلالة شعاراً لدعوتهم ألا وهو : (بلغوا عني ولو آية) فالدعوة إلى الله المطلقة الغير مقيدة بتحمل وأداء وإذن وسند لا تجوز . والحديث وبيعة الطريق كما نص الحديث على ذلك حيث اشترط السماع الذي هو التحمل والأداء ثم اشترط الفهم حيث قال :(فأداها كما سمعها) آي كما جاءت ، وداعياً إلى الله حيث قال جل شأنه :( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا *الأحزاب:45 *. 

لذا فإن الطريق الصوفي هو بيعة وعهد يجب الالتزام به والوفاء بعهده ، قال تعالى: (وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسئولا) *الإسراء:43* وجوهره يقوم على سند البيعة وتسلسلها من أجل ذلك هذا إثبات سند الطريق الأم للطريقتين : المكاشفية والكباشية . 



فالطريقة القادرية العركية 

أنشأها وأسسها الشيخ عبد الله العركي المولود بأبيض ديري التي تقع شمال الخرطوم بحري بالقرب من الجيلي في النصف الثاني من القرن السادس الميلادي وإلى الشيخ عبد الله يرجع سند الطريقة القادرية وهو بيد كل شيخ مجاز في الطريق وهو سند متواتر خلفاً عن سلف وكثير من المشايخ العلماء نظمه شعراً كالشيخ الحسن بن قرشي حفيد الشيخ حامد أبي عصا وتلميذ الشيخ محمد يونس في الطريق وتلميذ الشيخ محمد البدوي في العلم حيث قال في مطلعه :

مولاي في اللوح أنزله الوحي جبريل نقله***للمصطفى أنزله وأعطاه لمن يستأهله
لقنه رسول الله لعلي أسد الله وإلى*** الحسين أبي عبد الله إلى زين عباد الله 

وهكذا إلى أن وصل به إلى شيخه الشيخ محمد يونس حيث يقول :

ليوسف وابنه محمد إلى راحة أبوأته أحمد***إلى ود يونس الحد بجاههم يا رب نمتد

وكابن العربي والد الشيخ حياتي إلى أن وصل به إلى شيخه : الشيخ العبيد ود بدر حيث يقول : 

هذا طــــريق السير والكمـــال أحياه *** عوض الجيد درج المراقي نال
أحياه ود رية قوس الوجود في الحــال***أهل بيعتي بــدر ال للقلوب عدال

هذا طريق الوصال أحياه ود العجوز الأزرق المشهود وأحياه المكاشفي صاحب العطا ونحن نثبته كما يلي : 

فطريق الشيخ عبد الله العركي وإجازته من شيخه الشيخ حبيب الله العجمي عن شيخه : الشيخ تاج الدين محمد (بهاري) عن شيخه : الشيخ محمد دين عن شيخه وأبيه : السيد أحمد نور الله مرقده عن شيخه : الشيخ السيد أكمل عن شيخه : السيد جلال الدين عن شيخه : السيد كمال الدين عن شيخه : السيد علاء الدين عن شيخه : السيد محمد المساعد عن شيخه : السيد أحمد المرجي عن شيخه : السيد محمد البدري عن شيخه : السيد عبد الرزاق عن شيخه وأبيه غوث الثقلين محي الدين عبد القادر الجيلاني قدس الله سره العزيز عن شيخه وأستاذه أبي سعيد بن علي المخزومي عن شيخه : الشيخ يوسف الطوسي عن شيخه : الشيخ علي بن محمد بن يوسف القرشي الهكاري عن شيخه : عبد العزيز اليمني عن شيخه : الشيخ أبي بكر الشبلي عن شيخه : الشيخ السري السقطي عن شيخه الشيخ أبي محفوظ معروف بن قيروز الكرخي عن شيخه : الشيخ سليمان بن داود بن نصير الطائي الكوفي تلميذ الإمام أبي حنيفة النعمان وأجل أصحابه عن شيخه : السيد الإمام علي الرضي عن أبيه السيد الإمام موسى الكاظم عن أبيه : السيد الإمام جعفر الصادق عن أبيه : السيد الإمام محمد الباقر عن أبيه : السيد الإمام على زين العابدين عن أبيه : السيد الإمام الحسين شهيد كربلاء عن أبيه : السيد الإمام أمير المؤمنين أسد الله الغالب سيدنا ومولانا على بن أبي طالب رضي الله عنه وكرم الله وجهه وهو مجاز من سيد المرسلين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم تسليماً . 

فالشيخ عبد الله العركي هو الرجل الأول في الطريقة القادرية العركية والرجل الثاني فيها شقيقه : الشيخ مجمد أبو إدريس الزاهد الذي من تلاميذه : (الشيخ إدريس بن الأرباب والشيخ حسن ود حسونة) كما قال فيه ولد أبو مروة تلميذ الشيخ محمد بن الطريفي والد الشيخ يوسف أبو شره .

ارشد في زمانه ود حسونة ودفعه الفعال*** ولــد مرعي مع الشيخ ولـد بلال

الرازقي سقاه ولبسه الأحــــــوال *** أبو إدريس التقي الزاهد الدنيا ومال 

ثم ورث الشيخ عبد الله العركي وشقيقه الشيخ أبو إدريس الزاهد : ابنه الشيخ دفع الله المصوبن الذي امتد منه مدد الطريقة كما ورث الشيخ دفع الله جده الشيخ دفع الله بن السيد أحمد مقبل في الطريقة الشاذلية وورث الشيخ دفع الله بن مقبل في الطريقة الشاذلية وأولاده : (الشيخ حمد النيل والشيخ عمر الملقب بالزير وأبو بكر المكنى بأبي عائشة) ثم ورثهم أيضاً بن شقيقهم الشيخ أبو عاقلة الكشيف ثم اخذ الطريق القادرية عن عمه الشيخ أبو إدريس الزاهد وظل أبناءه يتوارثون الطريقتين : الشاذلية والقادرية إلى الخليفة الحالي : الشيخ عبد الله بن الشيخ أحمد الريح بن الشيخ عبد الباقي خليفة السادة العركيين بطيبة ورئيس السجادة القادرية بالسودان .

إن تفرع الطريقة القادرية من الشيخ دفع الله المصوبن يتمثل في بيت الشيخ حمد الزنادي وابنه وخلفائه من بعده إلى الخليفة الحالي : الشيخ يوسف بن الشيخ محمد بن الشيخ عبد الرحيم بن الشيخ محمد يونس وتفرعت خلافة الشيخ محمد بن الطريفي والشيخ أحمد أبو فلج في الطريقة القادرية من الشيخ دفع الله المصوبن ومن خلافة جدهم الشيخ دفع الله بن مقبل في الطريقة الشاذلية . أما الذين تفرعوا من الشيخ دفع الله المصوبن في الطريق والسند الشيخ المسلمي وورثه في ذلك ود العجوز ثم الشيخ عبد الباقي النيّل راجل أم قرقور ثم الشيخ أحمد المكاشفي جد الشيخ عبد الباقي المكاشفي بالشكينيبة) ثم ورث المكاشفي الشيخ عوض الجيد الملقب 
(بتور عفينة) ثم ورثه في الطريق والسند الشيخ العبيد ود بدر بأم ضواً بان ثم ورثه آي الشيخ عوض الجيد الشيخ طه الأبيض البطحاني ثم ورث البطحاني في الطريق والسند الشيخ إبراهيم الكباشي ،

والله نسأله أن يجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله أصحابه وسلم .

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الشكينيبة الشرافه والتاريخ

تقع مدينة الشكينيبة في السودان في الجزء الجنوبي الشرقي لمدينة المناقل على بعد تسع كيلو ترات منها . و لم تشتهر إلا بعد مجيء الشيخ عبد الباقي المكاشفي إليها في عام 1910م. تبلغ مساحتها حوالي 60.000 متر مربع ، و يقدر عدد سكانها حوالي 5.000 نسمة. و يعتمد أهالي المنطقة على الزراعة والرعي وعلى تجارة حول مسيد الشيخ المكاشفي.تعددت الأقوال في أصل الاسم فقيل اسم الشكينيبة من نشكو نوائبنا إلى الله - من قول الشيخ المكاشفي- وقيل من الشكنابه وهي قرعة اللبن عند أهل المنطقة. حط الشيخ المكاشفي رحاله بها وعمرها و حفر البئر وبنى المنازل. وفي هذه البقعة المباركة بنى مسجده وبنى حوله الخلاوى و أشعل نار القرآن و أوقد نار النفقة وشيد دور العلم وحفر الحفير، فأصبحت الشكينيبة مركز القاصدين ومورد الطالبين، و اجتمع فيها أعداد كثيرة من الأجناس المختلفة. فإذا جئت إليها واقتربت منها ترى الناس ينحدرون إليها من كل الجهات ما بين راجلين وراكبين على أشكال عديدة وقد امتلأت منهم مساحات كبيرة وإذا دخلت البلدة وجدت الخلاوي مزينة بطلاب القرآن و العلوم الشرعية ووجدت حلقات الذكر تعج بالذاكرين ووجدت دور الضيافة قد ملئت بأهل المقاصد المختلفة. و تعد الشكينيبة من أكبر الصروح الدينية والمعالم التاريخية التي ساهمت ومازالت تساهم في دفع حركة التعليم والإرشاد الديني في البلاد وقد ارتبط اسمها في أذهان جميع الناس باسم الشيخ عبد الباقي المكاشفي" رضي الله عنه " وما إن يذكر أسم الشكينيبة إلا ويذكر علاج الأمراض النفسية والعصبية والعقلية والروحية وغيرها من الأمراض المستعصية فقد جعل الله فيها سراً عظيماً ألا وهو الشيخ عبد الباقي المكاشفي و خلفاؤه الوارثون علومه. خلاوي القرآن: والحمد لله الذي أوقد نار تعليم القرآن بالشكينيبة وجعلها أرض مباركة طيبة وجعلها أرض ذكر ، و الشكر بعد الله للشيخ عبد الباقي المكاشفي الذي بنى الخلاوي وقام على أمرها والذي علم الناس كتاب الله وأرشدهم إلى سبيل الخير و الصلاح و جاء بالعلماء و الحفظة وكفل أمرهم . والحمد لله ثانياً إذ أنها مازالت إلى اليوم بفضل أبناء الشيخ وأحفاده الوارثين علومه قبلة الطلاب إذ يرسل الناس أبناءهم إليها ليحفظوا و يتعلموا كتاب الله تعالى. وليس هذا فحسب بل يزيد المشايخ على هذا كفالة اليتامى والمساكين وإرسالهم إلى المدارس والجامعات ليكملوا مسيرة تعليمهم. و خلاوي الشكينيبة واحدة من المعالم البارزة التي توحي إلى خصوصية البلدة ،ولقد تخرج منها رجال ومشايخ كثيرون ، وعند الحديث عن خلاوي الشكينيبة لابد من الإشارة إلى الخلاوي الأخرى التي قامت في مسائد و زاويا السادة المكاشفية و سارت على ذات الطريق. ألا جزاء الله الشيخ عبد الباقي المكاشفي وأبناءه وكل المشائخ القائمين على أمر الخلاوي و تحفيظ كتاب الله خير الجزاء الليالي و حلقات الذكر: عند الكلام عن الشكينيبة لابد من الكلام عن إحياء الليالي وإقامة حلقات الذكر كإحياء ليلتي الجمعة والاثنين من كل أسبوع في الشكينيبة وفي مسائد المكاشفية الأخرى. و في الشكينيبة خاصة تقام الاحتفالات الدينية الكبيرة التي يأتي إليها جميع أحباب ومريدي الشيخ من شتى أنحاء البلاد كعيدي الفطر والأضحية المباركين وليلة الإسراء والمعراج في السابع والعشرين من شهر رجب وتسمى " الرجبية" وهي من أكبر المناسبات بالمسيد و كذا الاحتفالات بمولد سيد البشرية" عليه أفضل الصلوات و أزكى التسليم " والاحتفال بليلة عاشوراء وليلة من النصف من شهر شعبان وكذا الحوليات وغيرها من المناسبات. و الذكر العام عند السادة المكاشفية ذكر جماعي بالاسم المفرد اسم الجلالة " الله الله " في شكل حلقة دائرية يتوسطها الرواة " الشعار" حاملي الدفوف " الطارات " يمدحون المدائح النبوية التي تحمل في طياتها صفات الرسول الكريم " صلى الله عليه وسلم" وتبين فضله و مكانته عظم رسالته التي حث الناس بالتمسك بآدابها وهديها، وهنالك أيضاً القصائد التوحيدية والقصائد القومية التي تروي قصص الأولياء و الصالحين الذاكرين المخلصين الذين جدوا في السير إلى مولاهم. ويقود الذكر شيخ ومن حوله المريدين والمحبين في شكل دائري ويسمون بـ " الاوتاد" لا يتعالى بعضهم على بعض ولو بأطراف الرؤوس كما جاء في نصائح الشيخ " رضي الله عنه " يترنحون شجناً ومحبة بالله الواحد الأحد العظيم ويتمايلون وجداً تمايلاً مصحوبا بالذكر " الله الله " أهزوجة روحانية تبعاً لإيقاعات النوبة والدفوف والكاسات ، تارة بإيقاع خفيف بضربات سريعة متلاحقة وتسمى " الحربية" أو " الخفيفة " وتارة بإيقاع ثقيل ضربة إثر ضربة وتسمى بالثقيل أو " الثقيلة" وهناك إيقاع آخر لا هو بالثقيل ولا هو بالخفيف ويسمى " بالشامية" أو المتلوتا." وبالذكر ومدح المصطفى ومدح أهل الله والإبحار فيهم تسمو أرواح الذكرين وتعلو حتى ترى من بعضهم حالا لا يدركه عامة الناس الحفير : و عند الكلام عن الشكينيبة و عن الشيخ عبد الباقي المكاشفي لابد من الكلام عن الحفير المباركة التي تقع شرق المسيد والتي قام بحفرها الشيخ ومريدوه ما بين عامي 1927 –1928م وتبلغ مساحتها مايقارب خمسة أفدنة تقريبا. تعتمد هذه الحفير المباركة على مياه الأمطار التي تصب وتتجمع فيها في فصل الخريف ، و تظل المياه بها في الغالب طوال أشهر السنة ومن ثم تتجدد في موسم الخريف ، ومن حكمة الله أن مياهها تظل خالية من كل التغيرات و من نواقل الأمراض وقد أكد ذلك بعثة معمل " إستاك" بالخرطوم وبعثة كلية الطب بجامعة الجزيرة الذين زاروها وفحصوا ماءها واكتشفوا أنها من أصح المياه الطبيعية . وهي تلعب دورا مهما في تخفيف عبء معاناة المياه في المنطقة وتشكل هذه الحفير معلما بارزا لكل الناس وهي إرث تاريخي تليد خلفه الشيخ أجراً وصدقةً جاريةً ، وفيها بركة وخير للناس ومنها طينة الحفير التي يتداوى بها الناس وهي إحدى كرامات الشيخ المكاشفي. و لا يقصد أحدا الشكينيبة إلا وكانت زيارة الحفير إحدى اهتماماته فهي مثار عجب ودهشة ، ولقد شهدنا فيها الكثير من العجائب و الغرائب. ومن المعالم والمنارات الواضحة في الشكينيبه القباب حيث أن بها ضريح الشيخ عبد الباقي المكاشفي رضي الله عنه ذاك الصرح الذي حوى الفخار و الأسرار و المعاني. وإلى جانبها تجد قبة الشيخ عبد الله وقبة الشيخ الطيب و قبة الشيخ الجيلي رضي الله عنهم وهي منارات يردها الزوار وينهلون من خيراتها ويشهدون أسرارها وهي توحي على صوفية البلدة و صلاح أهلها.


من أنا

السودان, الشكينيبه, Sudan
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي صل عليه الله ُ في الايات ِ وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات(والله وبالله وتالله لا يجتمع حب إله وحب ذاك درهم في قلب ذي اسراري إن الدراهم مكتوب عليها أذا أحببت درهما أبغضك الجباري لاتنكرن لقولي في كتابتها تالله لايعرفها الا ذا أفكاري(الشيخ عبدالباقى المكاشفى)