الأحد، 25 ديسمبر 2011

الطريقة المحاسبية


الطريقة المحاسبية

وهي الطريقة التي أسسها أبو عبد الله الحارث بن أسد المحاسبي . ومن خصوصيات هذه الطريقة التي يتبعها معظم صوفية خراسان ويخالفها صوفية العراق ، أن هذه الطريقة لا تعتبر الرضا من جملة المقامات الصوفية بل تعتبره من جملة الأحوال .
ويبالغ أتباع هذه الطريقة كثيراً في محاسبة أنفسهم ، وما سمي المحاسبي بهذا الاسم إلا لإفراطه في محاسبة نفسه ومعاقبتها . ومن اسم المحاسبي وأفعاله وما اقتبسه منه مريدوه من محاسبة أنفسهم والمبالغة في ذلك اقتبست الطريقة اسمها . 
ويقول العطار في كتابه تذكرة الأولياء : ( إن لأرباب المحاسبة عدة خصال تعلموها في الحديث ، فلما قاموا بلغوا المنازل الشريفة بتوفيق من الله سبحانه وتعالى ، وكل الأمور تتهيأ بقوة العزم ، وقهر الهوى والنفس ، فإن من كان ذا إرادة قوية يسهل عليه مخالفة هوى النفس ) . 
ويعدد العطار خصال اتباع هذه الطريقة : 
1 – لا يقسمون بالله صدقاً ولا كذباً ، ولا سهواً ولا عمداً . 
2 – يتجنبون الكذب . 
3 – لا يخلفون الوعد . 
4 – لا يعدون بشيء لا يقدرون عليه . 
5 – لا يلعنون أحداً ولو كان ظالماً . 
6 – لا يدعون على أحد بالقول ولا بالعمل . 
7 – لا يطلبون الانتقام . 
8 – لا يشهدون على أحد بالكفر ولا بالشرك ولا بالنفاق ، لأن ذلك أقرب إلى الرحمة على الخلق ، وأكثر بعداً عن مقت الله تعالى . 
9 – لا يلقون حملهم على أحد . 
10 – يقطعون الطمع عن الخلق ويقنطون مما لديهم . 
11 – يبالغون في محاسبة أنفسهم وحرمانها من الطعام والشراب والنوم . 
ترجمة مؤسس الطريقة : 
هو الحارث بن أسد المحاسبي ، وكنيته أبو عبد الله من علماء ومشايخ البصرة سكن بغداد وقد عاصر الإمام أحمد بن حنبل ، توفي عام 243 هجرية في بغداد ويعتبر المحاسبي من قدماء كتاب الصوفية . أسند المحاسبي الحديث ، ومن أهم الأحاديث التي أسندها قوله : 
 أثقل ما يوضع في الميزان حسن الخلق . 
فلسفة المحاسبي : 
إن من أهم مرتكزات فلسفة المحاسبي ، وبالتالي المحاسبية ، محاسبة النفس ، وكبح جماح هواها ، ومعاقبتها على شهواتها ، حتى ترتاض وتثوب إلى رشدها ولا تعود تطلب ما تشتهيه . 
لكن المحاسبة تأخذ بعداً أوسخ وأفقاً أرحب في هذا الفكر ، حيث يقول المحاسبي : ( المحاسبة والموازنة في أربعة مواطن : فيما بين الإيمان والكفر وفيما بين الصدق والكذب ، وبين التوحيد والشرك ، وبين الإخلاص والرياء ) . 
ولا يتوقف الأمر عند محاسبة النفس ، بل يتجاوز ذلك إلى الدعوة إلى الزهد ونبذ مباهج الدنيا والاجتهاد في الباطن ، حيث يقول المحاسبي : ( من اجتهد في باطنه ورثه الله حسن معاملة ظاهره ، ومن حسن معاملته في ظاهره مع جهد باطنه ، ورّثه الله تعالى الهداية لقوله : 
 والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا . 
وتدعو المحاسبية إلى تعلم أنواع العلوم وإتقانها لقول المحاسبي :( العلم يورث المخافة ، والزهد يورث الراحة ، والمعرفة تورث الإنابة ) . 
ويرى المحاسبي في مقام التوكل مقاماً هاماً ، ويدعو إليه حيث يقول : ( صفة العبودية ألا ترى لنفسك ملكاً وتعلم أنك لا تملك لنفسك ضراً ولا نفعاً ، ويقول أيضاً : ( التسليم هو الثبوت عند نزول البلاء من غير تغير منه في الظاهر والباطن ) . 
وفيما يتعلق بأحوال ومقامات الصوفية يقول المحاسبي : ( حسن الخلق احتمال الأذى ، وقلة الغضب ، وبسط الوجه ، وطيب الكلام ) . ويقول أيضاً : ( لكل شيء جوهر ، وجوهر الإنسان العقل ، وجوهر العقل الصبر ) . ويقول كذلك : ( العمل بحركات القلوب في مطالعات الغيوب أشرف من العمل بحركات الجوارح ) . ويقول أيضاً في الحث على أداء حقوق الله سبحانه من عبادة وذكر : ( إذا أنت لم تسمع نداء الله فكيف تجيب داعي الله ؟ ومن استغنى بشيء دون الله جهل قدر الله ) . ويقول : ( الظالم نادم وإن مدحه الناس ، والمظلوم سالم وإن ذمه الناس ، والقانع غني ، وإن جاع ، والحريص فقير وإن ملك ) . ويقول كذلك : ( من صحح باطنه بالمراقبة والإخلاص زين الله ظاهره بالمجاهدة وإتباع السنة ) . 
وقد لقي المحاسبي هجوماً كبيراً من عدد من معاصريه من مشايخ الفقه الإسلامي ، فقد تكلم أبو الفرج بن الجوزي في كتابه ( تلبيس إبليس ) عن مصنفاته وقال : إنه ذكر أحدهم عند الإمام أحمد بن حنبل عن آراء وأقوال المحاسبي ، فقال الإمام أحمد : ( لا أرى من صالحك أن تجالس المحاسبي ) ويعد ابن الجوزي كتبه من كتب البدع والضلال . 
ومن أهم كتب ومصنفات المحاسبي هو كتاب ( الرعاية لحقوق الله ) وقد طبع سنة 1940 ، باهتمام مارغريت سميث في لندن ، ضمن منشورات أوفان جيب وهو العدد الخامس عشرة من سلسلة تلك المنشورات . وللوقوف على سائر مؤلفات الحارث المحاسبي ارجع إلى المقال الذي نشره المستشرق الفرنسي لوي ماسينيون في دائرة المعارف الإسلامية .
ــــــــــــــــــــ
المصدر :
(1) - ممدوح الزوبي – الطرق الصوفية ظروف النشأة وطبيعة الدور – ص 79 – 81 .

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الشكينيبة الشرافه والتاريخ

تقع مدينة الشكينيبة في السودان في الجزء الجنوبي الشرقي لمدينة المناقل على بعد تسع كيلو ترات منها . و لم تشتهر إلا بعد مجيء الشيخ عبد الباقي المكاشفي إليها في عام 1910م. تبلغ مساحتها حوالي 60.000 متر مربع ، و يقدر عدد سكانها حوالي 5.000 نسمة. و يعتمد أهالي المنطقة على الزراعة والرعي وعلى تجارة حول مسيد الشيخ المكاشفي.تعددت الأقوال في أصل الاسم فقيل اسم الشكينيبة من نشكو نوائبنا إلى الله - من قول الشيخ المكاشفي- وقيل من الشكنابه وهي قرعة اللبن عند أهل المنطقة. حط الشيخ المكاشفي رحاله بها وعمرها و حفر البئر وبنى المنازل. وفي هذه البقعة المباركة بنى مسجده وبنى حوله الخلاوى و أشعل نار القرآن و أوقد نار النفقة وشيد دور العلم وحفر الحفير، فأصبحت الشكينيبة مركز القاصدين ومورد الطالبين، و اجتمع فيها أعداد كثيرة من الأجناس المختلفة. فإذا جئت إليها واقتربت منها ترى الناس ينحدرون إليها من كل الجهات ما بين راجلين وراكبين على أشكال عديدة وقد امتلأت منهم مساحات كبيرة وإذا دخلت البلدة وجدت الخلاوي مزينة بطلاب القرآن و العلوم الشرعية ووجدت حلقات الذكر تعج بالذاكرين ووجدت دور الضيافة قد ملئت بأهل المقاصد المختلفة. و تعد الشكينيبة من أكبر الصروح الدينية والمعالم التاريخية التي ساهمت ومازالت تساهم في دفع حركة التعليم والإرشاد الديني في البلاد وقد ارتبط اسمها في أذهان جميع الناس باسم الشيخ عبد الباقي المكاشفي" رضي الله عنه " وما إن يذكر أسم الشكينيبة إلا ويذكر علاج الأمراض النفسية والعصبية والعقلية والروحية وغيرها من الأمراض المستعصية فقد جعل الله فيها سراً عظيماً ألا وهو الشيخ عبد الباقي المكاشفي و خلفاؤه الوارثون علومه. خلاوي القرآن: والحمد لله الذي أوقد نار تعليم القرآن بالشكينيبة وجعلها أرض مباركة طيبة وجعلها أرض ذكر ، و الشكر بعد الله للشيخ عبد الباقي المكاشفي الذي بنى الخلاوي وقام على أمرها والذي علم الناس كتاب الله وأرشدهم إلى سبيل الخير و الصلاح و جاء بالعلماء و الحفظة وكفل أمرهم . والحمد لله ثانياً إذ أنها مازالت إلى اليوم بفضل أبناء الشيخ وأحفاده الوارثين علومه قبلة الطلاب إذ يرسل الناس أبناءهم إليها ليحفظوا و يتعلموا كتاب الله تعالى. وليس هذا فحسب بل يزيد المشايخ على هذا كفالة اليتامى والمساكين وإرسالهم إلى المدارس والجامعات ليكملوا مسيرة تعليمهم. و خلاوي الشكينيبة واحدة من المعالم البارزة التي توحي إلى خصوصية البلدة ،ولقد تخرج منها رجال ومشايخ كثيرون ، وعند الحديث عن خلاوي الشكينيبة لابد من الإشارة إلى الخلاوي الأخرى التي قامت في مسائد و زاويا السادة المكاشفية و سارت على ذات الطريق. ألا جزاء الله الشيخ عبد الباقي المكاشفي وأبناءه وكل المشائخ القائمين على أمر الخلاوي و تحفيظ كتاب الله خير الجزاء الليالي و حلقات الذكر: عند الكلام عن الشكينيبة لابد من الكلام عن إحياء الليالي وإقامة حلقات الذكر كإحياء ليلتي الجمعة والاثنين من كل أسبوع في الشكينيبة وفي مسائد المكاشفية الأخرى. و في الشكينيبة خاصة تقام الاحتفالات الدينية الكبيرة التي يأتي إليها جميع أحباب ومريدي الشيخ من شتى أنحاء البلاد كعيدي الفطر والأضحية المباركين وليلة الإسراء والمعراج في السابع والعشرين من شهر رجب وتسمى " الرجبية" وهي من أكبر المناسبات بالمسيد و كذا الاحتفالات بمولد سيد البشرية" عليه أفضل الصلوات و أزكى التسليم " والاحتفال بليلة عاشوراء وليلة من النصف من شهر شعبان وكذا الحوليات وغيرها من المناسبات. و الذكر العام عند السادة المكاشفية ذكر جماعي بالاسم المفرد اسم الجلالة " الله الله " في شكل حلقة دائرية يتوسطها الرواة " الشعار" حاملي الدفوف " الطارات " يمدحون المدائح النبوية التي تحمل في طياتها صفات الرسول الكريم " صلى الله عليه وسلم" وتبين فضله و مكانته عظم رسالته التي حث الناس بالتمسك بآدابها وهديها، وهنالك أيضاً القصائد التوحيدية والقصائد القومية التي تروي قصص الأولياء و الصالحين الذاكرين المخلصين الذين جدوا في السير إلى مولاهم. ويقود الذكر شيخ ومن حوله المريدين والمحبين في شكل دائري ويسمون بـ " الاوتاد" لا يتعالى بعضهم على بعض ولو بأطراف الرؤوس كما جاء في نصائح الشيخ " رضي الله عنه " يترنحون شجناً ومحبة بالله الواحد الأحد العظيم ويتمايلون وجداً تمايلاً مصحوبا بالذكر " الله الله " أهزوجة روحانية تبعاً لإيقاعات النوبة والدفوف والكاسات ، تارة بإيقاع خفيف بضربات سريعة متلاحقة وتسمى " الحربية" أو " الخفيفة " وتارة بإيقاع ثقيل ضربة إثر ضربة وتسمى بالثقيل أو " الثقيلة" وهناك إيقاع آخر لا هو بالثقيل ولا هو بالخفيف ويسمى " بالشامية" أو المتلوتا." وبالذكر ومدح المصطفى ومدح أهل الله والإبحار فيهم تسمو أرواح الذكرين وتعلو حتى ترى من بعضهم حالا لا يدركه عامة الناس الحفير : و عند الكلام عن الشكينيبة و عن الشيخ عبد الباقي المكاشفي لابد من الكلام عن الحفير المباركة التي تقع شرق المسيد والتي قام بحفرها الشيخ ومريدوه ما بين عامي 1927 –1928م وتبلغ مساحتها مايقارب خمسة أفدنة تقريبا. تعتمد هذه الحفير المباركة على مياه الأمطار التي تصب وتتجمع فيها في فصل الخريف ، و تظل المياه بها في الغالب طوال أشهر السنة ومن ثم تتجدد في موسم الخريف ، ومن حكمة الله أن مياهها تظل خالية من كل التغيرات و من نواقل الأمراض وقد أكد ذلك بعثة معمل " إستاك" بالخرطوم وبعثة كلية الطب بجامعة الجزيرة الذين زاروها وفحصوا ماءها واكتشفوا أنها من أصح المياه الطبيعية . وهي تلعب دورا مهما في تخفيف عبء معاناة المياه في المنطقة وتشكل هذه الحفير معلما بارزا لكل الناس وهي إرث تاريخي تليد خلفه الشيخ أجراً وصدقةً جاريةً ، وفيها بركة وخير للناس ومنها طينة الحفير التي يتداوى بها الناس وهي إحدى كرامات الشيخ المكاشفي. و لا يقصد أحدا الشكينيبة إلا وكانت زيارة الحفير إحدى اهتماماته فهي مثار عجب ودهشة ، ولقد شهدنا فيها الكثير من العجائب و الغرائب. ومن المعالم والمنارات الواضحة في الشكينيبه القباب حيث أن بها ضريح الشيخ عبد الباقي المكاشفي رضي الله عنه ذاك الصرح الذي حوى الفخار و الأسرار و المعاني. وإلى جانبها تجد قبة الشيخ عبد الله وقبة الشيخ الطيب و قبة الشيخ الجيلي رضي الله عنهم وهي منارات يردها الزوار وينهلون من خيراتها ويشهدون أسرارها وهي توحي على صوفية البلدة و صلاح أهلها.


من أنا

السودان, الشكينيبه, Sudan
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي صل عليه الله ُ في الايات ِ وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات(والله وبالله وتالله لا يجتمع حب إله وحب ذاك درهم في قلب ذي اسراري إن الدراهم مكتوب عليها أذا أحببت درهما أبغضك الجباري لاتنكرن لقولي في كتابتها تالله لايعرفها الا ذا أفكاري(الشيخ عبدالباقى المكاشفى)