الاثنين، 26 ديسمبر 2011

سيدي ابو المرسي العباس

سيدي ابو المرسي العباس

سيدي ابو المرسي العباس


شهاب الدين أبو العباس أحمد بن عمر بن على الخزرجى الأنصارى المرسى البلنسى. عربى من ذرية الأنصار المهاجرين إلى الأندلس، صاحب وتلميذ الشيخ أبى الحسن الشاذلى. ولد فى مرسيه شرقى الأندلس (616هـ). غرقت سفينة كانت تستقلهاأسرته فى الطريق إلى الحج أمام ساحل بونةالتونسى. مات الأبوان، ونجا ولداهما من الغرق فاستقرا فى تونس. سافر الأخ الأصغر أبو العباس إلى مصر، فنزل الإسكندرية سنة 642، ظل بها بقية حياته وإن تنقل بين المدن المصرية، حتى مات فى 686 عن سبعين عاما، ودفن حيث أقيم ضريحه داخل مسجده المشهور.
شاهد أبو العباس وهو صبى خيال الظل. لما أتى الصباح ذهب إلى المؤدب، وكان من أولياء الله تعالى، فقال حين رآه: يا ناظرا صور الخيال تعجبا وهو الخيال بعينه لو أبصرا وكان يكتب فى لوح فقال له بعض الناس: الصوفى لا يسود بياضا. 
فأجابه الصبى: ليس الأمر كما علمت، ولكن لا يسود الصحائف بسود الذنوب!. قال أبو العباس: لما نزلت بتونس، وكنت أتيت من مرسيه، وأنا إذ ذاك شاب، سمعت بذكر الشيخ أبى الحسن الشاذلى. فقال لى رجل: تمضى بنا إليه. فقلت: حتى أستخير الله!. فنمت تلك الليلة، فرأيت كأنى أصعد إلى رأس جبل، فلما علوت فوقه رأيت هناك رجلا عليه برنس أخضر، وهو جالس وعن يمينه رجل، وعن يساره رجل، فنظرت إليه فقال: عثرت على خليفة الزمان! فانتبهت. فلما كان بعد صلاة الصبح، أتانى الرجل الذى دعانى إلى زيارة الشيخ، فسرت معه، فلما دخلنا عليه رأيته بالصفة التى رأيته بها فوق الجبل، فدهشت، فقال لى: عثرت على خليفة الزمان.. ما اسمك؟. فذكرت له اسمى ونسبى. فقال لى: رفعت لى منذ عشر سنين!.
حين كف بصر أبى الحسن الشاذلى، قال لتلميذه أبى العباس: يا أبا العباس. انعكس بصرى على بصيرتى فصرت كلى مبصرا بالله الذى لا إله إلا هو، ما أترك فى زمانى أفضل من أصحابى وأنت والله أفضلهم. ثم قال له: كم سنك يا أبا العباس؟. قال أبو العباس: ثلاثون سنة. قال الشاذلى: بقيت عليك عشرة أعوام وترث الصديقية من بعدى.
قال أبو العباس: رأيت ليلة كأنى فى سماء الدنيا، وإذا برجل أسمر اللون، قصيرالطول، كبير اللحية، فقال: قل اللهم اغفر لأمة محمد. اللهم ارحم أمة محمد. اللهم استر أمة محمد. اللهم أُجبر أمة محمد. هذا دعاء الخضر، من قاله كل يوم كتب من الأبدال. فقيل هذا الشيخ ابن أبى شامة. فلما انتهيت، وأتيت إلى الشيخ أبى الحسن جلست ولم أخبره بشئ، فقال: اللهم اغفر لأمة محمد، الدعاء. من قاله كل يوم كتب من الأبدال.
قال الشاذلى لأبى العباس: يا أبا العباس. ما صحبتك إلا لتكون أنت أنا وأنا أنت. وقال له: يا أبا العباس فيك ما فى الأولياء وليس فى الأولياء ما فيك.
كانوا يقرءون كتاب "المواقف" للنفرى فى دار الزكى السراج بالقاهرة، سأل أبو الحسن: أين أبو العباس؟. فلما جاء، قال له أبو الحسن: يا بنى تكلم، بارك الله فيك تكلم، ولن تسكت بعدها أبدا. واحتد أبو العزائم ماضى يوما على أبى العباس، فهتف الشاذلى بتلميذه: يا ماضى، الزم الأدب مع أبى العباس، فوالله إنه لأعرف بأزقة السماء أكثر مما تعرف أنت أزقة الإسكندرية.
وقال الشاذلى: هذا هو أبو العباس، منذ نفذ إلى الله لم يحجب، ولو طلب الحجاب لم يجده، وقال:ووارث علم الشاذلى حقيقة وذلك قطب فاعلموه وواحدرأيت له بعد الممات عجائبا تدل على من كان للفتح يجحد
قال ابن عطاء الله السكندرى: أخبرنى بعض أصحابنا قال: رأى إنسان من أهل العلم والخير كأنه بالقرافة الصغرى والناس مجتمعون يتطلعون إلى السماء، وقائل يقول: الشيخ أبو الحسن ينزل من السماء، والشيخ أبو العباس مرتقب لنزوله، متأهب له. فرأيت الشيخ أبا الحسن قد نزل من السماء وعليه ثياب بيض، فلما رآه الشيخ أبو العباس ثبت رجليه فى الأرض وتهيأ لنزوله عليه، فنزل الشيخ أبو الحسن عليه ودخل من رأسه حتى غاب فيه، واستيقظت. 
وقيل إن أبا الحسن حين مات إنما غاب فى أبى العباس، تواصل فيه، تحقق له الامتداد، صار أبو العباس هو لسان الشيخ، وصار هو هو. وقال أولياء العصر: فنى أبو العباس فى أبى الحسن، ثم فنى فى الدعوة إلى الله بعد أبى الحسن، فلم يكن عنده فراغ للحديث عن نفسه.
ولى أبو العباس شئون الطريقة الشاذلية بعد أن استخلفه لذلك أستاذه أبو الحسن الشاذلى. قال لأصحابه: إذا أنا مت فعليكم بأبى العباس المرسى، فإنه الخليفة من بعدى، وسيكون له مقام عظيم بينكم، وهو باب من أبواب الله تعالى فى سنة اثنتين وأربعين وستمائة أضاءت الإسكندرية بمقدم سيدى العارف بالله سيدى المرسى أبى العباس، بداية لإقامة متصلة بلغت ثلاثا وأربعين سنة، تحدث وشرح وعلم وأفاض فى التفسير وفى الفقه، وأعان الناس على أمور دينهم ودنياهم. سكن دارا قبالة كوم الدكة، وكان يلقى دروسه على مريديه بمسجد العطارين. وكان يسمى الجامع الغربى، ولم يبدأ بإلقاء دروسه إلا عندما بلغ الأربعين من العمر، وسمح له شيخه بذلك. بث علوم الشاذلى، نشر أنوارها، أبان عن أسرارها وغوامضها. بصر أصحابه وتلامذته ومريديه بالمقال والفعال،وانتشر فى البلاد أصحابه، وأصحاب أصحابه، وظهرت علوم الشيخ فى كل مكان.
قال أبو العباس: العارف لا دنيا له، لأن دنياه لآخرته، وآخرته لربه.
وقال: الزاهد جاء من الدنيا إلى الآخرة، والعارف جاء من الآخرة إلى الدنيا.
وقال: الزاهد غريب فى الدنيا لأن الآخرة وطنه، العارف غريب فى الآخرة فإنه عند الله.
وقال: معرفة الولى أصعب من معرفة الله، فإن الله معروف بكماله وجماله، ومتى تعرف مخلوقا مثلك يأكل كما تأكل ويشرب كما تشرب، وإذا أراد الله أن يعرفك بولى من أوليائه طوى عنك وجود بشريته، وأشهدك وجود خصوصيته.
وقال: الولى يكون مشحونا بالمعارف والعلوم والحقائق، حتى إذا أعطى العبارة كان ذلك كالأذن من الله فى الكلام، كلام المأذون له يخرج من فمه وعليه كسوة وطلاوة، وكلام الذى لم يؤذن له يخرج مكسوف الأنوار، حتى أن الرجلين ليتكلمان
بالحقيقة الواحدة فتتقبل من أحدهما وترد على الآخر.
وقال: ابن آدم، خلق الله الأشياء كلها من أجلك، وخلقك لأجله، فلا تشتغل بما هو لك عمن أنت له، فالأكوان عبيد مسخرة، وأنت عبد الحضرة.
وقال: الدخول فى الجنة بالإيمان، والخلود فيها بالنية، والدرجات فيها بالأعمال. والدخول فى النار بالشرك، والخلود فيها بالنية، والدركات فيها بالأعمال.
وقال: يكون الرجل بين أظهرهم فلا يلقون إليه بالا، حتى إذا مات قالوا كان فلان.. وربما دخل فى طريق الرجل بعد وفاته أكثر مما دخل فيها فى حياته.
وقال: يقول أحدهم: صليت كذا وكذا ركعة، صمت كذا وكذا شهرا، ختمت كذا وكذا ختمة، فهؤلاء من أبناء العد والإحصاء، فهم إلى عد سيئاتهم أحوج منهم إلى عد حسناتهم. 
وقال: الدنيا كالنار وهى قائلة للمؤمن جرياً يا مؤمن فقد أطفأ نور قناعتك لهبى. 
وقال: الناس على قسمين، قوم وصلوا بكرامة الله إلى طاعة الله، وقوم وصلوا بطاعة الله إلى كرامة الله.
وقال: الفقيه من انفقأ الحجاب عن عينى قلبه، وإذ قد عرفت أن الدعاء إلى الله لا يزال أبدا، فاعلم أن الأنوار الظاهرة فى أولياء الله إنما هى من إشراق أنوار النبوة عليهم، فمثل الحقيقة المحمدية كالشمس، وأنوار قلوب الأولياء كالأقمار، وإنما أضاء القمر لظهور نور الشمس فيه ومقابلته إياها، فإذا الشمس منيرة نهارا ومضيئة ليلا لظهور نورها فى القمر، فإذا هى لا غروب لها. فقد فهمت من هذا أنه يجب دوام أنوار الأولياء لدوام ظهور نور رسول الله ::ًص:: فيهم. فالأولياء آيات الله يتلوها على عباده بإظهار إياهم واحدا بعد واحد. تلك آيات الله نتلوها عليك بالحق.
وقال: رأيت عمر بن الخطاب ::ض::فى المنام، فقلت: يا أمير المؤمنين ما علامة حب الدنيا؟ قال: خوف المذمة وحب الثناء. فإذا كان علامة حبها خوف المذمة وحب الثناء، فعلامة الزهد وبغضها أن لا يخاف المذمة ولا يحب الثناء.
وقال: إن إبراهيم سمى فتى لأنه كسر الأصنام، فهو الفتى الخليل عليه السلام، وجد أصناما حسية فكسرها، وأنت لك أصنام معنوية، فإن كسرتها كنت فتى. ولك أصنام خمسة هى النفس والهوى والشيطان والشهوة والدنيا. وليست الفتوة بالماء والملح وإنما الفتوة الإيمان والهداية، قال الله تعالى: 
إنهم فتية آمنوا بربهم وزدناهم هدى.
وقال: لقد خلقنا الله فى أحسن تقويم روحا وعقلا، ثم رددنا أسفل سافلين نفسا وهوى. 
وقال: الناس على ثلاثة، عبد يشهد ما منه إلى الله، وعبد يشهد ما من الله إليه، وعبد يشهد ما من الله إلى الله. الأول ذو حزن
وأشجان، والثانى ذو فرح وامتنان،والثالث لم يشغله عن الله خوف نار ولا مثوى جنان. الأول ذو كد وتكليف، والثانى ذو عناية وتعريف، والثالث مشاهد للمولى اللطيف.
وقال: اعلم أن الله خلق هذا الآدمى وقسمه على ثلاثة أجزاء، فلسانه جزء، وجوارحه جزء، وقلبه جزء. وجعل على كل جزء حفيظا، فقال سبحانه وتعالى: 
ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد وقال سبحانه
وتعالى: 
وما تعملون من عمل إلا منا عليكم شهودا إذ تفيضون فيه. وتولى حفظ القلب بنفسه فقال عز وجل: واعلموا أن الله يعلم ما فى أنفسكم فاحذروه. وسلط على الجوارح الشيطان، واقتضى من كل جزء وفاء ما ألزم به. فوفاء القلب أن لا يشتغل بهم دنيا، ولا بمكر ولا بحسد، ووفاء اللسان أن لا يغتاب ولا يكذب ولا يتحدث فيما لا يعنيه، ووفاء الجوارح أن لا يسارع بها إلى معصية ولا يؤذى أحدا من المسلمين.
وقال: الناس على ثلاثة أقسام: قوم غلبت حسناتهم سيئاتهم فهم فى الجنة قطعا، وقوم تساوت حسناتهم وسيئاتهم فلا يدخلون النار قطعا، وقوم غلبت سيئاتهم حسناتهم فلا يخلدون فى النار قطعا. وقال: صلاح العبد فى ثلاثة أشياء: معرفة الله ومعرفة النفس ومعرفة الدنيا. فمن عرف الله خاف منه، ومن عرف النفس تواضع لعباد الله، ومن عرف الدنيا زهد فيها.
وقال: عليكم بالسبب، وليجعل أحدكم مكوكه سبحته، أو قادومه سبحته، أو تحريكأصابعه فى الخياطة أو الضفر سبحته.
وقال: ليس الشأن من تطوى له الأرض فإذا هو بمكة أو غيرها من البلدان، إنماالشأن من تطوى له صفات نفسه فإذا هو عند ربه.
وقال: رجال الليل هم الرجال، وإن أولياء هذا الوقت ليؤيدون بشئ من الغنى واليقين، فالغنى لكثرة ما عند الناس من الإفلاس، واليقين لكثرة ما عند الناس من الشكوك.
لم يكن التصوف عند أبى العباس تعطلا ولا تبطلا ولا تركا للسعى أو الأسباب. التصوف توفيق بين العقل والقلب، جمع بين الشريعة والحقيقة.
سئل فى قول بعضهم: لا يكون الصوفى صوفيا حتى لا يكتب عليه صاحب الشمال عشرين سنة، فقال: ليس معنى ذلك ألا يقع منه ذنب عشرين سنة، وإنما معناه عدم الإصرار، وكلما أذنب تاب واستغفر على الفور. 
وكان يكرم الناس على نحو رتبتهم عند الله، وربما دخل عليه عابد فلا يأبه له وربما دخل عليه عاصى فيحتفى به، لأن العابد جاء وهو متكبر بعلمه ناظر لفعله، أما العاصى فقد دخل بكسر معصيته وذله ومخالفته. 
وكان لا يثنى على مريد، ولا يرفع له علما بين إخوانه كى لا يحسد.
صلى قيام رمضان سنة وقال: قرأت القرآن فى هذه السنة كأنما أقرأه على رسول الله صلى الله تعالى عليه و سلم. وفى رمضان من العام التالى قال: قرأت القرآن فى هذه السنة كأنما أقرأه على جبريل عليه السلام. فلما جاء رمضان من العام الثالث قال: قرأته فى هذه السنة كأنما أقرأه على الله.
وقال: طريقتنا هذه لا تنسب للمشارقة ولا للمغاربة، بل واحد عن واحد إلى الحسن بن على بن أبى طالب، وهو أول الأقطاب.
عاش أبو العباس المرسى كما روى أحباؤه، نظيف الثياب، بشوش الوجه، طلق المحيا، وضاء الجبين، عف اللسان، لا يضمر سوءاً لأحد، متوسطا، معتدلا فى حياته ومعيشته، يتحرز فى دينه، ويحذر الحرام، ويحفظ حقوق أصحابه، ولا يحرم على نفسه الطيبات لأن ربه سبحانه يقول: 
قل من حرم زينة الله التى أخرج لعباده والطيبات من الرزق، قل هى للذين آمنوا فى الحياة الدنيا خالصة يوم القيامة.
ومع سعى أبى العباس إلى العمل الصالح فإنه لم يهمل حظه من الحياة، وكان يقتنى الخيل ويعنى بتربيتها وإطعامها وتفقد أحوالها. وكان يرفض الخصوصية فى زى الصوفى ويقول: من لبس الزى فقد ادعى.
لم يؤلف كتبا، وكان يقول: كتبى أصحابى. وتخرج على يديه كبار الأئمة الأقطاب كالبوصيرى وياقوت العرش وابن عطاء الله السكندرى وغيرهم.
مات أبو العباس المرسى فى سنة خمس وثمانين وستمائة عن حياة قاربت السبعين عاما، دفنه أصحابه ومريدوه فى مقبرة باب البحر. فى السنة التالية رأى أحمد الدخاخنى شيخ بنائى الإسكندرية فى منامه سلطان الإسكندرية، سأله: لماذا لا تعتنون بضريحى؟ جعل الدخاخنى تجديد الضريح وبناء المسجد شاغله وهمه، حتى أتم بناء المسجد فوق ضريح السلطان. وفى سنة أربع وأربعين وتسعمائة وألف ميلادية أعيد بناء المسجد فى صورته الحالية.
صار أبو العباس مقصود الناس، يأتون إليه من الإسكندرية، أحيائها القريبة والبعيدة، ومن المدن والقرى خارج المدينة، يلتمسون بركاته ودعواته ومدده، يحيون مولده ثمانية أيام بعد مولد الرسولصلى الله تعالى عليه و سلم فى منتصف رمضان.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المصدر: منتدى شمس الحقيقة
http://www.alkadria.com/phpBB2/viewtopic.php?t=1022

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الشكينيبة الشرافه والتاريخ

تقع مدينة الشكينيبة في السودان في الجزء الجنوبي الشرقي لمدينة المناقل على بعد تسع كيلو ترات منها . و لم تشتهر إلا بعد مجيء الشيخ عبد الباقي المكاشفي إليها في عام 1910م. تبلغ مساحتها حوالي 60.000 متر مربع ، و يقدر عدد سكانها حوالي 5.000 نسمة. و يعتمد أهالي المنطقة على الزراعة والرعي وعلى تجارة حول مسيد الشيخ المكاشفي.تعددت الأقوال في أصل الاسم فقيل اسم الشكينيبة من نشكو نوائبنا إلى الله - من قول الشيخ المكاشفي- وقيل من الشكنابه وهي قرعة اللبن عند أهل المنطقة. حط الشيخ المكاشفي رحاله بها وعمرها و حفر البئر وبنى المنازل. وفي هذه البقعة المباركة بنى مسجده وبنى حوله الخلاوى و أشعل نار القرآن و أوقد نار النفقة وشيد دور العلم وحفر الحفير، فأصبحت الشكينيبة مركز القاصدين ومورد الطالبين، و اجتمع فيها أعداد كثيرة من الأجناس المختلفة. فإذا جئت إليها واقتربت منها ترى الناس ينحدرون إليها من كل الجهات ما بين راجلين وراكبين على أشكال عديدة وقد امتلأت منهم مساحات كبيرة وإذا دخلت البلدة وجدت الخلاوي مزينة بطلاب القرآن و العلوم الشرعية ووجدت حلقات الذكر تعج بالذاكرين ووجدت دور الضيافة قد ملئت بأهل المقاصد المختلفة. و تعد الشكينيبة من أكبر الصروح الدينية والمعالم التاريخية التي ساهمت ومازالت تساهم في دفع حركة التعليم والإرشاد الديني في البلاد وقد ارتبط اسمها في أذهان جميع الناس باسم الشيخ عبد الباقي المكاشفي" رضي الله عنه " وما إن يذكر أسم الشكينيبة إلا ويذكر علاج الأمراض النفسية والعصبية والعقلية والروحية وغيرها من الأمراض المستعصية فقد جعل الله فيها سراً عظيماً ألا وهو الشيخ عبد الباقي المكاشفي و خلفاؤه الوارثون علومه. خلاوي القرآن: والحمد لله الذي أوقد نار تعليم القرآن بالشكينيبة وجعلها أرض مباركة طيبة وجعلها أرض ذكر ، و الشكر بعد الله للشيخ عبد الباقي المكاشفي الذي بنى الخلاوي وقام على أمرها والذي علم الناس كتاب الله وأرشدهم إلى سبيل الخير و الصلاح و جاء بالعلماء و الحفظة وكفل أمرهم . والحمد لله ثانياً إذ أنها مازالت إلى اليوم بفضل أبناء الشيخ وأحفاده الوارثين علومه قبلة الطلاب إذ يرسل الناس أبناءهم إليها ليحفظوا و يتعلموا كتاب الله تعالى. وليس هذا فحسب بل يزيد المشايخ على هذا كفالة اليتامى والمساكين وإرسالهم إلى المدارس والجامعات ليكملوا مسيرة تعليمهم. و خلاوي الشكينيبة واحدة من المعالم البارزة التي توحي إلى خصوصية البلدة ،ولقد تخرج منها رجال ومشايخ كثيرون ، وعند الحديث عن خلاوي الشكينيبة لابد من الإشارة إلى الخلاوي الأخرى التي قامت في مسائد و زاويا السادة المكاشفية و سارت على ذات الطريق. ألا جزاء الله الشيخ عبد الباقي المكاشفي وأبناءه وكل المشائخ القائمين على أمر الخلاوي و تحفيظ كتاب الله خير الجزاء الليالي و حلقات الذكر: عند الكلام عن الشكينيبة لابد من الكلام عن إحياء الليالي وإقامة حلقات الذكر كإحياء ليلتي الجمعة والاثنين من كل أسبوع في الشكينيبة وفي مسائد المكاشفية الأخرى. و في الشكينيبة خاصة تقام الاحتفالات الدينية الكبيرة التي يأتي إليها جميع أحباب ومريدي الشيخ من شتى أنحاء البلاد كعيدي الفطر والأضحية المباركين وليلة الإسراء والمعراج في السابع والعشرين من شهر رجب وتسمى " الرجبية" وهي من أكبر المناسبات بالمسيد و كذا الاحتفالات بمولد سيد البشرية" عليه أفضل الصلوات و أزكى التسليم " والاحتفال بليلة عاشوراء وليلة من النصف من شهر شعبان وكذا الحوليات وغيرها من المناسبات. و الذكر العام عند السادة المكاشفية ذكر جماعي بالاسم المفرد اسم الجلالة " الله الله " في شكل حلقة دائرية يتوسطها الرواة " الشعار" حاملي الدفوف " الطارات " يمدحون المدائح النبوية التي تحمل في طياتها صفات الرسول الكريم " صلى الله عليه وسلم" وتبين فضله و مكانته عظم رسالته التي حث الناس بالتمسك بآدابها وهديها، وهنالك أيضاً القصائد التوحيدية والقصائد القومية التي تروي قصص الأولياء و الصالحين الذاكرين المخلصين الذين جدوا في السير إلى مولاهم. ويقود الذكر شيخ ومن حوله المريدين والمحبين في شكل دائري ويسمون بـ " الاوتاد" لا يتعالى بعضهم على بعض ولو بأطراف الرؤوس كما جاء في نصائح الشيخ " رضي الله عنه " يترنحون شجناً ومحبة بالله الواحد الأحد العظيم ويتمايلون وجداً تمايلاً مصحوبا بالذكر " الله الله " أهزوجة روحانية تبعاً لإيقاعات النوبة والدفوف والكاسات ، تارة بإيقاع خفيف بضربات سريعة متلاحقة وتسمى " الحربية" أو " الخفيفة " وتارة بإيقاع ثقيل ضربة إثر ضربة وتسمى بالثقيل أو " الثقيلة" وهناك إيقاع آخر لا هو بالثقيل ولا هو بالخفيف ويسمى " بالشامية" أو المتلوتا." وبالذكر ومدح المصطفى ومدح أهل الله والإبحار فيهم تسمو أرواح الذكرين وتعلو حتى ترى من بعضهم حالا لا يدركه عامة الناس الحفير : و عند الكلام عن الشكينيبة و عن الشيخ عبد الباقي المكاشفي لابد من الكلام عن الحفير المباركة التي تقع شرق المسيد والتي قام بحفرها الشيخ ومريدوه ما بين عامي 1927 –1928م وتبلغ مساحتها مايقارب خمسة أفدنة تقريبا. تعتمد هذه الحفير المباركة على مياه الأمطار التي تصب وتتجمع فيها في فصل الخريف ، و تظل المياه بها في الغالب طوال أشهر السنة ومن ثم تتجدد في موسم الخريف ، ومن حكمة الله أن مياهها تظل خالية من كل التغيرات و من نواقل الأمراض وقد أكد ذلك بعثة معمل " إستاك" بالخرطوم وبعثة كلية الطب بجامعة الجزيرة الذين زاروها وفحصوا ماءها واكتشفوا أنها من أصح المياه الطبيعية . وهي تلعب دورا مهما في تخفيف عبء معاناة المياه في المنطقة وتشكل هذه الحفير معلما بارزا لكل الناس وهي إرث تاريخي تليد خلفه الشيخ أجراً وصدقةً جاريةً ، وفيها بركة وخير للناس ومنها طينة الحفير التي يتداوى بها الناس وهي إحدى كرامات الشيخ المكاشفي. و لا يقصد أحدا الشكينيبة إلا وكانت زيارة الحفير إحدى اهتماماته فهي مثار عجب ودهشة ، ولقد شهدنا فيها الكثير من العجائب و الغرائب. ومن المعالم والمنارات الواضحة في الشكينيبه القباب حيث أن بها ضريح الشيخ عبد الباقي المكاشفي رضي الله عنه ذاك الصرح الذي حوى الفخار و الأسرار و المعاني. وإلى جانبها تجد قبة الشيخ عبد الله وقبة الشيخ الطيب و قبة الشيخ الجيلي رضي الله عنهم وهي منارات يردها الزوار وينهلون من خيراتها ويشهدون أسرارها وهي توحي على صوفية البلدة و صلاح أهلها.


من أنا

السودان, الشكينيبه, Sudan
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي صل عليه الله ُ في الايات ِ وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات(والله وبالله وتالله لا يجتمع حب إله وحب ذاك درهم في قلب ذي اسراري إن الدراهم مكتوب عليها أذا أحببت درهما أبغضك الجباري لاتنكرن لقولي في كتابتها تالله لايعرفها الا ذا أفكاري(الشيخ عبدالباقى المكاشفى)